ما إن دخل اتفاق وقف إطلاق النَّار في غزة حيّز التنفيذ، حتى خرج الفلسطينيون في القطاع- الذي تعرض للدمار على مدار 471 يومًا- إلى الشوارع عائدين إلى منازلهم، أو إلى ما تبقى من منازلهم، في مشهد يُجسد معاني الإصرار والتحدي والصمود.
وتزامنًا مع سريان هذه الهدنة، خرج أفراد الشرطة المدنية وأفراد من فصائل المقاومة الفلسطينية إلى الشوارع، ليلتف حولهم المئات من الفلسطينيين مُهلِّلين ومُكبِّرين، تعبيرًا عن النصر الذي استطاعت المقاومة تحقيقه رغم الدماء والدمار، إلّا أنها منعت إسرائيل من تحقيق أهدافها، كما إنها لم ترفع راية الاستسلام أمام آلة الحرب الغاشمة.
اللافت في هذه المشاهد، لحظة تسليم المقاومة لثلاث أسيرات إسرائيليات إلى الصليب الأحمر الدولي؛ إذ احتشد آلاف الفلسطينيين في ساحة السرايا بشمال غزة، والتفوا حول المئات من مقاتلي كتائب عز الدين القسام، الذين ظهروا بهيأتهم العسكرية وأسلحتهم، في مشهد استعراضي للقوة والسيطرة، وسط حاضنة شعبية لا تتخلى عن المُقاومة؛ ليكون صدى ذلك في إسرائيل مزيدًا من الشعور بالفشل والهزيمة والتركيع.
إنَّ مشاهد النصر في اليوم الأول من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النَّار، عديدة، وتؤكد أن الشعب الفلسطيني لم ولن يستسلم أو يتخلى عن أرضه، مهما ارتكب العدو من إبادة ومهما ارتكب من جرائم حرب، بحق هذا الشعب الذي يتعرض منذ أكثر من سبعة عقود لأكبر ظلم تاريخي وسط خذلان دولي غير مسبوق.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ميناء الكرامة في وجه العدوان
حين يصبح القوت سلاحا، والشعب طوفانا، ووعد الله هو الغلبة!
في عمق شرايين الحياة اليمنية، يربض ميناء مدني، ليس مجرد مرفأ على ساحل، بل هو نبض شعب، وشريان يغذي وجوده، ومصدر قوته الذي يعرفه القاصي والداني، ميناء بني لخدمة الناس، لتبحر منه سفن الرزق، وترسو فيه بواخر الحياة، ليطعم الجائع، ويداوي المريض، ويكسي العاري.
ولكن الأعداء، يا ويح الأعداء، لا يعرفون للرحمة سبيلا، ولا للكرامة قيمة، ولا للإنسانية معنى. يا من تلبسون ثوب الحضارة الزائف، وتخفون تحته قلوبا سوداء كالفحم، وأيادي ملطخة بدماء الأبرياء يا من عرفناكم أعداء قذرين، ليس من اليوم ولا من الأمس، بل منذ زمن طويل، وأنتم تحتلون بلداننا، وتقتلون شعوبنا، وتدعمون عدونا الصهيوني في إجرامه ووحشيته.
واليوم، في غمرة عجزكم وفشلكم في الميدان، وبعد أن أسقطت أيادي الإيمان طائراتكم المسيرة كأوراق الخريف، وبعد أن استهدفت صواريخ الحق حاملات طائراتكم وقطعكم الحربية الواحدة تلو الأخرى، حتى اضطر معتوهكم الأكبر للاعتراف بغرق سفنكم، وبعد أن باتت طائرات شبحكم تلاحق في سمائنا، وباتت أمريكا، التي تدعي السيطرة على البحار، عاجزة عن إدخال سفن بني صهيون بالقوة لجأتم إلى سلاح الجبناء، إلى استهداف قوت الشعب، إلى ضرب شريان حياته، ظنا منكم أنكم بذلك ستركعونه، وأنكم ستجبرونه على التخلي عن موقفه، وأنكم ستحولون سخطه عليكم إلى سخط على قواته المسلحة التي تساند غزة.
يا لغباء الأعداء! ويا لجهلهم بهذا الشعب العظيم! حسبتم أن لقمة العيش ستنسينا قضيتنا؟ ظننتم أن الجوع سيطفئ نار الإيمان في قلوبنا؟ توهمتم أن الضغط الاقتصادي سيفرق بين الشعب وقائده، وبين الشعب وقواته المسلحة؟
كلا وألف كلا! إن كل ضربة توجهونها إلى قوتنا، وكل استهداف لسبل عيشنا، لن تزيدنا إلا إيمانا، ولن تزيدنا إلا ثباتا، ولن تزيدنا إلا عزيمة على مواجهتكم لن يتحول سخطنا إلا عليكم، يا أعداء الله والإنسانية سيخرج شعبنا اليوم، وكل يوم، وكل جمعة، في طوفان بشري هادر، ليصدح في وجهكم بـ “الموت لأمريكا” “الموت لإسرائيل” وليجلجل في آذانكم بـ “لن نترك غزة”.
لن نسكت على استهداف سبل عيشنا، ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام عدوانكم سنتوكل على الله الذي لا ينام، وسنعتمد عليه الذي لا يخذل، وسنجاهدكم في سبيله، وسنرد على كل خطوة ضدنا بعشر خطوات، وسنقاتلكم بكل ما نملك من قوة وإيمان، حتى يتحقق وعد الله بالنصر.
فليس النصر من عندكم، يا من تملكون السلاح والمال والإعلام وليس النصر لمن يملك أحدث الطائرات وأقوى البوارج النصر من عند الله، يؤتيه من يشاء من عباده ونحن، بإذن الله، من عباده الذين اصطفاهم لنصرة الحق، ومواجهة الباطل، وتحقيق وعده.
فيا أيها الأعداء، مهما فعلتم ومهما خططتم ومهما تآمرتم ومهما ضغطتم، ومهما استهدفتم فإن إرادة الله غالبة، وإن نصره آت، وإن العاقبة للمتقين، وسترانا في كل ميدان طوفاناً يغرق أساطيلكم، ويحطم أبراجكم، ويزلزل عروشكم، ويعلن نهاية جبروتكم، وبداية فجر جديد للأمة.