في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، تسعى الحكومات لتعزيز كفاءة أدائها الإداري وزيادة الإيرادات العامة، بالإضافة إلى تعزيز الانتقال إلى الاقتصاد المنظم وتشجيع الاستثمار. ومن هنا، تتجه العديد من هذه الحكومات نحو تنفيذ إصلاحات هيكلية تهدف إلى تحسين الأداء الاقتصادي.

أما في بلادنا، فقد كان خطاب السيد القائد عبد الملك الحوثي بمناسبة يوم المولد النبوي الشريف، الذي يوافق 12 من ربيع الأول 1445هـ، هو الأساس للتغيير نحو إصلاح الدولة.

دعا إلى ضرورة التغيير الجذري والإصلاحات في مؤسسات الدولة، معتبرًا ذلك هدفًا أساسيًا لثورة 21 سبتمبر، وضرورة وطنية ومطلبًا شعبيًا.

واستجابةً لتلك الدعوة، تم تشكيل حكومة البناء والتغيير كجزء من مرحلة “التغيير الجذري” التي أعلن عنها السيد القائد عبد الملك الحوثي في المولد النبوي الشريف. من هذه الحكومة تطوير الإدارة والإصلاح المؤسسي، من خلال تقليص عدد الوزارات وإلغاء العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية. كما تهدف إلى إعداد وتطوير الهياكل واللوائح الخاصة بالوزارات والمؤسسات والهيئات على المستويات المركزية والمحلية، لضمان إزالة الاختلالات استنادًا إلى الضوابط الدستورية وأحكام القوانين النافذة.

وترجمةً لهذا الهدف، صدر القرار الجمهوري رقم (23) لسنة 1446 هـ بشأن آلية استكمال تنفيذ عملية الدمج والتحديث للهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة العامة. كما صدر القرار الجمهوري رقم (26) لسنة 1446 هـ الذي يحدد الأهداف والمهام والاختصاصات العامة والتقسيمات التنظيمية الرئيسية لوزارة المالية، والذي تضمن في مادته الرابعة دمج مصلحة الضرائب ومصلحة الجمارك ضمن مصلحة واحدة.

لذلك يعد دمج مصلحتي الجمارك والضرائب خطوة استراتيجية مهمة لتحقيق التكامل بين جهتين رئيسيتين في إدارة الموارد المالية للدولة. بهدف تحسين الكفاءة المالية، وتعزيز الشفافية، ومكافحة الفساد، مما يسهم في تحقيق العدالة الضريبية والتنمية المستدامة. على مستوى الدولة، ويوفر الدمج نظامًا موحدًا يقلل التكاليف التشغيلية ويزيد الإيرادات من خلال تحسين عمليات التحصيل وتقليل الازدواجية في المهام. كما أنه يعزز الشفافية عبر إنشاء قواعد بيانات مشتركة، مما يقلل فرص التهرب الضريبي والجمركي ويحسن الرقابة على الأنشطة الاقتصادية.

أما بالنسبة للقطاع الخاص، فإن الدمج يسهم في تقليل التعقيدات الإدارية عبر تسهيل الإجراءات وتوحيد الجهة المعنية بتحصيل الرسوم والضرائب، مما يوفر الوقت والجهد ويخفض التكاليف المرتبطة بالمعاملات. كما يؤدي هذا التكامل إلى تحسين مناخ الأعمال وزيادة ثقة المستثمرين بفضل الشفافية والعدالة، وهو ما يشجع على جذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز النشاط الاقتصادي.

على مستوى المجتمع، يعود دمج الجمارك والضرائب بالنفع المباشر وغير المباشر من خلال تحسين الخدمات العامة الناتجة عن زيادة الإيرادات الحكومية. يساهم النظام الموحد في تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق تقليل التهرب الضريبي وتوزيع الأعباء بشكل أكثر إنصافًا. كما يؤدي إلى مكافحة التهريب والأنشطة غير القانونية، مما يحمي المستهلكين من السلع الضارة ويعزز الأمن الاقتصادي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي يرفع من جودة الحياة ويخلق بيئة تنموية مستدامة.

وتوجد العديد من التجارب الناجحة لدمج هيئات الضرائب والجمارك في عدة دول، حيث أثبتت هذه الخطوة فعاليتها في تحسين الكفاءة الإدارية وزيادة الإيرادات الحكومية.

فعلى سبيل المثال، قامت نيوزيلندا في التسعينيات بدمج مصلحة الضرائب ومصلحة الجمارك، مما أدى إلى تحسين التنسيق بين الجانبين وزيادة الكفاءة في تحصيل الضرائب. وفي أستراليا، ساهم دمج مصلحة الضرائب الأسترالية ومصلحة الجمارك الأسترالية في تبسيط الإجراءات وتقليل التكاليف، بالإضافة إلى تحسين خدمة العملاء.

كما أن كندا قامت بدمج هيئات الضرائب والجمارك، مما ساعد في تعزيز القدرة على مكافحة التهريب وزيادة فعالية تحصيل الضرائب. وفي جنوب أفريقيا، تم دمج مصلحة الضرائب ومصلحة الجمارك مما ساهم في تحسين الكفاءة التشغيلية وزيادة الإيرادات.

وفي الختام، ومن خلال هذه التجارب، يتضح أن دمج مصلحتي الجمارك والضرائب يعد نموذجًا فعّالًا للإصلاح الإداري ويخدم أهداف الدولة والمجتمع والقطاع الخاص على حد سواء. وهذا الإجراء يسهم في بناء نظام مالي قوي ومستدام، يدعم التنمية الشاملة ويعزز من مكانة الاقتصاد الوطني.

لذلك، على الحكومة الاستفادة من تلك التجارب من خلال دراسة تجارب الدول التي قامت بعمليات دمج مماثلة، لفهم الدروس المستفادة وتجنب الأخطاء.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: الجمارک والضرائب ومصلحة الجمارک إلى تحسین من خلال

إقرأ أيضاً:

تعزز نمو الاقتصاد والتصدير.. نواب: مُبادرة دعم الصناعة تعكس التزام الدولة بمساندة الإنتاج الوطني

الحكومة: تقديم تسهيلات تمويلية للقطاع الخاص لشراء الآلات والمُعدات و خطوط الإنتاجبرلماني: مبادرة دعم الصناعة قادرة على إحداث قفزة فى الإنتاج والتصديرنائبة: المبادرة تستهدف تعزيز الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل

وافق مجلس الوزراء على المُبادرة الجديدة لدعم ومُساندة القطاعات الصناعية ذات الأولوية، في صيغتها النهائية، بعد التوافق عليها من مختلف الجهات المعنية.

وتستهدف المُبادرة دعم الشركات من أجل التوسع في الصناعات ذات الأولوية، عبر تقديم تسهيلات تمويلية للقطاع الخاص لشراء الآلات والمُعدات أو خطوط الإنتاج، وقد قامت المجموعة الوزارية للتنمية الصناعية بتحديد 7 صناعات ذات أولوية، وهي: صناعة الأدوية، والصناعات الهندسية، والصناعات الغذائية، وصناعات الملابس الجاهزة والغزل والنسيج، والصناعات الكيماوية، وصناعات التعدين، وصناعة مواد البناء.


في هذا الصدد، أشاد عدد من النواب بهذه المبادرة، مؤكدين أنها ستحدث طفرة في نمو الإقتصاد المصري، إلى جانب مساهمتها في توفير المزيد من فرص العمل.


بداية، أشاد النائب عبد الفتاح يحيي ، عضو مجلس النواب، بموافقة الحكومة علي المُبادرة الجديدة لدعم ومُساندة القطاعات الصناعية،مؤكدا أن هذه الخطوة تعزز الثقة في المناخ الاستثماري المصري وتؤكد حرص الدولة على حماية القطاع الصناعي باعتباره ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي.


و أشار« يحيي» في تصريحات خاصة « لصدى البلد» إلى أن  
المبادرة قادرة على إحداث طفرة فى مجال الصناعة، لما لها من تأثير على كل القطاعات الصناعية المختلفة، مشيدا بمنح الأولوية للمنشآت فى المناطق الأكثر احتياجًا للتنمية، مثل المحافظات الحدودية، والصعيد، وإقليم قناة السويس، بهدف تعزيز النمو الاقتصادى وزيادة الطاقة الإنتاجية.


وشدد عضو النواب ، على ضرورة استمرار التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق الأهداف المشتركة في دعم الصناعة الوطنية ورفع كفاءتها التنافسية.

في سياق متصل، ثمنت النائبة إيفلين متى، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، موافقة الحكومة علي المُبادرة الجديدة لدعم ومُساندة القطاعات الصناعية، مؤكدة أن الدولة بقيادة الرئيس السيسي تعمل على تحفيز نشاط الاستثمار الصناعي، سواء يمنح تسهيلات جديدة للمصنعين وأصحاب المشروعات الصغيرة  ، بالإضافة إلي الاتفاق مع الجهات والمؤسسات الدولية لتقديم الدعم الفني والتقني للقطاعات الصناعية والإنتاجية.

و أشارت « متى» إلى أن هذه المبادرة تأتي في إطار تنفيذ استراتيجية التنمية الصناعية التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني وخلق المزيد من فرص العمل، مما يعكس التزام الحكومة الكامل بالحفاظ على استمرارية الصناعة ودعم المستثمرين المصريين في مواجهة التحديات الاقتصادية.

ودعت عضو صناعة البرلمان إلى الاهتمام بالتعليم الفني من خلال إنشاء المزيد من المدارس الفنية المتخصصة في الصناعات المختلفة، مؤكدة  أن ذلك سيكون له تأثير إيجابي على تحسين جودة الإنتاج وزيادة كفاءة الكوادر العاملة، مما يساهم في تعزيز القدرة التنافسية للقطاع محليًا وعالميًا.

مقالات مشابهة

  • المالية النيابية:تعديل الموازنة يتضمن اخضاع تصدير النفط من الإقليم للسلطة الاتحادية وإلزام حكومة البارزاني بتسليم الإيرادات لخزينة الدولة
  • مؤسس خبراء الضرائب: الرسوم الجمركية على الهواتف المستوردة تمنع الهدر الضريبي
  • حقوقي: مهمتنا تحسين حقوق الإنسان من خلال الحوار مع مؤسسات الدولة
  • أستاذ زراعة: نرى نقلة نوعية في حجم الصادرات المصرية بعد تحسين جودة إنتاج المحاصيل
  • جمعية الخبراء: التسهيلات الضريبية للقطاع الخاص استراتيجية لتحلية المياه
  • جمعية خبراء الضرائب: الدولة تواجه تحدي تحلية المياه بالتسهيلات الضريبية
  • تعزز نمو الاقتصاد والتصدير.. نواب: مُبادرة دعم الصناعة تعكس التزام الدولة بمساندة الإنتاج الوطني
  • برلماني: مبادرة دعم الصناعة الوطنية تعزز الثقة في المناخ الاستثمار بمصر
  • خبراء الضرائب: القطاع الخاص يحتاج تسهيلات ضريبية لمشروعات تحلية المياه