التدخين والمعسل وارتباطهما بالوعي والأخلاق
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
قد لا يختلف إثنان على أن عادة التدخين وما يسمَّى بالمعسل أو (الشيشة)، هما من العادات السيئة التي تدمِّر الصحة ولو بعد حين، لكن لو تساءلنا عن إرتباطهما بالدين والأخلاق، فقد تختلف الآراء دون شك: فمن يدخن، ليس بالضرورة أن يكون لخلل في خلقه، أو سلوكه.
وكذلك المعسل: فكم من أشخاص يمارسون هذه العادات التي يضرون بها أنفسهم فقط، لكنهم على مستوى من الخلق، ممَّا يدلل على أن التدخين والمعسل لا يرتبطان ارتباطاً مباشراً بالأخلاق، وإنما يرتبطان مباشرة بالوعي.
أما إذا كان الشخص المدخن أو المتعاطي للمعسل يدافع عن سلوكه ويناقض كل الحقائق العلمية ويكذبها، فلا أحق له أن يكون متعمداً الانتحار البطيء! قادني لهذا الموضوع، حوار مع فتاتين قالت كل واحدة منهما:( لن أقبل بزوج مدخن)، سألتهما عن سبب كلٍ منهما، فكانت إجابة إحداهما ارتباط ذلك بقلة الوعي. ففي نظرها الزوج المدخن، لا يدرك أبعاد الضرر الذي يخلفه التدخين على البيت والأبناء والحياة الصحية، أما الأخرى فقالت التدخين من الخبائث، ومن يتساهل فيه، فهو يعاني من نقص في دينه وتربيته وأخلاقه.
تذكرت بذلك مفهوم كثير من الناس إذا تقدم أحدهم لخطبة بنتهم أول عبارة إيجابية يصفون بها الخاطب هي : (يرتاد المسجد ولا يسهر ولا يدخن)، صفات ترفع الخاطب عند أهل الفتاة درجات عالية، وتستحق. فهي صفات طيبة، لكن فيها وجهات نظر تختلف ماعدا (ارتياد المساجد).
الفتاتان كانتا على حق مع الحاجة لتفسيرات توضح الموضوع أكثر، فالتدخين والمعسل كلاهما سيئان، وآثارهما سلبية، ويدلان على قلة الوعي، فلا يستطيع العقل أن يصغي لمن يقول أنا أدرك مخاطره لكنني لا أستطيع تركه. صعب تصديق اجتماع الوعي مع إلحاق الضرر بالنفس. فللتدخين والمعسل مخاطر صحية واقتصادية وبيئية، ولهما عواقب سيئة مهلكة والله عزَّ وجلَّ يقول: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة). كما أنهما اعتبرا من الخبائث، فرائحتهما نتنة، وأثرهما على مظهر الشخص غير مستحبة. وكثير من الناس يحرصون على الآثار الظاهرة، فيقاومونها تماماً، لكنهم لن يستطيعوا مقاومة الآثار الباطنة على الصحة مع الوقت.
نسأل الله السلامة للجميع، ولو أردنا الحديث عن الارتباط الأخلاقي بالموضوع، لكان أول ما يتبادر للأذهان: المسؤولية الاجتماعية حيال البيئة والآخرين، فماذا لو حرص المدخن على أن يدخن في مكان منعزل عن أهل بيته وأطفاله وزملائه الذين قد يضايقهم ويؤثر عليهم أو يلحق الضرر بهم، فطالما ابتلي بهذا البلاء، فليتبع أسلوب يحترم به غيره. والكارثة حين يجتمع مجموعة من المدخنين وبينهم واحد أو اثنين عافاهم الله فيعيشون الأثر السلبي الأخطر.
التدخين يؤثر في غرف المدخنين في كل ما يحيط بهم، فتصوروا لو كان هناك أطفال تخيلوا الأثر التربوي والصحي عليهم. التدخين والمعسل سبب وجيه من أسباب نهاية الحياة الأسرية إذا ما عولج الوضع بالشكل الصحيح: كأن يكون في المنزل غرفة مخصصة مفتوحة المنافذ، وكأن يتبع المدخن منهج الرغبة في الإقلاع وأن يضع هذا هدفاً يسعى لتحقيقه. أما بالنسبة للشباب والشابات الذين انتهجوا التدخين في سن مبكرة، فهؤلاء نتيجة تربية، أو نتيجة صُحبة غير موفقة، أو نتيجة قدوة في البيت. ومن المؤسف جداً أن يتجرأ الابن والبنت على التدخين بحضرة والديهم، أو
كبار عائلتهم، أو في الأماكن العامة، هي جرأة غير أدبية بلا شك ، ومعززة لهذا السلوك. (هداهم الله).،
عموماً التدخين من الرجال سيئ، لكنه من النساء أسوأ. ودعوني أختم بالتأكيد: ليس كل مدخن أو مدخنة سيئ الخلق، بل على العكس هناك من المدخنين والمدخنات على مستوى رفيع من الأخلاق، لكنه ابتلاء بسبب ما من الأسباب. وتدخين هؤلاء لا يعني أنه مقبول منهم لأن الصحيح هو الإقلاع عنه، وتطهير الجسم والبيئة منه، ولو تفكر المدخن والمعسل ووعى ما يفعله التدخين والمعسل به، لأقلع عنه دون تفكير أو تردد فالحياة الصحية النظيفة النقية، خير من حياة موبوءة، سلمكم الله من كل سوء . (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً)
almethag@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
تعزيز الوعي الطلابي ضمن فعاليات الملتقى الإرشادي بـ"تعليمية الداخلية"
نزوى- ناصر العبري
نظمت تعليمية الداخلية ممثلة بدائرة التوجيه المهني والإرشاد الطلابي قسم الإرشاد والتوعية، الملتقى الإرشادي الثاني "كن ملماً" تحت شعار (فكر واعٍ مجتمع آمن)، وذلك خلال الفترة من 14حتى 16من أبريل الجاري.
وهدف الملتقى إلى تعزيز الوعي الفكري والسلوكي بين الطلبة وأولياء الأمور، وإكساب الأخصائيين الاجتماعيين المهارات اللازمة لمواجهة القضايا المستجدة من خلال سلسلة من البرامج والمحاضرات التي تسلط الضوء على التحديات الفكرية والاجتماعية التي تواجه البيئة المدرسية والمجتمعية.
وقال محمود بن سالم العزري رئيس قسم الإرشاد والتوعية بتعليمية الداخلية: "يأتي هذا الملتقى إيماناً بدور الوعي السلوكي المعرفي في بناء بيئة تعليمية آمنة وسوف يسلط الملتقى الضوء على التحديات التي تواجه البيئة المدرسية والمجتمع بشكل عام وتطوير المهارات للأخصائيين الاجتماعيين للتعامل مع هذه التحديات بشكل فعال كما يستهدف الملتقى طلبة المدارس لمراحل التعليم الأساسي وما بعد الأساسي للصفوف من 7-11 وأولياء الأمو".
وشارك في هذا الملتقى العديد من الجهات الحكومية المعنية منها شرطة عمان السلطانية والادعاء العام ومستشفى نزوى ودائرة التنمية الاجتماعية ودائرة الأوقاف والشؤون الدينية.
وتضمن الملتقى عددًا من البرامج التدريبية مثل "التعامل مع التشوهات المعرفية وفق نموذج بيك" قدمها عيسى الهطالي مشرف إرشاد اجتماعي، وبرنامجا تدريبيا بعنوان "آليات التدخل مع حالات الإساءة" قدمتها سعدية السعدي مشرفة إرشاد اجتماعي، بالإضافة إلى برنامج "التعامل مع حالات الانحرافات السلوكية" قدمته الدكتورة مها العاني، وبرنامج "خطة تعديل السلوك المدرسي من التشخيص إلى التمكين" قدمته نصرة العبري مشرفة إرشاد اجتماعي.
واشتمل الملتقى على برنامج البرلمان الإرشادي حول موضوع وسائل التواصل الاجتماعي بين الهوية والاتجاهات الفكرية، إذ جاءت فكرة هذا البرلمان من خلال اختيار ستة متحدثين من طلبة المحافظة يجلسون على شكل نصف دائرة في منصة مع وجود اختصاصي اجتماعي يدير الجلسة، حيث تم طرح عدة محاور للنقاش بحضور جمهور يتكون من 400 طالب وطالبة وأخصائيين اجتماعيين من مختلف مدارس المحافظة.