غيداء شمسان
ليشهد التاريخ، بحروف من نارٍ تشتعل في سماء اليمن، أنهُ لم يهتز لصوت القذائف، ولم تثنه رياح العدوان العاتية فبينما تتساقط قذائف العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي على غزة الطاهرة، يجيب اليمن بصرخة مدويةٍ، بصمود أُسطوريّ، يثبت أن إرادته لا تقهر، وأَن روحه لا تخمد بالنار؛ إنهُ اليمن الذي يضربُ في فوجِ احتشادِ الأحرار نصرةً لغزة، ولم تهتز لهم شعرة من عزيمته.
فكيف يهتز اليمن والقدس في قلبه تنبضُ؟ كيف يخاف والنصر في إيمانه مستقر؟ إنه اليمن الذي تربى على مواجهة الظلْم والاستبداد، اليمنُ الذي تشرب مقاومة الاحتلال من مسام تاريخه الطويل، اليمن الذي يجسّد معنى الصمود في أَجمل صوره؛ فالغارات والقصف لم تكن سوى محاولة يائسة لكسر إرادته، لكنها كانت وقودًا أضفت على نار مقاومته أشدّ ضياءً.
يقف اليمن اليوم شامخًا، مثل جبلٍ صلبٍ لا تهزه الرياح؛ فإيمانه بالقضية الفلسطينية، بمقدسية الأرض المحتلّة، يشع نورًا ينير دروب المُقاومة، ويلهم الأجيال فالخطوط الحمراء التي رسمها العدوّ لمْ تَكُنْ سوى حدود أُخرى لمقاومته، والتهديدات لم تكن سوى نفخٍ في رماد عزيمته.
لم يكن اليمن وحيدًا في معركَته، فَفي كُـلّ قلبٍ يحب الحرية، وفي كُـلّ روحٍ تتشبّث بالكرامة، يتجلّى معنى التضامن والدعم فصوتُ اليمنِ يصدح في أرجاء العالم، موحدًا الأصوات في دعم غزةَ، وموحدًا القلوب في مناصرة القضية الفلسطينية؛ فالمقاومة ليست مُجَـرّد مشاعر، بل هي إيمان راسخ بالحق، والعزم على تحقيقِه، والتضحية في سبيل تحقيقه.
إن اليمن اليوم يمثل نموذجًا للمقاومة الشعبيّة، للمقاومة التي تتجاوز الحدود الجغرافية، والتي تتغذى من عمق الإيمان والثقافة والهوية، فهو يثبت أَن القوة الحقيقية تكمن في وحدة الشعب، وفي عزيمته، وفي إيمانه بقضيته وفي كُـلّ ضربة تستهدف اليمن، تزداد عزيمته، وتزداد ثقته بالنصر القريب.
فليشهد التاريخ أَن اليمن لم يخضع، ولم يتخل عن مبادئه، ولم ينس قضية غزة وفلسطين، سيبقى صوته يصدح بِالعزيمة في وجه الظلم، وسيبقى صموده ملهمًا للأجيال القادمة، شهادةً على أَن إرادَة الشعوب الحرة أقوى من كُـلّ قوة مستبدة فهو اليمن في وجه الرياح، قصيدةٌ من الصمود والعزيمة، ستبقى ترنمًا خالدًا.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الساحل السوري.. مرسى الحضارات على مدار التاريخ
ويمتد الساحل السوري كشريط ذهبي يربط البحر بالجبال، حيث تحتفظ مدنه بأسرار تاريخية تروي قصص الغزاة والأبطال، كما تتناثر عليه قلاع شامخة وحصون منيعة، مثل قلعة المرقب وقلعة صلاح الدين، شاهدة على صراعات استمرت قرونا.
ففي طرطوس، التي توصف بـ"عروس المتوسط"، تختلط رائحة البحر بهدوء الحياة التقليدية، بينما تحمل اللاذقية عراقةً تجسدها أحياؤها القديمة مثل "الصليبة"، حيث تتداخل الحكايات الشعبية مع آثار الحضارات الغابرة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4منها تفخيخ طرق بالساحل السوري.. مقداد فتيحة يهدد بمزيد من العنفlist 2 of 4كيف نجت سوريا الجديدة من فخ حرب الساحل؟list 3 of 4قلعة الحصن بالساحل السوري.. عندما تروي الأبراج حكايات الفاتحينlist 4 of 4أحداث الساحل السوري والسياسات المسؤولة للدولة الناشئةend of listولم تكن هذه المنطقة مجرد نقطة إستراتيجية عسكرية، بل حاضنة للثقافات، إذ بنى الرومان تحصيناتها، وحولها الصليبيون إلى قلاع، ثم حررها المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين.
وتتربع قلعة المرقب على صخرة شاهقة بارتفاع 300 متر، بناها العباسيون في عهد هارون الرشيد، ثم أعاد تشييدها الإسماعيليون لتصبح أحد أمنع الحصون.
سراديب سريةوجعلت أسوارها المنحوتة على جروف صخرية اقتحامها شبه مستحيل، فيما كان برج الصبي المجاور ينقل إشارات الإنذار عبر سراديب سرية.
ولا تكتمل زيارة طرطوس دون تجربة سوق السمك الذي يعج بأنواع مختلفة والتي يصفها الصيادون بـ"كنوز البحر"، حيث يقول أحد البائعين: "هنا تشم رائحة التاريخ مع نسمات البحر".
إعلانوحافظت المدينة، التي فتحها عبادة بن الصامت في العهد الإسلامي، على طابعها الهادئ رغم مرور الفرس والبيزنطيين، حيث لا تزال أحياؤها القديمة تحتفظ بأسرار "الكونسطنطيا"، وهو الاسم القديم الذي أطلقه الإمبراطور قسطنطين.
وتعتبر قلعة صلاح الدين في اللاذقية أيقونة تاريخية، بُنيت على أنقاض حصن صليبي يعود للقرن الرابع قبل الميلاد، يصفها الرحالة بأنها "مدينة فريدة"، حيث يتجاور الخندق المنحوت بالصخور مع الأبراج الدفاعية التي صمدت أمام الزلازل.
ويذكر المؤرخون أن صلاح الدين حاصر القلعة بمنجنيقات ترمي أحجارا وزنها 200 كيلوغرام، قبل أن تسقط في يده وتُسلَّم لأحد أمراء الأيوبيين.
80 حصنا وقلعةولا تزال القلاع الساحلية، التي يزيد عددها عن 80 حصنا، تحتفظ بآثار الحضارات المتعاقبة، من حمامات قلاوون الإسلامية إلى إسطبلات الخيول الصليبية.
وفي قرية "القلعة" القريبة من المرقب، يُجسِّد جامع المرقب العتيق روح التعايش بين السكان، حيث يُروى أن الأهالي كانوا يعيشون داخل القلعة حتى تم نقلهم إلى القرية الحديثة.
ومع غروب الشمس على شواطئ طرطوس، يهمس البحر بأسرار جديدة، في حين تستعد اللاذقية لاستقبال ضيوفها بسحرها التاريخي.
ورغم تحول أساليب الحروب من السيوف إلى المدافع، تبقى القلاع الساحلية شواهد حية على أن "دوام الحال من المحال"، كما يقول المثل الشعبي، فالساحل السوري، بجباله وصخوره، سيظل يُذكِّر العالم بأن كل غازٍ مهما عَظُم سلطانه، مصيره الزوال.
25/3/2025