قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، إن ذكر الله تعالى عبادة عظيمة ترفع العبد إلى مراتب عالية من القرب من الله، موضحًا أن الكون كله يسبّح الله بذكر الحال، كما أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: "وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم".

وأكد جمعة أن أهل الله، الذين بلغوا مراتب عالية من اليقين، قد فتح الله بصيرتهم لسماع تسبيح الأشياء من حولهم، حتى ميّزوا بين تسبيح الخشب، والرخام، والسجاد، والحديد.

 وأضاف أن هذه التجربة الروحية تكشف عظمة الله وتزيدهم يقينًا، لكنهم لا يحبون استمرارها، بل يدعون الله أن يغلق عنهم هذا الكشف، لأنه يشغل قلوبهم عن الله إذا استمر، مشددًا على أن الغاية ليست الانشغال بالمظاهر، بل التوجه إلى الله.

التسبيح بالأدوات الطبيعية

وأشار جمعة إلى أن السبح المصنوعة من المواد الطبيعية، مثل الزيتون، والأبنوس، واليسر، لها طابع خاص، لأنها تتماشى مع تسبيح الكون، فتذكر الله مع الذاكر.

 وأوضح أن الذكر بهذه المواد يعزز الشعور بالانسجام مع النظام الكوني، ما يضفي على العبادة أبعادًا روحية عميقة.

وأضاف: "في وقتنا الحالي، يلجأ البعض لاستخدام العدادات الإلكترونية في الذكر. 

وفي حين أنها وسيلة مريحة لحساب الأذكار، إلا أنها تفقد الذكر معناه العميق، حيث يصبح أشبه بمباراة رياضية أو نشاط ميكانيكي، وهو ما قد يحرم الإنسان من التوافق الروحي مع الكون أثناء الذكر".

قصص وكرامات

وتحدث جمعة عن قصة شخصية، حيث أهداه أحدهم سبحتين، موضحًا أن إحداهما كانت تعود إلى أحد أولياء الله الصالحين من السودان. 

وقال: "حين زرت أحد الصالحين ونظر إلى السبحة، أخبرني أنها لولي من السودان، فأدركت حينها أن الله قد منحني هذه السبحة كرامة.

 لكنني أوضح أن هذه الأمور ليست الغاية، بل هي إشارات تعزز اليقين وتثبت العبد على طريق الحق".

الغرض الأسمى من الذكر

وشدد جمعة على أن الغاية من الذكر ليست التعلق بالأدوات أو البحث عن الكرامات، بل الانشغال بالله وحده.

 وأضاف: "إذا أصبحت الوسائل والمظاهر حجابًا بيننا وبين الله، فقد ضللنا الطريق. الغاية هي أن ينصرف القلب إلى الله دون أن تشغله الوسائل".

 انسجام الذكر مع الكون

واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بالتأكيد على أن الذكر عبادة قلبية وروحية، تستمد قوتها من توافقها مع الكون المسبّح بحمد الله. وأوضح أن المسلم مطالب بالسعي لتعزيز يقينه بربه، وأن ينشغل بذكر الله قلبًا وقالبًا، ليحظى بالطمأنينة التي وعد الله بها في قوله تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السبحة مفتي الجمهورية البح كرامة الكون الذكر مع الکون

إقرأ أيضاً:

أركان الإيمان ومعنى التوحيد.. يوضحها علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن أركان الإيمان تمثل الأساس الذي تقوم عليه العقيدة الإسلامية، وهي ستة أركان: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.

 

 وقد استنبطت هذه الأركان من حديث جبريل عليه السلام حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره» [رواه البخاري ومسلم].

وأكد جمعة أن الإيمان بالله هو أول أركان الإيمان، ويعني التصديق الجازم بوجود الله سبحانه وتعالى، وبأنه واحد في ذاته وصفاته وأفعاله، وبأنه وحده المستحق لجميع أنواع العبادة.

 وأوضح أن الإيمان بالله يتمثل في العقيدة الراسخة بـ "لا إله إلا الله"، التي تعني نفي استحقاق العبادة لأي أحد سوى الله، مضيفًا أن هذه الكلمة تنفي الشرك بجميع صوره وتثبت العبادة للخالق وحده.

الفرق بين الموحد والمشرك

وأشار جمعة إلى أن الملحد ينكر وجود الإله، والمشرك يخلط بين عبادة الله وعبادة غيره، بينما الموحد المسلم ينفي استحقاق العبادة عن غير الله ويؤمن بأن الله هو الخالق والمعبود بحق.

 وأضاف أن كلمة "لا إله إلا الله" تعبر عن الإيمان الحقيقي الذي يجعل المسلم يثق بالله، ويعتمد عليه، ويستعين به، ويقصد وجهه الكريم في كل أموره.

شهادة التوحيد ومكانة النبي

وأوضح جمعة أن شهادة "لا إله إلا الله" ترتبط بشهادة "محمد رسول الله"، فهي المدخل إلى الإسلام، مشيرًا إلى أن الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة توضح الطريق إلى عبادة الله بشريعته التي جاء بها النبي الكريم. 

وقال إن الإيمان بالله لا يكتمل إلا باتباع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، مؤكدًا أن ذلك هو السبيل الوحيد لعبادة الله العبادة الصحيحة والمقبولة.

وختم الدكتور علي جمعة حديثه بالدعاء أن يرزقنا الله فهم حقائق التوحيد، وأن يعيننا على تحقيق كمال الإيمان.

مقالات مشابهة

  • أركان الإيمان ومعنى التوحيد.. يوضحها علي جمعة
  • علي جمعة: الإيمان مبني على 6 أركان
  • كأنهم في مباراة كرة قدم .. علي جمعة يعلق على استخدام السبحة الإلكترونية
  • علي جمعة: الزهد هو سفر القلب من الدنيا إلى الآخرة
  • رئيس جامعة الأزهر: دعاء النبي قبل النوم يعزز السلوك الحضاري والصحي
  • عن حزب الله والحكومة.. تصريحٌ لافت من بري
  • المفتي: الغاية من الشريعة جلب المنفعة ودفع المفسدة
  • بعد ضمه رسميا لوزارة الأوقاف.. أول صلاة جمعة من مسجد مصر الكبير بالعاصمة الإدارية
  • دعاء ثاني جمعة من شهر رجب