يمانيون ـ بقلم ـ سيما حسين
سيدٌ من أهل بيت النبوة، تربَّى بالقرآن واستقى العلم مبكرًا، عاش حياةً مُباركةً تَشهد للقرآن بصدق ما يُعزّ به أهله، إنّه الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي.
كَثيرًا ما كان يتأمّل في حال الأُمَّــة وما آلت إليه من انحراف عجيب عن الحق ومَـا هو السبيل لهدايتها!!
عيناه تحكيان عن مسؤولية عظيمة تحمّلها على عاتِقه وعن حُزن كبير يُرثي حال أُمَّـة جده محمد -صلى الله عليه وآله- وكيف يُخلِّصُها من جاهلية هي أشد من أولها فما وجد غير القرآن مخرجًا ونورًا لها.
انطلق واثقًا بالله متوكلًا عليه، يهدي الناس ببينات من الهدى والفُرقان، يداوي جُرح الأُمَّــة الغائر، ويضمد جراحها بالقرآن ويأتي بالحل في زمن اللاحل والتخبط والتيه، كسر حاجز الصمت في وقتٍ صعب وفي ظروف خطيرة، وأعاد للدنيا نورها بعد أن تغيرت وتنكرت، وأدبر معروفها، وأنار القلوب وهداها بمشروعه القرآني العظيم الذي تجلّى فيه ارتباطه الوثيق بكتاب الله وتدبره الحكيم لما فيه وفهمه العميق لما أراد الله منا لإعلاء كلمته وإحقاق دينه الذي ارتضاه، فأحيا من الدين ما غَاب وعُطّل، وأيقظ الأُمَّــة من سباتٍ كان يخشى ألا تستيقظ منه لو لم يَع الناس خُطورة المرحلة وأهميتها.
حَمل في قلبه ثقة عجيبة بالله وإخلاصاً بارك عمله ومشروعه، وقف وحيدًا لنصرة الحق مع ثلة قليلة مؤمنة معه، كان يطمئنها أن العاقبة والنصر للمؤمنين والمجاهدين، يعدها بيومٍ يصل فيه صدى صوتهم الحق إلى العالم ويمكنهم في الأرض ويُعِزهم ويُعز بهم دينه.
وكما هو الحال الذي هم عليه أهل الحق في أن يُظلموا ويواجهوا من جبابرة عصرهم، فقد جاهدهم -رضوان الله عليه- واثقًا بوعد الله الحق أن العاقبة للمتقين بصمود محمدي، علوي، حسني، حسيني، زيدي، بعلم واعٍ، ويقين راسخ، وثقة بالله ونصره لم نسمع عنها إلا قصصًا ولم نلمسها واقعًا إلّا فيه، حمل روح الأنبياء ومنطقهم، وأساليب دعوتهم ومنهجهم، فما زال يُرشد ويدعو وينصح ويحرّض على الجهاد بكلمات ملؤها اليقين والثقة في وعد الله ونصره لمن ينصره.
لم يَعدِل عن موقفه الحق الذي رأى فيه الخلاص والنجاة لأمة قد أطبق العدوّ مخالبه عليها، ولم تُثنِه الإغراءات أَو تُخوّفه التهديدات والمضايقات التي وصل بها الحد إلى قتله وظُلمِه، فكان يواجهها كلها بمنطق الأنبياء والأولياء ويقول “كلا إن معي ربي سيهدين”!
لقد مُلئ إيمانًا حتى أخمص قدميه فلم يعد يرى الموت إلا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برماً، بَاع من الله نفسه وماله وقدّم أهله قرابين في سبيل الله ليُعلمنا درسًا عمليًّا أنّ أهل البيت هم أول المجاهدين وأول المضحين والشهداء.
مثّل النموذج الراقي للمؤمن المجاهد المستلهم من مدرسة أهل البيت -عليهم السلام- فما كان يليق به إلا شهادة تختم حياته الطاهرة ليترك خلفه أُمَّـة أحياها ويستمر مشروعه القرآني المبارك ولسان حال من عرفه يقول “إنّ حسينًا كان أُمَّـة”.
رجلُ صدق ما عاهد الله عليه، أحيا الدين فينا، فأحيا الله ذكره علَمًا للهُدى ورمزًا لانتصاراتنا بمشروعه القرآني المبارك الذي حَـلّ غيثًا على قلوبنا وشعاره الحق المنبثق من وعي ورؤية قرآنية حكيمة قرأت لنا الأحداث بلسان القرآن.
فحُقَّ له أن يكون “شهــيد القرآن”.
فسلامٌ من الله عليه يوم وُلد ويوم استُشهد ويوم يُبعث حيًّا، وسلامٌ عليه في كُـلّ انتصار وفي كُـلّ يوم إلى أن يرِث الله الأرض ومن عليها.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الله علیه
إقرأ أيضاً:
صوت الحق في زمن الانكسار
في زمنٍ تكالبت فيه الأمم على الأمة العربية والإسلامية، ووسط طغيانٍ أمريكيٍّ متغطرس، يتوهّم أنه الحاكم المطلق والآمر الناهي، خرج صوتٌ صداحٌ بالحق، صوتٌ لم يخضع، لم ينكسر، لم يساوم. إنه صوت القائد الرباني السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، يحفظه الله، الذي أثبت للعالم أن هناك من لا يخشى في الله لومة لائم، ولا يركع إلا لله الواحد القهّار.
لقد جاء خطابه الأخير ليكون صاعقةً على رؤوس الطغاة، فقد عرّى المتخاذلين، وأسقط ورقة التوت عن عورات الأنظمة العربية التي لا تزال صامتةً صمت القبور أمام جرائم المحتل الصهيوني في فلسطين، بل وأمام دعوات التهجير القسري التي يتبجّح بها الأمريكي دون خجل.
إن الفرق بين خطاب الهيمنة الأمريكية وخطاب القائد الرباني كالفرق بين الليل والنهار، بين الظلمة والنور، بين الاستكبار والخضوع لله. الأول يتحدث بلغة الاستعلاء، بلغة السوط والسيف، بلغة “أريد فيكون”، كأنه إله الأرض الذي لا يردّ له أمر. أما الثاني، فهو خطاب الحق الناصع، الخطاب الذي لا يعرف المواربة ولا الالتفاف، بل يُعلنها صريحةً مدويةً: لا للهيمنة، لا للاحتلال، لا للصمت المخزي!
لقد أحرج السيد القائد حكّام العرب الذين لا يزالون غارقين في بياناتهم الخجولة ومواقفهم الرمادية، فوقف وحده كالجبل الأشم، يحمل لواء العزة والإباء، يُذكّر الأمة بواجبها، ويُعيد إلى الأذهان سيرة النبي المختار وحيدر الكرار، عليهم صلوات الله وسلامه .
وحينما ننظر إلى واقع الأمة، نجد أن صنعاء، برغم الجراح، قد تحوّلت إلى قلعةٍ للأحرار، إلى قبلةٍ للمقاومين، إلى صوتٍ صارخٍ في زمن الصمت والخذلان. إنها اليوم العاصمة التي تجسّد كرامة الأمة، حيث يجتمع فيها صوت الشرفاء، بعيدًا عن القصور العاجية والولائم السياسية التي يُشترى بها الذمم وتُباع بها القضايا.
إن من يتأمل في مواقف السيد القائد عبدالملك الحوثي، لا يسعه إلا أن يرى فيه الأمل، أمل الأمة، وخلاص المستضعفين. وإنه لحريٌّ بكل شريفٍ وحرٍّ أن يتجه إلى صنعاء التاريخ، صنعاء العز، ليوالي ويؤيد ويساند ويبارك هذا الصوت الصادق، وليكون جزءًا من مشروع التحرر الذي لم يعد خيارًا، بل ضرورةً ملحّةً لبقاء الأمة.
لقد علّمنا التاريخ أن الأمم لا تنهض إلا بالرجال، وأن الحق لا ينتصر إلا بالتضحيات، وأن الصمت في زمن الخنوع جريمةٌ لا تغتفر. وبينما تستمر عجلة الطغيان الأمريكي في دورانها، فإننا على يقينٍ بأن عجلة المقاومة أشد بأسًا، وأكثر مضاءً، وأن الغلبة ستكون في نهاية المطاف لأصحاب المواقف الثابتة، لمن لم تستهوهم كراسي السلطة ولا موائد الذل، لمن اختاروا طريق الحرية، مهما كان شائكًا ومليئًا بالأشواك.