بوليتيكو: لماذا فشل جو بايدن وأصبح إرثه تحت رحمة ترامب؟
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
نشرت مجلة "بوليتيكو" تقريرا قالت فيه إنّ "الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن لم يخسر البيت الأبيض فقط، ولكنه خسر ميراثه السياسي، وما بدا أنه فصل عظيم في التاريخ، قد ينتهي بأنه هامش".
وجاء في التقرير الذي أعده ديفيد غرينبرغ، أستاذ التاريخ والصحافة في جامعة راتغرز، وترجمته "عربي21"، أن مساعي بايدن لأن يحقق تاريخا عظيما انتهت بنهاية حزينة في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، فلو فاز أو نائبته بولاية ديمقراطية ثانية، لنظر إليه التاريخ من خلال صورة بطولية وباعتباره الرجل الذي أعاد أمريكا إلى طبيعتها بعد فوضى الولاية الأولى لدونالد ترامب.
ولنظر إليه بأنه الزعيم الذي أوقف أمريكا على قدميها بعد كوفيد-19، والرجل أعاد تأكيد زعامة الولايات المتحدة في العالم بعد موسم من التراجع، وبأنه الرجل الذي أعاد بناء الديمقراطية بعد هجوم 6 كانون الثاني/ يناير 2021.
وبدلا من ذلك، فمن المرجح أن يتم تذكره باعتباره رجلا حسن النية وقليل الفعالية. فقد حقق العديد من الإنجازات التي تجعله فخورا، إلا أنه ونظرا لفترة ولايته القصيرة وقيوده الشخصية، فمن المرجح أن يتم تفكيك العديد من هذه الإنجازات من قبل الرجل الذي اعتقد أنه نفاه من مقعد السلطة.
ولم تكن مشاكل بايدن متعلقة بتقديم العمر وتراجع طاقته على العمل، وهو ما بدا واضحا في مناظرته التلفزيونية الكارثية في حزيران/ يونيو عام 2024، بل بتردده أو فشله في تقييم المشاكل ومعالجتها بالكامل.
ورأى بايدن أن هناك حاجة لدعم الاقتصاد بعد وباء كورونا، لكنه فشل بالتعامل مع مخاطر التضخم. كما وجاء للدفاع عن أوكرانيا وإسرائيل لكنه لم يتوقع المسار الذي قد تتخذه هذه الحروب. وكان يعتقد بشدة أن ترامب يهدد الديمقراطية لكنه لم يفعل الكثير لتعزيز دفاعاتها. وبالضرورة، كان بايدن دائما حصانا مجتهدا، وبدون أن تكون لديه رؤية أبدا، وربما كان رئيسا ممتازا في وقت هادئ.
لكن في الأزمة الحالية، التي كانت تستدعي روزفلت، لم يكن سوى بايدن. وفي الأيام الأولى من رئاسته تنفس الكثير من الأمريكيين الصعداء بعد رحلة السنوات الأربع الصعبة في ظل ترامب. وبدا بايدن يتعامل مع انتصاره وبدون أي سبب وأنه منقذ الديمقراطية.
وفي محاولة لاستغلال الفرصة بعد تعافي البلاد من وباء كورونا، قبل بل وصدق المقارنات بينه وبين "الصفقة الجديدة" التي بشر بها فرانكلين روزفلت بعد الكساد العظيم، وبدا ينظر إلى رئاسته بأنها نقطة تحول تاريخية عالمية. وفي عام 2021، أنضم الخبراء الذين شعروا بالنشوة في مرحلة ما بعد هزيمة ترامب إلى مساعدي البيت الأبيض الذين تباهوا بالرئيس الجديد، وتخيلوا أنه يملك رؤية جذرية أفضل من أسلافه الديمقراطيين.
وكرر مقدمو البرامج على الشبكات الإخبارية فكرة أن بايدن هو "رئيس تحويلي"، وقال بعضهم بشكل سخيف إنه "أعظم رئيس أمريكي منذ روزفلت".
وقد تجذر هذا الوهم بتمرير مشروع قانون الإنقاذ، وهي خطة إنفاق كبيرة مصممة لتسريع التعافي من الركود الناجم عن الوباء. فإلى جانب الإنفاق التحفيزي، أنشأ القانون حملة تطعيم سريعة ساعدت في جعل التفاعل الاجتماعي آمنا مرة أخرى. ولكن على الرغم من كل فوائدها، لم تكن الخطة قابلة للمقارنة ولو عن بعد بالإصلاحات الشاملة التي نفذها روزفلت في أول مئة يوم من ولايته، ولا بالكميات الهائلة من المبادرات التي شكلت مجتمع ليندون جونسون العظيم. فقد أقر كل من بيل كلينتون وباراك أوباما خططا اقتصادية في العام الأول لا تقل أهمية عن خطط بايدن. والواقع أن العديد من سياسات بايدن استمدت مباشرة من مستودع كلينتون وأوباما: تمديد إعانات البطالة وتوسيع نطاق ائتمان ضريبة الدخل وائتمان ضريبة الأطفال. حتى أن بايدن زعم أنه ابتكر فكرة اقتصاد "الوسطية"، في حين استخدم أوباما في الواقع الشعار وسعى إلى تطبيق الفلسفة أولا.
وعلى أي حال لم تكن خطة مشروع الإنقاذ لأن تكون مشروعا تحويليا كسياسات روزفلت.
وقبل عام من تولي بايدن، وقع ترامب خطة إنفاض ضخمة للمساعدة أثناء الوباء وهو قانون الرعاية، وبتولي بايدن فقد تراجع الركود وهو الأقصر في التاريخ الأمريكي. وفي وقت لاحق من رئاسته، وقع بايدن ثلاثة مشاريع قوانين رئيسية أخرى خصصت قدرا أكبر بكثير من المال للتصنيع والبنية الأساسية والطاقة النظيفة. ولو فاز بإعادة انتخابه، لجعل هذا السجل التراكمي التضخم الحاد في العامين الأولين ومن ولايته ذكرى عابرة وجعل الاقتصاد القوي بخلاف ذلك محورا لإرثه الرئاسي.
لكن مشاريع قوانين الإنفاق الخاصة به غذت أعلى معدل تضخم في أي رئاسة منذ جيمي كارتر وحملت إدارته المسؤولية الكبرى عنها.
وحتى بعد أن هدأ التضخم، فقد أعاق هذا وبشكل قاتل محاولة هاريس لخلافته وتعزيز إرثه. الآن، مع عدم إنفاق الكثير من الأموال المخصصة، أصبح ترامب على استعداد للتراجع عن بعض تلك الإنجازات المحلية المحتملة، كتلك المتعلقة بالطاقة النظيفة.
وتهدد عودة ترامب بإرجاع معظم سياسات بايدن في السياسة الخارجية والتي شكلت تاريخه من الإنجازات. فرغم محاولته الفاشلة للخروج من أفغانستان ودعمه العميق لأوكرانيا وإسرائيل، فقد كان على استعداد لتبرير مواقفه الليبرالية التي تمسك بها منذ فترة طويلة وتعزيز مصداقيتها بين الديمقراطيين الأصغر سنا والأمريكيين بشكل عام.
وفي كلتا الحالتين، كان بايدن يوجه الكثير من الانتقادات، ما جعل هذا الإرث أيضا عرضة للخطر.
ومع أن عالمية بايدن كانت قوية، إلا أنها لم تكن متغطرسة. فمثل بقية الرؤساء الديمقراطيين الآخرين منذ فيتنام (وبخاصة منذ العراق)، أظهر بايدن ترددا في نشر القوات الأمريكية على الأرض. وعلى الرغم من كل تفانيه لأوكرانيا وإسرائيل، فإنه لم يرسل قوات إلى غزة أو دونباس.
وينفس الطريقة، كان حريصا على تحليل الجيش من مسؤوليته في حفظ السلام في أفغانستان. وفي عام 2020، حاصر ترامب خليفته من خلال تبني اتفاق الدوحة مع طالبان، ووضع جدولا زمنيا وشروطا للانسحاب الأمريكي. ولكن بايدن لم يظهر انزعاجا من هذه القيود. ففي عام 2009 وعندما كان نائبا للرئيس، خسر بايدن جدالا داخليا عنيفا حول زيادة الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان لفترة وجيزة. والآن بعد أن أصبحت لديه سلطة الرئاسة، قرر إن بيده إنهاء العملية التي استمرت عشرين عاما، على الرغم من الانخفاض الكبير في الوفيات بين الجنود الأمريكيين منذ عام 2014.
وللأسف فلم يخطط لانسحاب صيف عام 2021 جيدا، فلماذا لا نحتفظ بقاعدة باغرام الجوية؟ وكما اعترفت الإدارة، نفذ الانسحاب بشكل بائس. وكان ذلك الصيف أيضا هو الذي عانى منه الأمريكيون من آلام التضخم، وبدأ الجمهور يشك في مزاعم البيت الأبيض بفكرة احتراف الرئيس وكفاءته المتفوقة.
وحاول بايدن طي الصفحة عن كارثة أفغانستان بحشد الدعم ضد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، وارتقى لمستوى المناسبة، وعزز حلف الناتو بإضافة فنلندا والسويد إلى التحالف ووحد أوروبا خلف الدفاع ليس فقط عن أوكرانيا بل وأيضا عن النظام الدولي نفسه بعد الحرب العالمية الثانية، مؤكدا على مبدأ السيادة الوطنية.
وعلى نحو مماثل، ساعد تضامن بايدن مع إسرائيل في صراعاتها الإقليمية، وإن كان لم يكن متسقا في بعض الأحيان، في جعل من الممكن على الأقل تصور شرق أوسط أكثر سلاما في المستقبل المتوسط، حيث لم تعد حماس (المدمرة الآن)، وحزب الله (المشلول)، والرئيس السوري بشار الأسد (المخلوع)، والجمهورية الإسلامية الإيرانية (المتواضعة) تثير الحرب.
وكانت سياساته من إسرائيل مثيرة للانقسام إلا أن موقفه من أوكرانيا قدم على أنه أفضل لحظاته. ومع ذلك، فعجزه عن جلب وريث له نفس التفكير قد يعيد كتابة هذا الحكم. وما بدا ذات يوم وكأنه قوة شجاعة ثاقبة أصبح الآن يشبه، على الأقل في نظر البعض، استراتيجية حذرة للغاية. لم يسمح بايدن لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأمريكية ضد أهداف في روسيا حتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وهو التأخير الذي ربما أطال أمد الحرب، ولن يكون الرئيس الأمريكي الدولي في منصبه لتأمين شروط نهايتها. وبينما من غير المرجح أيضا أن يوقف ترامب المزيد من المساعدات لإسرائيل، فإن قربه من حكومة نتنياهو قد يدفع المزيد من الديمقراطيين إلى موقف معاد لإسرائيل. ولقد فعل نتنياهو الكثير بالفعل لإبعادهم.
وفي النهاية يبدو أن أهم وعود بايدن الانتخابية وهي إعادة المياه إلى مجاريها بعد مرحلة ترامب المضطربة، تبدو بعيدة كل البعد. وبالطبع، كان مجرد انتخاب بايدن سببا في تهدئة الأجواء، وهو أمر ليس بالهين. فلم يعد كل يوم يحمل أخبارا عن إهانة الرئيس لمشاهير عشوائيين على تويتر أو طرد أعضاء الإدارة المارقين أو تآكل معايير الحكم الديمقراطي.
لكن إدارة بايدن والكونغرس الديمقراطي لم يفعلا سوى القليل لدعم الديمقراطية كما فعل القادة السياسيون بعد فضيحة ووترغيت. فقد أدرك الديمقراطيون، خلال فترة ولاية ترامب الأولى، نقاط الضعف في الديمقراطية الأمريكية، لكنهم سمحوا بعد ذلك بمرور أربع سنوات دون بذل المزيد من الجهود لمعالجة هذه النقاط الضعيفة. ومن المؤكد أن عفو بايدن المثير للجدل عن ابنه هانتر لن يكون ذا أهمية كبيرة للمؤرخين بعد 10 أو 50 عاما من الآن، فنادرا ما يذكرالعفو في التقييمات التاريخية للرئيس، مع أنه يمثل أيضا فرصة أخرى أهدرها بايدن لتعزيز معايير الحكم الرشيد.
وطوال هذه الفترة لم يقدم بايدن القيادة المطلوبة، كما قدمها روزفلت، فالأخير لم يحقق وعوده في المئة أولى من حكمه بل وقدم للأمريكيين خطاباته وأحاديثه الإذاعية والتي كانت خرقا في القيادة الرئاسية، وأداة لتشكيل الوحدة وتعزيز الروح المعنوية في الأوقات العصيبة.
وبعد فترة ولاية ترامب الأولى، احتاجت الأمة أيضا إلى حملة لا هوادة فيها لوقف البلقنة والمؤامرات ونشر الكراهية التي أصبحت تتخلل في السياسة الأمريكية، ولم ينجح بايدن في شن حملة لمواجهة كل هذا، أو لم يتمكن من عمل ذلك.
وفي النهاية، لا أحد يتذكر الرؤساء الذين خدموا لولاية واحدة وباعتبارهم ممن حققوا إنجازات عظيمة. صحيح أن جون آدامز خضع لإعادة تأهيل قبل بضع سنوات، ويفتخر جيمس بولك بمتابعين فخورين له، ولا يزال جون اف. كينيدي محبوبا على نطاق واسع.
لكن في الغالب، إذا كنت تريد أن يصنفك التاريخ مع العظماء، فيجب على شعبك أن يمنحك تلك الفترة الثانية المزعومة. ولم يتمكن بايدن من تحقيق ذلك. والآن سيكون الكثير مما كان يأمل في توريثه للأجيال القادمة تحت رحمة دونالد ترامب، الذي لا تعتبر صفة الرحمة من صفاته.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بايدن البيت الأبيض ترامب الرئاسة امريكا البيت الأبيض بايدن الرئاسة ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی عام لم تکن
إقرأ أيضاً:
لماذا تنتهك أمريكا حقوق العالم؟!
ظهر جلياً خلال العقود الأخيرة أن أمريكا تعمل وسط هذا العالم من أجل مصالحها فقط، دون أن تنظر إلى مصالح الدول وحقوقها في تحقيق التقدم والازدهار في شتى المجالات، وهدف أمريكا من ذلك هو أن تصبح وحدها هي القوة الوحيدة المهيمنة على العالم عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، في حين أن دول العالم هي الأخرى حرة، ولها الحق في أن تكون قوية وفاعلة في كافة المجالات، ما يسمح للدول الكبرى بأن تنهض وتقوى وتعمل من أجل نهضتها، ومن أجل نهضة الشعوب الكبرى، الأمر الذي يقضى على سياسة القطب الأوحد في هذا العالم، وقد عانت الكثير من الدول وبخاصة الدول الناهضة والواعدة في المجالات التكنولوجية، الاقتصادية، العسكرية والفضائية، من انتهاك أمريكا لحقوقها من خلال افتعال الحروب والأزمات غير المبررة والظالمة داخل تلك الدول، ومنها حقوق أمريكا وغزوها للكثير من دول الشرق الأوسط، أو بفرض أمريكا الكثير من العقوبات مع تجييشها لدولها الغربية الصديقة من أجل تعجيز الدول الكبرى الناهضة كالصين والهند وروسيا ودول أمريكا الجنوبية والشمالية وبعض دول الشرق الأوسط، أو بتدخل أمريكا في شئون تلك الدول، والعمل على إيقاع الفتن والاضطرابات بين الدول وبعضها البعض، والأخطر من ذلك هو نشر أمريكا عبر الحقب الزمنية الأخيرة الكثير من القواعد التابعة لها، وأسلحة الدمار الشامل بداخل الكثير من الدول، أو بنشر سفنها وأساطيلها العسكرية في بحار العالم، وبما يهدد أمن واستقرار وحقوق تلك الدول في كافة المجالات، وكان الرئيس ترامب الذي يعتبر امتدادا للرئيس الديموقراطي چو بايدن من الزعماء الأمريكيين الذين انتهكوا وتجاوزوا الخطوط الحمراء في حقوق الكثير من دول العالم سواء كانت الدول الكبرى أو الضعيفة والنامية، فقبل استلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سدة الحكم مؤخراً كان العالم يعول على شعاراته الرنانة التي تدعو إلى إنهاء الأزمات والحروب وتحقيق السلام في بلدان العالم، إلا أن واقع الأيام قد أثبت عكس ذلك تماماً، وذلك عندما لم يحدث أي تقدم ملموس في تلك الحروب والنزاعات، فالحرب الروسية الأوكرانية لم يتغير فيها شيء، بل ظهرت أهداف ترامب الخفية في نيته ابتزاز تلك الدول، والعمل على انتهاك حقوقها والاستيلاء على مواردها وأموالها مقابل استخدامه للقوة والعقوبات لفرض السلام بالإكراه، كما أنه الذي كان يُعوَّل عليه في وقف حرب الإبادة الجماعية على أبناء غزة والضفة في فلسطين، وبإقامته للدولة الفلسطينية، هو من قدم الدعم العسكري والاقتصادي والمعنوي اللا محدود إلى إسرائيل وحكومتها المتطرفة بقيادة نتنياهو، وذلك لاستكمال حرب الإبادة الجماعية على غزة والضفة، وولبنان، وعلى الحوثيين في اليمن، إضافة إلى نشره للقواعد العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، وذلك لمساعدة إسرائيل في عدوانها، واستكمالها لتنفيذ خططها للتهجير والتجويع، ووقف وصول المساعدات الإنسانية إلى شعب غزة الأعزل، بل وبجاهزية ترامب وتجييشه من أجل تهديد إيران وإمكانية شن الحرب عليها، ووقف برنامجها النووي، ليس من أجل سلام العالم، بل من أجل ضمان تفوق إسرائيل العسكري والنووي في المنطقة، ولم يتوقف انتهاك أمريكا للعالم بقيادة ترامب إلى هذا الحد، بل ظهر جلياً بإعلان رئيسها ترامب رغبته في ضمه لكندا شاسعة المساحة، وجريين لاند، بل وبرغبته في ضم قناة بنما إلى أمريكا، وتغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا، وبرغبته الجنونية في تهجير أبناء غزة البالغ عددهم ٢ مليون نسمة، وبناء منتجع سياحي أمريكي على حساب الآخرين، ومؤخراً بفرضه رسوما جمركية جائرة على غالبية بلدان العالم، وإحداثه فوضى غير مسبوقة في حركة الاقتصاد العالمي، وترقب الخبراء الاقتصاديين من إحداث ركود وكساد عالمي في حركة التجارة، وكل تلك الإجراءات الانتقامية ما هي إلا انتهاك حقوق الدول الأخرى، وعلى رأسها الصين وروسيا والهند والاتحاد الأوروبي، وذلك لاستكثار ترامب حق تلك الدول في التقدم، وبعدم السماح لها بالندية أمام أمريكا أو حتى بسماح ترامب لتلك الدول بحريتها في شئونها ومواردها، الأمر الذي أربك بذلك حركة التجارة العالمية، ناهيك عن انسحاب الرئيس الأمريكي ترامب من غالبية المنظمات الدولية، وبمهاجمة أمريكا وانتقادها للكثير من المنظمات الدولية الإنسانية، وبانتقاد أمريكا أيضاً لمحكمة الجنايات والعدل الدولية، والمنظمات الإنسانية التي كانت قد أدانت قادة إسرائيل لارتكابهم حرب إبادة جماعية غير مسبوقة في غزة وغيرها، وكل هذا الانتهاك مرده إلى عنجهية أمريكا وتعاليها على شعوب العالم، واعتبار ترامب بغروره بأنه الرجل الأقوى والمهيمن الوحيد والمتحكم في دول العالم، في حين أن أمريكا ما هي إلا دولة كغيرها من الدول، جزء من هذا العالم، وليس العالم كله.