جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-21@09:54:16 GMT

غزة تنتصر.. حكاية صمود لا يُهزم

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

غزة تنتصر.. حكاية صمود لا يُهزم

 

 

د. سالم بن عبدالله العامري

 

لم تنتظر غزة إعلان انتصارها على العدو الصهيوني، فقد نقشته على صفحات المجد منذ اللحظة الأولى لمعركة طوفان الأقصى، يومها اجتاز أبطال المقاومة أسوار المحتل وحدوده، وكسروا هيبته الزائفة بشجاعة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا.

هناك، سقط جنوده وضباطه صرعى، وأُسر مئات منهم، بينما غنمت المقاومة سلاحه وعتاده، ليُصبح شاهدًا صامتًا على انهيار أسطورته التي لطالما تباهى بها، وجاء اتفاق وقف إطلاق النار اليوم ليُكمل صورة هذا الانتصار، إذ أُجبر العدو، رغم كبريائه الجريح، على الجلوس مذعنًا على طاولة المفاوضات، كاشفًا عن هزيمته أمام صمود غزة، التي أثبتت أن الإرادة أقوى من أي قوة، وأن الحق لا يُقهر مهما بلغ الظلم ذروته.

عندما يُذكر في كل مرة اسم غزة، تتجلى أمامنا صورة مدينة صغيرة بحجمها، لكنها عظيمة بأهلها. فقطاع غزة، ليس مجرد رقعة جغرافية على الخريطة؛ بل هو رمزٌ للصمود والإرادة التي لا تُقهر، وعنوانٌ للبطولة والمقاومة التي لا تلين. في كل زاوية من زواياها، يُكتب تاريخ جديد لشعب لا ينكسر. هناك يُولد الأمل من قلب المآسي، وتنبعث الحياة كطائر الفينيق تُعيد تشكيل ذاتها من رماد الدمار، متوشحةٌ بروح التحدي والإصرار، كأنها تقول للعالم إن كل انكسار يحمل في طياته شرارة نهوض، وإن تحت كل ركام قصة ميلاد جديد.

في غزة، الألم ليس نهاية؛ بل بداية، والدموع ليست انكسارًا؛ بل قوة تُعزز الإرادة، تحكي قصة الإصرار الذي يُعيد بناء المجد على أنقاض المحن، ويُعلن ألا موت يستطيع أن يقهر روحًا مؤمنة بالنهوض، بل أصبح الحلم حلمًا بوطن حر، وأرضاً تنبض بالسلام، يزرعون الزهور على شرفات بيوتهم التي دمرتها الحروب، ويرسمون لوحات الأمل على جدرانها المهدمة، ويتحدون القصف بابتساماتهم البريئة، يشع نور الأمل وسط ظلام الصبر، كالشعاع الذي يخترق عتمة الليل ليبشر بقدوم فجر جديد. هي الأرض التي تعلَم العالم أن النصر الحقيقي هو الإصرار على الحياة، الإصرار على البقاء، رغم كل ما يُثقل الروح، ويدمر الجسد.

يُعلّمنا التاريخ أن طريق التحرر ليس معبّدًا بالسهولة ولا مُختصرًا بالسرعة، بل هو مسار طويل وشاق، مليء بالتضحيات والمعاناة، إنه الطريق الذي تتشابك فيه الآلام مع الآمال. لكنه، رغم قسوته، يظل السبيل الوحيد نحو المستقبل والأمل، تُنتزع فيه الحرية وتُبنى فيه الكرامة، ليكون النصر في النهاية تتويجًا لكل جهدٍ صادق وإيمانٍ لا يتزعزع بحتمية الخلاص، فالنصر الحقيقي ليس في كثرة القتل والتدمير، وليس فقط في كسب المعارك الميدانية، بل في كسب القلوب والعقول، وفي تعزيز التلاحم، والوحدة، والروح الوطنية، وفي تحويل كل خسارة ومآسي آنية إلى استثمار استراتيجي على المدى البعيد. غزة اليوم تجسد هذه الفلسفة، وتُعيد تعريف النصر بأنه الإصرار على الحياة، وتحويل الألم والمعاناة إلى طاقة للمقاومة والبقاء.

انتصرت غزة في صمود أهلها وثباتهم على أرضهم وبقدرتها على إبقاء القضية الفلسطينية حية في ضمير الأمة والعالم، فأرغمت الكيان المحتل على الجلوس على طاولة المفاوضات، انتصرت في صمودٍ أسطوري لشعب ظل صابرًا في المعاناة والآلام، من حصار مستمر طيلة عقود من الزمن، وعدوان عسكري إسرائيلي همجي متكرر، وخذلانٍ عربي، وتواطؤ غربي غير مسبوق، فأظهرت لنا أن أعظم الانتصارات هي تلك التي تتحقق بالصمود أمام رياح اليأس، وبالتمسك بالحلم حتى في أحلك الظروف.

في النهاية.. أثبتت غزة أنها ليست مجرد مدينة على خريطة الأرض؛ بل هي فكرة خالدة، ونبض حياة، وروح صمود، تذكرنا جميعًا أن الشعوب التي تؤمن بحقها في الحياة لا يمكن أن تُهزم. تُعلمنا أن النصر ليس في قوة السلاح وحده؛ بل في قوة الحق والإيمان، وأن الأمل مهما بدا بعيد المنال، قادر على الانتصار في نهاية المطاف على كل مظاهر القهر والطغيان. ﴿كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز﴾ [المجادلة: 21].

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الداخل السوداني الآن معبّأ تماماً خلف جيشه للتعامل مع إعلان حرب صريح ضد السودان

أوّل تبعات المؤتمر التأسيسي للحلف الجنجويدي ح يكون اضمحلال وتفكّك مجموعة “صمود”؛
من ناحية، التمويل ح يقيف؛
لكن الأهم هو إنّه دورهم انتهى؛

الاستقطاب تجاوز حدود السودان وتطوّر لإعلان موقف عدائي صريح من دول محيطة؛
كينيا خطت الخطوة الأولى، وحتتبعها تشاد وربّما دول أخرى بإعلان اعترافها بحكومة الجنجويد الافتراضيّة؛

الداخل السوداني الآن معبّأ تماماً خلف جيشه للتعامل مع إعلان حرب صريح ضد السودان؛
والكل يعلم إنّه إعلان الحكومة الوهميّة دي تمهيد لاستخدام سلاح جوّي أجنبي؛
فالموضوع الآن بقى أكبر من حنك عناصر الكيزان دراما الطلقة الأولى القدّونا بيها؛
دا طلاق بالتلاتة، ما بتلمّ تاني بالأجاويد؛

الأجاويد بعد دا بيكونوا حايمين بين مصر واثيوبيا، وبين روسيا وامريكا!
يبقى مجموعة صمود ما عاد عندها شغل مفيد تعمله؛
العنده أجندة ح يقلع هدومه ويمشي يتجنجد بهناك مع نقد؛

والفيه باقي احترام لنفسه ح ينسحب بهدوء ويبدا يبحث عن دور جديد في المشهد الجايي.
#حميدتي_انتهى
#قحت_انتهت
#السودان_للسودانيين

عبد الله جعفر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مناوي: هذا يتوقف علي قدرة صمود المجموعة من تأثيرات التدخل
  • كاتب صحفي: لولا الإصرار المصرى لما كنا وصلنا لوقف إطلاق النار
  • الداخل السوداني الآن معبّأ تماماً خلف جيشه للتعامل مع إعلان حرب صريح ضد السودان
  • ترامب جونيور لزيلينسكي: عليك أن تنتصر في الحرب دون أموالنا
  • أصالة تنتصر على طليقها وتستعيد أغنيتها
  • النقابات بين المهننة والسياسة: متى تنتصر الكفاءات على المناكفات؟
  • من التهديد بالجحيم إلى استلام الأسرى: غزة تنتصر بالإيمان والصمود
  • النطق بالحكم على المتهم بدهس مهندس فى التجمع 19 مايو
  • أصالة تنتصر على طارق العريان وتعيد "60 دقيقة حياة"
  • الشعر النَّبطي.. حكاية الأصل والبدايات