"الشركات المساندة".. ما لها وما عليها
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
راشد بن حميد الراشدي
في ظل ظروف صعبة يمر بها أبناء عُمان من باحثين ومُسرحين تظهر لنا ظواهر جديدة واستراتيجيات انتهجتها بعض الشركات الكبرى والمؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة في سياستها ضمن خصخصة الوظائف والاعتماد الكلي على الشركات المساندة sub-contractors؛ لتخفيف العبء عنها وهي الشركات ذات العقود من الباطن والتي انتشر الاعتماد عليها كثيرًا لدعم الخدمات اللوجستية وغيرها من المجالات، وبعقود تبلغ الملايين في مختلف القطاعات الحيوية.
هذه الشركات تقدم خدمات كانت تقدمها الحكومة أو الشركات الكبرى شبه الحكومية والخاصة وكانت تستوعب خريجين من مختلف التخصصات والمستويات؛ سواء بكالوريوس أو دبلوم أو الشهادة العامة للعمل فيها، واليوم أصبحت بيد الشركات ذات عقود الباطن. ولقد فرضت بعض الوزارات والهيئات والشركات والمؤسسات على تلك الشركات ضرورة تعمين الوظائف أثناء فترة تشغيل العقد واحتواء نسبة كبيرة من الخريجين، وبالفعل تجاوبت عدة شركات مع ذلك التوجه، إلا أننا لاحظنا عدم تجاوب البعض؛ بل زاد عدد الوافدين العاملين في تلك الشركات، والتي تعمل في قطاعات متعددة، كما لوحظ أعداد العمالة الوافدة الكبيرة في تلك الشركات، والتي يمكن استيعاب الكثير من أبناء الوطن في وظائفها، والتي أًُسند إلى بعضها عقود بملايين الريالات وبلا إلزام لتوظيف المواطن في تلك الشواغر والفرص الوظيفية المتاحة، بينما نرى آلاف الوظائف يشغلها الوافد في تلك الشركات العاملة في قطاعات متعددة؛ كالنفط والغاز والمعادن والمياه والكهرباء والاتصالات والتعليم وغيرها من المجالات والتي يمكن توظيف آلاف المواطنين من أصحاب الكفاءة فيها.
ومن هنا نطالب بتقييم كل تلك الشركات والمؤسسات ودراسة نسب التعمين فيها وإلزامها بتوظيف وإحلال المواطن الكفؤ بدل الوافد فوراً، وألا يتم اتخاذ اللازم من إجراءات وسحب عقدها المبرم معها، وكذلك أثناء توقيع العقود الجديدة يجب اتخاذ مثل تلك الخطوات في نصوص العقود المبرمة مع تلك الشركات.
إننا ولله الحمد معنا في سلطنة عُمان موارد بشرية متعلمة وقادرة على بناء الوطن والعمل في مختلف الوظائف والتخصصات المطلوبة وفي مختلف المجالات؛ فهناك نماذج عمانية أثبتت كفاءتها محليا ودوليا وفي مختلف القطاعات التي ينشدها الوطن وعززت من النجاحات التي تحققت لهذا الوطن المعطاء.
إنني اتحسر وأنا أرى أعداد الباحثين تزداد من الخريجين الذين تم إعدادهم في أرقى الجامعات الوطنية والخارجية وهم بلا عمل، بينما الوافد يتربع على عرش وظائف أولى بها أبناء الوطن؛ حيث أتمنى إيجاد الحلول الفورية لهم عبر تشكيل لجان مختصة وبتكاتف جهود الجميع من أجل توظيف وإحلال المواطنين مقابل آلاف الوافدين العاملين في مختلف الوظائف.
اليوم أدعو الجهات المعنية بالأمر والأجهزة الرقابية للقيام بواجبها تجاه تلك الشركات المستفيدة من عقود الباطن وضرورة متابعة نسب التعمين وإحلال المواطنين بقطاعاتها وإلزامها بذلك؛ فبجهود الجميع سنصل للهدف المنشود.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وجعل عام 2025 عام خير وبشرى طيبة لآلاف الباحثين والمُسرَّحين وأسرهم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الدونية التاريخية
بقلم : هادي جلو مرعي ..
يعيش الإنسان في بيئة غير مواتية تحيط به عوامل تدفعه للإستسلام، وهو في رغبة دائمة لتحقيق مكاسب متعلقة بالعيش دون النظر في الطموحات الكبيرة، ف( عامل الخدمة ) وظيفة تدر دخلا محدودا يمكن لرجل، أو إمرأة أن يعيشا منها، ويكونا أسرة، وربما عاشا الكفاف، لكن المهم قد تحقق، العمل، وإستلام أجر شهري يمكن أن يؤدي غرضا معيشيا، ويقوم بشؤون أسرة، ومثل تلك الوظيفة وظائف يطمح إليها عامة الناس، ويتوسطون، ويجهدون للحصول عليها، وإغتنامها فهي فرصة قد لاتتكرر ،وعلى العكس من تلك الوظائف الوضيعة تكون الوظائف الرفيعة التي لايحصل عليها كل أحد، وقد يدفع ثمنا باهظا لضمانها بإستثناء الأزمنة التي تحفل بالفوضى والتغيرات السياسية الكبرى حيث تتحول الوظائف الى مغانم يحصل عليها الأسرع ،أو الأقوى والأكثر جرأة من غيره من الناس، ويحقق منها أهدافه، ويفرح بذلك، ويسعد، ويهنأ دون الإلتفات الى طبيعة الظروف التي جعلت الناس في غير أماكنهم، وربما عطلت الحياة الطبيعية لنشأة الدولة الحديثة لتبق مترهلة عاجزة فاشلة، وفي طريقها الى خراب مقيم لاينقطع.
البعض ممن يعيش ظروفا تاريخية معقدة، ويكون راضخا لسطان القوة القاهرة لايكون في رغبة لينظر الى المستقبل البناء الذي يتيح له فرصة التغيير والإصلاح، ويكون همه منحصرا في الكيفية التي بها يستطيع الوصول الى مبتغاه البسيط، ولايطمح للكثير من المكاسب، ولايكون في مأمن من عواقب الدهر، ولعله يئس من النجاح في مسعاه خاصة حين يسمع قول النبي الكريم ( لإزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة الحاكم الجائر ) فليس لأحد رغبة في التخلص منه لأنه لن يغادر مادام أصبح كالجبل الراسي العظيم، ولهذا فطموح الناس يكون منصبا على الحصول على موطئ في السفوح البعيدة، والمحسوبة على الجبل ذاك لكي يضمنوا الحصول على قوتهم، ووظيفة تريح أعصابهم. لكنهم لايفكرون في التغيير بإعتباره غاية تستحق التضحية والكفاح لأجلها، فينكفئون عنها لبقية شؤونهم دون أن يشعروا إن ذلك خراب عظيم لاخلاص منه إلا بمعجزة.
مثل هولاء لايفضلون التغيير، وإذا جاءهم صدموا بها، وحين يستوعبون تلك الصدمة يشرعون في التفكير بما سيحصلون عليه من منافع ومكاسب، ويبدأ صراع مرير على المال والجاه والسلطة والكرسي لاينتهي إلا بزوال إحدى الجبهتين المتناكفتين ،حينها يندفع هولاء بهستيريا غريبة لجني مكاسب وقتية ومناصب زائلة، وتحكمهم الدونية التاريخية التي إرتبطت بسلوكهم منذ البدايات الأولى للأسلاف، فلايقوون على القيام بشؤونهم لوحدهم، ولا يدوم عندهم عزم في المواجهة، وبناء المشروع الأكبر للأمة، ويكونوا منفصلين عنه لأنه لايهمهم، ولايعبأون به على الإطلاق، وربما بدأوا بالبحث عن جلاديهم ليكافأوهم، ويضعوهم في المقدمة ثانية دون رحمة، أو وازع من ضمير غاب عنهم، ولم يعد له من وجود، ثم يسلمون لهم القياد من جديد..