ساعات تفصلنا عن إداء دونالد ترامب اليمين الدستورية في عام 2025، والذي يجد نفسه أمام مجموعة من التحديات والملفات الحساسة التي تشكل أولويات إدارته، وبالتالي فهو يدرك أن فترة ولايته الجديدة تتطلب التعامل مع قضايا شائكة، سواء على الساحة الداخلية أو الخارجية، ومن خلال تتبع تصريحاته الانتخابية ومواقفه المعلنة، يمكن استقراء أبرز القضايا التي ستحتل صدارة اهتماماته علي المدي القصير والتي تنعكس ما بين مشروع 2025 واجندة 47 الانتخابية.

وعليه سوف ينصب محور اهتمام هذا المقال على السياسات المتوقعة سواء علي الصعيد الداخلي وأيضاً الخارجي. 

أولاً :فهناك بعض الإجراءات التي سرعان ما سوف يتخذها ترامب علي الصعيد الداخلي منها الافراج عن مقتحمي الكابيتول عام 2021، أما عن السياسات التي سوف ينتهجها فقد يعد النمو الاقتصادي وإعادة هيكلة النظام الضريبي أحد أبرز القضايا التي وضعها ترامب على رأس أولوياته داخلياً، ففي تصريحاته خلال الحملة الانتخابية، فقد شدد على عزمه خفض الضرائب عن الشركات والأفراد، كأداة حافزة للنمو الاقتصادي ، فضلا عن ذلك ما يتعلق بخطته لإصلاح النظام الضريبي وإزالة العقبات البيروقراطية.

كما أشار إلى رغبته في إعادة التفاوض بشأن الاتفاقيات التجارية الداخلية، وضمان أن تحقق الولايات المتحدة أقصى استفادة من استثماراتها الصناعية والزراعية.

وهو ما يعزز من التوقع بأن العلاقة بين الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ستكون محورية في المشهد الاقتصادي لعام 2025، وسط تصاعد الخلافات في أكثر من جانب، وذلك وفقا لتقرير نشره "Yahoo Finance"، على سبيل المثال، إذا أدت سياسات ترامب الاقتصادية خاصة تلك المتعلقة بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 10% على الواردات الصينية و25% على الواردات المكسيكية والكندية،.إلى زيادة إضافية في التضخم لتبلغ إلى 2.5% بنهاية 2025، مما قد يضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى التراجع عن خطط خفض أسعار الفائدة أو حتى اللجوء إلى رفعها، مما قد يُثير استياء البيت الأبيض.

وعلي الجانب الآخر، قد تسعى الإدارة الجديدة إلى الحد من استقلالية الفيدرالي، أو يدفع وزير التخفيضات الحكومية، إيلون ماسك، نحو إعادة هيكلة الفيدرالي الذي وصفه بأنه "يعاني من تضخم وظيفي"، لاسيما بعد أن بلغت نفقاته التشغيلية لعام 2024 نحو 7.1 مليار دولار وهو ايضا ما يؤجج التوترات السابقة بين

ويعد ثاني ابرز ملفات الصدارة علي المستوي الداخلي لدي الإدارة الجديدة ، هو محاولة احتواء تفاقم ازمة الحرائق، في ضوء تنامي التقديرات الخاصة بتحليل تداعيات الحرائق في لوس انجلوس خاصة أن هناك تخوفات متصاعدة من امتداد الحرائق علي طول الساحل الغربي الأمريكي وعدم اقتصار الأمر علي ولاية كاليفورنيا، فعلي المستوي السياسي تسببت الحرائق في عدم استقرار سياسي حيث افادت شرطة ولاية كاليفورنيا بسرقة مجموعة من الأسلحة وثلاث مركبات عسكرية من مستودع للجيش في مدينة توستين، إلي جانب اتهام الجمهوريين لحاكم الولاية غافين نيوسوم والإدارة الديمقراطية برمتها بالتراخي وعدم الكفاءة في إدارة وامتصاص الأزمات بالنظر إلي الاقتطاع من موازنة الولاية الخاصة بمكافحة الحرائق ١٧ نحو مليون دولار لدعم لأوكرانيا.

وعلى الصعيد الاقتصادي، فهناك تبعات اقتصادية؛ وذلك بالنظر أن حجم الخسائر الناتجة عن الحرائق تقدر نحو ٢٧٥ مليار دولار وذلك وفقا   Acuu weather ، علماً بأن كاليفورنيا اغني  ولاية أمريكية وقد يبلغ حجم اقتصادها نحو ٣.٦ تريليون دولار.

ناهيك عن ملف الهجرة وأمن الحدود الذي لطالما كان محورياً في خطاب ترامب السياسي في 2025، ويتوقع أن يُعيد طرح سياسات تهدف إلى بناء مزيد من الجدران على الحدود الجنوبية مع المكسيك وتشديد الرقابة على الهجرة غير الشرعية، وهو ما ظهر جلياً من خلال تصريحات ترامب التي تعكس إصراره على جعل الولايات المتحدة مكاناً آمناً ومستقراً، من خلال فرض سياسات صارمة ضد المهاجرين غير القانونيين.
ثانياً، فعلى الصعيد الخارجي، وكما يٌرجح بأن الرئيس ترامب هو الداعم الرئيس لـ" صفقة قطاع غزة" فهو الذي رغم نتنياهو للإعلان عن الوصول لاتفاق والانتظار لموافقة حماس.

وبالتالي تم اثارة عدد من التساؤلات في هذ الإطار وأبرزها ما هو سبب تغيير موقف نتنياهو؟ وسوف يتم الاستفاضة في هذا الشأن لأن تحركات ترامب بها عكست بعض السياسات المتوقعة خلال فترته الثانية. 

وفي هذا الصدد يمكننا استقراء مقال فايننشال تايمز الذي كشف عن عدد من الملابسات، منها انه منذ بدء طوفان الأقصى، فقد تم عقد مناقشات عدة لوقف إطلاق النار إلا انه من المعتاد أن يتراجع نتنياهو يوم التنفيذ خلال فرض 3 شروط منهم، عدم عودة الفلسطينيين لشمال قطاع غزة، عدم الافراج عن كافة الأسري الفلسطينيين، وأبرز شرط هو عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا وذلك كجزء من خطة إسرائيل التوسعية في لبنان، وسوريا.

ألا انه ومنذ فوز دونالد ترامب، اختلفت مجريات الأمور ومسارات إدارة الملف والذي بدا من تصريحه الواضح حول مطالبة حماس بالأفراج عن الرهائن قبل وصوله البيت الأبيض والتي جاءت عقب مقابلته لسارة نتنياهو في بداية ديسمبر 2024وصولا إلى زيارة ستيف ويتكوف مبعوث الإدارة الأمريكية إلى الشرق الأوسط والذي التقي بنتنياهو بحضور جاريد كوشنر الذي أشرف علي صفقة القرن في 2019 وعرف بأنه صانع الصفقات؛ وهو ما ينذر بأن هناك صفقة سيتم استكمال ملامحها بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض.

وهو ما ينقلنا إلي توقع مسار العلاقة مع إيران، حيث أنه يُرجح أن يتبنى ترامب سياسة أكثر عدوانية مقارنة، وهو ما انعكس في إصراره على منع إيران من تطوير قدراتها النووية، إلا ان هناك عدد من المحددات لابد من أن تؤخذ في الاعتبار أهمها تغيير النظام السياسي في إيران. 
كما أن عام 2025 ، يعد العام الحاسم بالنظر إلي سعي بزشكيان وحكومته للعودة إلى طاولة المفاوضات حول برنامج إيران النووي للاستفادة من رفع العقوبات الدولية بعد انتهاء الاتفاق في أكتوبر 2025.

وما يتعلق بالعلاقات مع الصين والتي سوف تمثل أحد أكبر التحديات على الساحة الدولية، فقد بدا من خلال تصريحات ترامب إلى نيته الاستمرار في سياسته المتشددة، وبالتالي يتوقع أن يركز على قضايا مثل التوسع العسكري الصيني في بحر الصين الجنوبي، والتجارة غير العادلة.

هذا بالإضافة إلي التوقع بإعادة فرض عقوبات اقتصادية على الصين أو التفاوض بشأن اتفاقيات جديدة تضمن تفوق الولايات المتحدة في المجالات التكنولوجية والتجارية.

أما عن العلاقة مع روسيا، فعلي رغم الانتقادات التي واجهها بشأن علاقته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن ترامب أبدى مراراً استعداده للتفاوض مع موسكو في 2025، ستشكل قضايا مثل الحرب في أوكرانيا محوراً مهماً في العلاقات الأمريكية-الروسية، حيث أن يتوقع أن يسعي ترامب إلي تحقيق توازن بين الضغط على روسيا بشأن أوكرانيا وبين التعاون في قضايا مثل ملفات الشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب والتغير المناخي.

ومن ناحية ثانية، سينصب تركيز ترامب علي خطته التوسعية في إطار التوسع الإقليمي لمواجهة الصين وهي ما برزت خلال مساعيه لضم كندا وكذلك جزيرة جرين لاند واستعادة السيطرة الأمريكية على قناة بنما.

وفي خضم استقراء طبيعة السياسات المتوقعة من قبل الرئيس ترامب، لا شك أن عودته إلى في 2025 تشكل لحظة فارقة في التاريخ الأمريكي، لاسيما أن الملفات التي يواجهها، بدءاً من قضايا الاقتصاد والهجرة وصولاً إلى التحديات الدولية مع الصين وروسيا وفي الشرق الأوسط في ظل تغييرات جيوسياسية متسارعة وجديدة بالنسبة له، ستختبر مهاراته القيادية وقدرته على التعامل مع الضغوط. ويبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن ترامب من تحقيق رؤيته أم ستواجه إدارته عقبات تعرقل طموحاته؟ الأيام القادمة ستكشف الإجابة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ترامب دونالد ترامب الولايات المتحدة المزيد دونالد ترامب من خلال وهو ما عام 2025

إقرأ أيضاً:

الإعلام الأمريكي يستعد لمواجهة ترامب "المرعب"

مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، سيتوجّب على الإعلام الأمريكي التعامل مجدّداً مع رئيس خارج عن الأنماط المتعارف عليها، ومثير للانقسام ساهم في توسيع جمهور الوسائل الإخبارية، لكن أيضاً بحسب خبراء، في تنامي التهديدات المحدقة بحرّية الإعلام، في سياق اقتصادي يشتدّ صعوبة.

واعتبر آدم بينينبرغ، الأستاذ المحاضر في الصحافة في جامعة نيويورك، أن "المسألة لا تقضي بمعرفة إن كان ترامب سيهاجم الإعلام، فهو سيقوم بذلك، بل بالأحرى إن كانت الوسائل الإعلامية ستصمد في وجه هذه الهجمات". وشدّد على "جسامة هذا الرهان، إذ عندما تترنّح الصحافة، تدفع الديمقراطية الثمن".

"The Art of the Image: Trump as His Own Executive Producer" by Shane Goldmacher via NYT New York Times https://t.co/AlBa13zUdR

— Rimond Poon (@Addbirdpoon) January 18, 2025

ودعت صحيفة "نيويورك تايمز"، التي نشرت وابلاً من الأخبار الحصرية عن البيت الأبيض خلال ولاية ترامب الأولى، أمس الجمعة، في افتتاحية إلى "التصدّي لتكتيكات التخويف، التي يعتمدها دونالد ترامب".

وتوقّع آدم بينينبرغ "ملاحقات قضائية ومضايقات وحملات تشهير، في حقّ غرف التحرير" أكثر شدّة مما كانت عليه الحال في الولاية الأولى، مشيراً إلى ضرورة أن تعزّز المجموعات الإعلامية "فرقها القانونية وميزانياتها، لمواجهة إجراءات تكميمية"، فضلاً عن أمنها السيبراني.

رقابة ذاتية

ولم ينتظر ترامب البداية الرسمية لولايته الجديدة كي يخوض هذه المعركة. ففي منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أطلق ملاحقات قضائية في حقّ الصحيفة المحلية في آيوا "دي موين ريجستر"، ومجموعة محلية لاستطلاع الآراء، إثر نشر استطلاع يشير إلى فوز كامالا هاريس في الولاية، التي كانت من نصيب ترامب في نهاية المطاف.

وقبل أيّام، وافقت قناة "إيه بي سي" على دفع 15 مليون دولار، لإنهاء ملاحقات ضدّها، على خلفية التشهير بالرئيس المنتخب.

وبحسب "وول ستريت جورنال" التي كشفت عن الأمر، أمس الجمعة، تدرس "سي بي إس" أيضاً احتمال التفاوض على اتفاق لوضع حدّ لملاحقات قضائية، أطلقها دونالد ترامب متّهماً إياها بمحاباة كامالا هاريس في أحد برامجها الرئيسية.

This is the #GoodTimes.
An Illustrated Guide to Trump’s Conflict of Interest Risks https://t.co/VcFhWx7z8v

— Jeff (Gutenberg Parenthesis) Jarvis (@jeffjarvis) January 17, 2025

وسبق للجنة التحرير في "نيويورك تايمز"، أن أشارت إلى أنه "بالنسبة إلى خدمات إعلامية أصغر وأقلّ استدامة مالياً، قد تكون كلفة الدفاع في حال تقدّم ترامب وحلفاؤه بدعوى وحدها كافية للتشجيع على الرقابة الذاتية".

وقبل حتّى تنصيب الملياردير الجمهوري رئيساً، كثّفت شخصيات أمريكية كبيرة مؤثّرة في المشهد الإعلامي المبادرات تجاهه، ولعلّ أبرزها كان إعلان مارك زوكربيرغ رئيس "ميتا" التي تضمّ "فيس بوك" و"انستغرام"، التخلّي عن برنامج تقصّي الحقائق في الولايات المتحدة، ما يشكّل انتكاسة كبيرة لجهود احتواء التضليل الإعلامي.

ورأى مارك فيلدستين، الأستاذ المحاضر في الصحافة في جامعة ماريلاند، أن "قيام مدراء وسائل إعلام تقليدية وشركات تكنولوجية كبيرة، بخطب ودّ إدارة ترامب المقبلة من خلال التحبّب إليها مصدر قلق كبير".

عملة ذات وجهين 

وليست العلاقات المشحونة بين رئيس والإعلام بالجديدة في المشهد الأمريكي، بحسب ما أكّد آدم بينينبرغ. وهو ضرب مثل ريتشارد نيكسون (1969-1974) الذي "بلغت به البارانويا حدّاً" جعله "يجيِّش كلّ الماكينة الحكومية ضدّ الصحافيين".

وفي ظلّ احتدام المنافسة مع شبكات التواصل الاجتماعي وانتشار المعلومات المضلّلة، تعاني وسائل الإعلام من تراجع عائداتها الإعلانية وثقة الجمهور على السواء.

وتمرّ "واشنطن بوست" المملوكة لمؤسس "أمازون" جيف بيزوس، والتي نشرت الكثير من الأخبار الحصرية عن سيّد البيت الأبيض خلال ولاية ترامب الأولى، بمرحلة حرجة بعد مغادرة عدّة أسماء فيها، إثر رفض الإدارة الدعوة في الصحيفة إلى انتخاب كامالا هاريس خلال الحملة الانتخابية.

ومنذ دخوله معترك السياسة وخصوصاً خلال حملته الأولى وولايته الأولى في البيت الأبيض، ساهم ترامب الذي فجّر الفضائح والجدالات في زيادة عدد متابعي بعض وسائل الإعلام والمشتركين فيها. لكنها عملة ذات وجهين، "عندما تُركز وسائل الإعلام على إثارة مشاعر الغضب والرفض، فإن هذا قد يسهم في نشر معلومات مضللة"، بحسب بينينبرغ.

وصرّح الأستاذ الجامعي أن "فترة ترامب الثانية ستختبر ليس فقط قدرة وسائل الإعلام التقليدية على التحمل أو التعامل مع الظروف الصعبة، ولكن أيضاً مدى جدواها".

مقالات مشابهة

  • قبيل تولي ترامب السلطة.. معلومات عن حفل تنصيب الرئيس الأمريكي عبر التاريخ
  • الآلاف يحتجون في واشنطن على تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب
  • تستعد هاريس لتركه خلال ساعات.. صور من داخل منزل نائب الرئيس الأمريكي الجديد
  • خبراء .. حرية الإعلام الأمريكي مهددة عهد ترامب
  • الإعلام الأمريكي يستعد لمواجهة ترامب "المرعب"
  • حلم نوبل يُغازل مُخيلة الرئيس الأمريكي ترامب
  • بناء علاقة قوية.. ترامب يكشف تفاصيل اتصاله مع الرئيس الصيني
  • الرئيس الصيني خلال اتصاله بالرئيس المنتخب دونالد ترامب: نطمح لعلاقات صينية-أمريكية قوية
  • كيف دفع تشاك شومر الرئيس الأمريكي «بايدن» للانسحاب من الانتخابات الأمريكية؟