لجريدة عمان:
2025-01-19@19:02:51 GMT

روح المسرح .. لا يمكن كبْتها

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

«لم أفهم ماذا أراد العرض أن يقول لنا؟»، تكرر هذا السؤال لأكثر من مرّة من قِبل الجمهور العُماني الذي حضر بكثافة ليالي مهرجان المسرح العربي الخامس عشر، وفي الغالب لم يكن مرد ذلك غموض الأعمال المُقدمة، بل لعلي أجزمُ أسبابا أخرى أهمها: انقطاع العُماني «الجمهور» عن سياق العروض المستمرة، الأمر الذي يُشوه الفهم لديه، يشوه قدرته على ربط الثيمات بسياقات أبعد مما تبدو عليه، وقد يرجع الأمر لتعوده أيضا على مستوى من الأعمال السطحية التي تكمن مهمتها في الإضحاك الباهت، غافلا -أي الجمهور- عن أشكال أخرى تُنمي هاجس السؤال لديه وتغرس شجرة النقد المتفرعة، وتجعله في مواجهة شرسة مع انفعالات نفسه التي تتمرأى انعكاساتها بجلاء على الخشبة.

علينا أيضا ألا نغفل كارثة المشتغلين بالمسرح الناتجة عن إغلاق فسحة التعليم الأكاديمي، فالمُشاهد للعروض العربية المقدمة، يجد أنّ أكثرها نضجا هي تلك التي خرجت من معاطف التعليم، وليس الارتجال العفوي التهريجي.

إنّ الأزمة الحقيقية هي أزمة فهم مُركبة.. من قبل الجهات المسؤولة التي يتضاءل اهتمامها بهذه المشاريع، جوار ضعف المعرفة بماهية المسرح وماذا نريد أن نقول من وراء عروضه أيضا، فالمشتغل بالمسرح ينبغي بدرجة أو بأخرى أن يرتبط بسياق معرفي، يوظفه في النصّ، في الحركة، في الإيماء، في الإضاءة والأزياء والديكور، في تثوير المعنى، فكل هذا بالضرورة سينعكس على الجمهور، عندما يتعود على مستوى من الخطاب، ضمن خطة عروض مستمرة، لا تبتسرُ في سياق المسابقات والمهرجانات وحسب!

لقد بدأ المسرح في عُمان مُبكرا نسبيا، بدأ في الأندية الأهلية منذ ستينيات القرن الماضي، ولكن للأسف، لم يتمكن من خلق أجيال متعاقبة مُتسلحة بالخبرات والمعرفة، كما لم يتحول إلى جزء من نسيج قصّتنا بصفتنا الجمهور المتلهف لاتصال من هذا النوع، ولذا لم يمضِ المسرح العُماني في سياق خطي متصل ومتنام.

يبدأ الأمر من تخاذل المسرح المدرسي، هنالك حيثُ يمكن أن تُسلط أول مجاهر الكشف عن المواهب الفريدة من نوعها في مجال التمثيل والكتابة المسرحية، تلك الطاقات التي غالبا ما تظل طريقها، إذ يُربط الطلبة -على اختلافهم- بطريق واحد للتميز: «الدرجات» وحسب، بينما يُغض الطرف عن الإمكانيات التي يمكن أن تتمظهر في أشكال لا محدودة، والأمر سيان في الكليات والجامعات، حيث يغدو مبدأ «تفريخ العمال» أكثر أولوية من تفتيح أفق العقل!

أذكر في أغلب الحوارات التي أجريتها مع العديد من مسرحيي عُمان، أنّ الأزمة المتكررة هي أزمة «مكان العرض»، فكانت الفرق تتدرب في الحدائق وتعرض في مسارح مدرسية، والآن توفرت خشبات مسرح حديثة، إلا أنّ العثرات ما زالت تتجلى في صور عديدة.

السؤال الأهم: من يتحمل تكلفة العرض؟ فهذا العمل الجماعي تتعدد احتياجاته من مكان إلى نصّ إلى سينوغرافيا، وينهضُ أيضا على فريق كبير من كاتب وممثل ومخرج، ينفقون أشهرا من أوقاتهم في سبيل إنجاز عمل واحد جيد، فهو اشتغال مُعقد ومتطلب، وعادة ما يرتبط نجاحه بتبني الدولة له بموازنات سنوية، ولا أدري إلى أي حد نجحت تجربة «شباك التذاكر» في تغطية تكاليفها!

ظننتُ أنّ «المسرح» هو خارج تطلع الجمهور العُماني، لكنه قلب المعادلة رأسا على عقب، فعلى مدى عشرة أيام متواصلة، كانت المسارح الثلاثة «البستان، العرفان، الكلية المصرفية» تضج بالحيوية وبإيقاع الناس الآتية من مشارب متباينة. جاء الجمهور المتعطش فأخذ حيزه، على الرغم من الملهيات الجذابة التي باتت تستحوذ عليه -في عالم استهلاكي- لتبعده عن كل ما هو عميق ومتجذر منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وعلى العموم لا يمكن التحدث عن مسرح عربي مزدهر وغير مضطرب، فالمسألة -ليست محلية وحسب- وإنّما رهن تقلبات سياسية واقتصادية، لكن علينا أن نتذكر دائما بأن المسرح قادر على منحنا إمكانيات مذهلة على استبصار الجوانب الخفية من هذا العالم، فتحت طبقات التخييل، تقبعُ القصّة التي تشبهنا جميعا، وكما يقال: «أينما كان هناك مُجتمعٌ إنساني، تتجلى روحُ المسرح التي لا يمكن كبتُها».

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الع مانی

إقرأ أيضاً:

«بني آدم».. أحدث أعمال أحمد حلمي علي خشبة المسرح

ينتظر الفنان احمد حلمي عرض مسرحيته الجديده تحت عنوان "بني آدم " والذي تعد عودة حلمي لخشبة المسرح من جديد للمشاركة ضمن فعاليات موسم الرياض خلال الفترة المقبلة.

أحدث أعمال أحمد حلمي علي خشبة المسرح 

وأعلن المستشار تركي آل شيخ، عبر حسابه الرسمي بموقع فيسبوك عن تفاصيل مسرحية حلمي، قائلا: «النجم الكبير أحمد حلمي في المسرحية الكوميدية "بني آدم" مع مجموعة من نجوم الفن على مسرح بكر الشدي، 23 يناير - 1 فبراير».

موعد عرض مسرحية "بني آدم "

من المقرر أن تُعرض مسرحية "بني آدم" ضمن موسم الرياض 2025، على خشبة مسرح بكر الشدي بمنطقة بوليفارد رياض سيتي، أحد أبرز أماكن الفعاليات في موسم الرياض.

تفاصيل مسرحية "بني آدم "

تُقدم مسرحية "بني آدم " في قالب كوميدي اجتماعي، ويشارك أحمد حلمي في بطولتها مجموعة من أبرز نجوم الفن، وهم؛ مصطفى خاطر، حمدي الميرغني، إيمان السيد، محمد جمعة، أحمد الرافعي، ياسمينا العبد، وغيرهم.

آخر أعمال أحمد حلمي 

وكان آخر مسرحية لـ أحمد حلمي هي «ميمو»، دارات احداثها في إطار كوميدي حول شخصية «مسعود»، تأثير السوشيال ميديا على الأفراد والمجتمع، وتسلط الضوء على بعض القضايا الاجتماعية بشكل كوميدي، يشارك في بطولته: أحمد حلمي، هنا الزاهد، أحمد رزق، حمدي المرغني، محمد رضوان، رحمة أحمد، نور إيهاب، أسماء جلال، إنتاج كرافت ميديا، تأليف ضياء محمد، إخراج هشام عطوة، وايضا قدم مسرحية «حكيم عيون» عام 2001، من تأليف أحمد عبد الله، إخراج هاني مطاوع، وبطولة: علاء ولي الدين، كريم عبد العزيز، حجاج عبد العظيم، موناليزا ومريم نوح.

مقالات مشابهة

  • نقاشات موسعة في "منتدى الأعمال العُماني الهندي" حول الاستثمار في الأمن الغذائي والطاقة المتجددة والسياحة والعقارات
  • منتدى الأعمال العُماني الهندي يبحث تطوير الشراكة الاقتصادية والاستثمار
  • "وول ستريت جورنال": تهديد ترامب بأنه سيكون هناك جحيم كان موجها لإسرائيل أيضا
  • منتدى الأعمال العُماني الهندي يبحث الفرص الاستثمارية المشتركة.. الأحد
  • منتدى الأعمال العُماني الهندي يبحث الفرص الاستثمارية المشتركة
  • غدًا.. انطلاق "حوار المعرفة العُماني التركي" بمسقط
  • أحمد حلمي على خشبة المسرح في موسم الرياض بـ«بني آدم»
  • حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في سلطنة عُمان يتجاوز 26.6 مليار ريال عُماني
  • «بني آدم».. أحدث أعمال أحمد حلمي علي خشبة المسرح