غزة تصنع التاريخ صمود أسطوري وتحرير بدماء الشهداء
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
بعد أكثر من 470 يوما من الصمود الأسطوري، شهدت غزة تحولا تاريخيا مع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة وإسرائيل. هذه المعركة، التي تعد الأطول في تاريخ الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت أيضا معركة إرادات وإثباتا لقوة الشعب الفلسطيني في المطالبة بحقه في الحرية والكرامة.
التحولات الجذرية في المنطقة العربية
1- تغيير موازين القوى:
أ- كانت معركة غزة الأخيرة هي نقطة تحول في موازين القوى الإقليمية. المقاومة، بقيادة غرفة العمليات المشتركة التي تجمع كل فصائل المقاومة كلها في غزة، أثبتت قدرتها على مواجهة واحدة من أكثر الجيوش تطورا في العالم.
هذا النجاح العسكري والسياسي أعاد تعريف دور المقاومة في الصراع العربي-الإسرائيلي، وأثبت أن القوة العسكرية ليست حكرا على الدول الكبرى.
ب– بدأت الدول العربية، التي كانت تعتمد في السابق على الدبلوماسية والتفاوض، تعيد تقييم استراتيجياتها. بعضها بدأ يدعم المقاومة بشكل علني، بينما بدأت أخرى في إعادة النظر في علاقاتها مع إسرائيل، خاصة في ظل الضغوط الشعبية المتزايدة.
2- الصعود السياسي لفصائل المقاومة:
فلم تعد المقاومة مجرد حركات مسلحة، بل تحولت إلى قوى سياسية مؤثرة. فصائل مثل حماس والجهاد الإسلامي أصبحت تلعب أدوارا رئيسية في تشكيل السياسة الفلسطينية، بل وفي التأثير على السياسات الإقليمية.
أدى هذا التحول إلى إعادة تعريف مفهوم "المقاومة" في المنطقة العربية، حيث أصبحت رمزا للصمود والكرامة، وليس فقط للكفاح المسلح فقط.
3- التأثير على الشعوب العربية:
نجحت المقاومة في غزة إلهام الشعوب العربية التي تعاني من الاحتلال أو الأنظمة الاستبدادية. في لبنان، واليمن، ومصر، وسوريا، وحتى في دول المغرب العربي، بدأت تظهر حركات شعبية تستلهم نموذج غزة في نضالها من أجل الحرية.
هذا التأثير ليس عسكريا فقط، بل أيضا فكريا وسياسيا، حيث بدأت الشعوب ترى في المقاومة الفلسطينية نموذجا للتحرر من الهيمنة الخارجية.
وجه غزة بعد التحرير
1- إعادة الإعمار:
تواجه غزة بعد أكثر من عام من الدمار مهمة إعادة الإعمار. هذه المهمة ليست فقط بناء المباني والبنية التحتية، بل أيضا بناء الفرد والمجتمع والاقتصاد.
ستبدأ الدول العربية والدولية بعرض بمساعداتها لإعادة إعمار غزة، لكن التحدي الأكبر هو ضمان أن تكون هذه المساعدات مستدامة وتخدم مصالح الشعب الفلسطيني، وليس فقط مصالح الجهات المانحة.
2- التحول الاقتصادي:
ستفتح غزة مع انتهاء الحصار الذي فرضته إسرائيل لسنوات أبوابها على عالم جديد من الفرص الاقتصادية. قطاعات مثل السياحة، والزراعة، والتجارة كرافعات اقتصادية رئيسية للقطاع، وبالأخص في حالة إعادة بناء مطار غزة الدولي والميناء البحري.
ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر هو تحويل غزة من منطقة تعتمد على المساعدات إلى منطقة ذات اقتصاد مستقل ومزدهر.
3- التغيير الاجتماعي:
يعاني المجتمع الغزي لسنوات من الحروب والحصار، سيعيد بناء نفسه. الشباب، الذين كانوا في طليعة المقاومة، سيصبحون الآن في طليعة إعادة الإعمار.
ستلعب النساء أيضا أدوارا أكبر في المجتمع، ليس فقط كضحايا للحرب، بل كفاعلات رئيسيات في بناء المستقبل.
المقاومة كنموذج يُحتذى به
1- النضال من أجل الحرية:
أصبح نجاح المقاومة في غزة مصدر إلهام للشعوب الأخرى التي تسعى لتحرير أوطانها. في كشمير، بنغلاديش، والمنطقة العربية التي تعاني ويلات الحكم العسكري والاستبدادي منذ عقود طويلة، وحتى في مناطق أخرى من العالم، بدأت تظهر حركات تستلهم نموذج غزة في نضالها.
هذا النموذج ليس فقط عسكريا، بل أيضا سياسيا واجتماعيا، حيث أثبتت المقاومة أن النضال من أجل الحرية يتطلب إرادة شعبية قوية واستراتيجية واضحة.
2- الدروس المستفادة:
يمكننا استخلاص أحد أهم الدروس من تجربة غزة هو أن النضال من أجل الحرية يتطلب وحدة وطنية. ففصائل المقاومة المختلفة، على الرغم من اختلافاتها، تمكنت من توحيد صفوفها في مواجهة العدو المشترك.
وأهم درس آخر هو أهمية الصمود والإرادة. فبعد أكثر من عام من الحصار والحرب، تمكنت غزة من الصمود وإجبار العدو على التراجع والرضوخ لشروط المقاومة التي مارست فن التفاوض بأعلى مستوياته.
3- التحديات المستقبلية:
تواجه المقاومة رغم النجاحات تحديات كبيرة في المرحلة القادمة. أهم هذه التحديات هو تحويل النجاح العسكري إلى نجاح سياسي واقتصادي.
- أيضا، فإن المقاومة بحاجة إلى الحفاظ على وحدتها الوطنية، وتجنب الانقسامات التي يمكن أن تعيد إنتاج الأزمات القديمة.
يطل على غزة، بعد أكثر من 470 يوما من الصمود، مستقبل جديد مليء بالتحديات والفرص. التحولات الجذرية في المنطقة العربية، التي جاءت نتيجة نجاح المقاومة التي أعادت تعريف موازين القوى وألهمت الشعوب الأخرى في نضالها من أجل الحرية.
ومع إعادة الإعمار، تواجه غزة مهمة بناء مستقبل يعكس كفاحها وصمودها. المقاومة، من جانبها، تضع بصمتها كنموذج يُحتذى به، ليس فقط في النضال العسكري، بل أيضا في بناء مجتمع حر ومستقل.
فغزة اليوم ليست مجرد مدينة، بل هي رمز للصمود والأمل، ونموذج للشعوب التي تسعى لتحرير أوطانها وامتلاك زمام أمورها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الصمود غزة التحرير الإعمار التحديات غزة تحديات تحرير إعمار صمود مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إعادة الإعمار من أجل الحریة بعد أکثر من بل أیضا لیس فقط
إقرأ أيضاً:
صحيفة بريطانية تتساءل عن قدرات قادة حماس في إعادة بناء قواتهم
نشرت صحيفة "ذا تايمز" تقريرًا يسلط الضوء على جهود حركة حماس لإعادة بناء قوتها العسكرية في قطاع غزة، بعد 15 شهرًا من حرب الإبادة الإسرائيلية المدمرة.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه "عندما بدأ مفاوضو حماس في قطر برسم الملامح النهائية لاتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، كان هناك رجل واحد يحتاج الجميع إلى موافقته: محمد السنوار".
وأشارت إلى أن "محمد السنوار الشقيق الأصغر ليحيى السنوار، قائد حماس الذي قتلته إسرائيل في تشرين الأول/ أكتوبر، برز كقائد رئيسي للحركة المسلحة داخل غزة؛ حيث إنه يقود جهود إعادة بناء جناحها العسكري".
وذكرت أن 15 شهرا من الحرب حوّلت جزءا كبيرا من غزة إلى ركام، وقطعت المعابر الحدودية، وقتلت الآلاف من الفلسطينيين بينهم عناصر من حماس، إلى جانب عدد من قيادات الحركة.
وتابعت: "لكن حتى في الوقت الذي تشير فيه استطلاعات الرأي غير الموثوق بها إلى تراجع التأييد الشعبي لحماس، فإن الحركة تعيد بناء صفوفها بسرعة تعادل تقريبًا سرعة محاولة إسرائيل تدميرها، وفقًا لما أكده أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، هذا الأسبوع".
وأفادت الصحيفة بأن "حماس لم تستبدل رسميًا يحيى السنوار منذ مقتله في هجوم شنه جنود إسرائيليون، دون أن يدركوا أنهم يواجهون زعيم الحركة الأسطوري".
وبدلًا من ذلك، فإنه كُلف مجلس مكون من خمسة أعضاء مقره في قطر باتخاذ القرارات السياسية اليومية للحركة، خاصة في الوقت الذي يصعب فيه الوصول إلى القادة الميدانيين.
وبحسب قول الصحيفة: "أما على الأرض في غزة، فرغم أن السنوار الأصغر لم يتولَّ القيادة بشكل رسمي، إلا أنه في الواقع هو القائد العسكري الجديد لحماس، مع مكانة كبيرة عززتها قرابته مع القائد الراحل".
وأشارت الصحيفة إلى أن "إسرائيل كانت تعتقد قبل الحرب أن حماس لديها ما يصل إلى 30 ألف مقاتل في 24 كتيبة في هيكلية تحاكي هيكلية جيش نظامي، ويزعم الجيش الإسرائيلي أنه فكك تلك البنية وقتل نحو 17 ألف مقاتل واعتقل آلافًا آخرين".
وتابعت: "على الرغم من أن مفاوضي حماس قالوا إنهم مستعدون للتخلي عن الحكم المدني لغزة مقابل السلام، إلا أنهم لم يقبلوا بتفكيك جناحهم العسكري، ومن شأن إعادة التموضع في ظل ظروف وقف إطلاق النار الحالية أن تشكل تحديًا للحركة".
وذكرت الصحيفة أن "15 شهرًا من القصف لم تسفر فقط عن آلاف المجندين الراغبين في القتال، بل إنها تركت قطاع غزة مليئًا بالذخائر التي تستخدمها حماس في تشكيل عبوات ناسفة جديدة".
ولفتت إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم الذخائر بشكل مكثف خاصة في شمال غزة، وقتل الآلاف ودمّر البنية التحتية المدنية، ووصلت المنطقة إلى عتبات المجاعة.
وأضافت الصحيفة أن "القوات الإسرائيلية عادت مرارًا وتكرارًا إلى المناطق التي كانت تعتقد أنه تم تطهيرها من المقاتلين، غير مدركة ما إذا كان المقاتلون الذين يواجهونهم هم من قدامى المحاربين أم من المجندين الجدد الذين تم استقطابهم بسبب العنف المستمر".
وختمت الصحيفة بأن "اتفاق وقف إطلاق النار لم يتضمن أي إشارة إلى ما سيحدث لغزة بعد الحرب، وما إذا كان يمكن الضغط على حماس أو كيف يمكن إخراجها، في الوقت الذي يعارض فيه نتنياهو أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة، وهو الأمر الذي يفضله الكثيرون في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية".