جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-19@18:42:51 GMT

النصر.. في أقصى ساعة محنة الحق

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

النصر.. في أقصى ساعة محنة الحق

 

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

ترسخت لدينا دائمًا قناعة مفادها أن أي كاتب قرر إنجاز مقال حول نضال الشعب الفلسطيني من أجل حريته وانعتاقه من الاحتلال الغاشم، فيجب أن يحس هذا الكاتب بارتباط من نوع ما بينه وبين الشعب الفلسطيني الذي يتحدث عنه في مقاله؛ حيث يشاطره نفس الرؤى والإحساس، وإلا فستصبح مهمته صعبة، إن لم نقل مستحيلة.

أما إذا توفر نوع من التعاطف والانجذاب نحو القضية ومعاناة الشعب الفلسطيني، كما هو الحال بالنسبة إلينا تجاه الإبادة المرتكبة بحقه في غزة، فإن الكاتب سيُباشر عمله بحماس أكبر، وضمير حي، ولا يعود اهتمامه بهذه القضية إلى الماضي القريب فحسب؛ بل إلى عقود عديدة خلت، وبالتحديد إلى اليوم الثاني من نوفمبر عام 1917م، تاريخ رسالة موجهة من وزير خارجية المملكة المتحدة آرثر بلفور الى اللورد ليونيل دي روتشلد أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، وذلك لنقلها إلى الاتحاد الصهيوني لبريطانيا العظمى وإيرلندا، التي ورد فيها خبر وعد من لا يملك لمن لا يستحق، وقد اطلعنا هذا الوعد بدورنا على تاريخ أمتنا، الذي ضمنه المستعمر منح وطن لليهود في فلسطين التاريخية، ومنذ تلك العقود، نقرأ في هذا الوعد من بين معطيات أخرى ما يمكن اعتبار ان الشعب الفلسطيني، الذي صقلته نوائب الدهر، رائدًا وقدوة بالنسبة لنضال تميزت به بعض الشعوب التي قاومت من أجل الاستقلال والحرية.

إن السبب الرئيسي للمقاومة الفلسطينية ضد الكيان اللقيط، نشأ منذ تلك الحقبة الاستعمارية البغيضة، التي أعطى فيها من لا يملك لمن لا يستحق، بإيعاز من بريطانيا، وبقى الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن أوطانهم، منذ أن هبوا للدفاع عن حقوقهم، كأنهم رجل واحد، حتى يوم 7 اكتوبر 2023م، فأبرزوا قضيتهم بأندر ما ينضج به الضمير الحي، وأجمل ما يزهر به النضال، وأجود ما يثمر به صبر أصحاب الأرض، فدافعوا بالنفس والمال والأولاد بكبرياء وتحدي... صمد أهل غزة لجيوش دول بكامل عتادها، وأسقطوا القناع عن جندي الكيان اللقيط الذي قيل أنه لا يقهر، وذاقت عاصمة الكيان اللقيط صواريخ المقاومة، لإيمانهم بأن حقهم، مهما تأخر أو تراجع أمام الظلم، سيظهر في النهاية، والعدل سيأخذ مجراه في ساعة حاسمة، وهي الساعة التي صبر من أجلها الغزاويون، وآمنوا بوعد الله، وأحسنوا الظن بأولئك الذين يقفون في صف الحق معهم.

صمود وإرادة الشعب الفلسطيني صنع التغيير الإيجابي في القضية، وتكيفت المقاومة الفلسطينية مع المصاعب، تغلبت على الإحباط، فعكست التصميم والعزيمة في اتخاذ القرارات والعمل المستمر رغم العوائق، فأحدث طوفان الأقصى تحول جذري في مسار حياة الشعب الفلسطيني، وواقع القضية، جاءت لحظة الحسم، والوقت الذي يتجلى فيه الحق بشكل كامل، بغض النظر عن طول الانتظار أو الصعوبات التي استمرت لأكثر من 76 عامًا، إنها لحظة الانتصار للعدالة والانصاف، حيث تنقلب الموازين لصالح الحقيقة بعد صراع مع كيان لقيط، نعم، العدل بطبيعته قد يتأخر أحيانًا نتيجة لتعقيدات الحياة أو سيطرة قوى الظلم لفترة من الزمن، لكنه لا يغيب أبدًا، فالعدل هو سنة كونية وضعها الله في هذا الكون، ومهما حاول الظلم أن يتجبر أو يطول أمده، فإن الحق له قوة ذاتية تقهر الباطل في النهاية، كما قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا" (الحج: 38).

الظلم قد يبدو قويًا ومسيطرًا، لكنه هش أمام صبر أهل الحق وسعيهم، والعدل حين يأتي لا يترك مجالًا للظلم، بل يجرفه ويعيد التوازن للنفوس والحياة، فهناك ساعة حرجة يبلغ الباطل فيها ذروة قوته ويبلغ الحق فيها أقصى محنته، والثبات في هذه الساعة الشديدة هو نقطة التحول، فالنصر يكمن في محنة الحق، رغم ما يواجهه من تحديات وصعوبات، المحن التي يتعرض لها الحق ليست إلا اختبارات لصموده ولإيمان أهله به، وهي ما يهيئ الطريق لتحقيق النصر في النهاية، والمحنة قد تكون قاسية، لكنها تصقل أهل الحق، تقوي عزيمتهم، وتفرز الصادقين من المتخاذلين، وكما قال الله تعالى: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ۖ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" (البقرة: 214).

لذلك، فإن محنة أهل غزة ليست ضعفًا؛ بل هي محطة ضرورية، ظهر فيها الحق الفلسطيني قويًا، يتحقق في جنباتها تحرير القدس، وأرض فلسطين من قلبها.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رجب.. خصائص الأشهر الحرم وأهميتها في الإسلام

تحتل الأشهر الحرم مكانة خاصة في الإسلام، حيث تعد من المواسم العظيمة التي خصها الله سبحانه وتعالى بفضل كبير وتشريعات مميزة.

 وفي هذا السياق، أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عبر صفحته الرسمية خصائص هذه الأشهر ولماذا سميت بهذا الاسم.

لماذا سُميت الأشهر الحرم بهذا الاسم؟

جاءت تسميتها بالأشهر الحرم نظرًا لتعظيم الله تعالى لها، حيث جعلها أشهرًا يحرم فيها القتال ويزداد فيها ثواب الطاعات، كما أن الظلم فيها يُعد أكبر إثمًا. وهذه الأشهر هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، حيث خص الله سبحانه وتعالى رجب بميزة كونه الشهر الحرام الوحيد المنفرد عن باقي الأشهر المتتالية.

خصائص الأشهر الحرم

 مضاعفة الأجر والثواب:
أشار مركز الأزهر إلى أن الله سبحانه يضاعف لعباده في هذه الأشهر الحسنات ويزيدهم من فضله، كما أن السيئات تُعظم فيها لعظمة هذه الأوقات.

 تحريم القتال:
بيّن الله عز وجل في كتابه الكريم أن القتال في الأشهر الحرم يُعد أمرًا عظيمًا، حيث قال:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٌ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ...} [البقرة: 217].

 تشديد حرمة الظلم:
من أعظم التشريعات في هذه الأشهر الحرم تحريم الظلم والتأكيد على تشديد عاقبته. قال تعالى:
{فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُم...} [التوبة: 36].

اشتمالها على عبادات موسمية:
تمتاز الأشهر الحرم باحتوائها على عدد من العبادات العظيمة، مثل:

الحج في ذي الحجة.الليالي العشر من ذي الحجة ويوم عرفة.يوم عاشوراء في شهر محرم.ليلة الإسراء والمعراج في شهر رجب (على الرأي المشهور).دعوة للتقوى والاجتهاد في العبادة

أكد مركز الأزهر أن هذه الأشهر فرصة عظيمة للمسلمين للاقتراب من الله عز وجل، حيث تُضاعف الأعمال الصالحة وتغفر الذنوب بالرجوع إلى الله والابتعاد عن الظلم والمعاصي. ودعا المركز إلى استغلال هذه الأوقات في أداء الطاعات وتجنب المظالم، لما لها من أثر عظيم على القلوب والأعمال.

رسالة الأزهر

اختتم مركز الأزهر رسالته بالتأكيد على أهمية التمسك بتعاليم الدين واستثمار مواسم الخير للتزود بالطاعات والقرب من الله، سائلين المولى أن يجعل هذه الأشهر الحرم فرصة لمغفرة الذنوب وتوفيقًا للعبادات.

مقالات مشابهة

  • فضل الله: الصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني يرغم العدوّ على الانصياع لمطالبه
  • رسالة من رونالدو إلى زملائه بعد تذبذب نتائج النصر.. هذا ما جاء فيها
  • مسيرات حاشدة بالجوف تبارك للشعب الفلسطيني النصر على العدو الصهيوني
  • محافظة ريمة تشهد 80 مسيرة جماهيرية نصرة للشعب الفلسطيني
  • مسيرات ووقفات حاشدة بالضالع نصرة للشعب الفلسطيني
  • مسيرات ووقفات حاشدة بمحافظة صنعاء نصرةً لغزة واستمراراً في إسناد الشعب الفلسطيني
  • رجب.. خصائص الأشهر الحرم وأهميتها في الإسلام
  • متحدث النواب السابق: وقف إطلاق النار في غزة انتصار لإرادة الشعب الفلسطيني
  • مصطفى بكري: الشعب الفلسطيني يعي جيداً دور مصر في الحفاظ على القضية الفلسطينية