جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-21@11:29:36 GMT

النصر.. في أقصى ساعة محنة الحق

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

النصر.. في أقصى ساعة محنة الحق

 

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

ترسخت لدينا دائمًا قناعة مفادها أن أي كاتب قرر إنجاز مقال حول نضال الشعب الفلسطيني من أجل حريته وانعتاقه من الاحتلال الغاشم، فيجب أن يحس هذا الكاتب بارتباط من نوع ما بينه وبين الشعب الفلسطيني الذي يتحدث عنه في مقاله؛ حيث يشاطره نفس الرؤى والإحساس، وإلا فستصبح مهمته صعبة، إن لم نقل مستحيلة.

أما إذا توفر نوع من التعاطف والانجذاب نحو القضية ومعاناة الشعب الفلسطيني، كما هو الحال بالنسبة إلينا تجاه الإبادة المرتكبة بحقه في غزة، فإن الكاتب سيُباشر عمله بحماس أكبر، وضمير حي، ولا يعود اهتمامه بهذه القضية إلى الماضي القريب فحسب؛ بل إلى عقود عديدة خلت، وبالتحديد إلى اليوم الثاني من نوفمبر عام 1917م، تاريخ رسالة موجهة من وزير خارجية المملكة المتحدة آرثر بلفور الى اللورد ليونيل دي روتشلد أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، وذلك لنقلها إلى الاتحاد الصهيوني لبريطانيا العظمى وإيرلندا، التي ورد فيها خبر وعد من لا يملك لمن لا يستحق، وقد اطلعنا هذا الوعد بدورنا على تاريخ أمتنا، الذي ضمنه المستعمر منح وطن لليهود في فلسطين التاريخية، ومنذ تلك العقود، نقرأ في هذا الوعد من بين معطيات أخرى ما يمكن اعتبار ان الشعب الفلسطيني، الذي صقلته نوائب الدهر، رائدًا وقدوة بالنسبة لنضال تميزت به بعض الشعوب التي قاومت من أجل الاستقلال والحرية.

إن السبب الرئيسي للمقاومة الفلسطينية ضد الكيان اللقيط، نشأ منذ تلك الحقبة الاستعمارية البغيضة، التي أعطى فيها من لا يملك لمن لا يستحق، بإيعاز من بريطانيا، وبقى الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن أوطانهم، منذ أن هبوا للدفاع عن حقوقهم، كأنهم رجل واحد، حتى يوم 7 اكتوبر 2023م، فأبرزوا قضيتهم بأندر ما ينضج به الضمير الحي، وأجمل ما يزهر به النضال، وأجود ما يثمر به صبر أصحاب الأرض، فدافعوا بالنفس والمال والأولاد بكبرياء وتحدي... صمد أهل غزة لجيوش دول بكامل عتادها، وأسقطوا القناع عن جندي الكيان اللقيط الذي قيل أنه لا يقهر، وذاقت عاصمة الكيان اللقيط صواريخ المقاومة، لإيمانهم بأن حقهم، مهما تأخر أو تراجع أمام الظلم، سيظهر في النهاية، والعدل سيأخذ مجراه في ساعة حاسمة، وهي الساعة التي صبر من أجلها الغزاويون، وآمنوا بوعد الله، وأحسنوا الظن بأولئك الذين يقفون في صف الحق معهم.

صمود وإرادة الشعب الفلسطيني صنع التغيير الإيجابي في القضية، وتكيفت المقاومة الفلسطينية مع المصاعب، تغلبت على الإحباط، فعكست التصميم والعزيمة في اتخاذ القرارات والعمل المستمر رغم العوائق، فأحدث طوفان الأقصى تحول جذري في مسار حياة الشعب الفلسطيني، وواقع القضية، جاءت لحظة الحسم، والوقت الذي يتجلى فيه الحق بشكل كامل، بغض النظر عن طول الانتظار أو الصعوبات التي استمرت لأكثر من 76 عامًا، إنها لحظة الانتصار للعدالة والانصاف، حيث تنقلب الموازين لصالح الحقيقة بعد صراع مع كيان لقيط، نعم، العدل بطبيعته قد يتأخر أحيانًا نتيجة لتعقيدات الحياة أو سيطرة قوى الظلم لفترة من الزمن، لكنه لا يغيب أبدًا، فالعدل هو سنة كونية وضعها الله في هذا الكون، ومهما حاول الظلم أن يتجبر أو يطول أمده، فإن الحق له قوة ذاتية تقهر الباطل في النهاية، كما قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا" (الحج: 38).

الظلم قد يبدو قويًا ومسيطرًا، لكنه هش أمام صبر أهل الحق وسعيهم، والعدل حين يأتي لا يترك مجالًا للظلم، بل يجرفه ويعيد التوازن للنفوس والحياة، فهناك ساعة حرجة يبلغ الباطل فيها ذروة قوته ويبلغ الحق فيها أقصى محنته، والثبات في هذه الساعة الشديدة هو نقطة التحول، فالنصر يكمن في محنة الحق، رغم ما يواجهه من تحديات وصعوبات، المحن التي يتعرض لها الحق ليست إلا اختبارات لصموده ولإيمان أهله به، وهي ما يهيئ الطريق لتحقيق النصر في النهاية، والمحنة قد تكون قاسية، لكنها تصقل أهل الحق، تقوي عزيمتهم، وتفرز الصادقين من المتخاذلين، وكما قال الله تعالى: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ۖ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" (البقرة: 214).

لذلك، فإن محنة أهل غزة ليست ضعفًا؛ بل هي محطة ضرورية، ظهر فيها الحق الفلسطيني قويًا، يتحقق في جنباتها تحرير القدس، وأرض فلسطين من قلبها.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. «السيسي»: الشعب الفلسطيني لا يقبل التفريط في وطنه

تقرأ في عدد «الوطن» غدا الخميس، موضوعات وقضايا جديدة من وجهات نظر مختلفة حول الشأنين المحلي والدولي، وإلى أبرز العناوين:

الصفحة الأولى

- «السيسي»: الشعب الفلسطيني لا يقبل التفريط فى وطنه

- الحكومة: زيادات مالية تشمل 18 مليون مستفيد من «تكافل وكرامة» قبل العام المالي الجديد

- مجمع للبتروكيماويات فى العلمين باستثمارات 7 مليارات دولار

- «الوطنية»: لم نحدد مواعيد انتخابات «النواب والشيوخ»

الصفحة الثانية

- الرئاسة الفلسطينية تحذر من مواصلة سلطات الاحتلال حربها على الأراضى فى محافظتى «جنين وطولكرم» 

- الأب بطرس دانيال :إلهى أبٌ حنون 

- و«حماس»: جاهزون سياسياً وميدانياً لتنفيذ المرحلة الثانية 

- الجيش الإسرائيلى يواصل انتهاكاته لاتفاق «وقف إطلاق النار» فى لبنان

- شيخ الأزهر فى مؤتمر الحوار «الإسلامى»: لا سبيل لمواجهة التحديات إلا باتحاد إسلامى 

- «زيلينسكى»: لن نبيع بلادنا باتفاقيات مشكوك فيها 

الصفحة الثالثة

- توافق «مصرى - إسبانى» على رفض التهجير من «غزة» والتمسك بحل الدولتين 

- «الوزراء»: مصر تواصل مساعيها لتثبيت وقف إطلاق النار فى القطاع وإنفاذ المساعدات 

- توقيع بروتوكول لبدء نشاط أول مصنع لإنتاج أجهزة الموجات فوق الصوتية.. والمتوقع إنتاج 2500 جهاز سنوياً 

- «الزراعة»: إنشاء مزرعة مصرية على مساحة 1000 هكتار فى أوغندا 

الصفحة الرابعة

- عمار على حسن : ملحمة المطاريد

- خالد منتصر: أوكرانيا ليه؟

- سحر الجعارة: اعتذارك مرفوض

- أحمد رفعت: «إيجبس» والأخبار الجيدة للمصريين!

- د. خديجة حمودة: «كاسة شاى» بصورة الأقصى فى محور نتساريم

- بلال الدوي:طريق «إنقاذ غزة» من يد إسرائيل

الصفحة الخامسة

- أستاذ علاقات دولية فلسطينى: التهجير مخطط إسرائيلى أمريكى قديم.. ورفض مصر والأردن مهم.. ويجب أن يكون هناك تحرك موحد 

- تفكيك إسرائيل يعنى الإضرار بمصالح الدول الغربية التى ترفض عودة يهود أوروبا إلى بلادهم.. وتخطط لتصفية قضية فلسطين والقضاء على حق اللاجئين فى العودة فى انتهاك صارخ للقانون الدولى الإنسانى

- واشنطن هى الداعم الرئيسى لإسرائيل وتحالفاتها فى المنطقة قائمة على حماية الاحتلال ودعمه المطلق فى كل المجالات.. والسعودية وضعت شرطاً أساسياً «لا تطبيع إلا بقيام دولة فلسطينية»

الصفحة السادسة

- حباً فى المونديال إمام عاشور يرفض 3 عروض خليجية للرحيل عن الأهلى.. وتأكد غياب «سليم» 4 شهور

- التهديد بـ«فيفا» فشل الجلسة الودية بين «جروس» والزمالك.. برنامج تأهيلى مكثف لـ«زيزو».. والفريق فى معسكر القمة

- حسام حسن يستبعد «توفيق».. ويبحث عن تدعيمات للمنتخب

- «كاف» يسحب قرعة «الأبطال والكونفيدرالية».. و«الجيش الملكى والترجى والهلال» ينتظرون مواجهة «سيد أفريقيا» 

الصفحة السابعة

- «حكيم باشا» كبير عائلة صعيدية فى صراع مع العادات 

- المسلسل يدور حول الصراععلى «ميراث حرام» من تجارة الآثار

- نجم العمل: الدراما الصعيدية صعبة وتحتاج تركيزاً لإتقان اللهجة

- نقاد: «شعبان» نجم كبير.. ويبحث عن جمهور جديد من خلال المسلسل

الصفحة الثامنة

- احتفالات على شرف «الجزر الفرنساوى» 

- «بيغنى ويمثل».. روبوت كلب فى عرض مسرحى لأول مرة

- تفصيل فساتين وعبايات لكل بنت بتحلم بمشروع «هايا» فى الخدمة

- «البعالوة شامبيونز ليج».. إعلان عالمى لدورة رمضانية 

  

  

  

 

 

  

  

 

  

  

  

  

مقالات مشابهة

  • العراق يجدد من القاهرة موقفه الرافض لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني
  • التبرير اللا اخلاقي .. كيف يُعاد تشكيل العقول؟
  • كواليس الـ48 ساعة التي انقلب فيها ترامب على زيلينسكي
  • أحمد موسى: إسبانيا تدعم حقوق الشعب الفلسطيني
  • اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. «السيسي»: الشعب الفلسطيني لا يقبل التفريط في وطنه
  • حماس: سنكون يوم السبت أمام أحد إنجازات الشعب الفلسطيني
  • السيسي يُجدد تأكيد مصر على رفض تهجير الشعب الفلسطيني
  • السيسي يؤكد إعادة إعمار غزة دون تهجير الشعب الفلسطيني
  • أهالي بلدة حفير التحتا بريف دمشق يعبرون عن فرحهم بالنصر باحتفالية شعبية
  • الحق اشتري.. نسبة خصم كبيرة على أفضل ساعات ذكية رائدة بالأسواق