وزير النقل العراقي يتحدث للجزيرة نت عن رؤية بلاده لقطاع النقل
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
بغداد– يشهد قطاع النقل في العراق تحولات جذرية بفضل المشاريع العملاقة التي يتم تنفيذها، مثل طريق التنمية وميناء الفاو الكبير ومطار الموصل الدولي. وقد واجهت هذه المشاريع تحديات كثيرة، من بينها الحظر الجوي المفروض على الأجواء العراقية وتعقيدات الوضع الإقليمي، وكيفية تمويل هذه المشاريع الضخمة.
ولتسليط الضوء على جميع هذه المشاريع وتحدياتها، التقت الجزيرة نت وزير النقل العراقي رزاق محيبس السعداوي للحديث حول آخر المستجدات في هذه المشاريع، والتحديات والرؤية المستقبلية لقطاع النقل.
أثرت الأحداث الجارية في سوريا بشكل كبير على حركة الطيران المدني العراقي كما هو الحال مع جميع دول المنطقة، حيث أدت التوترات الأمنية والاضطرابات المستمرة في المنطقة إلى اتخاذ إجراءات احترازية لتأمين سلامة المسافرين والطائرات، وقد تسبب ذلك في تقليص أو إيقاف الملاحة الجوية العراقية لرحلاتها إلى إشعار معين، خاصة تلك المتجهة إلى وجهات قريبة من مناطق الصراع.
ومع ذلك تنتعش الآمال، حيث تستأنف الملاحة الجوية العراقية نشاطاتها ومساراتها المعتادة في كل مرة بعد ساعات من أي غلق للأجواء.
أما بشأن عودة الرحلات إلى سوريا، فهناك تواصل مع الجهات ذات الصلة أبرزها وزارة الخارجية والشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية وكذلك شركات التأمين المختصة، فالموضوع لا يقتصر على وزارة النقل فحسب، بل يتطلب إجراءات متعددة لمؤسسات قطاعية مختلفة.
السعداوي: عام 2025 سيشهد استكمال مرحلة التصاميم التفصيلية الخاصة بمشروع طريق التنمية (الجزيرة) ما التقديرات النهائية لتكاليف مشروع طريق التنمية وما نسبة إنجازه الحالية؟ وكيف سيؤثر على الاقتصاد العراقي والإقليمي لا سيما مجال التجارة مع أوروبا؟ إعلانتكلفة مشروع طريق التنمية تقدّر بـ17 مليار دولار تقسم إلى 10.5 مليارات للخط السككي، و6.5 مليارات للطريق البري السريع، مع فتح المجال أمام الشركات العالمية للاستثمار على طول المسار, وقد وصلت نسب الإنجاز في مرحلة التصاميم التفصيلية للخط السككي إلى 64%، والطريق البري 60% بينما بلغت نسب الإنجاز التراكمي للتصاميم التفصيلية للمشروع 63%، وهذه المرحلة تختلف عن سابقتها مرحلة التصاميم الأولية من حيث المحددات أي أنها تستهدف البنى الموجودة وكذلك بعض النقاط الخاصة بالمشروع مثل الجسور والأبنية والمحطات وغيرها.
إن عام 2025 سيشهد استكمال مرحلة التصاميم التفصيلية ثم الانتقال إلى عرض المشروع أمام كبرى الشركات العالمية للمنافسة على الفرص الاستثمارية الواعدة في هذا المشروع، وبما يخدم مصلحة العراق ويتوافق مع رؤية الحكومة.
ويتضمن طريق التنمية مسارات جديدة خارج المدن الحالية على امتداد 11 محافظة عراقية من البصرة جنوبا إلى الحدود التركية شمالًا مما يعزز حركة التجارة والاقتصاد لهذه المحافظات، وكذلك سيصنع فرص عمل واستثمارات كبيرة جدًا تخرج العراق من الاقتصاد الريعي والاعتماد على الإيرادات النفطية.
وهذا المشروع من المشاريع الكبرى التي ستنفذ في العراق، وباكتمال مكونات هذا المشروع سيتعزز الاقتصاد العراقي من خلال الحركة الكبيرة للموانئ العراقية وطرق المواصلات البرية، فضلا عن أن العراق سيصبح أحد الممرات التجارية العالمية وصولا إلى أوروبا وكذلك سيصنع فرصًا لاستثمارات صناعية وزراعية وتجارية كبيرة.
ما آخر تطورات مشروع ميناء الفاو الكبير؟ وما التكلفة الإجمالية المتوقعة؟ وكيف تعمل الحكومة على حل الخلافات مع الكويت بشأنه؟ وما الأهداف الإستراتيجية التي يسعى العراق لتحقيقها؟شهد مشروع ميناء الفاو الكبير تطورات كبيرة خلال الفترة الأخيرة، حيث بلغت نسبة الإنجاز في العديد من مكوناته مستويات متقدمة. فقد تم الانتهاء من هياكل الرصيف لمحطة الحاويات بنسبة 100%، كما وصلت نسبة الإنجاز في الطريق الرابط بين ميناءي الفاو وأم قصر إلى 92.43%.
نسبة الإنجاز في مكونات ميناء الفاو 81% (الفرنسية)وشهد النفق المغمور تقدماً ملحوظاً حيث تم غمر القطع العشر في المياه استعداداً لنقلها في قناة خور الزبير. كذلك، بلغت نسبة الإنجاز بالمرحلة الأولى لأعمال الحفر البحري والردم 79.33%، وتقدمت الأعمال في القناة الملاحية بنسبة 77.41%. أما الأرصفة الخمسة وساحة الحاويات فقد بلغت نسبة الإنجاز فيهما 100% و88% على التوالي. وبشكل عام، بلغت نسبة الإنجاز في مكونات الميناء 81%.
إعلانوفي خطوة مهمة، وافقت الحكومة على توقيع عقد مع شركة "دايو" الكورية الجنوبية لتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع، والتي ستستوعب 3 ملايين حاوية. وقد قامت الشركة بتنفيذ أعمال البناء التي شملت تشييد 5 أرصفة وتفريغ شحنات السفن وفناء للحاويات، بالإضافة إلى أعمال التجريف والحفر لشق قناة ملاحية. وقد تم تسليم الأرصفة الخمسة إلى وزارة النقل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وبالنسبة للتكلفة الإجمالية للمشروع، فلم يتم الإعلان عنها بشكل رسمي حتى الآن. إلا أن حجم الاستثمارات الضخمة التي يتم ضخها في المشروع يشير إلى تكلفة إجمالية مرتفعة.
وبخصوص الخلافات الحدودية مع الكويت، فقد أكدت الحكومة التزامها بسيادة الكويت وسلامة أراضيها واحترام الاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، لا سيما قرار مجلس الأمن رقم 833 بشأن ترسيم الحدود بين البلدين. وأشارت إلى أن المفاوضات والحلول تسير وفقاً لالتزام الطرفين بالقوانين الدولية.
أما عن الأهداف الإستراتيجية التي يسعى العراق لتحقيقها من خلال هذا المشروع، فيأتي في مقدمتها تحويل ميناء الفاو إلى مركز تجاري ولوجستي رئيسي في المنطقة، وتعزيز مكانة العراق كدولة لعبور البضائع بين الشرق والغرب. كما يسعى المشروع إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، وإيجاد فرص عمل جديدة، وتنمية المناطق المحيطة بالميناء.
وبما أن مشروع ميناء الفاو الكبير هو العمود الفقري لمشروع طريق التنمية، فإن الأهداف الإستراتيجية لكلا المشروعين تتكامل وتدعم بعضها البعض، حيث يسعى طريق التنمية إلى ربط الميناء بباقي أنحاء العراق وبشبكة الطرق الدولية، مما يعزز من أهمية الميناء ويزيد من قدرته على جذب الاستثمارات.
ما الإجراءات التي تتخذها الحكومة لرفع الحظر الجوي المفروض على أجوائه الأوروبية؟ وما التكاليف الاقتصادية التي يتحملها العراق؟تسعى الحكومة العراقية جاهدة لرفع الحظر الجوي المفروض على أجوائها من قبل الدول الأوروبية. وقد تم تشكيل لجنة متخصصة تتابع هذا الملف بشكل دقيق، كما تم التعاقد مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) لتقديم الدعم اللازم والحصول على الشهادات الدولية المطلوبة، مثل شهادة أيوسا وشهادة مشغل البلد الثالث "تي سي أو" (TCO).
الحكومة العراقية تعمل جاهدة لرفع الحظر الجوي المفروض على أجوائها من قبل الدول الأوروبية (رويترز)وتعتمد عملية رفع الحظر على خطوتين رئيسيتين: الأولى معالجة جميع الملاحظات التي أثيرت من قبل الجهات الأوروبية، والتي تمثل مرحلة متقدمة في عملية رفع الحظر. والثانية الحصول على "تي سي أو" وهي شهادة دولية تؤكد التزام الناقل الجوي بمعايير السلامة والأمن الجوي الدولية.
إعلانوقد حققت الخطوط الجوية العراقية تقدماً ملحوظاً في معالجة هذه الملاحظات. فقد قامت بتشخيص وتصحيح العديد من الأخطاء، وتنفيذ العديد من المتطلبات الفنية والإدارية التي طلبها الاتحاد الأوروبي، ومنها تطوير نظام متكامل لإدارة السلامة، ونظام مراقبة أداء الطائرات، وتحسين نظام ضمان الجودة، وتحديث دلائل عمل الشركة، وتطبيق نظام الحقيبة الإلكترونية، والاستخدام الأمثل للأنظمة العالمية في مجال صيانة الطائرات، والتعاقد مع شركات أجنبية متخصصة لتقديم الخدمات الأرضية والشحن، واستقدام الكوادر المؤهلة من الطيارين والفنيين.
وبالرغم من التحديات التي يواجهها قطاع الطيران العراقي نتيجة الحظر الجوي، فإن الخطوط العراقية حققت أرباحاً كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث بلغت الأرباح 74 مليارا و642 مليونا و893 ألفا و964 دينارا عراقيا (نحو 56 مليونا و547 ألفا و727 دولارا) عام 2022، و104 مليارات و716 مليونا و812 ألفا و186 دينارا (نحو 79 مليون دولار) عام 2023، و141 مليارا و755 مليونا و139 ألفا و446 دينارا (نحو 107 ملايين و352 ألف دولار) عام 2024. ومع ذلك، فإن هذه الأرباح كانت أقل مما يمكن تحقيقه لو لم يكن هناك حظر جوي، حيث إن رفع الحظر سيتيح للشركة زيادة إيراداتها بشكل كبير نظراً للطلب المتزايد على الرحلات الجوية نحو أوروبا.
ما آخر المستجدات في تحديث أسطول الطائرات المدنية العراقية؟ وما عدد الطائرات التي تم شراؤها حتى الآن؟ وما الخطط المستقبلية لتطوير قطاع الطيران؟شهدت الخطوط الجوية العراقية تطورات ملحوظة في مشروع تحديث وتطوير أسطولها. فقد نجحت الشركة في إعادة 13 طائرة عاطلة من أصل 24 طائرة إلى الخدمة، مع وجود خطط لاستعادة 7 طائرات أخرى خلال عام 2025.
كما تم التعاقد مع شركتي بوينغ وإيرباص لتزويد الأسطول بـ31 طائرة حديثة، حيث تم بالفعل استلام 13 طائرة من هذه الطائرات، وتشمل طائرتي دريملاينر و6 طائرات ماكس من بوينغ، و5 طائرات من إيرباص. ومن المتوقع استلام باقي الطائرات بحلول عام 2027.
وزارة النقل تعمل على توسيع شبكة الوجهات التي تخدمها الخطوط الجوية العراقية (شترستوك)بالإضافة إلى تحديث الأسطول، تعمل وزارة النقل على توسيع شبكة الوجهات التي تخدمها الخطوط العراقية، حيث تم افتتاح العديد من الوجهات الجديدة، ويتم العمل على زيادة عدد الوجهات الأوروبية من خلال التشغيل المشترك مع شركات طيران أخرى. كما تعمل الوزارة على تحسين جودة الخدمات المقدمة للمسافرين من خلال تطوير الوجبات الغذائية وتبسيط إجراءات الحجز وتقديم خدمات إلكترونية.
إعلانوتسعى وزارة النقل إلى تحقيق التحول الرقمي في قطاع الطيران المدني من خلال إدخال أنظمة حجز مؤتمتة بالكامل وتبسيط الإجراءات في المطارات، مما يساهم في تقليل الضغط على الموارد البشرية وزيادة كفاءة العمليات.
يهدف هذا التطوير الشامل إلى تحسين تجربة السفر للمسافرين، وزيادة إيرادات الخطوط العراقية، وتعزيز مكانة العراق في قطاع النقل الجوي الإقليمي والدولي. ومع ذلك، يتطلب تحقيق هذه الأهداف التخطيط الدقيق وتطوير الكوادر البشرية وتنفيذ إستراتيجيات تسويقية فعالة.
ما أهمية افتتاح مطار نينوى الجديد وما الخدمات التي سيقدمها للمسافرين والشحن الجوي وكيف سيساهم في تطوير قطاع الطيران؟مطار الموصل يعد مشروعاً إستراتيجياً كبيراً سيغير وجه المنطقة الشمالية. وهذا المطار سيكون نافذة المحافظة على العالم وسيعكس إيجاباً على اقتصاد البلاد. وقد وصلت نسبة إنجاز المشروع إلى مراحل متقدمة ويتضمن المدرج بطول 3 آلاف متر وساحة وقوف طائرات للمسافرين بمساحة 60 ألف متر مربع وأخرى للشحن الجوي بمساحة 35 ألف متر مربع.
كما يشمل أبنية للمسافرين وكبار الشخصيات ومحطة شحن جوي وبرج مراقبة بارتفاع 33 متراً ومحطات وقود وكهرباء ومياه وبناية للدفاع المدني، ومركزاً صحياً وصيانة آليات والجمارك. كل ذلك وفقاً للمواصفات العالمية ومعايير منظمة الطيران المدني الدولي.
كيف سيساهم المطار في تطوير قطاع الطيران المدني؟إنشاء مطارات جديدة أو إعادة تأهيل القائمة يساهم بشكل كبير في تطوير القطاع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياحي. والمطار يربط البلاد بالدول الأخرى ويخدم الإنسان في جميع القطاعات الاقتصادية.
إن افتتاح مطار الموصل الدولي يتوافق مع هذه الأهداف حيث يتميز بموقعه الإستراتيجي وخدماته عالية الجودة للمسافرين والمستثمرين وشركات الطيران. وهذا المطار سيطور البنية التحتية ويحقق الأهداف التنموية والاجتماعية والثقافية وهو ثمرة جهود الحكومة العراقية.
ويتميز هذا المطار بإمكانياته العالية وأنظمته وتجهيزاته الحديثة وقدرته على استيعاب أعداد كبيرة من المسافرين. وهذا يجعله صرحا اقتصاديا وسياحيا واستثماريا للعراق. إن إنشاءه يؤكد استمرار مشاريع التنمية الشاملة والاهتمام بجميع القطاعات وتحديث المرافق الحكومية والخدمات العامة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات میناء الفاو الکبیر مشروع طریق التنمیة بلغت نسبة الإنجاز الجویة العراقیة نسبة الإنجاز فی الطیران المدنی قطاع الطیران هذه المشاریع هذا المشروع وزارة النقل قطاع النقل العدید من من خلال
إقرأ أيضاً:
وزير الزراعة السوري للجزيرة نت: وضعنا خططا لتحقيق الاكتفاء الذاتي في عام واحد فقط
دمشق- لم يخف وزير الزراعة والاستصلاح الزراعي في حكومة تصريف الأعمال السورية محمد طه الأحمد رغبته الشديدة في إصلاح ومعالجة الكثير من الملفات التي شكلت الأسباب الأساسية لانهيار القطاع الزراعي في سوريا إبان عهد نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.
ويقول الوزير الأحمد إنه وجد شبه وزارة تدعى وزارة الزراعة، قائمة على خراب إداري ينخرها فساد مالي ووظائفي أوصل الفلّاح السوري لأن يعتزل الزراعة وتربية الحيوانات المنتجة ويرحل عن أرضه ليجد لنفسه وأسرته مصدر دخل آخر يغنيه عن الجوع.
الأحمد في حديثه للجزيرة نت كشف إقصاء عدد كبير من الموظفين العاملين على قوة وزارة الزراعة، مشيرا إلى عدة طرق ملتوية كانت سببا وراء توظيفهم، مستبعدا أن يكون الإقصاء لأهداف دينية أو طائفية أو مناطقية.
وأكد الأحمد أن إدارته وضعت خططا منهجية ستحقق الاكتفاء الذاتي لسوريا من المحاصيل الزراعية، والقمح على رأس أولوياتها خلال عام واحد فقط، منوها إلى ضرورة إدراك أن أساليب الزراعة قد تغيرت وأدواتها تطورت وهذا يتطلب وعيا وتفهما للمرحلة الجديدة.
ويدرك الوزير السوري تماما مدى صعوبة المهمة وتحدياتها الكبيرة خاصة المائية منها، وكشف عن رغبة بلاده في زيادة حصتها من مياه نهري دجلة والفرات وسط تفاهمات ومناقشات مع الجانب التركي الذي أبدى على حد قوله مرونة وتفهما لهذا المطلب.
إعلانوتعهد الأحمد بتقديم كل الدعم للفلاحين بخفض أسعار البذور والأسمدة وتخفيف أعباء المناخ والسماح بالمنافسة، الأمر الذي سيمنح الفلاّح قدرة على الاستمرارية والإنتاجية الكبيرة، مدافعا في الوقت ذاته عن قرار رفع الدعم عن المزارعين مقابل تحرير الأسعار معتبرا إياه قرارا صائبا لأسباب عديدة.
وفيما يأتي نص الحوار:
بداية ما رؤيتكم الحالية لإنعاش قطاع الزراعة والنهوض به في سوريا؟القطاع الزراعي في سوريا كبير ومتنوع، وحتى ينهض هذا القطاع بداية علينا أن نقنع المزارع السوري أن يعود إلى أرضه، فهو الآن بعيد عن مجال الزراعة لأنه لا يمتلك المدخرات التي تمكنه من إعادة بناء البنى التحتية التي فقدها نتيجة الحرب، وتعدي المجرمين التابعين لنظام الأسد "الساقط" وجيشه على المحاصيل الزراعية بغير حق، هذا عدا عن الفقر الذي عاناه الفلاح السوري نتيجة النزوح أو التهجير.
سنركز بشكل كبير على عودة المزارعين وتقديم الدعم اللازم لهم حتى يتمكنوا من زراعة أراضيهم، فقد تواصلنا مع الفلاحين، ووقفنا على أبرز المشاكل التي يعانون منها ونحاول الآن إيجاد الحلول المناسبة لها، مثل صيانة البنى التحتية التي تعرضت إلى الأذى والتهديم والتخريب والسرقة خلال سنوات الحرب السابقة، وعلى رأسها مشاريع الري الحكومية، والخاصة لأن الزراعات المروية لها مساهمة كبيرة جدا في زيادة الإنتاج.
نسعى أيضا إلى تسهيل دخول أهم التقنيات الحديثة التي تستخدم في القطاع الزراعي من دول الجوار والدول الأخرى حتى يتم استخدامها من باب تحقيق كفاءة الإنتاج.
ما أبرز التحديات التي تواجهكم لتحقيق تطور ملحوظ في القطاع الزراعي السوري؟أول تحد يواجهنا هو التحدي المالي، فهذه الإجراءات التطويرية تتطلب مليارات الدولارات، وأما التحدي الثاني فهي العقوبات الاقتصادية التي إن بقيت مطبقة على سوريا ستعيق دخول هذه التقنيات، وإن دخلت فستدخل بتكاليف عالية جدا مما سيزيد من تكاليف الإنتاج الزراعي، كذلك الوسائل الزراعية المستخدمة سابقا في عهد النظام "البائد" هي وسائل قديمة وغير صالحة وتحتاج إلى تبديلها بالكامل.
إعلاننحن اليوم بحاجة إلى سياسات زراعية حديثة وأموال كثيرة ومعدات متطورة.
هل تعتقد أن العقوبات على سوريا يمكن أن تُرفع خلال الفترة القادمة وما العوامل التي تعيق إزالتها؟إذا نظرنا إلى سبب هذه العقوبات سنجد أنه أُزيل (بشار الأسد)، وعليه فيجب أن تُزال هذه العقوبات، ولكن لا نعرف سبب استمرار الجهات الدولية في إبقائها من دون أي مبرر، فسوريا عانت حقا ما عانته خلال الثورة، وقبل الثورة من ممارسات نظام الأسد التي حرمتنا الكثير من الامتيازات الدولية، وعلى رأسها الشراكات الأوروبية التي قطعت علاقتها مع دمشق بسبب السياسات غير المتزنة والعنجهية للأسد، ولكن الآن كل شي تغير وسياسة سوريا تحولت لسياسة انفتاحية على كل العالم، وعليه فنحن ندعو إلى رفع العقوبات في أسرع وقت ممكن.
كيف ستواجهون نقص العمالة الزراعية في سوريا وما الحوافز التي ستقدمونها لدعم هذه العمالة؟حجم الموارد البشرية المتوفرة في سوريا كبير جدا وأغلبها غير عامل أو غير منتج أو غير مُستثمر، وهنا يمكن استثمار هذه الأعداد الهائلة في العمل الزراعي، بالإضافة إلى الأعداد غير القليلة من الفلاحين الموجودين في سوريا أصلا ويحتاجون فقط إلى الدعم.
ولكن حتى يصبح هذا الكادر البشري مؤهلا ليعمل بالقطاع الزراعي يجب أن يقدم له مجموعة من الخبرات والدورات التدريبية لتطوير مهاراته في هذا القطاع، خاصة وأن الخطة التي ننتهجها تستند إلى استخدام التقنيات الزراعية الحديثة التي تحتاج إلى نوع من العمالة البشرية ذات الكفاءة العالية، وبالتالي أعتقد أن التدريب وتطوير الكوادر هو أكبر حافز.
لن نعمل كما كانت تعمل وزارة الزراعة في نظام الأسد بتقديم الدعم سواء المادي أو العيني للفلاحين، فهذه كانت من أكبر أبواب الفساد، لأن البيانات التي كان يعتمد عليها في وضع خطط الدعم هي بيانات غير صحيحة.
وزير الزراعة السوري (يسار): نحن ندعو إلى رفع العقوبات في أسرع وقت ممكن (الجزيرة)
مثال: مربٍّ أو فلاح لديه 10 رؤوس أبقار، كان يسجل لدى بيانات وزارة الزراعة، أن لديه 100 رأس من الأبقار، فيأخذ الفاسدون في الوزارة الدعم المقدم باسم 100 رأس ويعطون المربي الفتات، ويبيعون الباقي في الأسواق الحرة ليفتحوا بذلك أبواب الفساد مشرعة لسرقة ونهب المال العام.
إعلانسنقدم كل الدعم للفلاحين بطريقة منهجية ومدروسة بتخفيض أسعار البذور والأسمدة وتخفيف أعباء المناخ والسماح بالمنافسة بين الشركات والقطاعات، الأمر الذي سيمنح الفلاح قدرة على الاستمرارية والإنتاجية الكبيرة.
هل لديكم خطط لإعادة صياغة الاتفاقيات الدولية مع دول الجوار فيما يخص الأنهار الرئيسية في سوريا وحصصكم المائية منها؟في ظل ظروف تغير المناخ والحرب الطويلة التي خاضتها سوريا، نحن أمام تحديات مائية كبيرة، فلدينا 3 أنهر مشتركة مع دول الجوار وهي نهر الفرات ونهر دجله ونهر العاصي، وهذه الأنهر الثلاثة تعتمد عليهم سوريا بشكل كبير في الزراعة والري والشرب.
وعلى إثر ذلك كان لدي اجتماع مع السفير التركي في سوريا وناقشنا هذا الأمر، وتم إبلاغنا بعقد اجتماعات مستمرة خلال الفترة القادمة مع وزارة الزراعة التركية لمناقشة إعادة صياغة الاتفاقيات المائية بين سوريا وتركيا.
وقبل ذلك تحدثت أيضا في اجتماعات سابقة مع ممثلي وزارة الزراعة التركية عن هذا الموضوع المهم، وأبدوا استعدادا وتفهما كبيرا لإعادة صياغة هذه الاتفاقيات بحيث تضمن سوريا الحصول على حصتها المائية الحقيقية كاملة.
وماذا عن العراق؟العراق إحدى الدول التي سيكون لديها دور كبير في هذا المجال، لكن لم يتم التواصل معهم لأن التمثيل الدبلوماسي بيننا لم يكتمل بعد.
هل تظنون أن حصة سوريا ستزيد من نهر الفرات ودجله بعد إعادة صياغة الاتفاقيات المائية الدولية؟طبعا.. نحن نسعى أن تزيد حصة سوريا من مياه نهري دجلة والفرات، خاصة أن تركيا خلال الفترة السابقة أقامت مجموعة من السدود على هذين النهرين، والآن علينا إعادة دراسة الوضع القائم في ظل الدولة الجديدة وسقوط دولة الأسد المخلوع.
سنقدم كل الدعم للفلاحين بطريقة منهجية ومدروسة بتخفيض أسعار البذور والأسمدة وتخفيف أعباء المناخ والسماح بالمنافسة
هل لديكم خطط لتنفيذ عمليات استمطار حديثة؟نعم مشروع الاستمطار مهم جدا بالنسبة لنا، وقمنا فعلا برفع دراسة جديدة أرسلت إلى مكتب الدراسات المختص في هذا الشأن حتى يتم تدقيقها فنيا وماليا، وخاصة بعد نقل ملف الأرصاد الجوية الى وزارة الزراعة.
برأيك كم تحتاج سوريا لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الرئيسية خاصة القمح؟سنة على أكثر تقدير وذلك لعدة أسباب:
قمنا بزيادة المساحات المزروعة في كل سوريا خلال الفترة الماضية. إلغاء القيود التي كانت تعرقل عمل الفلاحين مثل الارتفاع الجنوني لأسعار البذور والسماد. التعامل مع الفلاحين بعقود آجلة بعكس ما كان يفعل النظام الذي كان يفرض على الفلاحين الدفع المسبق (كاش) قبل الحصول على البذور. إعلانإن سوريا بحاجة إلى 3 ملايين طن من القمح سنويا حتى نحقق الاكتفاء الذاتي، ونحن بما وضعناه من خطط ودراسات قادرون بعون الله على تحقيق أمننا الغذائي من القمح وغيره من المحاصيل الزراعية في عام واحد بشرط عودة المنطقة الشرقية (دير الزور والرقة) من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ونحن عازمون على عودة هذه المناطق بكل ما نملك ولن نقبل بأي فدرالية أو أي شكل سياسي أو عسكري آخر.
هل تعتقدون أن قرار رفع الدعم عن المزارعين مقابل تحرير الأسعار قرار صائب ولماذا؟
نعم بكل تأكيد كان قرارا صائبا.. والسبب أن الدعم كان أحد أبواب الفساد وعدم وصول الدعم لمستحقيه، وبسبب تحكم بعض الجهات النافذة في الدولة في توزيع هذه المواد التي تعتبر مواد شبه مجانية، حيث مكن الدعم المتنفذين في دولة الأسد من بيع المواد المدعومة في الأسواق بأسعار مرتفعة وحرمان الفلاحين منها.
إن إزالة الدعم وتحرير الأسعار سيكون مقترنا بدراسة أسعار المنتجات التي ستطرح في الأسواق بناء على تكاليف الإنتاج، وذلك من خلال:
حماية المنتج المحلي من خلال عدم السماح بدخول المنتجات الزراعية من الخارج إذا كانت مشابهة للمنتجات المحلية. خفض تكاليف الإنتاج من خلال الحصول على أفضل مستلزمات الإنتاج بأقل الأسعار. القضاء على الشركات التي كانت تتحكم سابقا بالقطاع الزراعي في سوريا.سوريا بحاجة إلى 3 ملايين طن من القمح سنويا حتى نحقق الاكتفاء الذاتي
عندما تم تكليفكم وزيرًا للزراعة وبدأ عملكم اليومي في هذا الوزارة المهمة كيف وجدتم حال الوزارة بعد سقوط النظام؟خراب مؤسسي كامل الأركان، شبه وزارة وليست وزارة، أدوات قديمة معدات متهالكة لا منهجية واضحة في العمل ولا دراسات علمية للتطوير.
وسأعطيكم مثالا صغيرا على هذا الخراب.
في إحدى زياراتي لإحدى الوحدات الزراعية وجدتها تتألف من 4 غرف فقط، ولكن مسجل على قوتها 143 موظفا، أما الذين يعملون بشكل فعلي فهم 7 موظفين فقط يأتون لإجراء بعض المراسلات ويوقعون على البريد ويرحلون.
كما كان هناك مشروع سابق اسمه "مشروع السولار" لمسح الموارد الطبيعية، تغنّى به كثيرا العاملون السابقون، فتشجعت أن أذهب لهذا المشروع وأرى إلى أين وصلوا بعملية المسح الجغرافي أو مسح الموارد الطبيعية، وللأسف رأيت أن الأدوات التي يعملون بها متهالكة وقديمة وتقريبا لا تعمل بالأساس.
إعلانوغيرها الكثير من الأمثلة التي تدل على مدى الخراب المؤسسي التي تعيشه وزارة الزراعة في عهد الأسد.
كيف تعاملتم مع الإصلاح الإداري داخل وزارتكم وهل تم إقصاء أي موظف لأسباب سياسية؟بداية أول إصلاح قمنا به هو تعديل الهيكليات المعمول بها لأنها كانت هيكليات "تُضيع الصلاحيات"، بمعنى أن أي خلل يحدث في القطاع الزراعي لا يمكنك أن تحدد الجهة التي تسببت في هذا الخلل، وعليه قمنا بإعداد هيكلية جديدة فصَلنا بها بين الصلاحيات من خلال إعادة صياغة النظام الداخلي الناظم لهذه العمليات، بحيث حددنا لكل جهة صلاحياتها وواجباتها التي تكمل الجهات الأخرى بطريقة سلسلة ومتقنة.
ومن ثم تم تغيير المدراء العامين للمؤسسات والهيئات ومديرات الإدارة والمدراء الفرعيين وتم اختيار بدلائهم على أساس الكفاءة الفنية بغض النظر عن التبعية الدينية أو المذهبية أو المناطقية.
كانت التوجيهات التي أبلغتها لكل الإدارات، أن البقاء فقط لمن يتصفون بالكفاءة والأخلاق والالتزام.
أما عن قضية الإقصاء فسوف أكون صريحا معك.. نعم تم إقصاء جميع العاملين الذين شكلوا ترهلا وفائضا وظيفيا في وزارة الزراعة وأيضا تم إقصاء مجموعة من العاملين الذين تم تعيينهم بمسابقات خاصة بحزب البعث العربي الاشتراكي، والمسابقات الخاصة التي كانت تنظمها قوات جيش نظام الأسد، حيث اكتشفنا أن نسبة 37% منهم لا يحملون حتى شهادة الصف التاسع الإعدادي، وهذا فساد إداري لا يمكن تجاوزه فهذه أموال الشعب السوري.
وهنا يجب التنويه بأن الإقصاء لم يكن لأي أسباب دينية أو مذهبية أو مناطقية كما يدعي البعض، وإنما بحسب الكفاءة فقط.
إلى أين يريد الوزير محمد طه الأحمد أن يصل بالقطاع الزراعي في سوريا كمورد اقتصادي؟أريد أن أصل بالقطاع الزراعي لأن يكون المورد الاقتصادي الأول في سوريا وأن يكون المنتج الزراعي السوري الأفضل في المنطقة بكل المقاييس.. ونحن بكل ما نملكه من إمكانيات قادرون على تحقيق هذا الطموح المشروع لأبناء شعبنا الكريم.