قانون الشركات الأهلية في تونس لخلق التنمية أم الولاء للرئيس؟
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
تونس- أثارت الامتيازات المالية والضريبية التي أقرها قانون المالية لسنة 2025 لفائدة الشركات الأهلية المحدثة بالقانون في عام 2022 من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد جدلا واسعا بين من يرى أنها فرصة لدفع التنمية وتعزيز النمو، وبين من يعتبرها وسيلة لتجذير نفوذ الرئيس وخلق قاعدة شعبية موالية له.
وبينما يعتقد المرحبون بخلق هذا النوع الجديد من الشركات أن يرتفع عددها مستقبلا وأن تلعب دورا في معالجة مشكلات التنمية المحلية والبطالة يرى النقاد أن القانون المحدث لهذه الشركات الجديدة يحمل في طياته بذور فشلها ويعتبرونها مشروعا ظرفيا مسيسا أكثر من كونه حلا اقتصاديا جديا ومستداما.
وبحسب الجهات الرسمية، تعد الشركات الأهلية نموذجا اقتصاديا جديدا يقوم على المبادرة الجماعية والمنفعة الاجتماعية، وهو نموذج صاغه الرئيس سعيد بموجب المرسوم 15 لسنة 2022.
وتهدف هذه الشركات إلى خلق ديناميكية اقتصادية للأهالي في مناطقهم المستقرين فيها لتحقيق التنمية والاستقرار الاجتماعي.
ما أبرز الامتيازات المالية والضريبية للشركات الأهلية؟وأقر قانون المالية 2025 حزمة جديدة من الامتيازات المالية والضريبية لفائدة الشركات الأهلية، منها إنشاء خط تمويل بقيمة 20 مليون دينار (6.22 ملايين دولار) لتمويلها بقروض ميسرة.
إعلانوأعفى القانون عدد 15 لعام 2020 المتعلق بالشركات الأهلية هذه الشركات من جميع الضرائب لـ10 سنوات متتالية.
السلطات التونسية تعمل على تنقيح قانون الأراضي الدولية بقصد تجاوز جميع الصعوبات العقارية لتتمتع الشركات الأهلية بأولوية استغلال هذه الأراضي (الجزيرة)كما تتمتع كل شركة أهلية يتم إنشاؤها بمنحة شهرية من الدولة بقيمة 800 دينار (250 دولارا) لمدة سنة واحدة.
كما تعمل السلطات التونسية على تنقيح قانون الأراضي الدولية بهدف تجاوز جميع الصعوبات العقارية لتتمتع الشركات الأهلية بأولوية استغلال هذه الأراضي ضمن مشاريعها التنموية.
ونص الفصل 30 من المرسوم الرئاسي عدد 13 المتعلق بالصلح الجزائي على تخصيص 20% من عائدات الصلح الجزائي للجماعات المحلية بغية المساهمة في رأسمال الشركات الأهلية، لكن لم يتم تفعيل هذا الفصل بسبب تعثر ملف الصلح الجزائي الذي أطلقه الرئيس سعيد مع رجال الأعمال المتهمين بالفساد.
وطالما شدد الرئيس خلال اجتماعاته برئيس الحكومة كمال المدوري وبقية الوزراء على التسريع في رفع نسق إنشاء الشركات الأهلية، وتذليل كل العراقيل التي تواجهها.
وتعمل الوزارات والإدارات على قدم وساق لرفع الإشكاليات الإدارية جهويا، والقيام بحملات توعوية للتعريف بهذا النوع من الشركات.
هل تستطيع الشركات الأهلية خلق الثروة والنمو؟بدوره، يؤكد الخبير والمستشار السابق في وزارة الشؤون الاجتماعية المكلف بالشركات الأهلية راشد العبيدي للجزيرة نت أن الشركات الأهلية تطرح نفسها كحل للرفع من نسق التنمية في الجهات التي بقيت الاستثمارات فيها ضعيفة جدا، موضحا أن إنشاء هذه الشركات يشمل أي قطاع من القطاعات الاقتصادية.
ويضيف أن ضعف الاقتصاديات المحلية وعجز الدولة عن الاستثمار في مناطق داخلية عدة وعدم تركيز الاستثمارات الخاصة بالمناطق المهمشة دفع الرئيس إلى فكرة إنشاء الشركات الأهلية.
ويقول "الهدف الأساسي للشركات الأهلية هو تحقيق الربح والثروة وتوفير فرص عمل مع الالتزام بالمحافظة على البيئة".
إعلانويعتبر أن هذه التجربة الجديدة من شأنها أن تدفع المواطنين إلى خلق الثروة بجهاتهم حسب خصوصياتها واحتياجاتها، مشيرا إلى أنها تحظى بدعم الدولة لإنجاح التجربة التي ستدر النفع على الاقتصاد والناس، مبينا كذلك أن القانون يجبر الشركات الأهلية على تخصيص 20% للتنمية الثقافية والبيئية في مناطقها.
ما رأي المعارضة؟في المقابل، يرى الخبير المحاسب والناشط السياسي المعارض هشام العجبوني أن هذا النمط الجديد من الشركات غير قادر على تحسين نسبة النمو الضعيفة، معتبرا أنها مشروع سياسي ظرفي هدفه تشكيل حزام اقتصادي حول الرئيس سعيد من أجل مزيد بسط نفوذه السلطوي، وفق تعبيره.
معارضون يرون أنه مشروع سياسي ظرفي هدفه تشكيل حزام اقتصادي حول الرئيس لبسط نفوذه السلطوي (أسوشيتد برس)
ويؤكد العجبوني أن النظام الحالي يسعى إلى خلق نوع جديد من "الزبونية" و"المحسوبية" باستعمال المال العام وإتاحة مجموعة من الحوافز المالية والضريبية المغرية لفائدة هذه الشركات، مشيرا إلى أن أغلب الأشخاص الذين تقدموا لتأسيس هذه الشركات مقربون من السلطة ويطمعون في التمويلات والأراضي، بحسب رأيه.
ويقول العجبوني للجزيرة نت إن القانون المحدث للشركات الأهلية يحمل في طياته بذور فشلها باعتبار أنها فكرة فردية للرئيس سعيد دون أن يكون لها أي صدى في دول تشهد اقتصاداتها نموا مطردا، مؤكدا أنه من الصعب أن تنجح شركة أهلية في إدارة خلافاتها والتفاهم بمجموعة تتكون من 50 شخصا على الأقل.
وينص القانون 15 لسنة 2022 المحدث للشركات الأهلية على أن تتأسس الشركة على الأقل من قبل 50 شخصا.
ويتساءل العجبوني "أحيانا تصعب إدارة خلافات بين شريكين اثنين في شركة واحدة فما بالك بـ50 شخصا؟!".
وبالنسبة إليه لن تمثل الشركات الأهلية من حيث العدد شيئا مقارنة بالشركات الأخرى التي يقوم عليها النسيج الاقتصادي، معتبرا أن كل الحديث عن مزايا الشركات الأهلية يصب في خانة الدعاية السياسية، مشيرا إلى أن الشركات الأهلية "هي فكرة للرئيس تنتهي بخروجه من السلطة".
إعلانويواجه الاقتصاد التونسي تحديات متعددة تعيق نموه الذي بلغ نسبة بين 0.4% في سنة 2023، في حين يتوقع أن يصل إلى 1.6% في سنة 2024.
ولا تزال تونس تواجه تحديات في تلبية احتياجاتها الكبيرة من التمويل الخارجي، خاصة بسبب تعطل المفاوضات مع صندوق النقد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المالیة والضریبیة الشرکات الأهلیة هذه الشرکات
إقرأ أيضاً:
قانون المالية 2025: دعم الصناعة السينماتوغرافية بتدابير جبائية جديدة
خصص قانون المالية لسنة 2025، الصادر في العدد رقم 84 من الجريدة الرسمية، مجموعة من التدابير الجبائية لدعم الصناعة السينماتوغرافية في الجزائر، من خلال تحصيل عدة رسوم لفائدة الصندوق الوطني لتطوير الصناعة السينماتوغرافية وتقنياتها.
وجاء في المادة 117 لقانون المالية لسنة 2025, الذي وقع عليه رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, أنه تعدل وتتمم أحكام المادة 63 من قانون المالية التكميلي لسنة 2010, المعدلة والمتممة, بحيث تنص على إنشاء رسم للإشهار يطبق على رقم الأعمال المحقق في إطار النشاط الإشهاري, ويستحق الرسم شهريا على كل شخص يحقق رقم أعمال متصل بأشغال الاشهار, ويحدد معدله بـ 2 بالمئة.
ويخصص حاصل هذا الرسم ب 50 بالمئة لفائدة ميزانية الدولة, و25 بالمئة لفائدة حساب التخصيص الخاص رقم 157- 302 الذي عنوانه “الصندوق الوطني لتطوير الصناعة السينماتوغرافية وتقنياتها”, فيما تخصص 25 بالمئة الأخرى لفائدة حساب التخصيص الخاص رقم 156- 302 , الذي عنوانه “صندوق دعم الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية وأنشطة تكوين الصحفيين ومهنيي الصحافة”.
ومن جهة أخرى, أشارت المادة 121 لذات القانون إلى إنشاء لفائدة “الصندوق الوطني لتطوير الصناعة السينماتوغرافية وتقنياتها”, رسم على تسليم الرخص والتأشيرات المتعلقة بالصناعة السينماتوغرافية تحدد قيمتها على النحو الآتي : رخصة التصوير السينمائي بقيمة 20.000 دج, رخصة نشاط مؤسسة سينمائية بقيمة 20.000 دج, رخصة نشاط توزيع الأفلام السينمائية بقيمة 20.000 دج, رخصة نشاط استغلال قاعات السينما بقيمة 20.000 دج, رخصة نشاط استنساخ وتوزيع المنتجات السمعية البصرية بقيمة 20.000 دج, تأشيرة الاستغلال التجاري لفيلم سينمائي بقيمة 10.000 دج, تصريح بممارسة نشاط متعلق بالخدمات السينماتوغرافية بقيمة 20.000 دج, تصريح بممارسة نشاط الاستغلال السينمائي عبر الدعائم التسجيلية والبث على المنصات الرقمية بقيمة 20.000 دج.
كما تمت في هذا الإطار (المادة 121) الإشارة إلى خضوع تجديد التراخيص والتأشيرات المتعلقة بالصناعة السينماتوغرافية إلى دفع نفس قيمة الرسوم المذكورة أعلاه, بحيث يتم تحصيل هذه الرسوم من طرف قابض الضرائب المؤهل, كما هو الحال في مجال حقوق الطابع, وفق ما ورد في الجريدة الرسمية.
ومن جهة أخرى, تقول المادة 222 أنه “يفتح في كتابات الخزينة حساب تخصيص خاص رقمه 157- 302 وعنوانه “الصندوق الوطني لتطوير الصناعة السينماتوغرافية وتقنياتها”, بحيث يقيد في هذا الحساب في باب الإيرادات, عائد الأتاوى المطبقة على تذاكر الدخول إلى قاعات السينما, عائد الرسوم المحصلة عند تسليم التأشيرات والرخص المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما في مجال الصناعة السينماتوغرافية, حصة من ناتج رسم الإشهار المنصوص عليه في المادة 63 من قانون المالية التكميلي لسنة 2010, مخصصات ميزانية الدولة والجماعات المحلية, كل المساهمات أو الموارد الأخرى, والهبات والوصايا.
وأما في باب النفقات, فيشير ذات المصدر إلى الإعانات الموجهة للإنتاج السينمائي وتوزيعه واستغلاله وتجهيزه, مخصصات للمؤسسات تحت الوصاية بموجب مقرر من الوزير المكلف بالثقافة بعنوان النفقات المرتبطة بالعمليات الموكلة إليها.
وأشارت أيضا المادة 222, في هذا الباب, إلى أن تنفيذ العمليات المالية بعنوان هذا الصندوق يتم تحت رقابة الإدارة المركزية للوزارة المكلفة بالثقافة, مع احترام الإجراءات التنظيمية المعمول بها, بعد اكتتاب دفتر الشروط الذي يحدد مسؤوليات وحقوق والتزامات كل الأطراف, كما أشارت إلى أن الوزير المكلف بالصناعة السينماتوغرافية هو الآمر بالصرف لهذا الحساب.
وجاءت هذه التدابير استكمالاً للقانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية الصادر سنة 2024، الذي يهدف إلى تنظيم إنتاج، توزيع، واستغلال الأفلام السينمائية، وتطوير الأنشطة المرتبطة بها.