صحيفة التغيير السودانية:
2025-05-01@09:25:23 GMT

خيار الصفر

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

خيار الصفر

 

خيار الصفر

 فتحي الضَّو

faldaw@hotmail.com

 بات السؤال يتمدد ويتجدد كل يوم حول موقف الولايات المتحدة الأمريكية ممَّا يجري في السودان، وذلك منذ بداية حرب البلهاء في منتصف أبريل2023م وحتى يوم الناس هذا. ليس لأن الولايات المتحدة الأمريكية تملك 99%؜ من أوراق الحل بمثلما كان يردد الرئيس المصري الراحل أنور السادات دوماً.

كما وأنه ليس جراء (أنيميا) حادة في الحس الوطني كما يتبادر خطلاً لأذهان بعض المخلصين لأيدولوجياتهم، ولكن لأن الحلول الوطنية نفسها أصبحت كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، والولايات المتحدة الأمريكية – ذاتها في ظل نهوض دول أخرى – لم تعُد تلك الدولة الأوحد التي تأمُر فتُطاع.

لكن مع ذلك ما تزال تلك الدولة العظمى المؤثرة في السودان وغيره. على كُلٍ، في محاولة منَّا لإيجاد حل لسؤال الفريضة الغائبة المذكور أعلاه، عزا كاتب هذه السطور الأمر برُمته إلى ما يُسمى في أجندة السياسة الخارجية الأمريكية (استراتيجية خيار الصفر) وهي الاستراتيجية المعنية بكيفية التعامل مع الدول الناشزة، أي بؤر التوتر في العالم الثالث، وبخاصة تلك التي تحدث بين طرفين يصعب عليها المفاضلة بينهما من حيث المصالح، والتي تبدو لناظرها عصية أيضاً. وقلنا عندئذٍ سوف تلجأ إلى استراتيجية خيار الصفر. وهي باختصار تعني التعامل مع المشكلة وفق ثلاث احتمالات أو مستويات:

أولاً؛ في حال عزَّ التدخل وباءت الجهود الدبلوماسية بالفشل ستدع هذا الطرف أو الأطراف المُتعددة تُمارس رذيلة الاقتال إلى أن تُنهمك وترعوى. عندئذٍ سيسهل جرهم إلى طاولة التفاوض. وهذا السيناريو هو الذي طُبق في الصومال في تسعينيات القرن الماضي، وتحديداً بعد سقوط نظام سياد بري حينما برزت المليشيات المُتكاثرة. وتلك حالة تتقارب وتتواءم نسبياً مع الأوضاع الراهنة في السودان.

ثانيا: خيار الانحياز الواضح بالتوجه نحو طرف تعلو معه مصالح بعينها تفوق تلك التي مع الطرف الاخر. وهو السيناريو الذي تم تطبيقه في أثيوبيا حينما أصبحت (مليشيا) التيجراي على أبواب العاصمة أديس أبابا، فلم تتردد الإدارة الأمريكية في إرسال مدداً تسليحياً نوعياً مكَّن حكومة أبيي أحمد من دحرهم رغم الإبادة الجماعية المأساوية، والتي مارس فيها المجتمع الدولي صمت أهل القبور.

ثالثاً؛ السيناريو اللا مبالٍ والذي جسده المثل الصيني القائل (أنتظر عند المصب فسوف يحمل لك النهر جثة عدوك) وهو السيناريو المُعقَّد الذي يرتجي من السماء أن تمطر حلاً، بغض النظر عن الفترة الزمنية التي يستغرقها أو الخسائر الجسيمة التي تتكبدها كل الأطراف، وهذا يماثل نسبياً أيضاً الأوضاع الجامدة أو المجمدة في ليبيا وقد سبقتها أفغانستان في هذا المضمار.

وفق هذا المنظور وعلاوة على ما سبق ذكره، لا يمكن تغافل التطورات التي طرأت مُؤخراً في الملف السوداني من قِبل الولايات المتحدة والتي قضت بتجميد أرصدة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (التي تبلغ على مسؤولية كاتب هذا المقال نحو خمسة مليار دولار) وقد سبقه في ذلك تجميد أرصدة خصيمه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، والمعروف عنها أنها لا تُحصى ولا تُعد.

واقع الأمر قد يبدو إجراء الحظر هذا مُربكاً، إذ يشي بأن الإدارة الأمريكية حددت خارطة طريق تستبعد المذكورين من المشهد السياسي مستقبلاً، وإذا ما أسلمنا جدلاً بذلك ماذا عن المشهد السياسي راهناً. لا سيَّما وأن الولايات المتحدة الأمريكية تبدو كمن ألقت بهما في اليم وقال لهما إياكما أن تبتلا بالماء. وذلك في ضوء جهودها الرامية إلى حدوث اختراق في تفاوض محتمل. الحقيقة ذلك ليس موقفاً جديداً، فقد أعلنت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً أنها تحث كل الأطراف على ضرورة تأسيس جيش واحد. وهو موقف راسخ في أجندتها، لم يتغير منذ سقوط نظام العُصبة ذوي البأس في أبريل 2019م إن لم يكن قبله. لربما ركنت حينئذٍ لمنطق لكل حادثة حديث إذا ما بلغت القلوب الحناجر!

بنفس القدر في التشدد جهرت الولايات المتحدة برأيها في استحالة عودة النظام القديم وهم الذين نسميهم (كيزان الإسلامويين) مرة (وفلول المؤتمر الوطني) مرة ثانية. كذلك صدعت برأيها في ضرورة تولي المدنيين دفة الحكم في البلاد، والخيار الأخير هذا يتسق مع توجهاتها وسياساتها حيال كل دول العالم وليس السودان وحده، لكن الموجهة لهم الرسالة ما زالوا يغطون في ثبات عميق، كلما استيقظوا بين الفينة والأخرى طفقوا يتساءلون أيان مرساها (وصلنا وين يا جماعة)!؟

إننا لم نعبر بعد حتى نصل، لكن التغيير قادم قريب جداً لا محال، فيا أيها المرجفون قطار الثورة آتٍ وإن تأخر قليلاً في الوصول عن الساعة الواحدة ظهراً!

آخر الكلام: لابد من الديمقراطية وان طال.

الوسومالسودان امريكا حرب الجيش والدعم السريع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان امريكا حرب الجيش والدعم السريع

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة وأوكرانيا تعلنان عن اتفاق اقتصادي

أعلنت الولايات المتحدة وأوكرانيا الخميس عن اتفاق اقتصادي.وأوضحت وزارة الخزانة الأميركية أن الولايات المتحدة وأوكرانيا وقعتا اتفاقا لإنشاء صندوق استثماري لإعادة الإعمار. وجاء في بيان للوزارة: "تضع هذه الشراكة الاقتصادية بلدينا في موقع يسمح لهما بالعمل المشترك والاستثمار سويا، لضمان أن الأصول والمواهب والقدرات المتبادلة يمكن أن تسرع تعافي أوكرانيا الاقتصادي".ولم يقدم الجانبان سوى تفاصيل بسيطة حول هيكل الصفقة، التي أطلقوا عليها اسم صندوق إعادة الاستثمار الأميركي الأوكراني.

أخبار ذات صلة الكرملين: السلام يحتاج إلى وقت وننتظر إشارات كييف عاصفة قوية تقطع الكهرباء عن ولايتين أميركيتين المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة وأوكرانيا تعلنان عن اتفاق اقتصادي
  • منظمة ‏Global Justice‏ ‏تكرم في دمشق سفير الولايات المتحدة الأمريكية ‏لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب ‏
  • الوزير الشيباني يلتقي النائب البطريركي في أبرشية شرقي الولايات المتحدة الأمريكية لكنيسة السريان الأورثوذكس
  • ترامب: العالم يتهافت على الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إبرام اتفاقات اقتصادية
  • الولايات المتحدة: لا تطبيع للعلاقات مع سوريا في هذه المرحلة
  • الولايات المتحدة تلوح بالانسحاب من الوساطة في الشأن الأوكراني
  • تقرير أمريكي: الحوثيون يقاومون الحملة الأمريكية بعناد رغم الخسائر والأضرار التي تلحق بهم (ترجمة خاصة)
  • الخارجية الصينية: الولايات المتحدة هي من بدأت حرب التعريفات الجمركية
  • سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية تزور الشلف
  • لماذا لا يستطيع ترمب تصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة؟