صحيفة التغيير السودانية:
2025-02-22@08:18:35 GMT

خيار الصفر

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

خيار الصفر

 

خيار الصفر

 فتحي الضَّو

faldaw@hotmail.com

 بات السؤال يتمدد ويتجدد كل يوم حول موقف الولايات المتحدة الأمريكية ممَّا يجري في السودان، وذلك منذ بداية حرب البلهاء في منتصف أبريل2023م وحتى يوم الناس هذا. ليس لأن الولايات المتحدة الأمريكية تملك 99%؜ من أوراق الحل بمثلما كان يردد الرئيس المصري الراحل أنور السادات دوماً.

كما وأنه ليس جراء (أنيميا) حادة في الحس الوطني كما يتبادر خطلاً لأذهان بعض المخلصين لأيدولوجياتهم، ولكن لأن الحلول الوطنية نفسها أصبحت كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، والولايات المتحدة الأمريكية – ذاتها في ظل نهوض دول أخرى – لم تعُد تلك الدولة الأوحد التي تأمُر فتُطاع.

لكن مع ذلك ما تزال تلك الدولة العظمى المؤثرة في السودان وغيره. على كُلٍ، في محاولة منَّا لإيجاد حل لسؤال الفريضة الغائبة المذكور أعلاه، عزا كاتب هذه السطور الأمر برُمته إلى ما يُسمى في أجندة السياسة الخارجية الأمريكية (استراتيجية خيار الصفر) وهي الاستراتيجية المعنية بكيفية التعامل مع الدول الناشزة، أي بؤر التوتر في العالم الثالث، وبخاصة تلك التي تحدث بين طرفين يصعب عليها المفاضلة بينهما من حيث المصالح، والتي تبدو لناظرها عصية أيضاً. وقلنا عندئذٍ سوف تلجأ إلى استراتيجية خيار الصفر. وهي باختصار تعني التعامل مع المشكلة وفق ثلاث احتمالات أو مستويات:

أولاً؛ في حال عزَّ التدخل وباءت الجهود الدبلوماسية بالفشل ستدع هذا الطرف أو الأطراف المُتعددة تُمارس رذيلة الاقتال إلى أن تُنهمك وترعوى. عندئذٍ سيسهل جرهم إلى طاولة التفاوض. وهذا السيناريو هو الذي طُبق في الصومال في تسعينيات القرن الماضي، وتحديداً بعد سقوط نظام سياد بري حينما برزت المليشيات المُتكاثرة. وتلك حالة تتقارب وتتواءم نسبياً مع الأوضاع الراهنة في السودان.

ثانيا: خيار الانحياز الواضح بالتوجه نحو طرف تعلو معه مصالح بعينها تفوق تلك التي مع الطرف الاخر. وهو السيناريو الذي تم تطبيقه في أثيوبيا حينما أصبحت (مليشيا) التيجراي على أبواب العاصمة أديس أبابا، فلم تتردد الإدارة الأمريكية في إرسال مدداً تسليحياً نوعياً مكَّن حكومة أبيي أحمد من دحرهم رغم الإبادة الجماعية المأساوية، والتي مارس فيها المجتمع الدولي صمت أهل القبور.

ثالثاً؛ السيناريو اللا مبالٍ والذي جسده المثل الصيني القائل (أنتظر عند المصب فسوف يحمل لك النهر جثة عدوك) وهو السيناريو المُعقَّد الذي يرتجي من السماء أن تمطر حلاً، بغض النظر عن الفترة الزمنية التي يستغرقها أو الخسائر الجسيمة التي تتكبدها كل الأطراف، وهذا يماثل نسبياً أيضاً الأوضاع الجامدة أو المجمدة في ليبيا وقد سبقتها أفغانستان في هذا المضمار.

وفق هذا المنظور وعلاوة على ما سبق ذكره، لا يمكن تغافل التطورات التي طرأت مُؤخراً في الملف السوداني من قِبل الولايات المتحدة والتي قضت بتجميد أرصدة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (التي تبلغ على مسؤولية كاتب هذا المقال نحو خمسة مليار دولار) وقد سبقه في ذلك تجميد أرصدة خصيمه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، والمعروف عنها أنها لا تُحصى ولا تُعد.

واقع الأمر قد يبدو إجراء الحظر هذا مُربكاً، إذ يشي بأن الإدارة الأمريكية حددت خارطة طريق تستبعد المذكورين من المشهد السياسي مستقبلاً، وإذا ما أسلمنا جدلاً بذلك ماذا عن المشهد السياسي راهناً. لا سيَّما وأن الولايات المتحدة الأمريكية تبدو كمن ألقت بهما في اليم وقال لهما إياكما أن تبتلا بالماء. وذلك في ضوء جهودها الرامية إلى حدوث اختراق في تفاوض محتمل. الحقيقة ذلك ليس موقفاً جديداً، فقد أعلنت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً أنها تحث كل الأطراف على ضرورة تأسيس جيش واحد. وهو موقف راسخ في أجندتها، لم يتغير منذ سقوط نظام العُصبة ذوي البأس في أبريل 2019م إن لم يكن قبله. لربما ركنت حينئذٍ لمنطق لكل حادثة حديث إذا ما بلغت القلوب الحناجر!

بنفس القدر في التشدد جهرت الولايات المتحدة برأيها في استحالة عودة النظام القديم وهم الذين نسميهم (كيزان الإسلامويين) مرة (وفلول المؤتمر الوطني) مرة ثانية. كذلك صدعت برأيها في ضرورة تولي المدنيين دفة الحكم في البلاد، والخيار الأخير هذا يتسق مع توجهاتها وسياساتها حيال كل دول العالم وليس السودان وحده، لكن الموجهة لهم الرسالة ما زالوا يغطون في ثبات عميق، كلما استيقظوا بين الفينة والأخرى طفقوا يتساءلون أيان مرساها (وصلنا وين يا جماعة)!؟

إننا لم نعبر بعد حتى نصل، لكن التغيير قادم قريب جداً لا محال، فيا أيها المرجفون قطار الثورة آتٍ وإن تأخر قليلاً في الوصول عن الساعة الواحدة ظهراً!

آخر الكلام: لابد من الديمقراطية وان طال.

الوسومالسودان امريكا حرب الجيش والدعم السريع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان امريكا حرب الجيش والدعم السريع

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تعلن دعمها للفلبين في بحر الصين الجنوبي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، دعمها للفلبين في منطقة بحر الصين الجنوبي في مواجهة تحركات البحرية الصينية.

وجاء في بيان على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب حليفتها الفلبين في إدانة الأفعال - التي وصفتها بأنها - "غير آمنة وغير مسؤولة" التي قامت بها البحرية التابعة لقوات جيش التحرير الشعبي الصينية للتدخل في عملية جوية بحرية فلبينية بالقرب من شعاب سكاربورو.

واقتربت مروحية صينية من طائرة تابعة لمكتب مصايد الأسماك والموارد الفلبيني، كانت تقوم بتحليق روتيني، على مسافة ثلاث أمتار، مما عرض سلامة الطائرة وطاقمها للخطر.

وتابعت الخارجية الأمريكية أن هذا الحادث يأتي بعد مناورات "غير آمنة وغير مهنية" قامت بها الصين في 11 فبراير، والتي عرضت طائرة أسترالية كانت تقوم بدورية بحرية روتينية في بحر الصين الجنوبي للخطر.

وذكر البيان "تعد الأفعال المتهورة للصين مثل هذه تهديدًا للملاحة والطيران في بحر الصين الجنوبي، وسوف نواصل دعم حلفائنا وشركائنا لضمان منطقة هادئة ومفتوحة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.. نحن ندعو الصين إلى الامتناع عن الأفعال القسرية وتسوية نزاعاتها سلميًا وفقًا للقانون الدولي".

وتمتد معاهدة الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة والفلبين لعام 1951 لتشمل الهجمات المسلحة على القوات المسلحة الفلبينية، أو السفن العامة، أو الطائرات ــ بما في ذلك تلك التابعة لخفر السواحل ــ في أي مكان في بحر الصين الجنوبي.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة: زيلينسكي سيوقّع "صفقة المعادن النادرة"
  • تفاصيل هدنة غير معلنة بين الولايات المتحدة والحوثيين
  • سفارة المملكة في الولايات المتحدة تحتفل بيوم التأسيس
  • الولايات المتحدة ترفض قرارا أمميا يدعم أوكرانيا
  • الخارجية الصينية تؤكد على أهمية الحوار مع الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة تعلن دعمها للفلبين في بحر الصين الجنوبي
  • استطلاع: تراجع شعبية ترامب في الولايات المتحدة
  • بوتين: المحادثات الروسية الأمريكية التي انعقدت في العاصمة السعودية الرياض كانت “إيجابية”.. ويسعدني لقاء ترامب
  • هل تستطيع أوروبا حماية أراضيها بدون الولايات المتحدة؟
  • حقيقة إعلان ترامب عن فساد بقيمة تريليون دولار في الولايات المتحدة