عربي21:
2025-02-20@23:36:23 GMT

كابوس يناير الذي لا ينتهي

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

رغم مرور 14 عاما على ثورة 25 يناير (كانون الثاني) المصرية إلا أن كابوسها بالنسبة لخصومها لا يزال قائما، يقض مضاجعهم، وينكد معيشتهم، ما يدفعهم لمحاولة محوها من الذاكرة الوطنية، وفي الطريق إلى هذا المحو يتم تشويهها، وإلصاق كل أزمات الشعب المصري بها على غير الحقيقة، وعلى خلاف الدستور الذي لا يزال يتحدث عنها بتقدير وإجلال، واعتبار ذكراها يوم عطلة رسمية.



وحتى هذه العطلة السنوية بمناسبة ذكرى ثورة يناير عادت أذرع النظام الإعلامية لاعتبارها عطلة بمناسبة عيد الشرطة، وليس ثورة يناير (بالمخالفة مجددا للدستور والقانون). وللتذكير هنا فقد كان يوم 25 يناير 1952 معركة بطولية للشرطة المصرية في الإسماعيلية في مواجهة الاحتلال الانجليزي الذي طالبها بتسليم سلاحها، لكنها رفضت وقدمت 50 شهيدا، وصار هذا اليوم هو العيد السنوي للشرطة، وقد انطلقت فيه أولى مظاهرات الثورة المصرية عام 2011 كاحتجاج على تجاوزات الشرطة، ثم صار هذا اليوم بعد ثورة يناير ذكرى لانطلاق الثورة.

تشويه يناير التي يكرمها الدستور يجري من أعلى رأس في السلطة، وهو السيسي الذي كرر اتهاماته للثورة بالتسبب في الأزمات التي يعاني منها المصريون، كما تعهد أكثر من مرة بعدم سماحه بتكرار تلك الثورة مجددا، رغم أنه لولا هذه الثورة لبقي في الخفاء لا يعرفه أحد وفي أقصى تقدير كان يمكن أن يكون محافظا لمحافظة حدودية.

تشويه يناير التي يكرمها الدستور يجري من أعلى رأس في السلطة، وهو السيسي الذي كرر اتهاماته للثورة بالتسبب في الأزمات التي يعاني منها المصريون، كما تعهد أكثر من مرة بعدم سماحه بتكرار تلك الثورة مجددا، رغم أنه لولا هذه الثورة لبقي في الخفاء لا يعرفه أحد وفي أقصى تقدير كان يمكن أن يكون محافظا لمحافظة حدودية
تتزامن ذكرى يناير هذا العام مع عدة أحداث مهمة داخليا وخارجيا، تزيد من درجة مخاوف النظام، فهي تأتي عقب انتصار الثورة السورية بعد مخاض عسير، استمر 13 عاما، لكنها نجحت في نهاية المطاف في الإطاحة بنظام الأسد، وبجيشه وشرطته، وحزبه، ومليشياته، وداعميه الإقليميين، وفتحت أبواب الأمل أمام شقيقاتها المتعثرات من ثورات الربيع العربي التي تعرضت لضربات الثورة المضادة، وعلى رأسها الثورة المصرية. فسقوط نظام بشار وهو أعتى من نظام السيسي يعطي رسالة بأن سقوط النظام المصري أيضا ليس مستحيلا.

أما المتغير الثاني فهو انتهاء حرب غزة، مع فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي وكل داعميه في القضاء على المقاومة، وخاصة حركة حماس التي تمثل امتدادا لجماعة الإخوان الخصم الأبرز لنظام السيسي، والتي مثل صمودها في المعركة رغم تكالب الجميع عليها إقليميا ودوليا إلهاما لكل المناضلين من أجل الحرية.

أما الأمر الثالث المهم فهو تصاعد الغضب الشعبي داخل مصر بسبب تزايد الأزمات المعيشية، مع ارتفاع الأسعار، وتراجع قيمة الجنيه، وتصاعد أزمة الديون المحلية والدولية إلخ.

وقبل أيام من حلول ذكرى يناير تصاعدت دعوات التغيير، وهي تتراوح بين 3 أشكال، منها دعوات إصلاح جزئي من أحزاب داخل مصر، ودعوات للتغيير السياسي السلمي تصدر أيضا من قوى داخل وخارج مصر، وأخيرا دعوة للتغيير المسلح أعلنها أحد المصريين من دمشق، الذي كان يضع سلاحه أمامه على الطاولة، وبجواره بعض الملثمين، ورغم أنني شخصيا ضد التغيير المسلح، والذي لا يصلح أساسا مع الوضع في مصر، ورغم أن السلطات السورية اعتقلت صاحب الدعوة (أحمد المنصور) ورفاقه، إلا أن حالة الهلع لا تزال قائمة لدى النظام المصري وأذرعه، وهو يستغل هذه الدعوة في الوقت نفسه لبث الرعب في نفوس المصريين، ولثنيهم عن مطلب التغيير أو حتى الإصلاح الجزئي.

لكن أصواتا أخرى أكثر تشددا وأكثر نفاذا ترى أن أي تنفيس مهما قلت درجته كفيل بفتح الباب للانفجار الشعبي، ويتبنى هذا الرأي تحديدا جهاز الأمن الوطني، الذي يحتفظ بثأر بايت مع ثورة يناير نظرا لما تعرض له بعدها. وهذا الرأي هو الأكثر قبولا لدى السيسي، لأنه يخاطب دوما مخاوفه، لكن هذا الرأي والذي يقود سياسات القمع والتشدد حاليا سيكون هو السبب في الانفجار الشعبي
في مواجهة مطالب التغيير أو حتى الإصلاح الجزئي، حرص النظام على تشديد قبضته القمعية كرسالة أنه لا يخشى هذه الدعوات، وأنه سيواجهها بكل حزم، وشنت الشرطة المصرية حملة اعتقالات جديدة في العديد من الأماكن، شملت أيضا الكثيرين ممن سبق اعتقالهم، كما ألقت الشرطة مؤخرا القبض على زوجة أحد الصحفيين المعتقلين، وعلى إعلامي أجرى معها حوارا صحفيا في موقع الكتروني، ورغم أنها أخلت بكفالة مالية كبيرة سبيل السيدة (ندى مغيث زوجة الصحفي أشرف عمر) إلا أنها أبقت الإعلامي أحمد سراج قيد الحبس الاحتياطي بسبب إجراء ذلك الحوار الصحفي، كما أحالت السلطات الناشر هشام قاسم مجددا للتحقيق في تهم سبق محاكمته وحبسه بسببها.

رغم محاولات القمع إلا أن دعوات التغيير لا تزال متصاعدة من داخل مصر، حيث طالبت عدة أحزاب وقوى سياسية بالتغيير السلمي تجنبا لفوضى متوقعة يدفع ثمنها الوطن كله، وتضمنت مطالب التغيير حتى الآن الدعوة إلى إجراء انتخابات تنافسية حقيقية رئاسية وبرلمانية نزيهة، تحت إشراف قضائي كامل وتحت رقابة حقوقية دولية، وتحرير الإعلام من قبضة الأجهزة الأمنية، والإفراج عن المعتقلين السياسيين.

داخل المنظومة الأمنية للنظام أصوات تدعو لقدر من التنفيس بهدف إطالة عمر النظام، وهي تستند إلى تجربة مبارك الذي سمح بقدر قليل من الإصلاحات مكنته من الحكم لمدة ثلاثين عاما، لكن أصواتا أخرى أكثر تشددا وأكثر نفاذا ترى أن أي تنفيس مهما قلت درجته كفيل بفتح الباب للانفجار الشعبي، ويتبنى هذا الرأي تحديدا جهاز الأمن الوطني، الذي يحتفظ بثأر بايت مع ثورة يناير نظرا لما تعرض له بعدها. وهذا الرأي هو الأكثر قبولا لدى السيسي، لأنه يخاطب دوما مخاوفه، لكن هذا الرأي والذي يقود سياسات القمع والتشدد حاليا سيكون هو السبب في الانفجار الشعبي، وهو ما سبق ثورة يناير أيضا، رغم أن القمع قبل يناير كان أقل كثيرا مما يجري حاليا، وبالتالي فإن الانفجار قادم طال الزمن أو قصر إذا استمرت هذه السياسات.

x.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ثورة 25 يناير المصرية السيسي التغيير القمعية مصر السيسي ثورة قمع 25 يناير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ثورة ینایر هذا الرأی رغم أن إلا أن

إقرأ أيضاً:

خلاف ينتهي بالحكم على 5 أشقاء بالإعدام

خاص

أحالت محكمة جنايات نجع حمادي في مصر، اليوم أوراق 6 متهمين بينهم 5 أشقاء إلى مفتي مصر لأخذ رأيه الشرعي في إعدامهم.

وجاء الحكم بالإعدام بعدما تسببوا في قتل 4 أشخاص؛ بسبب خلافات على محجر بقرية أبودياب غرب في مركز دشنا بمحافظة قنا، وذلك في عام 2023.

وحددت محكمة جنايات نجع حمادي، في حكمها الصادر الأربعاء، شهر أبريل المقبل للنطق بالحكم.

مقالات مشابهة

  • الحصيني : رمضان ينتهي 29 مارس والمحكمة العليا هي التي تؤكد أو تنفي
  • ما الذي دار بين السيسي ورئيس الكونغرس اليهودي العالمي؟.. يديعوت تكشف
  • خلاف ينتهي بالحكم على 5 أشقاء بالإعدام
  • العودة إلى الشمال كابوس أمني يلاحق الإسرائيليين
  • كاتب صحفي: زيارة السيسي لإسبانيا مهمة.. ومصر حشدت الرأي العالمي تجاه ما يحدث بغزة|فيديو
  • كاتب صحفي: زيارة السيسي لإسبانيا مهمة.. ومصر حشدت الرأي العالمي تجاه ما يحدث بغزة
  • الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف للباحث مهدي محمد المشاط من كلية التجارة بجامعة صنعاء
  • الماجستير للباحث مهدي محمد المشاط من كلية التجارة بجامعة صنعاء
  • كابوس الحلم الأمريكي.. خطة ترامب تحول حياة المهاجرين إلى جحيم
  • كابوس أسود يؤرق أهلها.. مخاوف من كارثة وشيكة بزليتن الليبية