موقع 24:
2025-01-19@14:25:18 GMT

 النصر الوهمي: أكاذيب تُدمر الأوطان

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

 النصر الوهمي: أكاذيب تُدمر الأوطان

في زمن تتراكم فيه الأنقاض، وتغطي السحب السوداء سماء الأوطان، يطل علينا قادة الميليشيات والجماعات المسلحة من خلف المنابر ليعلنوا "النصر العظيم". النصر؟ عن أي نصر يتحدثون؟ هل يقصدون ركام المدن؟ أم جثث الأبرياء؟ أم تلك العائلات التي تهيم بلا مأوى؟ يبدو أن هؤلاء قد وجدوا تعريفًا جديدًا للنصر، تعريفًا يخصهم وحدهم، تعريفًا يضع الخراب والدمار في خانة الإنجازات.


إذا كان النصر يعني تدمير الأوطان وتهجير الشعوب، فلعلنا نحتاج إلى إعادة النظر في كل ما تعلمناه عن مفاهيم النجاح والفشل. هؤلاء القادة، ببذلاتهم الأنيقة وأسلحتهم التي يلوحون بها كالبهلوانيين في سيرك دموي، يدّعون أنهم يقودون شعوبهم نحو الكرامة. ولكن، أي كرامة تلك التي تُبنى على جثث الأبرياء؟ وأي مجد يتحقق بين أنقاض المنازل؟
أليس من المثير للسخرية أن تُطلق هذه الجماعات على نفسها اسم "حركات المقاومة"، بينما هي تقاوم كل منطق وكل حقيقة؟ إن المقاومة الحقيقية هي تلك التي تدافع عن الشعوب، لا التي تسحقها تحت شعاراتها الرنانة. ولكن، حين تتجرأ مجموعة محدودة الإمكانات على مهاجمة دول تمتلك جيوشًا تمتلك أسلحة تضعها على قمة هرم القوة العالمية، ماذا نتوقع؟ هل ننتظر انتصارًا عظيمًا؟ أم كارثة محققة؟
برتراند راسل قال ذات يوم: “الحماقة هي أن تفعل الشيء نفسه مرارًا وتكرارًا، وتنتظر نتائج مختلفة.”، وهذا بالضبط ما تفعله هذه الجماعات. تشعل الحرب تلو الأخرى، تدخل في معركة غير متكافئة، وتكرر نفس الأخطاء التي دفعت الشعوب ثمنها من قبل. ثم، عندما تغرق السفينة، يخرج القبطان ليقول بفخر: “لقد حققنا النصر!”
إن كان هذا ليس تعريف الحماقة، فما هو إذن؟ إذا لم يكن هذا استهتارًا فاضحًا بأرواح الناس ومستقبلهم، فما هو الاستهتار؟ يبدو أن هذه الجماعات تُؤمن بأن الشعوب ليست سوى أرقام في دفاتر الخسائر، أرقام يمكن تعويضها بسهولة. كأن الإنسان بالنسبة لهم مجرد ورقة تسقط من شجرة ولا يُلقي أحد بالًا لها.
حين تُشعل الجماعات المسلحة نيران حرب عبثية، فإنها لا تُلقي بالًا لحجم الدمار الذي ستخلفه وراءها. فهذه ليست مشكلتها. مشكلتها الوحيدة هي أن يظهر قائدها بمظهر البطل أمام عدسات الكاميرات. بطلٌ لا يحمل من البطولة سوى الاسم، قائدٌ يختبئ في مخبئه المجهول بينما يدفع الأبرياء ثمن مغامراته العبثية.
وهنا، نتساءل: أي نصر هذا الذي يتحقق على أنقاض المدن؟ وأي كرامة تُبنى فوق جثث الأطفال؟ هل أصبحت الشعارات الرنانة تبريرًا كافيًا لكل هذه الفظائع؟
والحكومات الوطنية، تلك التي تستحق هذا الاسم، تفهم أن النصر الحقيقي لا يقاس بعدد الصواريخ التي أُطلقت، ولا بعدد المباني التي انهارت. النصر الحقيقي هو الذي يحمي الشعوب، يُحافظ على الأرواح، ويضمن مستقبل الأجيال القادمة. أما هؤلاء، فلا يرون في الشعوب سوى وقودٍ لحروبهم العبثية، وسيلة لتحقيق أهداف لا يعرف حقيقتها أحد، ربما حتى هم أنفسهم.
ألم يكن من الحكمة أن تتوقف هذه الجماعات للحظة وتسأل نفسها: هل نحن مؤهلون لهذا؟ هل لدينا القدرة على مواجهة عدو بهذا الحجم؟ أم أن الأمر  لا يتعدى كونه مقامرة بحياة الأبرياء؟ ولكن، للأسف، الحكمة ليست جزءًا من قاموسهم.
في نهاية المطاف، هذه الجماعات لا تُجيد شيئًا سوى بيع الشعارات الفارغة. شعارات تغطي بها عجزها وفشلها في حماية من تزعم أنها تدافع عنهم. الشعوب ليست بحاجة إلى شعارات، بل إلى أفعال حقيقية. الشعوب بحاجة إلى قادة يفكرون في سلامتها وأمنها، لا إلى تجار حروب يضعون مصالحهم فوق كل اعتبار.
وكما قال جون ستيوارت مل: “الحرية الحقيقية تأتي من القدرة على بناء مستقبل أفضل، لا من تدمير الحاضر.”، ولعل هذا هو الدرس الذي يجب أن تتعلمه هذه الجماعات، قبل أن تُلقي بالمزيد من الشعوب إلى هاوية العبث والخراب.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة غزة وإسرائيل هذه الجماعات تعریف ا التی ت

إقرأ أيضاً:

هل المهدي من علامات الساعة وكيف تروج له الجماعات المتطرفة؟ الأزهر يحسم الجدل

هل المهدي من علامات الساعة؟ يظهر المهدي في آخر الزمان حيث ينتشر في الأرض الفساد، والظلم، وتَكثُر المُنكَرات، فيأذن الله بخروج رجل صالح يجتمع له المؤمنون، فيكون قائدًا حاكمًا يُصلِح اللهُ على يديه أحوالَ الأمّة، ويكون اسمه محمد بن عبدالله، ويخرج من مكة المُكرمة، فيُبايعه الناس عند الكعبة على السمع، والطاعة، والاتِّباع، فيحكم المسلمين بضع سنين يَنعمون فيها بالعدل والخيرات، وتَعظُم الأمّة.

وروي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "يخرجُ في آخرِ أُمَّتي المهديُّ، يَسقِيه اللهُ الغَيْثَ، وتُخرِجُ الأرضُ نباتَها، ويُعطِي المالَ صِحاحًا، وتكثُرُ الماشيةُ، وتَعظُمُ الأُمَّةُ، يعيشُ سبعًا، أو ثمانيًا" وقد تحدّث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيضًا عن صفات المهدي الخَلقيّة بقوله: «المَهْديُّ منِّي، أجلى الجبهةِ، أقنى الأنفِ، يملأُ الأرضَ قسطًا وعدلًا».

المهدي المنتظر


أكد الدكتور أحمد عبد العال، الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن فكرة "المهدي المنتظر" قد تم استغلالها عبر العصور من قبل الدجالين وأصحاب الأجندات المتطرفة، ورغم هذا الاستغلال، أن الإيمان بالمهدية لا يعني نفي وجود المهدي، بل هو حقيقة إيمانية عند أهل السنة، إذ وردت فيه أحاديث بلغت حد التواتر المعنوي.

وأشار الباحث بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، في تصريح له،  إلى أن المهدي المنتظر بحسب المعتقد السني هو رجل شاب من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن اسمه يُشتق من الحمد، مثل "محمد" أو "محمود" أو "أحمد"، كما أن "المهدي" هو لقب له وليس اسمه.

وأضاف عبد العال أن التنظيمات المتطرفة قد استغلت فكرة المهدي بشكل خطير، حيث صورت نفسها كجماعات مظلومة جاءت لرفع الظلم عن الناس، مما دفعها إلى التحريض على التعجيل في خروج المهدي عبر الانخراط في المعارك والصراعات، مشددا على أن فكرة التعجيل بخروج المهدي ليست فكرة دينية، بل هي مغالطة لم ترد في القرآن أو السنة.

وفيما يتعلق بمنهج البحث العلمي في هذه القضايا، أكد عبد العال أن فهم النصوص الشرعية يتطلب أدوات علمية سليمة، وأن من أبرز ما يميز المهدي المنتظر هو أنه لا يعرف نفسه ولا يدعو الناس إليه، موضحا أن المهدي لا يسعى للحكم أو الثورة، بل هو رجل مصلح يسعى لجمع القلوب ويُبايع رغم كراهته لذلك، كما جاء في الحديث الشريف.

وركز عبد العال على أن فكر المهدي ذاته يرد على المتطرفين، حيث يتحدث الحديث النبوي عن المهدي قائلاً: "يملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما ملئت جورًا وظلمًا"، وبالتالي، فإن المهدي يعمل على التعمير والبناء، في حين أن التنظيمات المتطرفة لا ترى إلا الخراب والدمار.

أمين الفتوى يوضح حكم بيع الذهب بالذهبأمين الفتوى يكشف حكم الإسلام في ظروف المرضى خلال رمضان

فكرة التعجيل بالمخلص

وأبان أن فكرة التعجيل بالمخلص تتناقض مع المنطق الديني والاجتماعي، إذ إن التغيير الإيجابي يتحقق عبر العمل السلمي والتطوير، لا بالعنف والتدمير، مؤكدا على أهمية أن يكون المسلم إيجابيًا ومنتجًا في حياته وفي مجتمعه، حتى في أوقات الشدة.

وأضاف: "حتى وإن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم الساعة حتى يغرسها فليغرسها"، مشددًا على ضرورة العمل المستمر والمساهمة الفاعلة في إصلاح المجتمع حتى آخر لحظة. 
 

 استغلال جماعات التطرف لظهور المهدي المنتظر"

أفاد بأن العديد من الأديان، سواء السماوية أو غير السماوية، تتشارك في فكرة وجود مخلص يظهر في آخر الزمان ليقوم بمهمة إنقاذ البشري، موضحا أن هذه الفكرة قد أثارت العديد من الأساطير حول صفات هذا المخلص، وموعد ظهوره، وهوية هذا الشخص، ما جعلها مادة خصبة للاستغلال من قبل التنظيمات المتطرفة.

وأبان هذه التنظيمات قد استغلت فكرة المهدي المنتظر بشكل كبير، حيث زعمت أنها تساهم في تمهيد الطريق لظهوره من خلال أعمالها مثل الجهاد أو إقامة دولة الخلافة، مشيرا إلى أحد التنظيمات المتطرفة التي ربطت أعمالها العنيفة بفكرة "المعركة الكبرى" أو "الملحمة" التي ستحدث في آخر الزمان في دابق، وزعمت أن هذه المعركة ستسهم في تمهيد الطريق لظهور المهدي.

والمح إلى أن هذه الفكرة تم استغلالها بشكل خاطئ، وأن التطرف في قضية المهدي قد ظهر في اتجاهين، الأول هو اتجاه أولئك الذين فهموا قضية المهدي بشكل غير صحيح، حيث اعتمدوا على جزء بسيط من الأدلة الواردة في هذا الموضوع، مما دفعهم إلى تصديق من يدعي المهدية أو حتى إسقاطها على من لم يدعِها، و في المقابل، هناك اتجاه آخر، وهو إنكار المهدي بشكل كامل، وكأنهم لم يقرأوا الأحاديث الصحيحة التي وردت في هذا الشأن.

ولفت  إلى أن العلماء المسلمين كانوا قد ردوا على هؤلاء المنكرين، وبينوا أن الأحاديث المتعلقة بالمهدي صحيحة ومتواترة، حيث أخرجها العديد من الأئمة مثل أبي داوود، والترمذي، وابن ماجه، وقد أُسندت إلى أكثر من 50 صحابيًا وتابعيًا، مما يثبت صحة هذه العقيدة في الإسلام.

وشدد على أهمية التوجه الصحيح لفهم قضية المهدي المنتظر بعيدًا عن الخرافات والشعوذات، محذرًا من التهاون في شعائر الإسلام أو الوقوع في الفتن بسبب هذه الادعاءات الباطلة، مؤكدا أن مثل هذه الاعتقادات المنحرفة تؤدي إلى الفتن والتفرقة والجهل، وهو ما يستوجب التصدي لها بفهم صحيح ومتوازن من خلال تعاليم الدين وفتاوى العلماء الموثوقين.

وختم بالتأكد على أن الأمر يتطلب وعيًا جمعيًا من المسلمين للتصدي لهذه الأفكار المتطرفة والحرص على اتباع المنهج العلمي السليم لفهم قضايا الدين.
 

مقالات مشابهة

  • ماهر فرغلى: الإخوان يريدون هدم الأوطان.. وبناء أخرى على مقاس الجماعة
  • روجت أكاذيب عن خط الأطفال وسرقة أعضائهم.. سيدة دمياط تواجه هذه العقوبة
  • ما بين جوبا وودمدني، السياسة ووجدان الشعوب
  • ما بين جوبا وود مدني، السياسة ووجدان الشعوب
  • السِمنة في طي النسيان؟ العلماء يعيدون تعريف المرض
  • هل المهدي من علامات الساعة وكيف تروج له الجماعات المتطرفة؟ الأزهر يحسم الجدل
  • الجمعان: ليست النتيجة التي حضرنا من أجلها وهناك تغييرات قادمة
  • العلماء يعملون على تغيير تعريف السمنة
  • درس غزة المنتصرة