سودانايل:
2025-01-19@13:01:53 GMT

خيار الصفر

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

فتحي الضَّو

بات السؤال يتمدد ويتجدد كل يوم حول موقف الولايات المتحدة الأمريكية ممَّا يجري في السودان، وذلك منذ بداية حرب البلهاء في منتصف أبريل2023م وحتى يوم الناس هذا. ليس لأن الولايات المتحدة الأمريكية تملك 99%؜ من أوراق الحل بمثلما كان يردد الرئيس المصري الراحل أنور السادات دوماً. كما وأنه ليس جراء (أنيميا) حادة في الحس الوطني كما يتبادر خطلاً لأذهان بعض المخلصين لأيدولوجياتهم، ولكن لأن الحلول الوطنية نفسها أصبحت كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، والولايات المتحدة الأمريكية – ذاتها في ظل نهوض دول أخرى – لم تعُد تلك الدولة الأوحد التي تأمُر فتُطاع.


لكن مع ذلك ما تزال تلك الدولة العظمى المؤثرة في السودان وغيره. على كُلٍ، في محاولة منَّا لإيجاد حل لسؤال الفريضة الغائبة المذكور أعلاه، عزا كاتب هذه السطور الأمر برُمته إلى ما يُسمى في أجندة السياسة الخارجية الأمريكية (استراتيجية خيار الصفر) وهي الاستراتيجية المعنية بكيفية التعامل مع الدول الناشزة، أي بؤر التوتر في العالم الثالث، وبخاصة تلك التي تحدث بين طرفين يصعب عليها المفاضلة بينهما من حيث المصالح، والتي تبدو لناظرها عصية أيضاً. وقلنا عندئذٍ سوف تلجأ إلى استراتيجية خيار الصفر. وهي باختصار تعني التعامل مع المشكلة وفق ثلاث احتمالات أو مستويات:
أولاً؛ في حال عزَّ التدخل وباءت الجهود الدبلوماسية بالفشل ستدع هذا الطرف أو الأطراف المُتعددة تُمارس رذيلة الاقتال إلى أن تُنهمك وترعوى. عندئذٍ سيسهل جرهم إلى طاولة التفاوض. وهذا السيناريو هو الذي طُبق في الصومال في تسعينيات القرن الماضي، وتحديداً بعد سقوط نظام سياد بري حينما برزت المليشيات المُتكاثرة. وتلك حالة تتقارب وتتواءم نسبياً مع الأوضاع الراهنة في السودان.
ثانيا: خيار الانحياز الواضح بالتوجه نحو طرف تعلو معه مصالح بعينها تفوق تلك التي مع الطرف الاخر. وهو السيناريو الذي تم تطبيقه في أثيوبيا حينما أصبحت (مليشيا) التيجراي على أبواب العاصمة أديس أبابا، فلم تتردد الإدارة الأمريكية في إرسال مدداً تسليحياً نوعياً مكَّن حكومة أبيي أحمد من دحرهم رغم الإبادة الجماعية المأساوية، والتي مارس فيها المجتمع الدولي صمت أهل القبور.
ثالثاً؛ السيناريو اللا مبالٍ والذي جسده المثل الصيني القائل (أنتظر عند المصب فسوف يحمل لك النهر جثة عدوك) وهو السيناريو المُعقَّد الذي يرتجي من السماء أن تمطر حلاً، بغض النظر عن الفترة الزمنية التي يستغرقها أو الخسائر الجسيمة التي تتكبدها كل الأطراف، وهذا يماثل نسبياً أيضاً الأوضاع الجامدة أو المجمدة في ليبيا وقد سبقتها أفغانستان في هذا المضمار.
وفق هذا المنظور وعلاوة على ما سبق ذكره، لا يمكن تغافل التطورات التي طرأت مُؤخراً في الملف السوداني من قِبل الولايات المتحدة والتي قضت بتجميد أرصدة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (التي تبلغ على مسؤولية كاتب هذا المقال نحو خمسة مليار دولار) وقد سبقه في ذلك تجميد أرصدة خصيمه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، والمعروف عنها أنها لا تُحصى ولا تُعد.
واقع الأمر قد يبدو إجراء الحظر هذا مُربكاً، إذ يشي بأن الإدارة الأمريكية حددت خارطة طريق تستبعد المذكورين من المشهد السياسي مستقبلاً، وإذا ما أسلمنا جدلاً بذلك ماذا عن المشهد السياسي راهناً. لا سيَّما وأن الولايات المتحدة الأمريكية تبدو كمن ألقت بهما في اليم وقال لهما إياكما أن تبتلا بالماء. وذلك في ضوء جهودها الرامية إلى حدوث اختراق في تفاوض محتمل. الحقيقة ذلك ليس موقفاً جديداً، فقد أعلنت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً أنها تحث كل الأطراف على ضرورة تأسيس جيش واحد. وهو موقف راسخ في أجندتها، لم يتغير منذ سقوط نظام العُصبة ذوي البأس في أبريل 2019م إن لم يكن قبله. لربما ركنت حينئذٍ لمنطق لكل حادثة حديث إذا ما بلغت القلوب الحناجر!
بنفس القدر في التشدد جهرت الولايات المتحدة برأيها في استحالة عودة النظام القديم وهم الذين نسميهم (كيزان الإسلامويين) مرة (وفلول المؤتمر الوطني) مرة ثانية. كذلك صدعت برأيها في ضرورة تولي المدنيين دفة الحكم في البلاد، والخيار الأخير هذا يتسق مع توجهاتها وسياساتها حيال كل دول العالم وليس السودان وحده، لكن الموجهة لهم الرسالة ما زالوا يغطون في ثبات عميق، كلما استيقظوا بين الفينة والأخرى طفقوا يتساءلون أيان مرساها (وصلنا وين يا جماعة)!؟
إننا لم نعبر بعد حتى نصل، لكن التغيير قادم قريب جداً لا محال، فيا أيها المرجفون قطار الثورة آتٍ وإن تأخر قليلاً في الوصول عن الساعة الواحدة ظهراً!
آخر الكلام: لابد من الديمقراطية وان طال.

faldaw@hotmail.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

"تيك توك" يتوقف عن العمل في الولايات المتحدة

أبلغت شركة "تيك توك" المستخدمين في الولايات المتحدة في وقت متأخر من السبت، أن تطبيقها "لن يكون متاحا مؤقتا" اعتبارا من الأحد، عندما يبدأ سريان القانون الذي يحظر التطبيق في البلاد.

وإذا حاول المستخدمون الولوج إلى التطبيق، فسوف يجدون رسالة تقول إن القانون "أجبرنا على تعليق خدماتنا مؤقتا. نعمل على استعادة الخدمة في الولايات المتحدة في أقرب وقت ممكن".

مقالات مشابهة

  • سياسة الولايات المتحدة الأمريكية نحو السودان كانت سببا رئيسيا في الحرب
  • "تيك توك" يتوقف عن العمل في الولايات المتحدة
  • أستاذ علوم سياسية: الولايات المتحدة الأمريكية تشهد توجها ضد النخب
  • المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قانونا يحظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة
  • السودان يرفض العقوبات الأمريكية على البرهان
  • الاعيسر: قرار الولايات المتحدة الظالم ضد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان يفتقر للشرعية القانونية
  • الخارجية السودانية: نرفض ونستنكر العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية على رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان
  • رويترز: الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على قائد الجيش السوداني
  • تساقط الثلوج على المرتفعات التي تفوق 1000 متر بهذه الولايات