أصبحت القيود على الصادرات أداة محورية في تحديد نطاقات الهيمنة التقنية والاقتصادية في حقبة باتت فيها التكنولوجيا العامل الحاسِم لقوة الدول على الساحة الدولية.

أمست القيود على الصادرات أداةً رئيسة في صياغة مجالات النفوذ التقني

مع انتهاء ولاية الرئيس جو بايدن، أعلنت الإدارة الأمريكية عن "الإطار التنظيمي للتوزيع المسؤول لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدم".

وبموجب إعلان صادِر عن مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأمريكية، يُقدِّم هذا الإطار ضوابط جديدة شاملة تطال رقائق الحوسبة المتطورة وأوزان نماذج الذكاء الاصطناعي.
وتشمل هذه الضوابط اشتراطات الحصول على تراخيصٍ لتصدير السلع وإعادة تصديرها ونقلها داخل الدولة إلى نطاقٍ واسع من الدول، باستثناء الحلفاء والشركاء المُعْتمدين لضمان عدم تعطل الأنشطة التجارية والبحثية.

 

Just a week before he vacates the White House, President Biden signed the Interim Final Rule on Artificial Intelligence Diffusion, which includes Israel in a list of countries to which certain restrictions will apply on the import of graphics processors.https://t.co/WO1iCt1q78

— The Jerusalem Post (@Jerusalem_Post) January 15, 2025

واعتبر محمد سليمان، مدير برنامج التقنيات الإستراتيجية والأمن السيبراني في معهد الشرق الأوسط، هذا الأمر بمنزلة مناورة جريئة لكنه يثير أسئلةً ملحة. على الصعيد المحليّ، كيف سيتفاعل فريق ترامب القادم مع هذه القواعد التنظيمية التي صدرت في اللحظات الأخيرة بينما يعكف أعضاء الفريق على وضع استراتيجيتهم التقنية الخاصة، محاولين الموازنة بين احتواء صعود نجم التكنولوجيا الصينية ودعم مجتمع الأعمال.
وعلى المستوى العالميّ، بغض النظر عن بقاء القواعد التنظيمية تحت إدارة ترامب أو تغيرها، فستؤدي دوراً مهماً في تشكيل مستقبل الشراكات التكنولوجية الدولية.


الاستراتيجية التقنية الأمريكية

وأوضح سليمان، وهو عضو في شركة ماكلارتي أسوشيتس، وباحث رفيع المستوى غير مقيم في معهد أبحاث السياسة الخارجية، في مقاله بموقع "ماشونال إنترست" أن الإستراتيجية الأمريكية تتمحور حول هدفين رئيسين: تعزيز الهيمنة الأمريكية في مجال الحوسبة المتخصصة بالذكاء الاصطناعي – وهي الركيزة الأساسية التي تعوِّل عليها نماذج الذكاء الاصطناعي – وإقصاء الصين عن المنافسة التكنولوجية في المستقبل القريب.
ونظراً لامتلاك الولايات المتحدة أكثر من 70% من القدرة الحاسوبية المتقدمة للذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، تتمتع واشنطن بأفضليةٍ كبيرة في سباق التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي. ووُضِعَت ضوابط التصدير المُعلنة حديثاً هذه للحيلولة دون تضييق الصين لهذه الفجوة.


3 فئات للسوق العالمية

وأوضح الكاتب أنه عن طريق تقسيم السوق العالمية الى ثلاث فئات –  الاولى تضم دولاً متحالفة مع الولايات المتحدة كأعضاء تحالف العيون الخمس وحلفاء غربيين رئيسين ورواد أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل كوريا الجنوبية واليابان وتايوان (مع استبعادٍ واضح للاتحاد الأوروبي)؛ والفئة الثانية "قائمة رمادية" تشمل دولاً كالهند وإسرائيل والسعودية والإمارات وجزء كبير من بقية دول العالم؛ والفئة الثالثة كتلة خصوم بقيادة الصين وروسيا – تعكف الولايات المتحدة بهمةٍ ونشاط حاليّاً على تكوين نطاقات نفوذ تكنولوجية واقتصادية منفصلة.
وما كان في السابق محض إطار نظري للتحالفات والائتلافات التقنية والاقتصادية، التي غالباً ما كانت تُناقَش في ملخصات السياسات ودهاليز مراكز الأبحاث في واشنطن، أمسى الآن واقعاً ملموساً له تبعات عميقة على المستويات المالية والتكنولوجية والأمنية، والأهم من ذلك على المستوى الجيوسياسي.
ويُدْخِل الإطار تعديلات على برنامج المستخدم النهائي المُعتمَد لمراكز البيانات (VEU)، إذ ينفصل إلى فئتين: مستخدمون نهائيون معتمدون عالميون (UVEU) ومستخدمون نهائيون معتمدون وطنيون (NVEU).
وقد صُمِّمَت وحدات المستخدم النهائي المعتمدة العالمية (UVEUs) خصيصا للولايات المتحدة والجهات المتحالفة معها، إذ تتيح توسيع نطاق مراكز البيانات على مستوى العالم مع الالتزام بضوابط مشددة، كاشتراط الاحتفاظ بنسبة لا تقل عن 75% من الشرائح الإلكترونية المتطورة داخل أراضي الدول الحليفة.

"But the regulations also have broader goals: having allied countries be the location of choice for companies to build the world’s biggest data centers, in an effort to keep the most advanced A.I. models within the borders of the [US] and its partners." https://t.co/0NHCfc6CP7

— The National Bureau of Asian Research (@NBRnews) January 13, 2025



وتخضع أوزان نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة الآن، وخاصةً تلك التي دُرِّبَت باستخدام عمليات حسابية عددها 10، لضوابط مباشِرة، مع استثناءات للترخيص للشركات التي يقع مقرها الرئيسي في الولايات المتحدة والحلفاء الذين يستخدمون نماذج ذات أوزان مفتوحة أقل حساسية.



احتدام المنافسة العالمية

وأوضح الكاتب أنه في ظل احتدام المنافسة العالمية بين الدول لإنشاء تجمعات ضخمة من وحدات معالجة الرسوميات من أجل تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، تجد هذه الشركات نفسها مُحاصرَة بين الانصياع للضوابط المُستحدثة والتخلي عن حصصها في الأسواق العالمية الهامة من ناحية، والمجازفة بالتمرد على هذه الضوابط دفاعاً عن مصالحها الاقتصادية والحفاظ على مكانتها المهيمنة من ناحية أخرى.



التكنولوجيا هي الفيصل 

وأمست القيود على الصادرات أداةً رئيسة في صياغة مجالات النفوذ التقني والاقتصادي في زمنٍ باتت فيه التكنولوجيا هي الفيصل في تحديد موازين القوى على الصعيد الدولي. ولا يمكن أن تكون المخاطر أعلى من ذلك؛ فكيفية تطبيق هذه القيود ستُحدِّد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستُعزِّز موقفها بوصفها الجهة التي ترسي أسس نظام تكنولوجي عالمي جديد أم ستدفعها إلى التخلي عن صدارتها في ما يُعدّ بلا منازع السباق الأهم في القرن الحادي والعشرين.

 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب نماذج الذکاء الاصطناعی الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

تحسين لغة الإشارة عالمياً بواسطة الذكاء الاصطناعي

قام فريق بحثي بواسطة الذكاء الاصطناعي بتحسين دقة التعرف على لغة الإشارة على مستوى الكلمات، من خلال إضافة بيانات مثل يد الشخص الذي يستخدم لغة الإشارة وتعبيرات وجهه، إضافة إلى معلومات هيكلية عن موضع اليدين بالنسبة للجسم.

الإضافة الجديدة تحسن دقة التعرف على كلمات لغة الإشارة بنسبة 10-15%

وتم تطوير لغات الإشارة من قبل دول في جميع أنحاء العالم لتناسب أسلوب الاتصال المحلي، وتتكون كل لغة من آلاف الإشارات.

وقد جعل هذا من الصعب تعلم لغات الإشارة وفهمها.

والآن، اكتسب استخدام الذكاء الاصطناعي لترجمة الإشارات تلقائياً إلى كلمات، والمعروف باسم التعرف على لغة الإشارة على مستوى الكلمات، الآن دفعة في الدقة من خلال عمل مجموعة بحثية بقيادة جامعة أوساكا متروبوليتان باليابان.

ووفق "ساينس دايلي"، كانت طرق البحث السابقة تركز على التقاط المعلومات حول الحركات العامة للشخص الذي يستخدم لغة الإشارة.

مشاكل الدقة

لكن نشأت مشاكل الدقة من المعاني المختلفة التي يمكن أن تنشأ بناءً على الاختلافات الدقيقة في شكل اليد، والعلاقة بين موضع اليدين والجسم.

لذا، عمل الباحثان كاتسوفومي إينوي وماساكازو إيوامورا مع زملاء، بما في ذلك في المعهد الهندي للتكنولوجيا في روركي، لتحسين دقة التعرف بالذكاء الاصطناعي.

تعبيرات اليد

وأضاف الباحثون بيانات مثل تعبيرات اليد والوجه، فضلاً عن معلومات هيكلية عن وضع اليدين بالنسبة للجسم، إلى المعلومات المتعلقة بالحركات العامة للجزء العلوي من جسم الشخص الذي يستخدم لغة الإشارة.

وقال الدكتور إينوي: "لقد تمكنا من تحسين دقة التعرف على لغة الإشارة على مستوى الكلمات بنسبة 10-15% مقارنة بالطرق التقليدية. ونتوقع أن يتم تطبيق الطريقة التي اقترحناها على أي لغة إشارة، ما يؤدي على أمل تحسين التواصل مع الأشخاص الذين يعانون من ضعف الكلام والسمع في مختلف البلدان".

مقالات مشابهة

  • إيران تطلق أول عرض تجريبي للمنصة الوطنية للذكاء الاصطناعي في مجالات الطب والتشخيص
  • وزير الاتصالات : المملكة في “دافوس” تعزز الجهود العالمية لتطويع الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية
  • جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تستضيف مؤتمر اللغويات الحاسوبية الدولي غداً
  • جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تستضيف مؤتمر اللغويات الحاسوبية الدولي غدا
  • محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تستضيف مؤتمر اللغويات الحاسوبية الدولي
  • الإعلان عن سياسة الاستخدام المسئول للذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة - إصدار 2025
  • الذكاء الاصطناعي يتحدّث عن طفولته
  • لـ”قيادة العالم”.. بايدن يعلن خطة لتطوير مشاريع الذكاء الاصطناعي
  • تحسين لغة الإشارة عالمياً بواسطة الذكاء الاصطناعي