وماذا عن دفن النفايات النووية في السودان يا أمريكا
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
محمود عثمان رزق
01/18/2025
على مدار العقود الماضية، ارتبطت السياسة الأمريكية فيما يخص الشأن السوداني بجدل واسع حول استغلال النفوذ والهيمنة لتحقيق أهداف استراتيجية، وفي بعض الأحيان، التغطية على فضائح ذات أبعاد بيئية وأخلاقية خطيرة. واحدة من أبرز هذه القضايا المثيرة للجدل هي الادعاءات المتعلقة بدفن نفايات نووية أمريكية في السودان أثناء حربها على العراق، ولعل محاولة إستعادة مسرحية الأسلحة الكيماوبة في السودان قبل يومين من قِبلِ الديمقراطيين أعداء السودان، هو تغطية وضربة إستباقية من الإدارة لاإمريكية لشغل العالم بملف وإتهامات وهمية لا وجود لها أصلاً، وذلك من أجل الهروب من قضية النفايات النووية التي لها شهود والتي تخاف الإدارة الأمريكية من إثارتها.
في عام 2003 وفي سياق الحرب على العراق ظهرت تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة قد استغلت الأزمات السياسية والاقتصادية في دول إفريقية، مثل السودان، للتخلص من نفايات الأسلحة النووية التي استخدمتها في العراق حسب إفادات العراقيين. و ُزعم أن هذه الممارسات تمت تحت غطاء برامج تنموية أو مساعدات إنسانية، ما جعل السودان بمشاكله الكثيرة وغفلة أهله موقعًا مثاليًا لدفن مواد مشعة تشكل خطرًا طويل الأمد على البيئة وصحة الإنسان.
من جهة أخرى، واجه السودان في تلك الفترة اتهامات أمريكية باستخدام أسلحة كيميائية، خاصة في مصنع الشفاء للصناعت الدوائية في الخرطوم الذي قصفته الولايات المتحدة في عام 1998 بزعم أنه يُستخدم لإنتاج أسلحة دمار شامل مع عدم وجود أي أدلة تثبت صحة هذه الإفتراءت الأمريكية، فقد أثار هذا الحادث شكوكًا حول أهداف ونوايا الإدارة الأمريكية الحقيقية تجاه السودان. ولطالما استخدمت الولايات المتحدة روايات مكافحة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل كذرائع للتدخل في شؤون الدول الأخرى وخاصة في فترات حكم الديمقراطيين. وفي حالة السودان، قد تكون اتهامات الإدارة الإمريكية له باستخدام أسلحة كيميائية محاولة لصرف الأنظار عن أنشطة غير قانونية تتعلق بدفن نفايات نووية في الأراضي السودانية كما شهد بذلك أحد قادة الجيش العراقي.
هذه النفايات النووية الحربية تُعتبر تحديًا كبيرًا للدول المتقدمة بسبب كلفتها العالية في التخلص منها بطرق آمنة. وعليه، فإن استغلال دول ذات بنى تحتية ضعيفة أو تعاني من أزمات سياسية واقتصادية يُعد خيارًا مغريًا لإخفاء أدلة الإتهام من شعوبها ومن شعوب العالم أجمع.
إن دفن النفايات النووية بشكل غير علمي وقانوني له تأثيرات كارثية على البيئة وصحة السكان المحليين في الأماكن التي تدفن فيها. المواد المشعة يمكن أن تلوث التربة والمياه الجوفية لعقود طويلة، ما يؤدي إلى انتشار أمراض مزمنة مثل السرطان وتشوهات خلقية. وفي حال إثبات صحة هذه الادعاءات، فإن السودان سيواجه إرثًا بيئيًا خطيرًا يستمر تأثيره لأجيال. للتحقق من صحة هذه الادعاءات، يتطلب الأمر تحقيقًا دوليًا شفافًا ومستقلًا يضم خبراء في مجالات البيئة والصحة والقانون الدولي. وإذا ثبت تورط الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى في دفن نفايات نووية في السودان، فإن ذلك يُعد انتهاكًا خطيرًا للقوانين الدولية ويستوجب عقوبات رادعة وتعويضات مجزية ومساعدات علمية للتخلص من تلك النفايات.
للأسف يعاني السودان منذ عقود من تدخلات أجنبية تُستغل فيها أزماته الداخلية لتحقيق أجندات خارجية. وعلى الرغم من إعلان انتهاء نظام العقوبات الأمريكية على السودان في السنوات الأخيرة، إلا أن الآثار السياسية والاقتصادية لهذه التدخلات ما زالت ملموسة. في ظل غياب الشفافية الدولية والمساءلة، تُترك الدول النامية وحدها لتحمل العواقب.
ستظل قضية دفن النفايات النووية في السودان مفتوحة وستكون واحدة من أكثر الملفات إثارة للجدل في المستقبل القريب والبعيد، وستكشف عن جوانب مظلمة من العلاقات الدولية حيث تُستغل الدول الأضعف لتحقيق مصالح القوى الكبرى. يتطلب هذا النوع من القضايا وحدة داخلية وتضامنًا دوليًا وإقليميًا للضغط من أجل الشفافية والمحاسبة، وضمان عدم تكرار مثل هذه الممارسات التي تُهدد مستقبل البشرية بأسرها وليس السودان وجواره فحسب.
للأسف كتبنا خطاباً مفتوحاً لوزير الصحة وكذلك لوزير الصناعة لتبني هذه القضية الخطرة ومواجهة أمريكا بها قانونياَ ولكن للأسف إن الرجال ماتوا في معركة الكرامة وأبو طليح!! هذه قضية رابحة ستجعل الإدارة الأمريكية تعمل مليون حساب للسودان حالياً ومستقبلاً ولكنها تتطلب رجالاً مصادمين لا يخافون أحداً غير ربهم الذي خلقهم.
morizig@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: النفایات النوویة الولایات المتحدة فی السودان
إقرأ أيضاً:
الهزيمة العسكرية هي التي أدت إلى أن يتواضع آل دقلو للجلوس مع عبد العزيز الحلو
فقط الهزيمة العسكرية هي التي أدت إلى أن يتواضع آل دقلو للجلوس مع عبد العزيز الحلو ؛ و هو يمثل سودان ٥٦ ليس بأجندته العلمانية أو شعار الهامش الذي يرفعه ؛ بل الحركة العنصرية التي كانت تبحث عن النقاء العرقي و دولة “العطاوة” كانت لتهتم بالتكوين القبلي للحلو أكثر من “المنفستو” الذي يحمله.
فالحلو المولود لأب من المساليت و أم من النوبة يمثل كل شيء حاربته حركة النقاء العروبي في السودان. فبينما أذاقت مليشيا الدعم السريع كل قبائل السودان و مكوّناته الألم و الإذلال ؛ احتفظت لقبيلتيْ النوبة و المساليت بجحيم خاص في حربها. في بداية تمردها ضد الدولة و بينما كانت تحاصر القيادة العامة و تتوقع إسقاطها ؛ لم تصبر على قبيلة المساليت و ارتكبت فيهم أسوأ المجازر و لم يفهم الناس حينها لماذا تتمرد على الجيش لكنها تقتل المساليت بهذه الوحشية من دون الناس.
عرب العطاوة الذين أحضرتهم المليشيا شرسون جدا ضد النوبة. و هما يطلقون كلمة “أنباي” لكل ذي بشرة داكنة في السودان. و عند دخولها لمدينة الفولة مثلا، و رغم أنها لم تكن في مزاج الإنتهاكات لإعتقادها أن إقتحام المدينة كان بهدف تأديب بسيط لأبناء العمومة الضالين و الذين لا يوافقونها على مشروعها ، إلا أنها
أخرجت من بين صفوف المواطنين عشراتٍ من المنتمين للنوبة و قتلتهم رمياً بالرصاص فقط لأنهم من النوبة. و لذا إنضم المئات من جنود و ضباط جيش الحلو نفسه من إلى أبناء عمومتهم داخل مناطق الجيش السوداني لإدراكهم بطبيعة هذه الحرب التي يريد الحلو إنكار عدواتها للنوبة بعد عامين من العداء المطلق و العلني و المفضوح و هو يستوطن بلاد النوبة و يثري من رفع ظلاماتهم.
آل دقلو المهزومين عسكرياً استدعوا الحلو ليعلمهم فضيلة “التمرد لأجل التمرد” دون مشروع أو مطالب محددة. الحلو هو ملك الخندقة. و هو أولى من يعلمهم كيف لهم أن يتراجعوا إلى ركنٍ قصيٍّ من البلاد للعق جراحهم و الإكنفاء على أنفسهم دون محاولة السيطرة على الثور الهائج في الخرطوم . الحلو هو أنسب من يعزي آل دقلو عن مصابهم و يكشف عنه الندوب و الحروق في جسد الذين حاربوا سلطة الخرطوم و يقص على مسامعهم حكاوي شهداء التمرد من المغامرين الذين إغتالتهم ٥٦ أو شردتهم طوال عمرهم لمحاولة السيطرة عليها بالقوة ؛ قرنق و يوسف كوة و بولاد و القائمة تطول.
لم يكن متوقعاً من دقلو صاحب مشروع النقاء العروبي أن يسعى للقاء الحلو لولا فشل مشروعه . دقلو الجريح يقلّب الآن في دفاتر مليشيات السودان القديمة عن شركاء في الهزيمة و النواح ؛ و عن مشروع يتيم كي يتبناه. دقلو يحاول إقامة مشروع مزدحم يقيه غضب ٥٦ و صيادها المترصد و الغاضب . يحاول خلط الأوراق مخافة الإستفراد به بينما ٥٦ في أفضل أحوالها عسكرياً بعد أن أخذ هو “عرضته” الراقصة ثم وهن و انكسر و تراجع.
ظهور عبد الرحيم دقلو بالبدلة خارج السودان بينما ما زال العطا و كباشي مثلاً لا يظهران بغير الكاكي ، و بينما يصفي الجيش ما تبقى من مغامرات دقلو العسكرية بالخرطوم و كردفان يكشف هو أولوياته الجديدة. إنتهت عنتريات القائد الميداني إلى فضاء المعارض السياسي صاحب المشروع. لا خطة للإنسحاب تشغل باله و لا توجيه بإنقاذ جنوده المحاصرين و إستبقاء حياتهم. بل غسل اليد من دمائهم و الإبتعاد مسافة حتى لا يسمع آلة الجيش الهائلة تطحن أجسادهم إلى العظم. إنهم بعض الماهرية “الشهداء” و كثير من الحبش و الجنوبيين الذين لا بواكي لهم و يستحقون أي مجازفة لإنقاذهم.
عمار عباس
إنضم لقناة النيلين على واتساب