سودانايل:
2025-02-21@10:01:31 GMT

سيرة الفلسفة الوضعية (4)

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

د. أبوبكر الصديق على أحمد مهدي

المرحلة الأولي - علم اللاهوت ((Theology
معنى الروح
يدندن جبران خليل جبران ويناجي نفسه وذاتها...
والحب في الروح لا في الجسم نعرفهُ
كالخمر للوحي لا للسكر ينعصرُ..
قال المتحدث:
"بينما كنت متحدثاً جديداً، ومستجداً جداً، في زاوية الشارع أو في ركن الشارع لنقابة الأدلة الكاثوليكية، سألني أحد السائلين الحاضرين؛
o ماذا قصدت بالروح؟
o أجبته، "الروح ليس لها شكل، وليس لها لون، وليس لها وزن، ولا تشغل حيزاً، ولا تملأ فضاءً أبداً.

"
o فقال، "هذا أفضل تعريف للا-شيء، سمعته على الإطلاق"، وما قاله بلا شك، كان منطقياً جداً، ومقنعاً جداً.
o فعلاً، لقد قدمت له، وعرضت عليه قائمة طويلة بأشياء كثيرة ومتعددة، ولكن الروح لم تكن واحدة منهن، وبدون أن أشير إلى ماهيتها، لا من قريب ولا من بعيد".
o انها فعلاً، أقصد اجابتي، كانت تعريف شامل وكامل "للا-شيء"!!! انه كان مقنعاً غاية الاقناع، ومفحماً جداً لي ولمن كان حضوراً.
في اللاهوت، الروح ليست مجرد كلمة مفتاحية، إنها الكلمة الأساسية الرئيسية. لقد قال ربنا للمرأة السامرية: "الاله روح". ولكننا بدون معرفة معنى مصطلح "روح"، نفشل في فهم ما قاله. وكأنه قال "الاله هو ____" ولا يظهر لنا شيئاً على الإطلاق.
وينطبق الشيء نفسه على كل مفهوم؛ كلها تحتوي على الروح، ففي اللاهوت، ندرس ونتعلم الروح طوال الوقت. ولكننا أيضاً، نجد إن العقل الذي نتعلمها به، ومن خلاله هو أيضاً روح. اذن كيف نعرفها، ونعرفها الروح؟
الاعتراف بالطبيعة
تجعلنا الطبيعة نعترف ونقر بوجود إله سام، وكلي القدرة، وكامل الارادة، ومطلق العلم والمعرفة. وتثبت وتبرهن لنا النجوم العظيمة السابحة فوقنا، والمتلألئة في مساءاتنا، حجم العالم وضخامته، ومدى صغر حجمنا كبشر وكمخلوقات حية وغير حية.
وتظهر لنا تعقيدات الحياة، أن هناك مؤلفاً ذكياً عظيماً، فاطراً بديعاً، خالقاً لحياتنا الدنيا، ولما وراءها. وتظهر الخطيئة وتتشكل كل يوم في اشكال العصيان والتمرد والمرض والعلل، وفي النهاية في الموت الجسدي. وتخبرنا بيئتنا وحدسنا وعواطفنا بأننا جزء من صورة أكثر استثنائية، وأنه يجب أن يكون هناك إله خالق فاطر مبدع. أليس كذلك؟!
ومع ذلك، لا تطلعنا الطبيعة، ولا تعلمنا أبداً عن كيفية الوصول إلى الاله القدوس أو كيفية التفاعل معه أو التواصل معه. ونتعلم عن الخطيئة من خلال مراقبتنا وملاحظتنا ومشاهدتنا لبيئتنا ولمحيطنا ولأنفسنا، ولكننا لن نتعلم ولا نتعلم عن صليب يسوع واستراتيجيته للفداء والخلاص لنا، لولا كلمة الله المكتوبة والمقروءة.
وبلا شك، لا تستطيع الطبيعة ولا الغريزة أن تخبرانا أو تعلمانا عن كيفية الارتباط بالإله، وكيفية التواصل معه. هذا الرابط أو هذا التواصل هو الدور الذي يلعبه الكتاب المقدس، وهنا يأتي ويظهر دور اللاهوت الفعال. فمعرفة الله أو الاله هي دراسة كتبه المقدسة، ومعرفة ما ومن أعلن عن نفسه من أجله.
دفوعات وحجج وجود الله
يعترف المسيحي واليهودي والمؤمن، والمسلم بصورة عامة، بحقيقة حضور الله ووجوده بالإيمان. ومع ذلك، فإن هذا الإيمان ليس إيماناً أعمى ولا ايماناً كسيحاً يمشي بلا قدمين، ولكنه اعتقاد يعتمد على البرهان وعلى الاختبار، مكتوباً أساساً في الكتب المقدسة، على أنه كلمة الله الموحى بها، وثانياً في ظهور الله في الطبيعة، وانبلاجه فيها، وتجليه فيها. ولا تأتينا الأدلة الكتابية حول هذه النقطة أبداً في نوع الإعلان الصريح، وأقل من ذلك بكثير في الحجة المنطقية.
ويعترف التلاميذ من الأديان المقارنة، والمبشرون عادةً بحقيقة أن مفهوم الاله أمر شائع وموجود ومتداول أخلاقياً في الجنس البشري. إنه يُرى وله أثره حتى بين أكثر الناس المتخلفة جداً، والقبائل غير المتحضرة في العالم، انه موجود، أدركناه أم لم ندركه.
ولا تعني هذه الفكرة المشتركة العامة أبداً أنه لا يوجد أشخاص ينكرون وجود الله أو وجود الاله، ولا حتى أنه لا يوجد عدد كبير في الأراضي المسيحية أو اليهودية أو اراضي المؤمنين بالنبي محمد "ص"، من ينكرون وجود الله كما يظهر في الكتاب المقدس وكل الكتب المقدسة انجيل وتوراة ومصحف شريف.
فهو كائن موجود بذاته، وواعي بذاته، ويتمتع بالكمال المطلق، والعلم المطلق، الذي به تعمل كل الأشياء بخطة أو على ضوء قانون أو ناموس دقيق ومحدد مسبقاً.
وبمرور الوقت، ظهرت الحجج المعقولة لوجود الاله، ووجدت لها موطئ قدم في اللاهوت، وتحديداً من خلال تأثير وولف (Wolf). وقد تم اقتراح بعضها، في الجوهر، من قبل أفلاطون وأرسطو، وأضيف البعض الآخر في الأزمنة المعاصرة من قبل تلاميذ فلسفة الدين او فلسفة اللاهوت. ويمكننا هنا تقديم أكثر هذه الحجج شيوعاً وذيوعاً وانتشاراً.
1. تم تقديم الحجة الأنطولوجية في اشكال متعددة وأنواع مختلفة من قبل أنسيلم وديكارت وصموئيل كلارك وآخرين. وقد تم عرضها في أفضل اشكالها وأنواعها بواسطة أنسيلم.
وهو يجادل بأن الإنسان لديه فكرة وجود كائن مثالي غير مشروط؛ وهذا الوجود هو سمة من سمات الكمال والتمام؛ وبالتالي، يجب أن يتواجد كائناً كاملاً تاماً. لكنه دليل قوي على أننا غير قادرين على الانتقال من التفكير الموجز إلى الوجود الفعلي. وحقيقة أننا نمتلك فكرة عن الاله لم تثبت أبداً وجوده الموضوعي.
2. وقد عرضت الحجة الكونية أيضاً في أنواع عديدة وأشكال متنوعة. وبشكل عام، تتحرك على النحو التالي: يجب أن يكون لكل شيء مشترك في الكون سبب مقبول.
وإذا كان الأمر كذلك، يجب على العالم أيضاً أن يكون لديه سبب مناسب وكافي، وهو أمر عظيم إلى أجل غير مسمى.
3. الحجة اللاهوتية هي، أيضاً، حجة سببية، وهي حقاً تطور للحجة السابقة. وقد يكون موجوداً بالشكل التالي: يعرض الكون في كل مكان، ذكاء ونظام وانسجام وهدف الوجود، وبالتالي ينفذ وينجز وجوداً ذكياً وهادفاً، كافٍ لإنتاج مثل هذا الكون أو مثل هذا الوجود.
ويعتبر كانط أن الحجة اللاهوتية هي الأفضل من بين الثلاثة التي تم تسميتها، ولكنها تطالب بعدم إثبات وجود إله، ولا وجود خالق، ولكن مجرد وجود مهندس معماري عظيم، صمم وشكل وفصل وأنتج هذا الكون البديع.
4. الحجة الأخلاقية: تماماً مثل الحجج الأخرى، افترضت هذه أيضاً أنواعاً مختلفة وأشكالاً متعددة كذلك. وبدأ كانط بالأمر القاطع، ومنه أكمل وجود كائن ما، بصفته مشرع قانون وقاضٍ، له الحق الكامل في أن يأمر الإنسان.
وفي تقييمه، هذه الحجة متفوقة للغاية على أي من الحجج الأخرى. وهو الذي يعتمد عليها أساساً في سعيه وفي محاولاته لتأكيد وجود الله/الاله.
5. الحجة التاريخية أو الإثنولوجية: بشكل أساسي هذه الحجة لها الشكل التالي، بين جميع عامة الناس، وكل القبائل التي تعيش على هذه البسيطة، هناك إيمان بوجود الاله، بوجود إله، بوجود الله الواحد الأحد، والذي يكشف عن نفسه ويظهرها، ويتجلى في الإيمان الخارجي.
وبما أن هذه الظاهرة شائعة، فيجب أن تكمن في طبيعة الإنسان ذاتها. وإذا كانت طبيعة الإنسان تؤدي بشكل نموذجي إلى العبادة الدينية، فيمكن لهذا مجرد الحصول على تفسيرها في كائن أعلى، هو الذي خلق الإنسان كائناً روحياً.
ورداً على هذه الحجة، يمكن أن يُقال، "ربما تكون هذه الظاهرة الشائعة قد خلقت خطأً من قبل أحد الأسلاف القدامى للديانة التي استشهد بها، ويبدو أنها أقوى بين الأعراق البدائية، ولا تظهر في المقياس الذي كانوا فيه متحضرين."
ولكن...
...أنا الذي كتبتُ ونحتُ
الكتابات الأولي وكل القوانين
على ألواح من حجر وطين
القلم المقوس لم يفارق أناملي
ولهيب قلب يستعر
مثل شعلة لينير الدروب المظلمة
أمام الإنسانية التي كانت غارقة في الظلام...
... للسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...

bakoor501@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: وجود الله من قبل یجب أن

إقرأ أيضاً:

ما الذي يدور في عقل ترامب؟

قال المجاهد العربي العظيم عمر المختار مرة: إن الضربات التي لا تقصم ظهرك تقويك. وبالتأكيد أن الضربات المتتالية التي يتلقاها العرب لم تقصم ظهورهم ولا نالت منهم، ورغم كل مؤامرات الكون لا زلنا واقفين وصامدين إلى أن تقوم الساعة.. هذا ما أراده الله لهذه الأمة. مهما حصل فما يؤلمك اليوم قد يكون السبب في كونك قوياً غدا، كما قال نجيب محفوظ. صخرة ألقاها دونالد ترمب في بحيرة العرب الراكدة لتعكر صفوها وتخلطها رأساً على عقب، معلنًا عن رغبته في تهجير أهل غزة من القطاع إلى الخارج وتحديدا إلى مصر والأردن ودول أخرى بادياً رغبته في تملكها بأي طريق سواء كان بالشراء أو الاستيلاء أو الاستعمار وطرد أهلها منها. والوعد بتحويلها إلى جنات تجري من تحتها الأنهار ومزارع من عنب ورمان (ريفييرا الشرق الأوسط) ينعم الساكنون فيها بفلل وملاعب جولف ومسابح، كل ذلك ولا يحق للفلسطينيين العودة إليها أو السكن فيها.

ما يمتاز به ترامب هو الصراحة والشفافية ولا يجيد المراوغة أو الدبلوماسية، وفي نفس الوقت الغرور والصلف والمكابرة والتباهي بالنفس، هذه الصفات تزعج الكثيرين بالطبع وتحرج آخرين من الزعماء أمام شعوبهم. يريد ترامب اللعب على المكشوف، وربما المرحلة تتطلب ذلك لتدفع العرب إلى التفكير أيضاً بشكل مختلف وبصوت مسموع بما يتوافق مع ذلك، لتدخل القضية الفلسطينية مرحلة جديدة من الصراع العربي الصهيوني.

الأفكار التي أطلقها ترامب كانت كفيلة بإشعال الأوساط وما زالت ارتداداتها تتفاعل ولم تنتهِ بعد، وما أن يشعر ساكن البيت الأبيض بخفوتها يشعلها بإطلاقه مزيدا من التهديد والوعيد وفتح أبواب جهنم. يحلو لساكن البيت الأبيض ترديد سرياليته المقيتة وأحلامه الغريبة. ذلك الساكن لا يراعي ذمة ولا أخلاقا ولا قانونا أو عرفا ولا حتى إنسانية، فهو ليس إلا تاجر سمسار ومرابٍ لا يهمه في الأمر شيئا غير جمع المال، العالم في فكره ليس إلا مصرف كبير يجمع منه الأموال، والعالم العربي ليس في فكره إلا أكوام من المال والثروة التي تقع تحت أيادي من لا يحسنون التصرف بها ولا يستحقونها وله الحق وحده في الاستيلاء على تلك الثروة دون شفقة أو مبرر.

تلك الأفكار الجهنمية التي طرحها في لحظة عنفوان تلقفها رئيس وزراء إسرائيل وزبانيته المتطرفون وصفقوا وهللوا لما يسمعون مما تجاوز حتى أحلامهم، بل وصل تماديه إلى إعلانه بشكل مستفز عن مقترح نقل أهل غزة إلى المملكة العربية السعودية و«إقامة دولة فلسطينية على أراضيها الواسعة» وهي بلا شك نظرة لا أخلاقية واستعلاء وخرق فظ لكل الأعراف وللقانون الدولي.

وفي الحقيقة ترامب رغم مغامراته النزقة إلا أنه لو افترضنا أنه يريد حل القضية الفلسطينية وغزة إلا أنه لم يقدم خطة مدروسة، كل ما قدمه تصريحات عنترية وتهديدات ووعيد. وعندما شعر بعدم قبولها طالب العرب بالبديل قائلا لهم «إذا رفضتم الخطة، فعليكم طرح أفكاركم». وأن يقدموا خطة متكاملة لترامب كما صرح بذلك وزير خارجيته روميو. العرب بدورهم تفاعلوا مع تلك الأفكار وسارعوا إلى الإعلان عن إقامة سلسلة من القمم العربية والإسلامية للرد على تلك الخطة الزئبقية. ما يتم تداوله الآن من خطة عربية أو خطة مصرية أو الورقة المصرية لحل قضية غزة رغم أن تفاصيلها لم تعلن بعد إلا أنه هناك بعد الوشوشات عن اقتراح تم تنسيقه مع الأردن وقطر والإمارات والسعودية، يقوم على رفض فكرة تهجير أهل غزة وإعادة توطينهم في الخارج. والخطة تشمل أيضاً إعادة إعمار القطاع على مراحل تستمر 5 - 10 سنوات بتمويل عربي (دول الخليج) وبتنفيذ شركات مصرية وأمريكية. على أن يتم تشكيل إدارة فلسطينية في القطاع تتحمل المسؤولية عن إدارة وتنسيق نشاطات الأجهزة المدنية الحيوية، والخدماتية، وتكون مسؤولة عن معبر رفح.

تلك الخطة الظاهرة التي يتم تسريبها واضحة تماماً، لكن الخشية من المخفي منها أو العبارات القابلة للتأويل والتفسيرات المختلفة ومراوغتها وهنا الخطورة. والسؤال الذي بات يطرح على نطاق واسع وبشكل متسارع هو، هل يلدغ العرب من نفس الجحر مرتين؟ وهل يبتلع العرب الطعم الذي رمي لهم؟

لا نريد الخوض فيما يعتقده المرتجفون ويعتقدون أن تدمير غزة جاء بسبب حماس والمقاومة. في المقابل يعتقد الكثيرون أن ما عجز عنه الصهاينة وداعموهم طوال الخمسة عشر شهراً من تدمير ومذابح لا يجب على العرب تقديمه على طبق من ذهب وما لم يستطعه نتنياهو من أهداف أعلنها في بداية عدوانه سيتحقق بشكل آخر.

على أمل أن يدرك العالم أجمع بما فيهم العرب بأنهم من حاصروا غزة ومنعوا عن أهلها الدواء والغذاء ووضعوهم في سجن كبير فقط بدون سقف ومنطقياً طال الزمن أو قصر سيأتي يوم وينفجر الوضع، والعالم كله يدرك أنه ليس طوفانا بل طوفانات كثيرة سوف تأتي إن ظلت غزة محاصرة للأبد.

يدرك المرتجفون أنهم سبب كل البلاوي والتراجع وأنهم قدموا خدمات جليلة للصهيونية والغرب. وإن ما يقدمونه كخطة للترامب (إن كان ذلك ضروريا) عن غزة تتضمن التخلص من حماس والمقاومة وذلك بالضبط ما يريده نتنياهو والغرب أجمع. الشيء الآخر، أغلب العرب الفاعلون على الساحة الآن الذين يتصدرون المشهد ويطلب منهم تقديم خطة لغزة هم بالأساس يضعون حماس والمقاومة في صف الأعداء وصنفوها في خانة الإرهاب ووسموها بالحركة الإرهابية، أي منطق هذا؟ هل ستكون الضمائر والنخوة العربية ومعاناة الفلسطينيين والأمهات الثكلى ودماء الشهداء حاضرة في أذهانهم وهم يفكرون في تقديم خطتهم. شيء آخر، أيضا، إن ارتفعت الأصوات منذ بداية الحرب على غزة أن العرب لديهم الثروة لإعادة بناء غزة، لا يهم ذلك فليفعل نتنياهو تدميراً وقتلاً ويرتكب المذابح طالما هناك من يعيد البناء. لماذا لا يتصدى العرب ويطالبون العالم بأجمعه وخصوصاً تلك الدول التي ساهمت في تدمير غزة وأرسلت الأسلحة، لماذا لا يتحملون ما اقترفته أيديهم من إجرام؟

ها هو ترامب يطلب من أوكرانيا تقاسم معادنها وثرواتها كتعويض عن الأسلحة والدعم المالي الذي دفعوه لهم. لماذا العرب لا ينطلقون من هذا طالما هذا هو منطق الغرب.

إسرائيل ليست بتلك القوة المتصورة التي كانت تروج لها، المقاومة الفلسطينية الشجاعة كسرت هذه الغطرسة ومرغت أنوفهم في وحل ورمال غزة ولم تعد سردية القوة وما يروجونه قائمة ولن تصمد، فإسرائيل والغرب لم يستطيعوا تدمير «حماس»، وبات العالم كله يدرك أن قوتها تلك مصنوعة وبمساعدة وحماية الغرب.

الابتزاز الأمريكي للعرب لا يتوقف عند حد معين، فمن المطالبة بدفع مبالغ على شكل استثمارات أو شراء أسلحة أو إعادة تعمير ما تدمره إسرائيل إلى التهديد بقطع المساعدات عن مصر والأردن والكل يعرف أن الرابح الوحيد ليس هذه الدول فقط إذ أن الأمريكيين لم يمنوا بتلك المساعدات لسواد عيون هذه الدول أو بنوايا صافية في الرغبة بالمساعدة، الأهداف من تلك المساعدات هو الحفاظ على الاستقرار في المنطقة وتخدم أمريكا أكثر، وأن الأموال الأمريكية التي تدفع للأردنيين ليست مساعدات بقدر ما هي «بدل خدمات لا يفيد» كما علق أحد الأردنيين. وفي مجمل الحال لا تشكل المساعدات الأمريكية الموسمية ما تزيد قيمتها التأثير على الميزانية عن 5-7% فقط، ما يعني أنه يمكن بقليل من الترشيد والتفكير خارج الصندوق الاستغناء عنها. على حد رأي خبير أردني.

المطلوب من القمم العربية هو ترسيم استراتيجية عربية للتعامل مع هذه الدول العربية، بالتأكيد تملك الكثير من الأوراق وتستطيع استخدامها عند الضرورة وليس أفضل من هذا الوقت فإذا حيدنا سلاح النفط عن العملية فأننا بالتأكيد أمام أوراق أخرى وفاعلة جداً وأهمها هي وحدة العرب ورص صفوفهم وتكتلهم في كلمة واحدة. ناهيك عن ورقة التطبيع التي تلهث خلفها إسرائيل وترامب ويريدونها دون ثمن بالإضافة إلى وقف الاتفاقيات الموقعة مع هذا الكيان الذي لم تلتزم هي بها، ماذا لو لوحت الدول المطبعة بوقف التطبيع وقطع تلك العلاقة؟

الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وهي الدولة الرائدة والقائدة في عالمنا العربي هي لوحدها تملك الكثير من الأوراق التي لا يملكها غيرها من الدول وما يتميز به الأمير محمد بن سلمان من قدرة على القيادة بلا شك سيكون له الأثر الفعال في وقوف هذا التخبط العربي، بالإضافة إلى أن نوايا السعودية قد تكون أكثر صدقاً من غيرها من الدول وذلك لما لها من قداسة ورمزية لدى المسلمين والعرب. بمجرد ما تعلن المملكة عن موقفها القاطع غير القابل للمفاوضات والنقاش وغير المساومة في تحقيق سلام عادل ودائم لن يكون ممكناً دون تحقيق الشعب الفلسطيني حقوقه الشرعية، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، ولن توافق على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بدون تحقيق هذه الحقوق المشروعة. مجرد هذا الإعلان وبنوايا صادقة سوف تتداعى معه دول عربية أخرى وإسلامية ويخلق زخما وديناميكية مختلفة.

مقالات مشابهة

  • علماء يكشفون حركة الدماغ لحظة الموت.. كأنها خروج الروح
  • سيرة صلاح جاهين وحياته في ندوة تثقيفية تنظمها «قصور الثقافة» بدار الكتب بطنطا
  • العماد الذي لا مثيل له في البلاد‏
  • أحمد حلمي يشارك صناع فيلم سيرة أهل الضي في العرض الأول بمهرجان برلين
  • ما الذي يدور في عقل ترامب؟
  • رؤية ثاقبة وشخصية ملهمة.. ملامح من سيرة الإمام محمد بن سعود
  • الاسبوع تنفرد بالصورة الاولى لـ«الحجة تركية» الضحية الثانية لسفاح الإسكندرية
  • دعاء قضاء الحاجة الذي لا يُرد .. يقضي الأمور المستحيلة
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: الأفضل أن تكون العقيقة في المكان الذي يعيش به صاحبها
  • منتخب الشباب يلتقي ألو ايجيبت.. ونبيه يواصل بث الروح القتالية فى اللاعبين