سودانايل:
2025-04-15@05:40:12 GMT

سيرة الفلسفة الوضعية (4)

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

د. أبوبكر الصديق على أحمد مهدي

المرحلة الأولي - علم اللاهوت ((Theology
معنى الروح
يدندن جبران خليل جبران ويناجي نفسه وذاتها...
والحب في الروح لا في الجسم نعرفهُ
كالخمر للوحي لا للسكر ينعصرُ..
قال المتحدث:
"بينما كنت متحدثاً جديداً، ومستجداً جداً، في زاوية الشارع أو في ركن الشارع لنقابة الأدلة الكاثوليكية، سألني أحد السائلين الحاضرين؛
o ماذا قصدت بالروح؟
o أجبته، "الروح ليس لها شكل، وليس لها لون، وليس لها وزن، ولا تشغل حيزاً، ولا تملأ فضاءً أبداً.

"
o فقال، "هذا أفضل تعريف للا-شيء، سمعته على الإطلاق"، وما قاله بلا شك، كان منطقياً جداً، ومقنعاً جداً.
o فعلاً، لقد قدمت له، وعرضت عليه قائمة طويلة بأشياء كثيرة ومتعددة، ولكن الروح لم تكن واحدة منهن، وبدون أن أشير إلى ماهيتها، لا من قريب ولا من بعيد".
o انها فعلاً، أقصد اجابتي، كانت تعريف شامل وكامل "للا-شيء"!!! انه كان مقنعاً غاية الاقناع، ومفحماً جداً لي ولمن كان حضوراً.
في اللاهوت، الروح ليست مجرد كلمة مفتاحية، إنها الكلمة الأساسية الرئيسية. لقد قال ربنا للمرأة السامرية: "الاله روح". ولكننا بدون معرفة معنى مصطلح "روح"، نفشل في فهم ما قاله. وكأنه قال "الاله هو ____" ولا يظهر لنا شيئاً على الإطلاق.
وينطبق الشيء نفسه على كل مفهوم؛ كلها تحتوي على الروح، ففي اللاهوت، ندرس ونتعلم الروح طوال الوقت. ولكننا أيضاً، نجد إن العقل الذي نتعلمها به، ومن خلاله هو أيضاً روح. اذن كيف نعرفها، ونعرفها الروح؟
الاعتراف بالطبيعة
تجعلنا الطبيعة نعترف ونقر بوجود إله سام، وكلي القدرة، وكامل الارادة، ومطلق العلم والمعرفة. وتثبت وتبرهن لنا النجوم العظيمة السابحة فوقنا، والمتلألئة في مساءاتنا، حجم العالم وضخامته، ومدى صغر حجمنا كبشر وكمخلوقات حية وغير حية.
وتظهر لنا تعقيدات الحياة، أن هناك مؤلفاً ذكياً عظيماً، فاطراً بديعاً، خالقاً لحياتنا الدنيا، ولما وراءها. وتظهر الخطيئة وتتشكل كل يوم في اشكال العصيان والتمرد والمرض والعلل، وفي النهاية في الموت الجسدي. وتخبرنا بيئتنا وحدسنا وعواطفنا بأننا جزء من صورة أكثر استثنائية، وأنه يجب أن يكون هناك إله خالق فاطر مبدع. أليس كذلك؟!
ومع ذلك، لا تطلعنا الطبيعة، ولا تعلمنا أبداً عن كيفية الوصول إلى الاله القدوس أو كيفية التفاعل معه أو التواصل معه. ونتعلم عن الخطيئة من خلال مراقبتنا وملاحظتنا ومشاهدتنا لبيئتنا ولمحيطنا ولأنفسنا، ولكننا لن نتعلم ولا نتعلم عن صليب يسوع واستراتيجيته للفداء والخلاص لنا، لولا كلمة الله المكتوبة والمقروءة.
وبلا شك، لا تستطيع الطبيعة ولا الغريزة أن تخبرانا أو تعلمانا عن كيفية الارتباط بالإله، وكيفية التواصل معه. هذا الرابط أو هذا التواصل هو الدور الذي يلعبه الكتاب المقدس، وهنا يأتي ويظهر دور اللاهوت الفعال. فمعرفة الله أو الاله هي دراسة كتبه المقدسة، ومعرفة ما ومن أعلن عن نفسه من أجله.
دفوعات وحجج وجود الله
يعترف المسيحي واليهودي والمؤمن، والمسلم بصورة عامة، بحقيقة حضور الله ووجوده بالإيمان. ومع ذلك، فإن هذا الإيمان ليس إيماناً أعمى ولا ايماناً كسيحاً يمشي بلا قدمين، ولكنه اعتقاد يعتمد على البرهان وعلى الاختبار، مكتوباً أساساً في الكتب المقدسة، على أنه كلمة الله الموحى بها، وثانياً في ظهور الله في الطبيعة، وانبلاجه فيها، وتجليه فيها. ولا تأتينا الأدلة الكتابية حول هذه النقطة أبداً في نوع الإعلان الصريح، وأقل من ذلك بكثير في الحجة المنطقية.
ويعترف التلاميذ من الأديان المقارنة، والمبشرون عادةً بحقيقة أن مفهوم الاله أمر شائع وموجود ومتداول أخلاقياً في الجنس البشري. إنه يُرى وله أثره حتى بين أكثر الناس المتخلفة جداً، والقبائل غير المتحضرة في العالم، انه موجود، أدركناه أم لم ندركه.
ولا تعني هذه الفكرة المشتركة العامة أبداً أنه لا يوجد أشخاص ينكرون وجود الله أو وجود الاله، ولا حتى أنه لا يوجد عدد كبير في الأراضي المسيحية أو اليهودية أو اراضي المؤمنين بالنبي محمد "ص"، من ينكرون وجود الله كما يظهر في الكتاب المقدس وكل الكتب المقدسة انجيل وتوراة ومصحف شريف.
فهو كائن موجود بذاته، وواعي بذاته، ويتمتع بالكمال المطلق، والعلم المطلق، الذي به تعمل كل الأشياء بخطة أو على ضوء قانون أو ناموس دقيق ومحدد مسبقاً.
وبمرور الوقت، ظهرت الحجج المعقولة لوجود الاله، ووجدت لها موطئ قدم في اللاهوت، وتحديداً من خلال تأثير وولف (Wolf). وقد تم اقتراح بعضها، في الجوهر، من قبل أفلاطون وأرسطو، وأضيف البعض الآخر في الأزمنة المعاصرة من قبل تلاميذ فلسفة الدين او فلسفة اللاهوت. ويمكننا هنا تقديم أكثر هذه الحجج شيوعاً وذيوعاً وانتشاراً.
1. تم تقديم الحجة الأنطولوجية في اشكال متعددة وأنواع مختلفة من قبل أنسيلم وديكارت وصموئيل كلارك وآخرين. وقد تم عرضها في أفضل اشكالها وأنواعها بواسطة أنسيلم.
وهو يجادل بأن الإنسان لديه فكرة وجود كائن مثالي غير مشروط؛ وهذا الوجود هو سمة من سمات الكمال والتمام؛ وبالتالي، يجب أن يتواجد كائناً كاملاً تاماً. لكنه دليل قوي على أننا غير قادرين على الانتقال من التفكير الموجز إلى الوجود الفعلي. وحقيقة أننا نمتلك فكرة عن الاله لم تثبت أبداً وجوده الموضوعي.
2. وقد عرضت الحجة الكونية أيضاً في أنواع عديدة وأشكال متنوعة. وبشكل عام، تتحرك على النحو التالي: يجب أن يكون لكل شيء مشترك في الكون سبب مقبول.
وإذا كان الأمر كذلك، يجب على العالم أيضاً أن يكون لديه سبب مناسب وكافي، وهو أمر عظيم إلى أجل غير مسمى.
3. الحجة اللاهوتية هي، أيضاً، حجة سببية، وهي حقاً تطور للحجة السابقة. وقد يكون موجوداً بالشكل التالي: يعرض الكون في كل مكان، ذكاء ونظام وانسجام وهدف الوجود، وبالتالي ينفذ وينجز وجوداً ذكياً وهادفاً، كافٍ لإنتاج مثل هذا الكون أو مثل هذا الوجود.
ويعتبر كانط أن الحجة اللاهوتية هي الأفضل من بين الثلاثة التي تم تسميتها، ولكنها تطالب بعدم إثبات وجود إله، ولا وجود خالق، ولكن مجرد وجود مهندس معماري عظيم، صمم وشكل وفصل وأنتج هذا الكون البديع.
4. الحجة الأخلاقية: تماماً مثل الحجج الأخرى، افترضت هذه أيضاً أنواعاً مختلفة وأشكالاً متعددة كذلك. وبدأ كانط بالأمر القاطع، ومنه أكمل وجود كائن ما، بصفته مشرع قانون وقاضٍ، له الحق الكامل في أن يأمر الإنسان.
وفي تقييمه، هذه الحجة متفوقة للغاية على أي من الحجج الأخرى. وهو الذي يعتمد عليها أساساً في سعيه وفي محاولاته لتأكيد وجود الله/الاله.
5. الحجة التاريخية أو الإثنولوجية: بشكل أساسي هذه الحجة لها الشكل التالي، بين جميع عامة الناس، وكل القبائل التي تعيش على هذه البسيطة، هناك إيمان بوجود الاله، بوجود إله، بوجود الله الواحد الأحد، والذي يكشف عن نفسه ويظهرها، ويتجلى في الإيمان الخارجي.
وبما أن هذه الظاهرة شائعة، فيجب أن تكمن في طبيعة الإنسان ذاتها. وإذا كانت طبيعة الإنسان تؤدي بشكل نموذجي إلى العبادة الدينية، فيمكن لهذا مجرد الحصول على تفسيرها في كائن أعلى، هو الذي خلق الإنسان كائناً روحياً.
ورداً على هذه الحجة، يمكن أن يُقال، "ربما تكون هذه الظاهرة الشائعة قد خلقت خطأً من قبل أحد الأسلاف القدامى للديانة التي استشهد بها، ويبدو أنها أقوى بين الأعراق البدائية، ولا تظهر في المقياس الذي كانوا فيه متحضرين."
ولكن...
...أنا الذي كتبتُ ونحتُ
الكتابات الأولي وكل القوانين
على ألواح من حجر وطين
القلم المقوس لم يفارق أناملي
ولهيب قلب يستعر
مثل شعلة لينير الدروب المظلمة
أمام الإنسانية التي كانت غارقة في الظلام...
... للسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...

bakoor501@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: وجود الله من قبل یجب أن

إقرأ أيضاً:

قرأت مقالات ملهمة عن سيرة الفريق الفاتح عروة

#عروة
قرأت مقالات ملهمة عن سيرة الفريق الفاتح عروة . عليه شآبيب الرحمة والغفران والرجل حزمة من التعريفات . لكل منها فضاء من الحكايات والميزات والسبوقات . ويستحق ضعف ما سطره الناس من سيرة أسطورية التفاصيل . وقد إلتقيته في لقاءات عابرة قصيرة بعضها بطلب مني ومرة بطلب منه ومرة مصادفة في محافل عامة . ولمست فيه روح هجين من أثر والد .وأخ أكبر وصديق مجايل وأستاذ ومعلم مع تواضع وروح (ود بلد) وقدرة على التنقل بين مقام الجنرال والباحث والموثق والعسكري الصارم الذي يعرف أين يسترسل ومتى يتوقف وسط هالة مهابة تربكك في أول التواصل معه يبددها ببعض الأنس الذي ينزع فيه كل تلك العلامات واللامات .فيحتويك بين دفتي حديث شخص من أهل النخب أو نفثات من حياة شخص قادم من أزقة المدينة . وأزعم زعما غير مكذوب أنه إمتحنني في إستفسارات حول أراء لي في حاضر أحوال القرن الأفريقي وإستدعيت جراءة ـ بلعت معها ريقي ـ أننا بحاجة إلى تحديث مرئيات ما نظن ونعتقد ونرى في تلك التطورات لأن حبر مباحثنا في ذاك الإطار لا يزال يغمس في مرحلة أول التسعينيات .وأن تفاعلات في كيمياء المجتمعات وتطوراتها غيرت تلك التأسيسات إلى واقع تجاوز مرحلة جبهات التحرير الى واقع جديد على مستويات المحتوى السياسي للمنطقة وتشابك المصالح والفاعلين التي صار فيها السودان بعض نغم في ليلة إستماع للاغاني القديمة (درو) وقليل من طيوف (التيزتا) فوافقني . رغم إيمانه العنيد بتحيزه لمدرسته القديمة وقلت له إن تلك حالة ربما مردها تأثرهم برهق المعاصرة والشهادة وبصمة النصرة التي قد تجعل الفاعل في حدث تاريخي أقرب نفسيا لظروف الميلاد وتكونات براكين التحولات فلا ينفك من ذاك الأثر .
2
وددت وهذه ظاهرة سودانية محيرة لو أن البوح اللطيف والتقييم الفذ لعروة وأمثاله ـ يطل أمامي الان شخص الدكتور كمال علي محمد وزير الري الاسبق ـ وددت لو أنها سعت لحفظ تلك الجواهر في حياتهم .وانتج عقلنا الجمعي مدارج لانتقال الخبرات والمعارف وهي من النوع الذي لا تحصله الكتب قدر منهجية التعليم والتكدير المباشر . وهذا أضاع علينا مئات الاسماء السامقة التي نسقي فقط تربتها بكثير دمع وأهات .وفي زمن عصيب نحتاج فيه لكل صاحب أثر ليرسم المسير للأجيال المقبلة ومصالح السودان المتطورة وفي محاور وقضايا وملفات فشت فيها غنم القوم ومباحث الاعتراف من قوقل حتى صار من المألوف أن تقرأ خزعبلات أخشى أن بعضها قد تتأسس عليه مواقف وقطعيات بسبب العدد المهول من الحلاقين الذين أن وجدوك أصلعا لعرضوا عليه قصة شعر !
3
نحن للأسف نهدر مواردنا البشرية وتذكرها فقط عند الممات .نحسن الرثاء بشكل مدهش لكن لا نجيد إستبقاء من نحب أحياء . لا يحدث هذا مع من يموتون فقط .نحن نهدر برعونة خبرات وخبراء في كل المجالات . الان مثلا شخصية مثل الجنرال السر اب أحمد . أو كمال شداد وحتى وزير الري السابق (سيف الدين حمد) أو تلميذه (ياسر عباس) وزير الري في حكومة حمدوك وهو شخص (شاطر) ومرجع .أين هم . اين الدكتور بشير عمر ! وأين وأين وأين . مئات الاسماء كان من الممكن جعلهم مشاعل ارشاد ونقل معرفة وتمييز تخصصات .في الاقتصاد والإعلام والعسكرية والأمن والاجتماع . تواروا في المهاجر أو ظلال النسيان لنصحو يوما على مقال ممتع عن أحدهم يكتب على شاهد قبره . وبالمقابل انظروا للدول حولنا . مصر أثيوبيا . تحتفظ بنفائس رموزها بل وتصنع من الأجيال اللاحقة علامات للقادمين . ولو ذكرت لكم عدد الشباب الذين تتعهدهم مراكز بحوث وواجهات تأهيل من خبراء منهم أفضلهم لا يبلغ مقام (عروة) أو (كمال) لإندهشتم ! عدد كبير (مفرغون) فقط للتعلم والنقل وإفاضة الخبرات عليهم . نسأل الله الرحمة لعروة وكل الذين مضوا ونسأله الرحمة واللطف بالفراغ الذي يتركون

محمد حامد جمعة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • من النبي الوحيد الذي يعيش قومه بيننا حتى الآن؟ علي جمعة يكشف عنه
  • حدث في مثل هذا اليوم 14 أبريل.. محطات بارزة غيّرت مجرى التاريخ
  • علي جمعة يكشف عن اسم الله الأعظم الذي إذا دعى به أجاب
  • قرأت مقالات ملهمة عن سيرة الفريق الفاتح عروة
  • «النمروش» يشهد محاضرة توعوية لتعزيز الروح المعنوية
  • من هو عبد الله البلوشي الذي شكره محمد بن راشد على حسن وداعه لمسافرة
  • سيرة الفلسفة الوضعية الحلقة (16) الأخيرة
  • «حريرة لعازر بالدبس».. نكهة تراثية تحيي الروح في سبت لعازر
  • «عيد الأضحى».. موعد استطلاع غرة شهر ذو الحجة 2025
  • روسيا تطلق 88 مُسيرة في هجوم ليلي على أوكرانيا