بعد أكثر من 460 يوما من الحرب المستعرة.. بدء سريان قرار وقف إطلاق النار في غزة
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
أشرقت شمس يوم الخلاص، اليوم الذي انتظرناه لمدة تخطت 450 يوما، استشهد خلالها السلام في وطن السلام، وأبيدت الكثير من العائلات المسالمة، إلى أن وصلنا إلى الحد الذي نتمنى فيه وقف إطلاق النار بدلا من الحرية المطلقة، فمنذ عام 1948 لم تر القبة الذهبية نور الشمس حتى يومنا هذا، ولم تر سوى قطرات الدماء تتساقط من أعين الأطفال، الذين يستيقظون كل يوم على فزع جديد، ليستبدلوا المنبهات بأصوات الانفجارات المرعبة، إذ أصبح الخوف يعانق كل دقيقة جديدة ينتظرونها، فتلك المشاهد جسدتها رصاصات وقنابل الاحتلال منذ بدء عملية السيوف الحديدية إلى أن تم التوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار في غزة.
ومع تواتر الأنباء حول بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تكشف «الأسبوع» في السطور التالية كل ما يخص قرار وقف إطلاق النار في غزة.
موعد بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزةأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أمس السبت أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة سيدخل حيز التنفيذ في الساعة الثامنة والنصف صباح اليوم الأحد بالتوقيت المحلي في غزة، وقال الأنصاري على حسابه الرسمي في منصة «إكس»: «سيبدأ وقف إطلاق النار في قطاع غزة في تمام الساعة 8.30 من صباح يوم الأحد 19 يناير الجاري بالتوقيت المحلي في غزة»، مضيفا أن ذلك يأتي بناء على التوافق بين أطراف الاتفاق والوسطاء.
فيما قال الجيش الإسرائيلي في بيان مقتضب أمس، إنه يستعد لتطبيق اتفاق إعادة المختطفات والمختطفين وفق ما صادق عليه الليلة الماضية المستوى السياسي، سيدخل الاتفاق حيز التنفيذ اليوم الأحد في تمام الساعة 8:30، وبعد ساعات من سريان اتفاق وقف إطلاق النار، سيتم إطلاق سراح ثلاثة محتجزين إسرائيليين لم يعرف إن كانوا أحياء أو أموات من أصل 33 ضمن المرحلة الأولى مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين، وفق مصادر فلسطينية وإسرائيلية.
إجراءات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزةوأما عن إجراءات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فذكرت القناة «12» الإسرائيلية أن تسليم أول دفعة سيكون يوم الأحد الساعة الرابعة عصرا بتوقيت إسرائيل، فيما سيشهد اليوم السابع الإفراج عن 4 آخرين، يليه الإفراج عن 3 محتجزين إسرائيليين في كل يوم من الأيام الـ14 و21 و28 و35 من بدء الاتفاق، أما الأسبوع الأخير من المرحلة الأولى سيتم الإفراج فيه عن 14 محتجزا.
وقال مصدر في حماس في تصريحات إن العمليات العسكرية ستتوقف بين الجانبين، بالإضافة لوقف النشاط الجوي الإسرائيلي لضمان حرية الحركة لجمع المحتجزين الأحياء والجثث، وذلك لمدة 12 ساعة يوميا خلال أيام إطلاق سراحهم، وتابع أنه «بالنسبة للأيام التي لا تشهد إطلاق سراح محتجزين إسرائيليين من قطاع غزة، ستوقف إسرائيل نشاطها الجوي كليا لمدة 10 ساعات»، مشيرا إلى أن هناك هدوءا ميدانيا محدودا ومؤقتا من الطرفين كان قد بدأ عصر أمس لتمكين حماس والفصائل الفلسطينية من إتمام حصر الدفعة الأولى من المحتجزين الإسرائيليين.
ولم يعرف طريقة إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين أو الأسرى الفلسطينيين، علما بأن المهمة تولتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اتفاق الهدنة الأول في نوفمبر 2023، وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان مساء أمس أنها تستعد لتنفيذ عملية دقيقة" تتضمن إطلاق سراح رهائن ومعتقلين وتسهيل نقلهم، وتكثيف الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة.
وتشمل الأعمال التحضيرية كل الجوانب بدءا بالتفاصيل اللوجستية الخاصة بالنقل وزيادة عدد الطواقم وتوزيع الإمدادات اللازمة ورفع جهوزية الفرق ممن سيستقبلون الأشخاص الذين سيُطلق سراحهم بمن فيهم الأطباء وفقًا لتخطيط أمني دقيق، بحسب البيان.
ونشرت وزارة العدل الإسرائيلية قائمة بأسماء 735 أسيرا فلسطينيا غالبيتهم من الضفة الغربية والقدس، فيما أعلنت وزارة الخارجية المصرية السبت أن إسرائيل ستفرج خلال المرحلة الأولى عن أكثر من 1890 أسيرا فلسطينيا.
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في منظمة التحرير الفلسطينية إن القائمة بها خللا واضحا، حيث تضمنت أسماء أسرى أفرج عنهم سابقا، وتعليقا على ذلك، قال مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة حماس في بيان إن آلية الإفراج عن الأسرى ترتبط بعدد أسرى إسرائيل المنوي الإفراج عنهم وضمن أي فئة منهم، وهي عملية ستمتد طيلة فترة المرحلة الأولى من الاتفاق الممتدة لستة أسابيع.
وذكر البيان أن نشر قوائم بأسماء المحتجزين الإسرائيليين سيتم قبل كل يوم تبادل وضمن آلية متفق عليها في بنود وقف إطلاق النار، دون ذكر المزيد من التفاصيل.
إسرائيل تشترط استلام أسراها لتنفيذ وقف إطلاق النار في غزةفي سياق متصل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء أمس السبت، إن بلاده لن تمضي قدما في تنفيذ اتفاق غزة قبل تسلم قائمة بأسماء الرهائن المقرر إطلاق سراحهم.
وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري لـ«شينخوا» إن الأسرى المنوي إطلاق سراحهم هم من الضفة الغربية وغزة ممن اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر 2023، وتابع الزغاري أن الأسرى من سكان الضفة الغربية سيتم تجميعهم من كافة السجون في سجن «عوفر العسكري» غرب مدينة رام الله، لافتا إلى إعلان حالة من الاستنفار في كافة المستشفيات بالضفة لاستقبال الأسرى وتقديم العلاج لمن هم بحاجة له.
وبشأن أسرى غزة، قال الزغاري «سيتم تجميع المقرر الإفراج عنهم في سجن عسقلان جنوب إسرائيل، ليتم ترحيلهم إلى غزة بشكل مباشر»، ولم يصدر أي تعقيب من قبل الجهات المختصة في غزة حول أي ترتيبات بشأن استقبال الأسرى. بموازاة ذلك، أفادت الإذاعة العبرية العامة بأن إسرائيل ستقوم بترحيل عدد من الأسرى الفلسطينيين إلى خارج الأراضي الفلسطينية.
ولن يسمح بعودة النازحين إلى أماكن سكناهم في شمال قطاع غزة منذ اليوم الأول حسب الاتفاق، وإنما بعد مرور أسبوع من تاريخه عبر شارع الرشيد على شاطىء بحر غزة، ووفق مؤسسات حقوقية فلسطينية تحتجز إسرائيل حاليا 10 آلاف و400 فلسطيني، بينهم 600 محكومين بالسجن المؤبد.
من جانبها، أعلنت الحكومة في غزة الانتهاء من وضع خطة شاملة للتعامل مع قرار وقف إطلاق النار تتضمن إجراءات ميدانية عاجلة لضمان عودة الحياة الطبيعية تدريجيًا، بما يشمل تأمين المناطق المتضررة وتقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين.
وأفاد بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بإعداد فرق حكومية متخصصة من الوزارات والمؤسسات الحكومية لتنفيذ هذه الخطة ميدانيا، بما يضمن سلامة المواطنين ومحاولة توفير الاحتياجات الأساسية لهم.
وأكد البيان جاهزية الوزارات والمؤسسات الحكومية للعمل في هذه الخطة التي سيكون على رأسها الشرطة الفلسطينية والبلديات وفرق المتابعة الميدانية للقيام بدورها في تنفيذ هذه الخطة، مشيرا إلى أن الشرطة ستقوم على حفظ الأمن والنظام في مختلف المحافظات، بينما ستتولى البلديات مهام إعادة فتح الشَّوارع وتنظيف المناطق المتضررة وتمديدات المياه وتأهيل البنية التحتية.
فيما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم أن الحكومة الفلسطينية وأجهزتها المدنية والأمنية جاهزة لتولي مسؤوليتها في قطاع غزة للتخفيف من معاناة سكان القطاع وعودة النازحين إلى منازلهم وأماكن سكناهم، وإعادة الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وإعادة الإعمار.
إسرائيل تحذر من الاقتراب من قوات الاحتلالعلى صعيد آخر، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته ستبقى منتشرة في مناطق محددة في قطاع غزة بناء على اتفاق وقف إطلاق النار، وذكر بيان صادر عن الجيش أنه «لا يزال التحرك من جنوب إلى شمال قطاع غزة أو نحو طريق نتساريم خطيرًا في ضوء أنشطة الجيش في المنطقة، لحظة السماح بهذا التحرك سيتم إصدار بيان وتعليمات عن طرق الانتقال الآمنة».
وحذر البيان سكان القطاع من مغبة الاقتراب من قوات الجيش عامة وفي منطقة محور نتساريم على وجه الخصوص، وفي مناطق جنوب القطاع ومعبر رفح ومحور فيلادلفيا وكافة مناطق تمركز القوات، وتابع «هناك خطر كبير لممارسة الصيد والسباحة والغوص أيضا، ونحذر من الدخول إلى البحر في الأيام المقبلة في المنطقة البحرية على طول القطاع»، محذرا من الاقتراب من الأراضي الإسرائيلية والمنطقة العازلة كونه خطيرا للغاية.
اقرأ أيضاًجيش الاحتلال الإسرائيلى: انتشال جثة جندى كان محتجزا بغزة منذ 2014
جيش الاحتلال الإسرائيلي: سنواصل الهجمات ما دامت حماس لم تف بالتزاماتها
قوات الاحتلال الإسرائيلي تقصف مباني سكنية شمال مخيم النصيرات
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إسرائيل قطاع غزة الضفة الغربية القدس غزة بنيامين نتنياهو وقف إطلاق النار في غزة قرار وقف إطلاق النار اتفاق وقف إطلاق النار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وزارة العدل الإسرائيلية اتفاق وقف إطلاق النار فی غزة تنفیذ اتفاق وقف إطلاق النار المرحلة الأولى فی قطاع غزة إطلاق سراح الإفراج عن یوم الأحد إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف ناور نتانياهو لإسقاط وقف إطلاق النار؟
لفت الأستاذ الفخري للعلاقات الدولية في كلية مدينة نيويورك رجان مينون إلى أن يوم 18 مارس (آذار) الذي استأنفت فيه إسرائيل حربها على غزة كان الأكثر دموية منذ نوفمبر (تشرين الأول) 2023، إذ ترك أكثر من 400 قتيل من بينهم العديد من الأطفال والعائلات. ويشهد العالم الآن عودة كاملة للبداية المدمرة لهذه الحرب: أطلقت حماس وابلاً من الصواريخ ضد تل أبيب بينما تكثف القوات الإسرائيلية جهودها في ما يبدو أنه غزو بري جديد.
يأتي انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في وقت بالغ الخطورة بالتحديد
كتب مينون في مجلة "ذا نيوستيتسمان" أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته حماس وإسرائيل في 15 يناير (كانون الثاني) انحرف برمته عن مساره، بل وربما دمر. لا شيء حتمياً في السياسة والحرب، لكن من فوجئ بما حدث لم يكن يعر الأمر اهتماماً.
من الدواء المر إلى السمإلى حد كبير، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على وقف إطلاق النار على مضض، بصفتها هدية تنصيب لدونالد ترامب الذي كان قد أعيد انتخابه حديثاً في ذلك الوقت. لقد عرض إنهاء الحرب هدف نتانياهو الثمين والمتمثل في تدمير حماس للخطر، لكن رئيس الوزراء خشي أيضاً انسحاب الوزراء المتشددين في حكومته الائتلافية إذا أبرم الصفقة.
“We’ve got six tons of medical goods waiting to go into Gaza,” says @DMiliband, head of @RESCUEorg. “We’re unable to do our work… because of the breakdown in the ceasefire… There’s just dread, sheer dread that exists on the humanitarian side.” pic.twitter.com/S5j3lyYbFy
— Christiane Amanpour (@amanpour) March 21, 2025من بين المراحل الثلاث للاتفاق، كانت المرحلة الأولى بمثابة دواء مر لنتانياهو. لكنه رأى أن لبنوده بعض المزايا. اشترطت على حماس إطلاق سراح بعض الأسرى الإسرائيليين على دفعات حتى لو كان ذلك مقابل إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي نحو مناطق عازلة ضيقة داخل حدود القطاع، إلى جانب إطلاق سراح الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل على دفعات. كان رد الفعل الأولي لعودة الرهائن فرحاً شعبياً، مما خفف الضغط السياسي عن نتانياهو. اعتبر الأخير إعادة انتشار جيشه وإطلاق سراح الأسرى ثمناً مقبولاً، مع أنه رفض إخلاء ممر فيلادلفيا الممتد على طول حدود غزة مع مصر.
كان هذا الرفض مؤشراً مبكراً إلى أن الاتفاق في مأزق. وكان من بين المؤشرات الأخرى قرار إسرائيل بتأجيل إطلاق سراح الدفعة التالية من 620 أسيراً فلسطينياً ومطالبتها حماس التي كانت قد سلمت لتوها ستة رهائن كما هو مطلوب بموجب اتفاق يناير، بإطلاق سراح المزيد منهم. نبعت هذه الخطوة من غضب إسرائيل من احتفالات حماس المنتصرة وهي تطلق سراح الأسرى.
وإذا كان نتانياهو رأى أن شروط المرحلة الأولى مؤلمة، فقد اعتبر بنود المرحلة الثانية سامة تماماً. شملت هذه البنود خروج الجيش الإسرائيلي من غزة، وبعد إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين وجثث القتلى، التوصل إلى اتفاق سلام دائم، مع بقاء دور حماس المستقبلي غير مؤكد. بصرف النظر عن معارضته لهذه الشروط، كان نتانياهو يعلم أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش سيستقيل عوضاً عن أن يسمح بتنفيذها.
ثم جاء دور ويتكوفيساعد هذا في تفسير سبب بدء نتانياهو في عرقلة العمل مع اقتراب نهاية المرحلة الأولى. كان من المقرر أن تبدأ المحادثات غير المباشرة مع حماس بشأن تنفيذ المرحلة الثانية في أوائل فبراير (شباط) وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، لكنه فشل في إرسال مفاوضين. لقد أراد تمديد المرحلة الأولى، أي إعادة صياغة شروط اتفاق قبله سابقاً، وهدد باستئناف الحرب إذا رفضت حماس. ولإجبار حماس على ذلك، أعلن نتانياهو في 2 مارس (أذار) فرض حصار على إيصال المساعدات إلى غزة.
???? @atwoodr with Max Rodenbeck, @MairavZ @aj_iraqi & @mwhanna1 discuss the breakdown of the Gaza ceasefire, the likely effect on Palestinians in Gaza and the goals of both Israel’s renewed military campaign and the ???????? strikes on the Houthis in Yemen.https://t.co/EZhZBFKqC8
— Comfort Ero (@EroComfort) March 22, 2025بالرغم من أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار انتهت رسمياً في 1 مارس (أذار)، اقترح ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، تمديدها حتى أبريل (نيسان)، على أن تفرج حماس في تلك الفترة عن 15 رهينة إضافية مقابل رفع إسرائيل للحصار. وصفت حماس صيغة ويتكوف بأنها محاولة "لتجاوز" اتفاق 15 يناير. ودعت الحركة بدل ذلك إلى سلام شامل يتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن، وانسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من غزة، مع أنها وافقت على إطلاق سراح عيدان ألكسندر، الجندي في الجيش الإسرائيلي صاحب الجنسيتين الإسرائيلية والأمريكية، وتسليم جثث أربعة آخرين مزدوجي الجنسية. ثبت أن الجمود بين حماس وإسرائيل غير قابل للكسر.
وفي دفاعه عن استئنافه للحرب، ألقى نتانياهو اللوم على حماس في التعجيل بانهيار وقف إطلاق النار برفضه مساعي ويتكوف. من جانبها، أشارت حماس إلى خطط نتانياهو الماكرة والمدروسة لإفشال اتفاق 15 يناير(كانون الثاني). وبمجرد أن كشفت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارولين ليفيت إعلام إدارة ترامب مسبقاً بقرار نتانياهو، اتهمت الحركة الحكومة الأمريكية بالتواطؤ.
ما هي حسابات نتانياهو؟كان وقف إطلاق النار معلقاً بخيط رفيع لأسابيع، وقد يكون الآن غير قابل للإنقاذ. يعتمد مصيره على حسابات نتانياهو. ربما أشعل الحرب مجدداً لإجبار حماس على تمديد وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المزيد من الرهائن. أو ربما لا يزال مصمماً على تدمير حماس. إذا كان الأخير هو الخيار الفعلي، فقد حقق نجاحاً جزئياً، عاود إيتمار بن غفير ووزيران آخران من الصهيونية الدينية الانضمام إلى الحكومة الائتلافية بعدما غادروها عقب إبرام الاتفاق.
لكن تدمير حماس مسألة أخرى تماماً. حتى مع افتراض إمكانية تحقيق هذا الهدف سيتطلب تحقيقه شهوراً من الحرب الإضافية. إن سعي نتانياهو الدؤوب لتحقيق هذه المهمة سيعرض إطلاق سراح الرهائن للخطر 59 منهم ما زالوا في غزة، مع أن نصفهم فقط قد يكون على قيد الحياة، وسيزيد معاناة عائلاتهم. وسيدفع سكان غزة ثمناً أكبر بكثير. الذين نجوا من الحرب التي أسقطت أكثر من 48 ألف قتيل، يعيشون في ملاجئ مؤقتة وسط أطنان من الأنقاض ويفتقرون منذ الحصار الإسرائيلي إلى الضرورات الأساسية لاستمرار الحياة. ستصبح حياتهم الآن أكثر صعوبة بشكل لا يقاس، وسيموت كثيرون، خاصة إذا زاد نتانياهو حدة المخاطر بتوسيع العمليات البرية.
ترامب يدعم الرعبأضاف مينون أنه بغض النظر عما يفعله، يستطيع نتانياهو الاعتماد على دعم ترامب الذي لم ينتقد قط مناوراته لإعادة صياغة اتفاق وقف إطلاق النار. كما وافق ترامب على مبيعات عسكرية أجنبية لإسرائيل بـ 12 مليار دولار منذ عودته إلى البيت الأبيض، ويقال إنه قبل حجة نتانياهو التي طرحها خلال زيارته إلى واشنطن في فبراير (شباط) والقائلة إن إسرائيل بحاجة إلى الحرية لاستئناف الحرب رغم اتفاق وقف إطلاق النار.
وحتى لو أدرك نتانياهو أنه لا يمكن تدمير حماس، فقد يراهن على أن الحرب المتجددة ستضع فكرة ترامب المطروحة لإخلاء غزة وضمها، والتي أشاد بها الزعيم الإسرائيلي ووصفها بأنها "ثورية" و"مبدعة"، على رأس الأولويات. يأتي انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في وقت بالغ الخطورة بالتحديد. فقد صعدت إسرائيل هجماتها على لبنان وسوريا.
وتتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران والحوثيين. ومن بين الدول التي أدانت نقض إسرائيل الواضح لوقف إطلاق النار، السعودية، ومصر، وقطر. وحذر نتانياهو فقال إن استئناف الحرب "مجرد بداية"، وأنه رغم انفتاحه على استمرارها، ستعقد المحادثات مع حماس "تحت النار". وفي 21 مارس(أذار)، أمر وزير دفاع نتانياهو إسرائيل كاتس قواته "بالسيطرة على المزيد من الأراضي"، وهدد بضم جزئي للقطاع. ومع هيمنة المفاوضات الأوكرانية على أجندة الأخبار، أغفلت معظم دول الغرب والعالم هذا الرعب المتنامي. وختم الكاتب فقال: "الآن سنرى إذا كانت ستستجيب بشكل أبعد من مجرد المشاهدة".