يقال إن الولايات المتحدة تضغط على إيران لوقف إرسال طائرات بدون طيار إلى روسيا، كجزء من اتفاقية غير رسمية أوسع نطاقا، من شأنها أن تسعى أيضا إلى تهدئة الاحتكاك في الشرق الأوسط بين إسرائيل وإيران والقوات الوكيلة للأخيرة في المنطقة.

هكذا أطلق الرئيس الأمريكي جو بايدن، حملته لتهدئة التوترات مع إيران، في الوقت الذي يسعى فيه للفوز بالسياسة الخارجية للشرق الأوسط قبل الانتخابات الأمريكية العام المقبل، وفق ما ذكر تقرير لصحيفة "تليجراف"، وترجمه "الخليج الجديد".

وكجزء من المحادثات المبكرة بشأن الاتفاقية، وقعت واشنطن على صفقة لتبادل الأسرى مع طهران، في مقابل أن تفرج الولايات المتحدة عن 6 مليارات دولار (4.7 مليارات جنيه إسترليني) من الأصول المجمدة للنظام الإيراني.

بموجب شروط صفقة الأسرى، تم إطلاق سراح 5 مواطنين إيرانيين أمريكيين، بمن فيهم شخص يحمل أيضًا الجنسية البريطانية، من السجون الإيرانية، مقابل عودة مجموعة من المواطنين الإيرانيين المحتجزين لدى الولايات المتحدة.

والرهائن الأمريكيون الخمسة الذين سيتم إطلاق سراحهم كجزء من الصفقة، أصدرت إيران ضدهم أحكامًا بالسجن لمدة 10 سنوات، بتهم تتعلق بالتجسس، وصفتها الولايات المتحدة بأنها مشكوك فيها.

اقرأ أيضاً

الولايات المتحدة: نتفاوض مع إيران بشأن عودة الأمريكيين المحتجزين لديها

ويقال أيضًا إن بايدن يسعى للحصول على تنازلات من إيران بشأن تخصيب اليورانيوم، وقد يوقف فرض عقوبات جديدة على طهران، فيما وصفه بعض المسؤولين بأنه "اتفاق مؤقت" بشأن الأزمة النووية.

وتم الكشف عن جوهر المحادثات حول "تفاهم غير مكتوب"، في وقت سابق من هذا الأسبوع، من قبل صحيفة "فاينانشيال تايمز".

وترى الصحيفة، أن تبادل الأسرى الناجح قد يساعد في بناء درجة من الثقة المفقودة بين الأمريكيين والإيرانيين، وقد تدعم جهود احتواء الأزمة النووية التي تغلي بشكل خطير منذ أن تخلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من جانب واحد عن الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وقعته طهران مع القوى العالمية.

فيما يقول المعارضون لتلك الخطوة، إن الاتفاق يجعل الولايات المتحدة تبدو ضعيفة، ويؤكدون أن الأموال قد تؤدي في النهاية إلى تمويل الجيش الإيراني، الذي استولى على ناقلات أمريكية ودعّم الجماعات المسلحة التي هاجمت القوات الأمريكية، حسب تقرير نشرته صحيفة" ذا هيل" الأمريكية.

فيما يرى المؤيدون أنها صفقة مهمة من شأنها أن تحرر المواطنين الأمريكيين المحتجزين، وذلك قد يؤدي إلى مزيد من التقدم الملموس مع طهران في المستقبل، مثل إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

إلا أن صحيفة "تليجراف"، قالت إن الاتفاق قد يمهد لمزيد من المحادثات المكثفة حول العودة إلى الاتفاق النووي، الذي كان قائماً في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، والذي خفف العقوبات على طهران، مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

اقرأ أيضاً

مصادر: قطر تستضيف تبادلا للأسرى بين أمريكا وإيران الشهر المقبل

ويقول الخبراء إن فورة النشاط بشأن الملف الإيراني كانت مدفوعة إلى حد كبير برغبة بايدن في إظهار قدرته على الفوز بتنازلات من الجمهورية الإسلامية.

ومع ذلك، ظل من غير الواضح ما إذا كانت الاتفاقات الصغيرة نسبيًا ستؤدي إلى أي تقدم جوهري في القضية الأكثر تعقيدًا وإلحاحًا في برنامج طهران النووي، والتي تعتبرها إسرائيل تهديدًا وجوديًا.

تقول مدير برنامج تشاتام هاوس للشرق الأوسط سنام وكيل: "التطور الأخير الوحيد حتى الآن، هو اتفاق للإفراج عن الرهائن، مقابل وصول إيران إلى احتياطياتها الأجنبية في ظل قيود تديرها قطر".

وتضيف، في إشارة إلى الاتفاق النووي: "هناك جهود قنوات خلفية جارية للتوصل إلى تفاهم نووي، لكن ذلك لن يكون أقرب إلى إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة".

ويمكن أن يؤدي تحسن العلاقات الأمريكية الإيرانية أيضًا إلى تهدئة الوضع على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، حيث كان هناك تصاعد في الحوادث الأمنية التي تنطوي على "حزب الله"، وهي ميليشيا تعمل بالوكالة عن إيران.

ويشك بعض الخبراء أيضًا في أن 6 مليارات دولار من الأصول المجمدة، الموجودة حاليًا في كوريا الجنوبية، يمكن أن تستخدمها إيران كـ "شريان حياة" اقتصادي لحليفها الرئيسي سوريا، التي هي على وشك الانهيار الاقتصادي في ظل ديكتاتورية بشار الأسد.

اقرأ أيضاً

الاتفاق الإيراني الأمريكي ومحدودية تأثير إسرائيل

أما مدير معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر، فيشير إلى أهمية التوقيت قائلا: "توقيت اتفاق إدارة بايدن مع إيران من المحتمل أن يكون مهمًا للغاية"، مضيفا في تغريدة عبر حسابه بموقع "إكس" (تويتر سابقا): "الأسد يحتاج إلى شريان حياة اقتصادي، وإيران فقط هي التي يمكنها الآن القيام بذلك".

إلا أن المدير المؤسس لبرنامج إيران في معهد الشرق الأوسط أليكس فاتانكا، يقول إن آليات الصفقة ستجعل من الصعب على طهران استخدام الأموال لأي شيء غير الأغراض الإنسانية.

كما يشدد على أن الاتفاق حيوي لتخفيف التوترات بين واشنطن وطهران.

وسبق أن هددت إسرائيل، مرارًا وتكرارًا، بشن عمل عسكري مباشر على إيران لتدمير برنامجها النووي، وأدانت بالفعل الصفقة الأمريكية بشأن الأسرى والأصول المجمدة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن "موقف إسرائيل معروف، وهو أن الترتيبات التي لا تفكك البنية التحتية النووية الإيرانية لن توقف برنامجها النووي وستزودها فقط بالأموال، التي ستذهب إلى عناصر إرهابية ترعاها إيران".

كما أن الصفقة المتوقعة قد تكون علامة أخرى مقلقة للجمهوريين الذين يعارضون إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة التي يشار إليها بالاتفاق النووي الإيراني، والتي يقولون إنها ليست قوية بما يكفي لكبح النشاط العسكري الإيراني.

اقرأ أيضاً

ترحيب أمريكي بأي خطوة إيرانية لإبطاء برنامجها النووي

فيما يعرب مدير مجموعة حملة متحدون ضد إيران النووية جيسون برودسكي، عن مخاوفه من أن صفقة بايدن قد تأتي بنتائج عكسية عليه من خلال تشجيع إيران على أخذ المزيد من الرهائن لاستخدامها كرافعة دبلوماسية.

ويقول: "شروط هذه الصفقة مقلقة.. [إنها] ستشجع فقط المؤسسة الإيرانية على مواصلة هذه العملية".

ويضيف: "ما نفتقده هو استراتيجية عبر الأطلسي لردع احتجاز الرهائن وفرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية، وتجعل من الصعب على من يحملون جوازات سفر أمريكية وأوروبية السفر إلى هناك بسبب مخاوف بشأن سلامتهم".

بينما يرى المحلل الإيراني في مركز الأبحاث الأمني الإسرائيلي داني سيترينوفيتش، أن الصفقات الأخيرة بعثت ببعض الإشارات الإيجابية قليلاً، حيث أشارت إلى أن كلاً من الولايات المتحدة وإيران كانا جادين في تجنب أي تصعيد في المستقبل القريب.

ويضيف: "في هذا الصدد، فإنه يسلط الضوء على استعداد الجانبين للتوصل إلى نوع من الحل على المدى القصير"، متابعا: "المشكلة هي أنه ليس حلاً طويل الأمد.. هذا هو أفضل خيار سيء موجود، لكنه لا يزال سيئًا".

اقرأ أيضاً

ضغوط أمريكية على إيران للتوقف عن بيع طائرات مسيرة إلى روسيا

المصدر | تليجراف - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا بايدن إيران توترات إسرائيل صفقة انتخابات انتخابات أمريكية الولایات المتحدة برنامجها النووی الاتفاق النووی اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

ما الذي تنوي الولايات المتحدة فعله في الشرق الأوسط مع زيادة التوتر؟

نشر موقع "لا كروا" مقالًا يحلل فيه سياسة الإدارة الأمريكية والتي على الرغم من جهودها، فإن إدارة جو بايدن عاجزة عن إسماع صوتها لإسرائيل. فهي تشجب هجمات بنيامين نتنياهو العسكرية، لكنها ترفض التطرق إلى النقطة المؤلمة: تسليم الأسلحة إلى الدولة اليهودية. وفي خضم فوضى التفجيرات، يبدو أن واشنطن ليس لها صوت مسموع.

وقال كاتب المقال جيل بياسيت إنه منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وإدارة بايدن تسير على حبل مشدود حول التصدعات في الشرق الأوسط. فمن ناحية، أعلنت واشنطن دعمها الثابت لإسرائيل، حليفتها القديمة في المنطقة، مشيرةً على وجه الخصوص إلى حق الدولة اليهودية في الدفاع عن نفسها؛ ومن ناحية أخرى، لم يخفِ جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن عدم موافقتهما على استراتيجية بنيامين نتنياهو الداعية للحرب، حيث كانا يتجادلان في كل فرصة لصالح الدبلوماسية عندما يختار رئيس الوزراء الإسرائيلي القنابل والدبابات.

وأضاف الكاتب أنه بعد غزة؛ حيث كان جو بايدن يدعو منذ أشهر إلى وقف إطلاق النار لحل أزمة الأسرى، جاء الآن دور لبنان ليوضح الصعوبات التي تواجهها الولايات المتحدة في منطقة طالما ألقت واشنطن بثقلها فيها. فبعد أن حذر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في البداية من "حرب شاملة"، والتي "ستكون مدمرة لإسرائيل ولبنان"، وافق لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكي، على هجوم القوات الإسرائيلية والهجوم الذي استهدف حسن نصر الله، زعيم حزب الله. وقال أنتوني بلينكن: "لقد أصبح العالم مكاناً أكثر أمناً"، ولكن ليس، على أي حال، بالنسبة للمدنيين الذين قتلوا في القصف الإسرائيلي في لبنان.

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، يبدو أن النمط نفسه يتكرر: تمارس واشنطن ضغوطًا على إسرائيل، دون جدوى، قبل أن توافق الدولة العبرية عندما تلتزم بعمل كانت الولايات المتحدة تعارضه في السابق... وهذا ما يولد شعوراً بازدواجية الكلام، أو على الأقل عدم التماسك. ولا سيما في قضية رئيسية: توريد الأسلحة إلى إسرائيل. فواشنطن هي إلى حد بعيد أكبر مورد للأسلحة إلى الدولة اليهودية. ولفترة من الوقت، في أيار/مايو الماضي، علّق جو بايدن عمليات التسليم للضغط على بنيامين نتنياهو، الذي كان قلقًا بشأن استخدامها في غزة، في منطقة رفح، ثم قام بتغيير موقفه في آب/أغسطس.



وأشار الكاتب إلى أن واشنطن تقدم لإسرائيل كل عام 3.8 مليارات دولار (حوالي 3.5 مليار يورو) كمساعدات عسكرية. وهذا المبلغ محدد في مذكرة سارية المفعول لمدة عشر سنوات، تم وضعها في الثمانينيات ويتم تجديدها منذ ذلك الحين، بغض النظر عن اللون السياسي للرئيس الأمريكي. ومن الوسائل المهمة لممارسة الضغط تعليق تسليم الأسلحة إلى أي بلد لا يستوفي معايير معينة. وفي 25 أيلول/سبتمبر، استند السيناتور اليساري عن الحزب الديمقراطي، بيرني ساندرز، إلى عدة قوانين (بما في ذلك قانون المساعدات الخارجية لعام 1961، الذي يحظر إرسال أي شحنات أسلحة إلى بلد يحد من وصول المساعدات الإنسانية الأمريكية) للدعوة إلى وقف تسليم الأسلحة إلى إسرائيل.

لذا، وكما كتب الكاتب في صحيفة "نيويورك تايمز" روجر كوهين في نهاية أيلول/سبتمبر، فإن الولايات المتحدة لا تزال تملك "تأثيراً على إسرائيل". ولكن مع تنبيه كبير: "إن التحالف الحديدي الذي تم تشكيله مع إسرائيل حول الاعتبارات الاستراتيجية والسياسية، ولكن أيضًا بسبب القيم المشتركة بين الديمقراطيتين“، كما تابع الصحفي، ”يعني أنه من شبه المؤكد أن واشنطن لن تهدد أبدًا بوقف تدفق الأسلحة.“

وأكد الكاتب أنه قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية؛ فمن غير الوارد أن تسيء إدارة بايدن إلى الناخبين الديمقراطيين اليهود، حيث يوضح معهد أمريكان إنتربرايز الأمريكي البحثي أنه ”تاريخياً، انحاز اليهود الأمريكيون للمرشحين الرئاسيين الديمقراطيين بأغلبية مريحة بلغت 71 بالمئة، مقارنة بـ 26 بالمئة منذ عام 1968". وفي عام 2020؛ صوّت 68% من الناخبين اليهود لجو بايدن.

واختتم الكاتب مقاله بالقول إنه على الرغم من أن حكومة بنيامين نتنياهو لا تحظى بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة، إلا أن 7 من كل 10 أمريكيين ما زالوا يعتقدون أنه يجب الدفاع عن إسرائيل؛ حيث يقول ريتشارد هاس، الدبلوماسي السابق والرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: "إذا كان للسياسة الأمريكية تجاه إسرائيل أن تتغير، فسيكون ذلك على الهامش فقط".


مقالات مشابهة

  • كيف تنعكس التوترات في الشرق الأوسط على الولايات المتحدة مع اقتراب الانتخابات؟
  • تهديدات بضرب منشآت نفطية.. تبعات التوترات في الشرق الأوسط على الولايات المتحدة في عام الانتخابات
  • ما الذي تنوي الولايات المتحدة فعله في الشرق الأوسط مع زيادة التوتر؟
  • باحث: الولايات المتحدة هي من ستحدد شكل الرد الإسرائيلي على إيران
  • باحثة سياسية: الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسير الأمور في الشرق الأوسط
  • ‎ترامب ينتقد موقف بايدن: النووي الإيراني هو الخطر الأكبر
  • بعد الهجوم الإيراني، ما هي سبل رد إسرائيل، وما هي الخطوات التي ستتخذها طهران؟
  • ترامب يفتح النار على بايدن بسبب النووي الإيراني
  • تصريحات بايدن حول إيران ترفع أسعار النفط 5%
  • بولتون: على إسرائيل تدمير النووي الإيراني