ربما لم يمر على قطاع غزة يوم في تاريخه الحديث أكثر جدارة بأن يذكر أكثر من هذا اليوم الأحد التاسع عشر من يناير 2025 مع بدء تنفيذ وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره، طوال أبشع حرب إبادة معروفة شنتها إسرائيل بلا رحمة ولا أخلاق على القطاع المنكوب، واستمرت 470 يوماً، وانتهت أخيراً بالمفاوضات وليس بقوة السلاح.
لا شك في أن الجريمة الإسرائيلية كبيرة ومروعة، لكن وقف العدوان في هذه المرحلة يستدعي الفرحة والأمل، رغم الآلام التي لا تطاق، وعشرات آلاف الضحايا الذين فارقوا إلى الأبد، والعائلات التي أبيدت من السجلات المدنية، والأعداد الهائلة من الأرامل والأيتام والمرضى والمصابين والجياع والمشردين، ناهيك عن التدمير الهائل الذي طال نحو ثلاثة أرباع قطاع غزة والتصفية الممنهجة للمؤسسات الاستشفائية والإنسانية والأممية.
كل هذه النتائج المريرة هي الإنجاز الوحيد الذي حققته إسرائيل في هذه الحرب، ولم تستطع أن تستعيد رهينة واحدة حية، ولكن من تبقى من أولئك الرهائن ها هم يبدأون العودة اليوم بعد جهود دبلوماسية مضنية ومناورات سياسية انتهجتها الحكومة الإسرائيلية خلال أكثر من 15 شهراً، وها هو الواقع، الذي لا مهرب منه، يفرض هذه الهدنة تمهيداً لإنهاء الحرب والبحث عن وسائل أخرى لخفض التصعيد واستعادة التهدئة، وصولاً إلى منح الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
اليوم الأول للهدنة في غزة سيكون استثنائياً، وسيسمح للفلسطينيين بالتقاط الأنفاس، ويفترض أن يعيشوا للمرة الأولى منذ أشهر طويلة دون خوف من قصف مباغت أو غارة غادرة، ولا شك في أن الكثير منهم سيجد الوقت لاسترجاع الذكريات الأليمة والبحث عن بقايا الأهل والجيران والأصدقاء، ولا شك أيضاً في أن المجتمع الدولي سيكون أمام فرصة لتصحيح الأخطاء الجسيمة والتجاوزات غير المسبوقة التي شهدتها غزة، فبعد الآن يجب على هذا العدوان ألا يتكرر وألا تعيش البشرية هذه المآسي المروعة وتقف عاجزة عن وقفها، كما يجب محاسبة كل الذين سفكوا دماء عشرات الآلاف من الأبرياء ومحاسبتهم ومنع أي إفلات من العقاب.
وإذا كان هناك من درس بليغ لهذه الحرب العبثية، فإن القوة الغاشمة، مهما أجرمت، لن تحقق الأهداف، والدليل أن إسرائيل دمرت كل غزة تقريباً وعملت في أهلها قتلاً عشوائياً وتشريداً، ولم تستطع أن تستعيد أياً من رهائنها إلا بالمفاوضات مع الفصائل الفلسطينية، كما أن هذه الحرب لم تحقق لها الأمن الذي كانت تحلم به، بل على العكس، فإن هذه الحرب ألحقت بها خسائر لا تسترجع وعاراً لا يمحى، وعليها أن تسلك طرقاً أخرى للبقاء، وأولها الابتعاد عن لغة القوة ونوازع التطرف.
غزة تستقبل يوماً جديداً، وهي حاضرة في الوجدان الفلسطيني والعربي والإنساني، وستبقى أرضاً لأهلها ولن تمحى من الخريطة أو الوجود. وبدعم الأشقاء والخيرين في العالم سيتم رفع أنقاض العدوان الإسرائيلي ويبدأ إعمارها من جديد لتستعيد حياتها كما كانت أو أفضل، وتظل ركناً أساسياً في المشروع الوطني الفلسطيني وجزءاً أصيلاً في الدولة المستقلة المنشودة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة هذه الحرب
إقرأ أيضاً:
بالفيديو.. شاهد الدمار الذي أحدثه اللواء “طلال” على برج المليشيا بالخرطوم في الساعات الأولى من الحرب بقرار انفرادي وشجاع منه نجح في قلب الموازين وحسم المعركة لصالح الجيش
كشف الدكتور الناجي عبد الله, المستنفر بصفوف الجيش السوداني, ومن أمام برج مليشيا الدعم السريع بالخرطوم, عن أسرار الساعات الأولى من الحرب.
وبحسب رصد ومتابعة محرر موقع النيلين, فقد ظهر “الناجي”, أمام برج مليشيا الدعم السريع بالخرطوم, والذي تم تدميره بواسطة الطيران الحربي التابع للقوات المسلحة, في الساعات الأولى من حرب 15 أبريل.
وكشف الدكتور الناجي, عن سر من أسرار الساعات الأولى من الحرب والذي يتعلق بضرب وتدمير البرج الكبير الذي كانت تتواجد فيه عناصر من الدعم السريع.
وقال بحسب ما نقل عنه محرر موقع النيلين, أن اللواء البطل طيار “طلال”, وقام في لحظة الصفر وبقرار إنفرادي وشجاع منه بضرب البرج وتدميره, وبقراره الشجاع نجح في قلب الموازين وحسم المعركة لصالح الجيش.
محمد عثمان _ الخرطوم
النيلين
إنضم لقناة النيلين على واتساب