مطر «تشريعات» في صيف الأردن
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
مطر «تشريعات» في صيف الأردن
يجب إعادة الحسابات وضبط الإعدادات، وبخطوة تنظيم وبالعودة الى الهدوء وبشرح ما يجري تشريعيا للناس أكثر.
دائما كانت مساحة حرية التعبير وسط الأردنيين والغرامات للمخالفات متوسطة الحجم إحدى وصفات الاستقرار العام.
معركة التشريعات الأخيرة في الدورة الاستثنائية والصيف اللاهب تدلل على إشكالية ما في التفكير الرسمي الحكومي الاستراتيجي.
على أي أساس نستعير نصوصا تشريعية من تجارب دول تقدم لرعاياها خدمات الرفاه الاجتماعي ثم نحاجج السفراء الغربيين بأننا نفعل ما فعلته بلادهم؟!
الحكومة لا تقدم للمواطن الأردني ما تقدمه الدول الديمقراطية في معادلة المواطنة والخدمة مقابل الضريبة ولا الأنظمة الشمولية العربية من دعم الرفاه الاجتماعي!
كان الاعتدال والتسامح الرسمي جزءا من تركيبة الحالة الأردنية بل قيمة متوارثة وأساسية يبدو العبث بها تشريعيا اليوم وإعادة إنتاجها خطوة ليست في الاتجاه السليم.
* * *
لا أعرف بصورة محددة ما هو المقصود بكلمة «معالجة». منح تعديل جديد على تشريع يخص البيانات الشخصية السلطات العامة الأردنية الحق في معالجة بياناتي كمواطن بدون الحصول على موافقتي.
في الواقع البيانات الشخصية متاحة في جيب كل السلطات الحكومية أصلا وأغلب التقدير أن المواطن الأردني لا يعلم لا بذلك ولا بوجود بيانات يفترض أن تكون محمية بموجب القانون. ومستوى شفافية المواطن من فرط التشريعات الغليظة التي تمطر على رأسه هذه الأيام وصل إلى حد لا يحفل به لا بالبيانات الشخصية ولا بالبيانات العامة.
من حق الحكومة العبث في بيانات رعاياها وأزعم شخصيا بأن الوضع شفاف للغاية وجدا وبالتالي لا يوجد ما يخفيه الناس ولا ما تخفيه الحكومة على حد علمي. لكن شرعنة العبث في بيانات شخصية في إطار عملية قوننة قد تكون خطوة إيجابية وإن كان من غير المفهوم ما تعنيه كلمة «معالجة» فقبل هذا النص القانوني الذي ناقشه مجلس النواب مؤخرا كانت أي عملية معالجة أصلا إن حصلت لا يعرف بها المواطن.
مجددا تشريع جديد له علاقة بحفظ وأمن المعلومات والشبكات. ويختص هذا التشريع بالمعلومات والبيانات الشخصية وسط غرق الحكومة والشعب معا في بحر من العالم الافتراضي وتكنولوجيا الاتصالات.
من حق الدولة المعالجة بالطريقة التي تراها مناسبة لكن فيما يتعلق بأرشفة البيانات والمعطيات لا بد من التذكير بأن التجارب التي فرضت قيودا على التعامل مع البيانات الشخصية في العالم منحت الرعايا باليد الأخرى فرصة التمتع بمزايا الحكومة الإلكترونية حقا وفعلا.
يمكن للحكومة معالجة بياناتي أو بيانات غيري بالطريقة التي تراها مناسبة لكن مهم أن تصادق الوقائع على ما يقال علنا عن الحكومة الإلكترونية بمعنى تمرير كل مصالحي كمواطن ملتزم بالقانون عبر الشبكة مادامت البيانات أصلا ليست في جيب المؤسسات فقط. ولكنها تعالج ضمن صلاحيات القانون وإن كان من غير الواضح بعد ما الذي تعنيه «المعالجة» بصورة مفصلة، فالحكومة وصلت إلى منسوب من الانزعاج والملل من الشعب، وتضجره يدفعها للتفنن في تطوير وتعديل التشريعات دون حتى شرحها للناس ودون أدنى اهتمام بتطبيق قواعد «الخضوع برغبة» بواسطة النصوص الفضفاضة والمطاطة بحيث تحسن الرعية الخضوع للقانون والمؤسسات.
بكل حال معالجة البيانات الشخصية أعقب قانون الجرائم الإلكترونية وقانون مخالفات السير الجديد وسيعقب قانون الملكية العقارية الجديد.
كل ذلك الهجوم التشريعي الفعال والمكثف يحصل في المشهد الداخلي فجأة وبدورة برلمانية استثنائية وبدون حوارات أو شروحات، والأهم يحصل فيما أفهم كزائر مراقب في ندوة مغلقة بحضور الطاقم الذي يدير ملف الاستثمار بأن قصة الاستثمار حصرا لا تزال في منسوب «سارحة والرب راعيها». ثمة تشريعات تترصد المواطن ما دام ينشر في منصات إلكترونية. وتلك التشريعات تغلظ الغرامات المالية وأحيانا عقوبات الحبس بصورة غير مسبوقة.
حسنا لا مبرر للهلع ولا أؤمن بما يقوله البعض عن هجمة الحكومة على جيب المواطن. لكن كل هذا المطر التشريعي والنصوص الفضفاضة الغليظة الخشنة أحيانا تطالب ضمنا المواطن بما هو أبعد وأكثر وأكبر من الحضور برغبة ضمن معطيات دولة القانون والمؤسسات.
مجددا رسالتي للمسؤولين في الإطار التنفيذي ولمن يسهرون على تطبيق القانون: «أنتم تفكرون وتخططون بالمقلوب وهذه العملية قد تؤدي إلى الاسترسال في سحب رصيد الدولة والمؤسسات عند الناس.
كما أن الحكومة لا تقدم للمواطن الأردني أي نمط من أنماط الرفاه الاجتماعي، لا بل الحكومة نفسها تعترف بتراجع خدمات القطاع العام الأساسية ولنقف حصرا عند الصحة والتعليم والسياق البيروقراطي فعلى أي أساس لا تقدمون شيئا للمواطن ثم تمطرونه بوابل من التشريعات المغلظة؟
مجددا على أي أساس نستعير نصوصا تشريعية من تجارب دول تقدم لرعاياها خدمات الرفاه الاجتماعي ثم نحاجج السفراء الغربيين بأننا نفعل ما فعلته بلادهم علما بأن الحكومة لا تقدم للمواطن الأردني ما تقدمه لا الدول الديمقراطية الغربية خصوصا في معادلة المواطنة والخدمة مقابل الضريبة ولا الأنظمة الشمولية العربية من وسائل دعم الرفاه الاجتماعي؟
طوال الوقت كانت مساحة حرية التعبير وسط الأردنيين والغرامات للمخالفات متوسطة الحجم إحدى وصفات الاستقرار العام.
وطوال الوقت كان ذلك الاعتدال والتسامح الرسمي جزءا من تركيبة الحالة الأردنية بعمومها لا بل قيمة متوارثة وأساسية نحسب أن العبث بها تشريعيا اليوم وإعادة إنتاجها خطوة ليست في الاتجاه السليم ولا الصحيح وتخلط أوراقا مستقرة إلى حد ما منذ عقود.
معركة التشريعات الأخيرة في الدورة الاستثنائية والصيف اللاهب تدلل على إشكالية ما في التفكير الرسمي الحكومي الاستراتيجي.
ننصح وبشدة بإعادة الحسابات وضبط الإعدادات قليلا، وبخطوة تنظيم وبالعودة الى الهدوء وبشرح ما يجري تشريعيا للناس أكثر.
*بسام البدارين كاتب صحفي وإعلامي أردني
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الأردن تشريعات منصات إلكترونية الدورة الاستثنائية البیانات الشخصیة لا تقدم
إقرأ أيضاً:
إبراهيم عيسى: قرارات "تحسين حياة المواطن" نافذة جديدة تفتحها الحكومة
أكد الإعلامي إبراهيم عيسى، مقدم برنامج "حديث القاهرة"، أن تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء اليوم بضرورة بتحسين مستوى معيشة المواطن هو أمر يستدعي بعض من الترقب والانتظار، موضحًا أن الحكومة تفتح نافذة مهمة لتحسن معيشة المواطن في أقرب وقت ممكن.
الحكومة تفتح نافذة مهمةوأضاف "عيسى"، خلال تقديم برنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، اليوم الثلاثاء، أن لقد هرمنا أن نسمع هذا التصريح من الحكومة، مشددًا على أن المهمة الأولى والأساسية والمركزية والأصيلة لأي حكومة في العالم تجاه أي شعب هو تحسين مستوى المعيشة اليومية للمواطن، مؤكدًا أنه لأول مرة يطلق الدكتور مدبولي تصريحات بهذا الشكل بأن المستهدف هو مستوى معيشة المواطن.
وتابع :"هذه بصلة جديدة وعودة للبصلة الطبيعية والأصيلة والبديهية لأي حكومة، أن يكون المستهدف والهدف والسياسة والمشروعات والقرارات مبنية على مستوى معيشة المواطن وتحسين مستوى الحياة اليومية للمواطن".
وفي سياق متصل، كشف المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، تفاصيل لقاء الدكتور مصطفى مدبولي مع أعضاء اللجان الاستشارية المُتخصصة.
وتابع خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية فاتن عبد المعبود، مقدمة برنامج صالة التحرير، المذاع على قناة صدى البلد، أن اجتماع اليوم كان بداية لانطلاق المشاورات مع القطاع الخاص وسوف يتم خلال الفترة المقبلة.
ولفت إلى أن الدولة المصرية تسعى لتحسين معيشة المواطن المصري كهدف اساسي والتعامل مع القطاع الخاص لتحقيق مستهدفات الدولة في عدد من القطاعات.
وأكد أن قطاع السياحة أساسي في الدولة وهناك سعي لزيادة أعداد السياحة الوافدة لأنه يوفر فرص عمل لملايين المصريين وزيادة إيرادات الدولة من العملة الصعبة وهذا يحقق مزيد من الاستقرار في سعر الصرف.
ولفت المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، إلى أن الدولة تستهدف أن يشعر المواطن بالرضا من خلال خفض التضخم والأسعار وزيادة معدلات النمو.
وأردف أن تحقيق مستهدفات اللجان الاستشارية المختصة تنعكس على أسعار السلع والخدمات، مشيرا إلى سعي الحكومة لزيادة السلع المعروضة في الأسواق والرقابة على الأسواق لمنع وجود زيادات غير مبررة.
كشف المستشار محمد الحمصاني المتحدث باسم مجلس الوزراء، عن موعد زيادة الأجور، والحزمة الاجتماعية الجديدة التي تحدث عنها الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، موضحًا أنه سيتم إقرار الحزمة الاجتماعية بعد دراستها وتحديد كل التفاصيل الخاصة بها، وخلال الأسابيع المقبلة، سيتم الإعلان عن موعد تطبيقها.
واختتم المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، أن هناك حزمة اجتماعية جاري الإعداد لها وسوف يتم الإعلان عنها فور الانتهاء من دراستها خلال الفترة المقبلة.
جدير بالذكر أن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عقد اجتماعا أمس، لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروعات المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" لتطوير قرى الريف المصري.
وذلك بحضور كل من الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، والمهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والدكتور سيد إسماعيل، نائب وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والمهندس رأفت هندي، نائب وزير الاتصالات لشئون البنية التحتية، والعميد تامر الروبي، ممثل الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والمهندس أحمد عبد العظيم، رئيس المكتب الاستشاري (دار الهندسة)، و علي السيسي، مساعد وزير المالية لشئون الموازنة العامة، ومسئولي الوزارات والجهات المعنية.
واستهل رئيس الوزراء حديثه، بالإشارة إلى أن عقد هذا الاجتماع يأتي بهدف متابعة الأعمال النهائية لمشروعات المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، والوقوف على ما هو المطلوب لاستكمال هذه المرحلة، بما يسهم في سرعة تشغيل المشروعات المختلفة، واستفادة المواطنين بها، وكذا الاستعدادات لمشروعات المرحلة الثانية من المبادرة، التي من المقرر البدء فيها اعتبارا من العام المالي المقبل.