بدأ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مخالفة القواعد الأميركية مبكرا عبر دعوة مسؤولين وسياسيين أجانب لحضور حفل تنصيبه المقرر غدا الاثنين، في خطوة يقول محللون إنها تشي بعودته للعمل بنفس سياسته الانعزالية السابقة.

ووفقا لتقرير أعده مراسل الجزيرة أحمد هزيم، فقد دأب ترامب على إثارة الجدل ومخالفة العديد من القواعد التي تعتبر أساسية في سياسة الولايات المتحدة، وهو أمر يعزوه منتقدوه إلى ما يسمونه "رؤيته الانعزالية التي تضر بمكانة البلاد وتعود بالفائدة على خصومها".

ويرى البعض أن سلوكيات الرئيس المخالفة للمعتاد من وجهة نظرهم "تعود لأمور أهمها رؤيته الانعزالية التي تركز على الداخل بدل الخارج، وتنعكس في رفضه المتكرر لانخراط بلاده في حروب خارج حدودها".

ميل لليمين المتطرف

ومع عودته إلى البيت الأبيض، عادت المخاوف مجددا من تذبذب سياسات ترامب ومواقفه أو ابتعادها عن المألوف في السياسة الأميركية.

وتمثل دعوة الرئيس عددا من السياسيين والمسؤولين الأجانب -الذين يشاركونه رؤاه السياسية- حضور حفل تنصيبه ضربا من ضروب سلوكيات ترامب المثيرة للجدل.

فقد شملت قائمة المدعوين كلا من: رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو. إضافة إلى السياسيين البريطاني نايجل فاراج، والفرنسي إريك زمور.

إعلان

واللافت في هؤلاء المدعوين أن جلهم من أقطاب تيارات أقصى اليمين في بلدانهم. ويرى البعض في اختيارهم مؤشرا على سياسات ترامب في الملفات الخارجية وعلاقاته وتحالفاته.

حلول سريعة لملفات ساخنة

ومن أبرز تلك الملفات ملف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتي يدخل اتفاق وقف اطلاق النار فيها حيز التنفيذ اليوم الأحد. وقد هدد ترامب وتوعد بما سمَّاه "الجحيم"، ما لم يتوقف القتال قبل توليه منصبه.

ورغم عدم توليه منصبه رسميا، فقد تدخل الرئيس الأميركي المنتخب وفريقه بقوة في المفاوضات التي أفضت إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، والذي أعلن من الدوحة يوم الأربعاء الماضي.

وأرسل ترامب مبعوثه للمنطقة ستيفن ويتكوف لممارسة الضغط على طرفي النزاع، وقد التقى المسؤول الأميركي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب للضغط عليه، حتى تمت الصفقة.

وكان إصرار ترامب على أن تضع الحرب الإسرائيلية على غزة أوزارها قبيل تنصيبه نابعا من وعوده الانتخابية قبل فوزه بالانتخابات، وتأكيدا لموقفه الرافض للحروب بشكل عام ولانخراط بلاده فيها.

ومن بين هذه الحروب التي تعهد ترامب بإنهائها، تلك الدائرة بين روسيا وأوكرانيا منذ 3 سنوات، والتي كانت حاضرة  في خطاباته وفي تصريحاته إبان حملته الانتخابية.

ولتحقيق هذا الغرض، عرض نائب الرئيس المنتخب جي دي فانس، أفكارا عن خطة ترامب لإنهاء تلك الحرب تحتفظ فيها روسيا بالأرض التي احتلتها في أوكرانيا، وهو تصور يضرب بسياسات إدارة جو بايدن عرض الحائط.

وفي حين كانت سياسة بايدن قائمة على ما تسميه "عدم مكافأة روسيا على غزوها"، تقوم خطة ترامب -حسب نائبه- على وقف القتال على خطوط التماس الحالية التي ستتحول إلى منطقة عازلة مع حصول أوكرانيا على ضمانات بحفظ سيادتها وحصول روسيا على ضمانات بأن تظل كييف على الحياد وألا تنضم لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

إعلان

وثمة ملفات أخرى تتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية كان ترامب قد بدأها في ولايته الأولى ويتوقع أن يعاود الضغط لإكمالها، ومنها تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وبرنامج كوريا الشمالية النووي.

وقد خالف ترامب سياسة أسلافه من الرؤساء الأميركيين عندما التقى مرتين بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، إحداهما في سنغافورة والثانية في المنطقة العازلة بين الكوريتين.

ويعتقد جيمس روبينز -من معهد المجلس الأميركي للسياسة الخارجية- أن سياسة ترامب الخارجية ستكون على غرار عهدته الأولى لكن بوتيرة أسرع.

وقال روبينز إن ترامب سيسرع العمل على إنهاء الحرب في غزة وأوكرانيا، وسيحاول ضم السعودية لاتفاقات "أبراهام"، مضيفا "بالنسبة لكوريا الشمالية سيكون الأمر بسبب تقاربها الشديد مع موسكو، أما إيران فغالبا سيعاود استخدام سياسة الضغط القصوى".

وتبقى علاقة ترامب مع حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين مبعث قلق المعنيين بها على ضفتي الأطلسي. وقد تعكس تصريحاته المطالبة بضم جزيرة غرينلاند، التي تتمتع بحكم ذاتي تحت السيادة الدانماركية، خشونة دبلوماسيته وخطاباته تجاه الحلفاء الأوروبيين إبان فترته السابقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

هل معادن أوكرانيا النادرة التي أشعلت الحرب ستوقفها؟

تحظى المعادن النادرة بحضور قوي على طاولة المفاوضات الجارية لوقف الحرب الروسية الأوكرانية، حيث أبدت الولايات المتحدة اهتماما بالغا بتوقيع اتفاق مع كييف لإدارة هذه المعادن، وهو ما تم فعلا أمس الأربعاء.

ووفقا لتقرير أعده مراسل الجزيرة في كييف حسان مسعود، فإن هذه المعادن -التي تمتلك الصين نصف الاحتياطي العالمي منها- تعتبر واحدة من أهم ساحات التنافس الدولي نظرا لأهميتها الكبيرة في العديد من الصناعات الإستراتيجية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2اشتباكات صحنايا تكشف هشاشة السلام بين الدروز والحكومة السوريةlist 2 of 2الأمن يستعيد السيطرة على أشرفية صحنايا بعد اشتباكات مسلحةend of list

وإلى جانب خصوبتها، تُعرف الأراضي الأوكرانية بغناها بالفحم والمعادن الثقيلة والنادرة التي تشد أنظار الغرب والشرق على حد سواء، وهو ما أحال السيطرة عليها من صراع إقليمي إلى نزاع دولي.

وبعد أن كانت السيطرة على إقليم دونباس -الذي يحمل اسم المناجم الضخمة التي يزخر بها- واحدة من أهم عوامل اشتعال الحرب قبل ثلاث سنوات، فإن حفاظ كييف على ما تبقى منه قد يكون سببا لتوقف هذه الحرب، كما يقول التقرير.

فقد خسرت أوكرانيا خُمس أراضيها في هذه الحرب، بما فيها أهم المناطق التي تحوي موارد طبيعية تقليدية كالفحم والحديد ورواسب النفط والغاز، وأجزاء من المعادن النادرة والحساسة.

وقف الحرب حفاظا على المعادن

ويبدو السعي الأميركي الحثيث إلى وقف الحرب محاولة لإنقاذ ما تبقى من هذه المعادن خارج السيطرة الروسية، حتى يتسنى لكييف وحلفائها الغربيين الاستفادة منها.

إعلان

وبعد بحث معمق، خلص التقرير إلى أن غالبية هذه المعادن بالغة الأهمية والندرة، تمثل مطمعا للدول الكبرى وكبار صناع التكنولوجيا في العالم- تقع في مناطق لا تزال خاضعة للسيطرة الأوكرانية.

فعلى حدود دونباس مباشرة، تقع مدينة دنيبروبتروفسك التي تسيطر عليها كييف بشكل كامل، وهي مدينة تختزن أرضها عددا من هذه المعادن النادرة مثل النيكل، الكوبالت، اليورانيوم، والمنغنيز وغيرها من المواد التي تدخل في الصناعات النووية والعسكرية الحساسية.

كما تحتضن منطقة "كريفي ريه"، أكبر مناجم الحديد الأوكرانية، الذي تمكنت الجزيرة من الدخول إليه والتعرف إلى طريقته في التنقيب عن الحديد والخامات الأخرى.

ووفقا لمدير منجم الحديد في شركة "بي آي سي" (BIC) بمقاطعة كريفي ريه، أوليغ غرافشينكو، فإن كييف لا تزال تستخرج الحديد منخفض التركيز من أحد محاجر المقاطعة، رغم أنهم لا يعملون بكامل طاقتهم بسبب الحرب.

الفولاذ الإلكتروني

وعلى ضخامتها، فإن المعدات والأجهزة الموجودة في هذا الموقع تظل صغيرة أمام حجم الموارد التي تخفيها الأرض الأوكرانية، وهذا ما جعل "سيرغي" يواصل العمل في مصنع "كريفي ريه ستال"، طوال مدة الحرب.

يقول هذا المواطن الأوكراني للجزيرة، إن خسارة بلاده مصنع آزوف ستال الشهير للصلب، دفعه أكثر إلى مواصلة العمل سبيلا للحفاظ على موارد البلاد.

ويمثل "كريفي ريه ستال"، أكبر مصانع الصلب المتبقية بيد الأوكرانيين، وهو لا يتوقف عن إنتاج ملايين الأطنان سنويا لإطفاء شيء من نار الطلب العالمي على الفولاذ وأنواع الحديد المختلفة.

ورغم أهمية ما ينتجه المصنع من الفولاذ والحديد المتنوع، إلا أن التركيز الأكبر ينصب على ما يسمَّى بالفولاذ الإلكتروني، الذي يدخل في صناعة محركات السيارات الذكية والمحولات وتوربينات الطاقة الكهربائية.

وينتج مصنع "كريفي ريه"، الفولاذ من خام الحديد، بينما تنتج مصانع أخرى أكثر تخصصا الفولاذ الكهربائي من خردة الحديد الذي يعالج بواسطة السيليكون.

إعلان

تريليونات الدولارات

وتقدر المعادن التي تحويها الأرض الأوكرانية بنحو 11 تريليون دولار، وهي قيمة ما تمكن العلماء من تقديره وبحثه حتى الآن، حيث تحتفظ جامعة دينبرو بقرابة 120 نوعا مختلفا منها.

وفي محاولة لتلخيص القصة الكبيرة للمعادن الأوكرانية النادرة، يقول رئيس قسم الجيولوجيا العامة بجامعة دينبرو، سيرغي شافشينكو، إن هذه العناصر الأرضية النادرة "تدخل في كل ما يحيط بنا".

ويضيف شافشينكو "لولا هذه المعادن ما كانت الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر موجوة في أيدينا، فضلا عن تقنيات الصواريخ والطائرات ووسائل الفضاء"، مؤكدا أن هذه العناصر "بالغة الأهمية، وهي جزء من الصراع لأن أوكرانيا ثرية بها".

وبعيدا عن مناطق القتال، تزداد قيمة المعادن النادرة الموجودة في وسط وغرب البلاد، بما فيها حقل التيتانيوم الواقع في "جيتومر"، حيث تمتلك أوكرانيا أكبر احتياطات أوروبا (ما يعادل 7% من الاحتياطي العالمي) من المعدن الذي يعتبر أساسيا في الصناعات الفضائية والطبية والبحرية.

ومع ذلك، فإن ما تمتلكه أوكرانيا من المعادن النادرة يعتبر بسيطا إذا قورن بما تمتلكه الصين التي تمتلك ثلث احتياطات العالم، وهو ما يعكس تمسك الولايات المتحدة بالوصول إلى ما تبقى خارج أيدي خصومها من هذه المعادن، وخصوصا أوكرانيا التي تعوم على بحر مما تحتاجه أميركا لصناعات الذكاء الاصطناعي مثل الغرافيت.

ففي مقاطعة كريفوغراد، جنوب وسط البلاد، حيث يقع أحد أضخم حقول الغرافيت، يبذل الأوكرانيون جهودا لتكرير المعدن الثمين وتجهيزه للاستخدام.

ويرى الخبير في المعادن النادرة، فلوديمير كادولين، أن الصين تعتبر أكبر لاعب عالمي في مجال المعادن النادرة اليوم، مؤكدا أنها تحتكرها تقريبا بعدما أزاحت الولايات المتحدة من سوقها العالمية.

وبالنظر إلى امتلاك أوكرانيا هذه الثروات وعدم قدرتها على استخراجها منفردة، سيكون من الجديد -برأي كادولين- اختيار أفضل الأطراف التي يمكنها تقديم أفضل شروط استثمارية لكييف، ما أدى إلى وضع قوانين خاصة بهذه الاستثمارات.

إعلان

في الوقت نفسه، يقول كادولين "إن هذه المعادن الأوكرانية لا يجب احتكارها من طرف واحد في ظل التنافس العالمي المحتدم عليها".

مقالات مشابهة

  • ترامب يوافق على لوم روسيا ببدء الحرب في أوكرانيا في أتفاق المعادن
  • سياسة ترامب  تهدد الميزة الأساسية للدولار؟
  • روسيا: تصحيح الظلم التاريخي يبدأ بإقامة دولة فلسطينية مستقلة
  • هل معادن أوكرانيا النادرة التي أشعلت الحرب ستوقفها؟
  • تحول في موقف ترامب تجاه روسيا.. ضغوط داخلية وخطط لعقوبات جديدة
  • "المعتقلون الأشباح" في روسيا: التحقيقات التي كلفت فيكتوريا روشينا حياتها
  • وزير الخارجية الأوكراني: نطالب روسيا بالموافقة دون شرط على وقف إطلاق نار حقيقي
  • 50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم
  • روسيا: ننتظر رد أوكرانيا على الهدنة والمباحثات
  • رئيس "أميركا أولا" يقلب "النظام العالمي" ويثير قلق الحلفاء