الإخلاص لله وأثره في الانتصارات العسكرية والأمنية
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
الإخلاص لله هو جوهر النجاح، القوة الخفية التي تدفع الإنسان لتجاوز المستحيل، والصخرة التي تتحطم عليها مطامع الأعداء.
الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه – في محاضراته التي ملأت القلوب نورا، أكد أن الإخلاص ليس مجرد شعار أو مفهوم يُردد، بل هو منهج عملي يبني أمةً ويقودها للنصر في أصعب الظروف.
وفي درس “في ظلال دعاء مكارم الأخلاق”، كان حديثه – رضوان الله عليه – عن النية الصادقة التي تحول كل جهد إلى عمل عظيم، وتمنح كل تضحية معنى ساميا.
إن الإخلاص هو الشرط الأساسي لأي عمل يراد به وجه الله، وهو ما يجعل الجهد مثمرًا، سواء رآه الناس أم بقي في الخفاء. وضّح الشهيد القائد أن الرياء وانتظار المديح يُفقد العمل قيمته، بينما الإخلاص هو الذي يصنع الفارق ويُحوِّل التضحيات إلى إنجازات عظيمة تمتد آثارها لأجيال. وهذا ما شهدناه في مسيرة شعبنا الذي ظل على مدى أكثر من عقد يتحدى أعتى القوى العالمية بفضل إخلاصه وتوكله على الله.
منذ بدء العدوان على بلدنا، وقف المجاهدون بثبات، متسلحين بالإيمان والإخلاص، فتمكنوا من إفشال كل مخططات الأعداء، رغم التفوق العسكري والتقني الذي تمتلكه قوى العدوان.. الإخلاص الذي عملوا به في الميدان لم يكن مجرد نظريات، بل تجسد في كل خطوة، بدءا من العمليات النوعية التي أربكت العدو، وصولاً إلى الانتصارات المتلاحقة التي أذهلت العالم.
لقد كان الدعم المخلص لغزة مثالا حيا على هذا الإخلاص، حيث لم تقتصر المساندة على الشعارات، بل تجاوزتها إلى أفعال جبارة، أبرزها استهداف السفن التابعة للكيان الإسرائيلي في البحر الأحمر، مما شكّل صفعة قوية لأحلام الهيمنة الصهيونية.
لم تتوقف الإنجازات عند هذا الحد، بل وصلت إلى استهداف وزارة الحرب الإسرائيلية في عمق يافا المحتلة، في مشهد أظهر للعالم أن إرادة المجاهدين المخلصة لله قادرة على اختراق أعتى الحصون.
الإخلاص لله لم يتوقف عند إفشال المخططات، بل كان الدافع وراء تحقيق إنجازات مذهلة في تطوير القدرات العسكرية. تمكنت بلادنا، بفضل الله أولاً ثم بفضل العمل المخلص، من تصنيع أسلحة ردع حديثة تُعد من بين الأحدث في العالم.
هذه الأسلحة لم تكن مجرد إنجاز تقني، بل هي ثمرة الإيمان العميق والتفاني الذي بذله المجاهدون، الذين عملوا بصبر دون أن ينتظروا مدحا أو مكافأة من أحد، بل كانوا يسعون فقط لنيل رضا الله ونصر دينه.
اليوم، بعد أكثر من عشر سنوات من العدوان، يقف بلدنا شامخًا يُسطّر ملاحم عزٍ وإباء. هذه الانتصارات لم تتحقق بفضل العدد أو العتاد فقط، بل بفضل الإخلاص الذي وحّد الصفوف، وأذاب الخلافات، وصنع من الجميع قوة متماسكة تعمل لهدف واحد، وهو الدفاع عن الأرض والعرض، ورفع راية الحق في وجه الطغاة.
إن هذه الإنجازات العسكرية والأمنية التي تحققت هي دليل حي على أن الإخلاص لله هو سر النجاح في كل الميادين. الله سبحانه وتعالى يبارك الأعمال التي تُبتغي بها وجهه الكريم، فيمنحها القوة والتأثير، ويجعل منها نموذجًا يُحتذى.
في ختام الحديث، وكما أشار الشهيد القائد – رضوان الله عليه – الإخلاص لله هو أعظم مظاهر الرحمة الإلهية، والطريق المؤكد لتحقيق العزة والسعادة في الدنيا والآخرة. فالله غني عن عباده، لكنه برحمته جعل من الإخلاص والنية الصافية مفتاحا للخير والنصر والتمكين.
علينا أن نجعل كل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، متوكلين عليه، فهو وحده القادر على مضاعفة الأجر، وكتابة الأثر، وتحقيق ما يبدو مستحيلاً في أعين الآخرين.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: التكفير يعدُّ من أهم العقبات التي ابتليت بها هذه الأمة
قال الأستاذ الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في خطبته في "مسجد مصر الكبير" بالمركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإدارية بعد ضمه دعويًّا وعلميًّا إلى وزارة الأوقاف: إن من أعظم ما امتن الله تعالى به على هذه الأمة أن خصَّها بهذا الدين القويم الذي اشتمل على الخير للبشرية عامة، وللإسلام والمسلمين على وجه الخصوص، مبينًا أنه قد اشتمل على مقاصد كلية وقواعد ضرورية تدفع إلى تحقيق المصلحة، وتمنع من المفسدة، جلبًا للخيرات للبلاد والعباد، وتحقيقًا لمبدأ الاستخلاف الذي خلق الله الناس له.
مفتي الجمهورية يلقي خطبة الجمعة من مسجد مصر بالعاصمة بحضور كبار المسؤولين مفتي الجمهورية ضيف شرف مؤتمر كلية طب الأسنان جامعة الأزهرثم انتقل إلى بيان خطورة التكفير الذي يعدُّ من أبرز سمات الفكر المتطرف، موضحًا أنه من أهم العقبات التي ابتليت بها هذه الأمة، وأنه من أهم العوامل التي يمكن أن تقضي على آمالها وتفتح الطريق للآلام، وتساعد الأعداء عليها، ويمكن أن تؤدي إلى هلاك العباد والبلاد.
وأوضح أنه يجب ألا يُحكم على الإنسان بالكفر إلا بقرينة واضحة أو برهان ساطع، ويكون ذلك من خلال العلماء مع انتفاء الموانع كالجهل أو الخطأ أو الإكراه أو التأويل، وهذا منهج الأزهر الشريف.
كما أشار فضيلته إلى جملة من أهم الآثار الخطيرة التي تعود على المجتمعات من جرَّاء التسرع في إصدار الأحكام على الناس وتقسيمهم دون حجة أو بيِّنة، مبينًا أن في هذا انتهاكًا لحرمات الناس، ومؤكدًا أن هذه قضية خطيرة حذَّر منها الإسلام، ونبَّهَ عليها لما يلزم فيها من مفاسد، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا...»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ».
كما أكد أن هذا الفكر المتطرف يعمل على استباحه المال والعرض تحت مزاعم واهية، وأقوال فاسدة، لا يراد من ورائها إلا التطاولُ على النفس والمال والعرض، وهي مقاصد ضرورية في الإسلام، مستشهدًا في هذا السياق بقول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}، وأوضح فضيلته أن المتأمل في هذه الآية يقف على عقوبة تلو الأخرى من جراء استباحة المال والنفس والعرض، كما استشهد أيضًا بقوله صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا»، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَبَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ».
التكفير والتطرفوبيَّن أن التكفير والتطرف يتنافى مع طبيعة هذا الدين الذي ينظر إلى الإنسان بكل إجلال وإعظام وإكبار وإكرام، فأقر مبدأ الحرية الدينية، وأكَّدَ أن التنوعَ والاختلاف سنة كونيَّة، ودعا إلى مراعاة الكرامة الإنسانية، وأشار إلى الوحدة في أصل الخلقة، ثم جعل التفاوتَ بين الناس مردَّه إلى تقوى أو عمل صالح، فقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وقال صلى الله عليه وسلم: «لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ إِلَّا بالتَّقْوَى».
وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذَّرَنا وهو يشير الى هذه العلامات، ويرشد إلى هذه الصفات التي يتصف بها أصحاب هذا الفكر المتطرف؛ ليحذر الإنسان منها في كل عصر، وفي كل مكان، وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في بيان أوصافهم: «يَحْقِرُ أَحَدُكُم صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتهم، وصِيَامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهم، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّين كما يمرُقُ السهمُ من الرميَّةِ، أينَمَا لَقِيتُمُوهم فَاقتُلوهُم، فَمَنْ قَتَلَهم لَقِيَ اللهَ يَوْمَ القِيَامَةِ وهو عَنْهُ رَاضٍ».
ثمَّ أشار إلى جملة من الآثار الخطيرة لهذا الفكر المتطرف، ومنها: الإساءة للإسلام بعرضه على غير حقيقته، والدعوة إليه بخلاف ما هو عليه، بما يشتمل عليه هذا الفكر من الغلو والتطرف والتشدد واللا مبالاة، وسد اليسر أمام الناس، وهو ما يتنافى مع طبيعة هذا الدين، ويختلف تمامًا عن مقاصده ومآربه، وهذا بخلاف ما فهمه الصحابة والتابعون الذين رأوا فيه الإيمان والعدل وسعة الدنيا والآخرة، ومن آثار هذا الفكر أيضًا: أنه يؤدي إلى الفرقة والاختلاف، ويدعو إلى الانقسام والتنازع، وهو ما يمكِّن أعداءَ هذه الأمه منها، وهو ما يتنافى مع قول الله تبارك وتعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}، وقوله تبارك وتعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}، وقوله: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}.
وحذَّر مما يتضمنه هذا الفكر الذي يصيب أصحابَه بالخلل في التفكير والسلوك، حيث إنه يُعَدُّ لونًا من ألوان الغش والخداع لله ولرسوله وللمؤمنين، ومن أبرز صور هذا الغش في الدين: الاعتمادُ فيه على المظهر لا على الجوهر، وهو ما يتناقض مع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ».
كما شدَّد في التحذير من جميع صور الغش، وأنه جناية على البلاد والعباد، وخيانة لله وللرسول وللمؤمنين، ومخالفة للتوجيهات الإلهية والهدي النبوي الذي يوجه إلى الأمانة والنصيحة الصادقة الخالصة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، موضحًا أن المتأمل يجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قرن بين مَنْ غَشَّ وبين مَنْ حَمَلَ السلاح على المؤمنين الآمنين، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَيْنَا، فَلَيْسَ مِنَّا»، وقال: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».
واختتم الخطبة بهذه النصيحة الغالية بقوله: "فما أحوجَنا أيها الأحبة إلى أن نتلاقى على هذا التوجيه القرآني وتلك المأدبة المحمدية، ننطلق من خلالها لبناء الإنسان وبناء الأوطان، والمحافظة على هذه المقاصد التي تحقق الخير للبلاد والعباد".
هذا، وقد حضر الخطبة كلٌّ من السادة: الدكتور أسامة السيد الأزهري.. وزير الأوقاف، الدكتور خالد عبد الغفار.. نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، والفريق كامل الوزير.. نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل والصناعة، الدكتور إبراهيم صابر.. محافظ القاهرة، الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني.. وكيل الأزهر الشريف، وسماحة السيد الشريف محمود الشريف.. نقيب السادة الأشراف، وسماحة الدكتور عبد الهادي القصبي.. شيخ مشايخ الطرق الصوفية ورئيس لجنة التضامن بمجلس النواب، الدكتور علي جمعة.. عضو هيئة كبار العلماء ورئيس لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، الدكتور يوسف عامر.. رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، والمهندس طارق شكري.. مدير عام شركة العاصمة الإدارية، وعدد من السادة الوزراء والسفراء والمسؤولين.