هل تتحد جبهة المقاومة مع المحور الأوراسي في حرب وجودية واحدة؟
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
منذ سقوط الاتحاد السوفياتي السابق وتدشين النظام العالمي أحادي القطبية، وهناك محاولات عديدة لاستعادة التوازن الدولي وخلق تعددية قطبية، وتمثلت هذه المحاولات في تكتلات متناثرة ومحاور لمواجهة الهيمنة، كان أبرزها جبهة المقاومة التي تشكلت لمواجهة استحقاقين، أولهما مواجهة الهيمنة الأمريكية التي توحشت وانفردت بالعالم، وثانيهما تعويض خروج النظام الرسمي العربي من معادلة الصراع مع الصهاينة.
وقد تلاقت وتقاطعت هذه التكتلات على استحياء في التنسيق في ما بينها، ولم تصل لمرحلة التحالف الاستراتيجي، ربما بسبب التباعد الجغرافي مثل التعاون بين جبهة المقاومة والقوى التحررية في أمريكا اللاتينية وعلى رأسها فنزويلا، وربما بسبب أولويات كل تكتل وعدم نضوج أيديولوجية جامعة، تستطيع بلورة التقاطعات في حلف مشترك.
ولكن ومع صعود الصين إلى مرتبة القطب الاقتصادي العالمي، وتنامي القوة العسكرية الروسية وتشكيل معادلة ردع مع أمريكا والناتو، ومع تطور معادلات جبهة المقاومة وتنامي قدراتها الصاروخية ودخول المسيرات كمتغير عسكري فارق في المعادلات العسكرية، اتسعت مجالات التنسيق الأمني والعسكري والسياسي والاقتصادي وتحديداً بين القوى التي صنفتها أمريكا كتهديدات استراتيجية في وثائق الأمن القومي الأمريكي، وفي مقدمتها إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية.
ومؤخراً صدرت تصنيفات حديثة تصف هذه الدول بأنها محور، يطلق عليه “المحور الأوراسي”، لتصبح التهديدات الموجهة للغرب الجماعي قادمة من محورين، وهما المحور الأوراسي “إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية”، ومحور المقاومة، والجامع المشترك بين المحورين هو وجود إيران التي تشكل تقاطعًا في غرب آسيا بما يشكل وجهًا أوراسيًا، وفي قلب الشرق الأوسط بما يشكل وجهًا مقاومًا ومعاديًا لدرة تاج المشروع الاستعماري الممثل بالكيان الصهيوني.
ومن هنا كان هذا التحريض الكبير على إيران باعتبار استهدافها وإسقاط نظامها الثوري بمثابة تفكيك وإضعاف للمحورين.
ولا شك أن محور المقاومة قد تلقى ضربة قوية بسقوط النظام السوري، ولكنها لا تشكل ضربة قاصمة بلحاظ وجود قوى مقاومة بالعراق واحتفاظ حزب الله بقدراته وبإرادة القتال، وبدخول اليمن المفاجئ استراتيجيا على خط الملاحة الدولية واستهداف العمق الصهيوني، وكذلك إمكانية أحياء المقاومة في سورية عبر شواهد عديدة يؤكدها الخطاب الإيراني الواثق من استعادة الوجه السوري المقاوم، وبالتالي فإن التحريض الصهيوني على إيران يتصاعد باعتبار إيران الراعي الأكبر للمحور وإسقاطها يعني خلخلة وتفكيك المحور والتحول التلقائي لجبهات أو جيوب متناثرة للمقاومة.
وعلى الجانب الآخر يستمر الاستنزاف لروسيا في أوكرانيا والوقوف معها على حافة الهاوية بسياسة خبيثة لا تستفزها للدخول في خيار نووي مدمر، ولا تتركها لتحقيق ما خرجت للحرب في سبيله وهو تأمين نطاقها الحيوي.
كما يستمر الحصار على كوريا الشمالية، ومحاولات التضييق التجاري على الصين وإشغالها عسكرياً بقضية تايوان، حتى تدخل في سباق للتسلح يستنزف مواردها الاقتصادية.
ولا تشبع مراكز الفكر الإستراتيجي الأمريكية والصهيونية من نشر التقارير حول التنسيق العسكري بين محور المقاومة والمحور الأوراسي، وبمعزل عن دقة ومصداقية ما تنشره تلك المراكز من تبادل للخبرات ومساعدات على مستوى الصواريخ والمسيرات والتكنولوجيا النووية، فإن هناك حقائق معلنة عن تعاون إستراتيجي بين روسيا وإيران، وبين الصين وروسيا، وبين إيران والصين، وكذلك تعاون عسكري بين كوريا الشمالية وروسيا في أوكرانيا، يصل إلى مشاركة جنود كوريين في الجبهات ضد أوكرانيا.
وقد صدرت توصيات بتشكيل تحالف دولي لمواجهة المحورين، باعتبارهما تهديداً واحداً للغرب الجماعي، وقد كانت أبرز التوصيات صراحة، توصية صهيونية، جاءت بمقال في معهد واشنطن للعميد الإسرائيلي المتقاعد، أساف أوريون، والذي طالب بمعالجة التحدي العالمي المزدوج المتمثل في المحورين باعتبارهما نظاماً إستراتيجياً شاملاً، وليس كمجموعتين من المشاكل المنفصلة المنتشرة في جميع أنحاء أوروبا، والشرق الأوسط، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، وطالب بأن تشمل الجهود المبذولة للتصدي للتهديدات إجراءات دبلوماسية وإعلامية وعسكرية واقتصادية.
وهذه التوصية ليست توصية فردية، وإنما تلخص توصيات الخبراء الإستراتيجيين في أمريكا والكيان، وتتخطى ذلك إلى تصريحات وإجراءات سياسية عند رصد تصريحات نتنياهو وترامب، والتقارير والتسريبات حول مطالب نتنياهو من ترامب.
فقد أوردت صحيفة “إسرائيل هيوم” الصهيونية في تقرير لها مطالب الكيان من الرئيس الأمريكي الجديد وقالت نصاً: ” ترامب الذي انسحب من الاتفاق النووي مع إيران في مايو العام 2018، يدرك جيداً الأخطار التي تشكلها طهران، وتتراوح احتمالات توجهاته بين فرض عقوبات متطرفة وبين تعاون الجيشين الإسرائيلي والأمريكي على مستويات مختلفة وبين تشكيل تحالف دولي واسع ضد طهران.
وفي هذا الصدد، فإن المطروح على المحورين مزيد من تعميق التعاون والتعاطي كمحور واحد يواجه حرباً وجودية، والتغلب على العديد من المعوقات التي عطلت التنسيق ويمكن ذكر أكبر مثالين من هذه العراقيل:
1- التمايز الأيدلوجي، حيث يتبنى محور المقاومة عقيدة نقية وواضحة، لا تفصل بين الهيمنة الأمريكية والمشروع الصهيوني، والذي يشكل رأس الحربة لهذه الهيمنة، بينما المحور الآخر يعترف بالكيان وله بعض التعاون والمصالح معه باستثناء كوريا الشمالية.
2- الفزاعات الدولية التي تحاول حشر دول المحورين في زاوية الدول المارقة والديكتاتورية، واستخدام سلاح العقوبات كسيف على رقبة التنمية الاقتصادية، وبالتالي تضع دول المحورين دوماً في خانة الدفاع والتنصل من التنسيق وتوحيد المواقف، بينما كشفت حرب الإبادة الصهيونية وعجز القانون الدولي والدعم الأمريكي والغربي لجرائم الحرب بطلان هذه الفزاعة، ومن المفترض أن تفتح الباب على مزيد من الإعلان عن التنسيق في مواجهة أمريكا والصهاينة دون مواءمات سياسية خشية العزلة والحصار، بل الانتقال لخانة الهجوم واتهام الخصوم وتجريدهم من سلاح الدعاية الكاذبة.
ربما في سياق الاستعداد لشن حرب شاملة دبلوماسية ودعائية واقتصادية وربما عسكرية على المحورين باعتبارهما تهديداً استراتيجيا واحداً وليس تهديدات منفصلة، يجدر أن تتعاون هذه الدول بمستوى هذا الاستهداف وأن تنسق جهودها كمحور واحد يتعاطى بايدلوجية المقاومة للهيمنة وأدواتها وعلى رأسها الكيان الصهيوني، وعند التزام هذه السياسة الواضحة فإن معادلات ردع الغرب الجماعي ستكون أكثر قوة ونجاحًا في المواجهة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مع اقتراب صفقة التبادل.. ما هي الوحدة التي احتفظت بأسرى الاحتلال 15 شهراً؟
#سواليف
مع تقدم #مفاوضات #صفقة_تبادل_الأسرى ووقف إطلاق النار بين #المقاومة_الفلسطينية و #حكومة_الاحتلال، تتجه الأنظار نحو إمكانيات المقاومة في الاحتفاظ بأسرى الاحتلال لديها على مدار 15 شهراً من #حرب_الإبادة_الجماعية التي شُنت ضد قطاع #غزة، وفي ظل جهود استخباراتية عالمية للوصول إلى معلومات عن أماكن احتجاز المقاومة لأسرى الاحتلال.
خلال الهدنة الأولى التي حصلت في شهر تشرين ثاني/نوفمبر 2023 والتي أفرجت خلالها المقاومة عن عدد من #أسرى_الاحتلال مقابل تبيض سجون الاحتلال من الأطفال والنساء، ظهرت ترتيبات عناصر كتائب القسام بتسليم أسرى الاحتلال للصليب الأحمر، وسط تعقيدٍ بالمشهد أعجز الاحتلال عن تتبع مسار المقاومين الذين خرجوا بالأسرى حتى أوصلوهم لطواقم الصليب، ما يعكس جهود المقاومة في تأمين أسرى الاحتلال والتعامل معهم وفق ضوابط خاصة ومعقدة يعجز الاحتلال عن حلها، ليبرز اسم #وحدة_الظل_القسامية المتخصصة بهذا المجال، فما هي هذه الوحدة؟
التأسيس والإعلان
مقالات ذات صلة بايدن يطالب بتعديل الدستور وإلغاء حصانة الرئيس الأمريكي 2025/01/16في مطلع عام 2016، أعلنت #كتائب الشهيد عز الدين #القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، في فيلم وثائقي أنتجه الإعلام العسكري الخاص بها، عن وحدة عسكرية سرية، متخصصة بتأمين وإخفاء أسرى الاحتلال؛ لضمان الحفاظ على حياتهم وعدم وصول استخبارات الاحتلال لهم، واستخدامهم كورقة ضغط في عمليات التبادل للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
وأوضحت القسام أن قيادتها تعمل على اختيار عناصر وحدة الظل بعناية فائقة، ووفق معاير صعبة واختبارات مباشرة وغير مباشرة يجتازها العناصر، ثم يت تأهيلهم لدورات قتالية وأمنية لرفع قدراتهم.
وذكرت القسام في حينها أن أهم معايير القبول هي انتماء العنصر العميق للقضية الفلسطينية ورغبته بالفداء والتضحية، والذكاء والقدرة على اتخاذ القرار في الوقت الصعب، والأهم من ذلك السرية والكتمان، مع القدرات العسكرية والأمنية.
وكان تأسيس وحدة الظل عام 2006 بعد اختطاف المقاومة للجندي بجيش الاحتلال “جلعاد شاليط” بعملية الوهم المتبدد، ووقع على عاتقها تأمين الجندي، فيما استمرت المهمة خمس سنوات، إلى أن أُفرج عنه مقابل الإفراج عن 1050 أسير فلسطيني بصفقة وفاء الأحرار عام 2011.
واستمرت الوحدة بمهامها عام 2014 بعد أسر كتائب القسام لأربعة من جنود الاحتلال خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في ذلك العام، والتي استمرت بالاحتفاظ بهم حتى يومنا هذا.
المعاملة والمبدأ
يقوم مبدأ معاملة الأسرى في هذه الوحدة كما أعلنت كتائب القسام على “معاملة أسرى الاحتلال بكرامة واحترام وفق أحكام الإسلام، وتوفير الرعاية التامة لهم، المادية والمعنوية، مع الأخذ بعين الاعتبار مطريقة عاملة الاحتلال للأسرى الفلسطينيين، التي تنعكس على معاملة المقاومة لأسرى الاحتلال لديها.
وبعد الهدنة الأولى عام 2023 أكدت إحدى أسيرات الاحتلال المفرج عنهن أنها تلقت معاملة حسنة من عناصر المقاومة الذين أشرفوا على احتجازها.
القادة والعناصر
كشفت كتائب القسام عام 2022، أن قائد لواء غزة الشهيد باسم عيسى، هو من شكل الفريق الأول لوحدة الظل المسؤولة عن تأمين الجندي “جلعاد شاليط”.
وروى الشهيد في التسجيل المصور تم نشره في حينها تفاصيل الاحتفاظ بـ”شاليط” قائلاً: “تواصل معي الإخوة وطلبوا مني أتواجد في مكان بعد عملية الخطف، فتوجهت إلى المكان ووجدت الجندي مع الإخوة، وحينها بدأ الاحتلال بقصف شوارع القطاع، فقلت لهم أنا بوخذ الجندي وبحميه وما حدا يتواصل معي، ونقلناه إلى مكان آخر ضمن ترتيبات وإجراءات أمنية مشددة، بعرف دواوين اليهود في هاي القصص، همي ما عندهم أي دليل وبضربوا فتاشات عشان نحركه”.
وكشفت القسام تباعاً عن أسماء الشهداء الذين تركوا بصمة واضحة في تأسيس وعمل الوحدة، وكان أبرزهم الشهيد سامي الحمايدة الذي استشهد بعملية اغتيال عام 2008، والشهيد خالد أبو بكر الذي استشهد خلال الاشتباك مع قوة خاصة لجيش الاحتلال على مدخل أحد أنفاق المقاومة عام 2013، برفقة الشهيد محمد داود.
إضافة للشهيد عبد الله لبد، الذي استشهد إثر قصف إسرائيلي عام 2011، والشهيد عبد الرحمن المباشر الذي استشهد عام 2015 برفقة 6 من مقاومين القسام إثر انهيار نفق للمقاومة عليهم.
طوفان الأقصى واتساع المهمة
بعد معركة “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة الفلسطينية على الاحتلال يوم 7 تشرين الأول/أكنوبر 2023، كان لهذه الوحدة دور في حراسة وتأمين ما بين 200 إلى 250 أسيراً من أسرى الاحتلال الذين تم اختطافهم والعناية بهم.
واستطاعت الوحدة على مدار 15 شهراً من حرب الإبادة، الاحتفاظ بأسرى الاحتلال في ظل ظروف صعبة عاشها قطاع غزة، تمثلت بالغارات الإسرائيلية المدمرة، والتوغل البري لجيش الاحتلال داخل القطاع، ومنظومات المراقبة والتجسس بتعاون أمريكي، فضلاً عن عملاء الاحتلال على الأرض.