9 بنود رئيسية تضمن نجاح اتحاد الأوراق المالية

 

سُئل حكيم عن سر النجاح، فقال الدوافع هى الأساس، فسُئل ومن أين تكون الدوافع، فأجاب من رغباتك وإرادتك.. وهكذا البعض تكون مسيرتهم رحلة ضوء، يضيئون لمن حولهم، أحياناً بفكرة، وأحياناً بجملة عابرة، وأحياناً أيضاً بجبر الخواطر.. وكذلك محدثتى تفعل الأفضل لتصل إلى ما تريد، وتترك آثارًا حولها، لتخلد إبداعاتها ومسيرتها الناجحة.

تأمل حتى تحصل على التغيير المطلوب، وتحافظ على ما تقدمه من إبداعات.. ربما المطبات والألم يجعلك تصل إلى القوة الساكنة بداخلك، وربما الخطأ يكسبك الحكمة التى تجعلك فى قائمة العظماء، وعلى هذا كان مشوارها منذ الصبا عرفت نفسها وماذا تريد.

جيهان يعقوب العضو المنتدب لشركة «إيجى تريند» لتداول الأوراق المالية، والمرشحة لعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصرى للأوراق المالية على مقعد السمسرة.. الثقة بالنفس فى مفردات قاموسها لا تعنى الغرور، ولكن القدرة الذاتية على التحدى، التعثر نقطة بداية فى فلسفتها، والخطأ عيب، خدمة الآخرين وسعادتهم سر قبولها.

بالطابق الثامن وعند المدخل ترسم الأشجار والنباتات العطرية قى الأحواض الخرسانية، لوحة طبيعية جميلة، فى المدخل الرئيسى لا يختلف المشهد كثيرًا، ديكورات إبداعية، ولوحات تم تصميمها من الأخشاب، وأوراق الخضروات والفاكهة، لتجسد منظرًا خلابًا، يحمل جنون الإبداع.. اللون البيج يسود الحوائط، ليضفى حالة هدوء، تستكمل الديكورات بالأثاث المتناسق مع ألوان الحوائط، لتمنح المكان هدوء وراحة.

على بعد أمتار ترسم غرفة مكتبتها بمجموعات الكتب النادرة، والملفات ذات القيمة التاريخية، صورة رائعة، كل محتويات الغرفة، منسقة وجذابة، مجموعة من القصاصات الورقية، بعضها تحدد فى سطورها، مواعيد عملها اليومى، وأجندة ذكريات تسرد فى سطور صفحاتها مشوارها الطويلة، وما واجهت من محطات صعبة حصدت ثمارها، قوة وعزيمة وإصرار، اختارت بعض الكلمات التى تعبر عن مشوارها بقولها «تمضى وأنت تحاول، وفى كل مرة تقترب من الوصول فتواجهك المصاعب، والعقبات، قد تعوقك بعض الشيء، ولكن استكمل طريقك ستتجاوز كل الضربات، كونك الأقوى». 

الهدوء، والحماس وهو ما يمنحها كثيرًا من الحكمة، تفتش عن التفاصيل حتى تحلل بدقة، عمق فى التفكير، ترسم رؤية كاملة للأحداث، عندما تتحدث عن المشهد الاقتصادى تبدو أكثر هدوء، وواقعية تقول إن «الاقتصاد الوطنى مر بالعديد من الأزمات التى أسهمت بشكل كبير فى عرقلة انطلاقته، سواء بسبب جائحة كورونا، أو تداعياتها السلبية، ممثلة فى غول التضخم، الذى دفع صانع القرار الأمريكى لرفع أسعار الفائدة، وهو ما أنعكس سلبا على السوق المحلى، بتخارج الاستثمارات الأجنبية، وتسبب ذلك فى حدوث خلل للاقتصاد الوطنى، ولولا رفع أسعار الفائدة، كان الاقتصاد قد حقق نموًا كبيرًا، وانطلاقة لم يشهدها منذ سنوات طويلة».

حرصها على جمع معلومات كثيفة عما تحلل يعزز من ثقتها، يتبين ذلك فى حديثها حول نقص العملة الصعبة التى تسببت فيه رفع أسعار الفائدة، مع تأخر وتراجع دور القطاع الخاص فى المنظومة الاقتصادية سواء فى الإنتاج، أو التصنيع، مما دفع الدولة إلى استمرار الاعتماد على الاستيراد من الخارج، خاصة المواد الخام، والسلع الاستراتيجية، وغيرها من السلع الغذائية، المستوردة من أوكرانيا، وروسيا، مما زاد من الأزمات سوءا، وهنا كان يجب على الحكومة بحسب قولها مع قيامها بعملية البناء للدولة الحديثة، الاهتمام بالمشروعات إنتاجية ذات عوائد سريعة تحقق التوازن، وتنقذ الاقتصاد من الركود، خاصة فى السنوات الأولى من الإصلاح الاقتصادى، والخطة التى حددتها الدولة، مع تعزيز دور القطاع الخاص، القادر وقتها على تخفيف حدة الأزمات عبر الإنتاج والتصنيع، وبالتالى عدم سوء المشهد فى نقص العملة الصعبة.. وتساءلت قائلة..«أين دور إدارة الأزمات فى الحكومة، للتعامل مع مثل ذلك رغم أن مثل هذه الأزمات مكررة، وبنفس التفاصيل؟ مستشهدة بأزمة عام 1980 عندما رفعت الحكومة الأمريكية أسعار الفائدة، وتسببت فى العديد من الأزمات على مستوى العالم.

- الوصول لعلاج المشكلة هو أهم تركيزها ويتبين ذلك فى ردها قائلة: إن المشكلة التى تواجه الاقتصاد تتمثل فى نقص العملة الأجنبية، ورغم هذا النقص إلا أن وجود إمكانيات وعوامل من شأنها تعزز توافر العملة الصعبة، من خلال قطاع السياحة، ودوره الكبير فى توفير العملة، وأيضاً تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، مع الاهتمام بالتصنيع والإنتاج، والإعلان المستمر عن منتجات جديدة بالدولار، وكلها عوامل تحقق التوازن للاقتصاد، وتوفر العملة الصعبة، وهذا يعيد الاقتصاد لقوته».

 الإيمان بشىء والتحمس فى تحقيقه، يجعل الوصول إليه أمرًا سهلًا، ونفس الأمر فى السياسة النقدية، ممثلة فى البنك المركزى، ترى أن عدم تعامل الحكومة مع الفجوة الدولارية، عقب أزمة كورونا، باحترافية تسبب فى تفاقم الأزمة، ومحاولة استخدام أدواته اللازمة للحد من التضخم، وهو ما دفع إلى رفع أسعار الفائدة، لسحب السيولة من السوق، ولكن ما تحقق لم يسهم فى الحد من الأزمة، مع قيامها بمراعاة البعد الاجتماعى، فى عملية رفع أسعار الفائدة، وتعويض هذه الفئات بالفائدة، التى تقلل من تأكل قيمة العملة المحلية.

المصداقية، والتحليل أهم ما يميز شخصيتها الواضحة، فى حديثها عن الاقتراض الخارجى، تعتبره أنه شر لا بد منه، رغم وصول قيمة الاقتراض الخارجى إلى 165 مليار دولار، خاصة أن توقف سداد الديون وفوائدها سوف يضر حركة الاقتصاد، ويعمل على تجميده.

تجاربها المتعددة، وخبرتها الطويلة تسهمان فى دقة تحليلها، يتكشف ذلك فى ملف السياسة المالية، وتفسيرها لمنظومة الضرائب، حيث تعتبر أنها المورد الرئيسى مثل العديد من اقتصاديات الدول الكبرى فى فرض الضرائب، لكن أن يكون مقابل ذلك قيام الدولة بتوفير التزاماتها للسوق والمستثمرين بمحفزات استثمارية كبيرة، وتوفير كافة متطلباتهم بتحقيق بيئة استثمارية جاذبة، وتحقق ذلك بتجهيز بيئة الاستثمار بشبكة متكاملة من البنية التحتية، وشبكة عنكبوتية للطرق، مع ضرورة أيضاً العمل على ضم الاقتصاد غير الرسمى، وضمه لمنظومة الاقتصاد الرسمى، من خلال حزمة محفزات، لأصحاب هذا القطاع، بتقديم الدعم، التسويق، والعمل على تقديم أيضاً المبادرات المشجعة لاستقطاب الجزء الأكبر من هذا القطاع.

- علامات حيرة بدأت على ملامحها قبل أن تجيبنى قائلة: «إن استقطاب الأموال الأجنبية يتطلب مجهودًا مكثفًا من الحكومة، والعمل على دعم المستثمر المحلى الذى يعد الركيزة الرئيسية فى جذب المستثمرين الأجانب، أمرً ضروري، مع العمل على استقرار التشريعات والقوانين لفترات طويلة، حيث أن التعديلات المتكررة فى أوقات قصيرة تسبب ارتباكًا للمستثمرين، لتحديد خطة استثمارية واضحة، يتمكن من خلالها تحديد مدة استرداد الأموال التى انفقت، مع العمل أيضاً على تذليل العقبات التى قد يواجها وأولها تحقيق استقرار لسعر الصرف وتوافر العملة الصعبة، فى مقابل القيام بسداد الالتزامات المقررة عليه».

تحمل المسئولية والقدرة على علاج المشكلات من السمات المستمدة من والداها، لذلك تكون رؤيتها فى ملف الطروحات، تعتبر الموقف فى الملف حرجًا للغاية، بسبب ارتفاع أسعار الفوائد، وهو ما يؤثر على سعر السهم عند الطرح، والاكتتاب، وبالتالى ليس أمام الحكومة سوى الطرح لمستثمر استراتيجى، لاستقطاب أموال أجنبية، لحين استقرار الوضع للعملة المحلية، أمام الدولار.

- بهدوء وثقة تجيبنى قائلًا إن «تأسيس الاتحاد بمثابة انطلاقة جديدة لسوق المال تأخر كثيرًا فى ظل اتساع السوق، فأطراف السوق شركات ومؤسسات مالية، ومستثمرون، وعاملون، وسيعمل الاتحاد من خلال تحقيق أهدافه على تغطية السوق والصناعة سواء بتطوير المجال، أو الحفاظ على حقوق العاملين فى كافة الإدارات بالشركات من أصغر عامل إلى أكبر قيادة بالشركات، كونهم الأكثر أهمية فى السوق، وكذلك العمل على تنمية سوق المال، من خلال برامج تدريبية متكاملة، ورفع كفاءة العاملين فى السوق، وكذلك الحافظ على البعد الاجتماعى للعاملين».

فلسفتها البساطة فى كل أمور حياتها الشخصية والعملية، وذلك يتبين من خلال برنامجها الانتخابى وما يتطلبه اتحاد الأوراق المالية، من خلال 4 محاور رئيسية، تضم هذه المحاور 9 بنود رئيسية تتمثل فى التركيز الأساسى على رفع كفاءة وعمق القطاع المالى غير المصرفى وخاصة سوق الأوراق المالية لكسب ثقة المتعاملين سواء مستثمرين أو رجال الصناعة، لتعبر البورصة عن اقتصاد حقيقى، ويكون ذلك من خلال إنشاء العديد من اللجان لتعمل بتناغم شديد الهدف منه خلق بيئة عمل كفء تليق بالبورصة، وأيضاً وضع ميثاق شرف المهنة والسلوك المهنى بين العاملين بالقطاع والمستثمرين، التحكيم الداخلى بين أطراف السوق المختلفة وبالتنسيق مع هيئة الرقابة المالية، تفعيل دور الاتحاد المنوط به كوسيط بين أعضاء قطاع سوق الأوراق المالية والرقابة المالية، وكذلك دراسة ومراعاه البعد الاجتماعى والصحى والتأمينى للزملاء فى قطاع السمسرة، وأيضاً العمل على تقديم البرامج التدريبية بالتنسيق مع هيئه الرقابة لرفع كفاءه العاملين فى الشركات, واستقطاب الكوادر الاقتصادية لتوعية العاملين بالقطاع، وتنظيم المؤتمرات لخلق الوعى الادخارى والاستثماري, ورفع التوصيات للجهات المسئولة بالدولة لدعم صناعة الأوراق المالية، إطلاق المبادرات للتوعية بالدور التمويلى للبورصة وذلك لزيادة قيد الشركات وما له من مردود إيجابى على فاعليه السوق وحجم السيولة، المشاركة فى وضع اللوائح والقوانين التى تساعد على رفع كفاءة السوق. من خلال دور الاتحاد كممثل للصناعة.

وضع الخطط والاستراتيجيات لنقل واستحداث اليات جديدة لزيادة الدور التنافسى للسوق المصري, وذلك من خلال محاكاه التقدم التكنولوجى المستمر بالأسواق المنافسة، التواصل مع الاتحادات الدولية لتبادل الخبرات.

مواجهة المشكلات فى صمت من الصفات التى تعزز ثقتها بنفسها، وبسبب ذلك نجحت فى تجاوز الشركة أزمات السوق خلال الفترات الماضية، من خلال تنفيذ استراتيجية طموحة تبنى على النمو، وتحقق ذلك فى 4 عوامل الحصول على رخصة الاكتتاب والشراء والاسترداد فى وثائق صناديق الاستثمار، وكذلك الحصول على رخصة الشراء بالهامش، وإجراء تعاقدات مع عدد من الجهات لتمويل رخصة الهامش، وأيضاً توسيع قاعدة العملاء، بنسبة 100%، وتفعيل آلية «موبايل ابلكيشن» وأسهمت هذه الاستراتيجية تحقيق الشركة قفزات كبيرة إلى المراكز الأولى فى ترتيب شركات السمسرة.

كلما تنافست مع نفسك كلما تطورت، بحيث لا يكون اليوم كما كان بالأمس، وهو منهج تسير عليه محدثتى فى استراتيجيتها المستقبلية لذاتها وللشركة، لذلك تعمل على تحقيق 3 مستهدفات، تتمثل استكمال إضافة أنشطة الشركة الخاصة بمجال السمسرة، بالتداول فى السندات، والعمل على استقطاب فئات جديدة من المستثمرين للسوق، وكذلك العمل المستمر على تحسين الخدمة للعملاء.

حصيلة الإعداد الجيد والعمل الشاق والتعلم من الأخطاء والتعثر، تجارب تحرص على نقلها لأولادها، لكن يظل شغلها الشاغل العمل على الوصول بالشركة مع مجلس الإدارة إلى التنافسية، والريادة، وكذلك خدمة السوق من خلال اتحاد الأوراق المالية....فهل تستطيع تحقيق ذلك؟

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جائحة كورونا اسعار الفائدة البنك المركزى البورصة العملة الصعبة رفع أسعار الفائدة الأوراق المالیة العملة الصعبة العاملین فى العمل على من خلال ذلک فى وهو ما

إقرأ أيضاً:

تصريحات وزير المالية في الميزان الاقتصادي

في اجتماع وقع مؤخرا قال الدكتور خالد المبروك عبد الله وزير المالية بحكومة الوحدة الوطنية إن المرتبات السنوية قد تصل إلى 100 مليار دينار ليبي (ما يزيد عن 20 مليار دولار) مع نهاية العام 2025م، في تصريح أثار جدلا كبيرا، ذلك أن المرتبات وفق تقديرات الوزير سترتفع بنسبة 33% خلال العام المذكور، ومعلوم أن إجمالي باب المرتبات مع نهاية العام 2024م بلغ نحو 67 مليار دينار.

لم يعلل الوزير دوافع تصريحه ولم يفصح عن أسباب الزيادة الكبيرة جدا في المرتبات حسب تقديره، فقط ألقى بالرقم في الاجتماع الرسمي وأمام كميرات التلفزيون ليصبح حديثه محط الانظار والتقييم، وبالطبع التعجب والاستنكار، ذلك أنه وبكل المقاييس ومع الأخذ بجميع المعطيات الراهنة والفرضيات المحتملة فإن بلوغ 100 مليار دينار لبند المرتبات خلال عام واحد أمر غير ممكن.

وبحسبة بسيطة، ومع الأخذ بمتوسط مرتبات العاملين في الجهاز الحكومي والبالغ عددهم نحو 2.3 مليون، وهو رقم كبير جدا ولا يعبر عن الاحتياج الحقيقي للاقتصاد الليبي، وإنما هو نتيجة لتوجهات وسياسة خاطئة ومتعمدة تعود إلى مطلع الثمانينيات من القرن، ومتوسط المرتبات هو نحو 1900 دينار ليبي، فإن الزيادة في المرتبات تعني في احد الاحتمالات توظيف أكثر من 1.7 مليون موظف وعامل خلال العام 2025م، وهذا لا يمكن تحققه حتى لو أرادات الحكومة ذلك.

إن تبني سياسة تقشفية ثم التحول إلى استراتيجية وطنية لتنشيط الاقتصاد تغير هيكله المعتمد على قطاع واحد هو النفط لا يمكن أن تجد طريقها إلى النجاح ما لم تخرج البلاد من نفق الاستقطاب والنزاع وتشهد استقرارا سياسيا وأساسا سليما للإنطلاق بعيدا عن بؤرة التأزيم الراهنة، وسيظل البعد الإيجابي لجهود ومساعي معالجة الاختناقات الاقتصادية والمالية محدود الأثر وقصير الأجل ما لم يقع تغيير حقيقي في الواقع السياسي والأمني الحالي.الاحتمال الآخر هو أن تتحقق القفزة في قيمة المرتبات التي ذكرها الوزير من خلال الزيادة في مرتبات العاملين في القطاع العام بنسبة 33%، وهذا أيضا غير ممكن ولا مبرر، فتصريحات وزير المالية جاءت في سياق التحذير والتعبير عن القلق الشديد من الارتفاع المطرد في المرتبات، وبالتالي لن تكون سياسة الزيادة في المرتبات خيارا للحكومة.

الأهم من ذلك هو أن بند المرتبات الذي يشكل أكثر من 55% من الإنفاق العام لا يعكس الواقع، بل إن الرقم الحالي مبالغ فيه، وأن الزيادة تعود في جزء منها إلى الهدايا والمزايا التي يتمتع بها شريحة واسعة من موظفي الدولة، وقدر بعض المختصين بأن القيمة الحقيقة للباب الأول من الميزانية (المرتبات وما في حكمها) لا تتعدى 55 مليار دينار، وبالتالي فإن القول بأن المرتبات ستصل إلى 100 مليار أمر مستحيل.

والسؤال هو: لماذا أقدم وزير المالية على هذا التصريح الذي لا مسوغ علمي ولا منطقي له، مع التنبيه إلى تداعيات هكذا تصريح في هذا التوقيت وفي ظل الظروف التي يواجهها الاقتصاد الليبي والمالية العامة الليبية؟!

ذهب عديد المختصين إلى أن التصريح مجرد ردة فعل عفوية، غير مدروسة ولا منضبطة، على ارتفاع بند المرتبات في الميزانية العامة وما يشكله هذا البند من عبئ كبير على الحكومة، وبالتحديد وزارة المالية. بمعنى أن التصريح هو من باب التهويل والتخوف من عواقب استمرار الاعتماد على الخزانة العامة كمصدر رئيسي وربما وحيد لمعظم القادرين على العامل في البلاد، وهذا تفسير راجح وتدعمه شواهد عديدة سبق الإشارة إلى بعضها.

الاحتمال الآخر هو اتجاه الحكومة لتبني سياسات تقشفية عامة من بينها إيقاف التوظيف في مؤسسات الدولة، والتصريح هو بمثابة تهئية الرأي العامة لهذه السياسة، وننوه إلى أن جهاز الرقابة الإدارية أصدر قرارا يطالب المؤسسات التنفيذية بوقف التعيين، وسيكون هذا مفهوما ومقبولا إذا رافقه إجراءات صارمة حيال "ما في حكم" المرتبات من مكافأت ومزايا كثيرة تشكل رقما مهما في هذا البند، والتوسع أكثر في تبني إجراءات تحد من الهدر والفساد الذي يشكل تحديا كبيرا للاقتصاد وبابا واسعا لضياع ثروة الليبيين.

حزمة السياسات التقشفية قد تكون ملحة، إلا أن أثرها سيكون عكسيا إذا طال أمدها ولم تنته إلى خطة أو استراتيجية تعالج الاختلالات والتشوهات في بنية الاقتصاد الوطني وتركيبته، وتعيد إليه التوازن المفقود والفاعلية الغائبة، وهذا يستدعي اتجاها إلى مراكمة رأس المال واستثماره في تطوير وتحسين البنية التحتية بمفهوما الواسع والتي تمثل الأساس لتحريك عجلة الاقتصاد وتحقيق معدلات أكبر في النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعظيم دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي، واستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية التي تتناغم ومستهدفات الاستراتيجية الوطنية.

إن تبني سياسة تقشفية ثم التحول إلى استراتيجية وطنية لتنشيط الاقتصاد تغير هيكله المعتمد على قطاع واحد هو النفط لا يمكن أن تجد طريقها إلى النجاح ما لم تخرج البلاد من نفق الاستقطاب والنزاع وتشهد استقرارا سياسيا وأساسا سليما للإنطلاق بعيدا عن بؤرة التأزيم الراهنة، وسيظل البعد الإيجابي لجهود ومساعي معالجة الاختناقات الاقتصادية والمالية محدود الأثر وقصير الأجل ما لم يقع تغيير حقيقي في الواقع السياسي والأمني الحالي.

مقالات مشابهة

  • الحكومة تنجح في جذب العملة الصعبة.. ومصر شهدت قفزات بتحويلات المصريين بالخارج
  • السياحة تحقق عائدات قدرها 112 مليار درهم من العملة الصعبة في رقم غير مسبوق
  • المنتجات النفطية تضاعف الكمية المجهزة من زيت الغاز للمزارعين
  • وزير الاقتصاد والتخطيط يجتمع مع وزير المالية الألماني
  • تحضيرا لرمضان.. وزير الفلاحة يترأس اجتماعا هاما
  • تصريحات وزير المالية في الميزان الاقتصادي
  • لماذا لا يمتلك العراق صندوقا سياديا يخرجه من عنق الاقتصاد الريعي؟
  • لماذا لا يمتلك العراق صندوقا سياديا يخرجه من عنق الاقتصاد الريعي؟ - عاجل
  • ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة
  • محافظ أسيوط: توفير المنتجات الزراعية للمستهلكين مباشرة بأسعار مخفضة