جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-18@23:51:29 GMT

أرض الرباط لا تستسلم

تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT

أرض الرباط لا تستسلم

حاتم الطائي 

 

لم تفتر عزيمة المُرابطين في غزة الأبية رغم القصف الهجمي

البشرية لم تعرف صمودًا كصمود أهل غزة

التواطؤ الأمريكي مع إسرائيل استهدف تنفيذ مخطط الإبادة وتصفية القضية

 

أكثر من 15 شهرًا والشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة، يئن تحت وطأة أشرس عدوان إسرائيلي وحرب إبادة مُتكاملة الأركان.. ما يزيد عن 470 يومًا من القصف الهمجي المتواصل ليل نهار، حتى تسبب في استشهاد عشرات الآلاف، وإصابة أكثر من 100 ألف، فضلًا عن آلاف المفقودين تحت الأنقاض، ومثلهم في سجون الاحتلال، الذي يُنفِّذ تدميرًا وحشيًا لكل مقومات الحياة، بدءًا بالمنازل التي تهدمت على رؤوس ساكنيها ومُحيت من على وجه الأرض، والمستشفيات التي قُصِفَت بينما المرضى في داخلها يصرخون من الألم والأطباء عاجزين عن تقديم أبسط الخدمات الطبية لانعدام المستلزمات الصحية، وكذلك المساجد التي نُسِفت، حتى استحال القطاع مكانًا غير آمن ولا مناسب للعيش الآدمي.

ولكن رغم ذلك، لم تفتر عزيمة المرابطين في أرض الرباط؛ غزة الأبيّة، غزة العصية، غزة المتمردة، غزة المنتصرة، غزة مقبرة الغُزاة، غزة صوت الكرامة الإنسانية، غزة ملحمة النضال الشريف من أجل تحرير الأرض، غزة رمز الصمود الأسطوري في وجه آلة الحرب المجنونة، غزة التي حرَّكت الملايين حول العالم ليخرجوا في مسيرات ويفترشوا الأرض في اعتصامات اهتزت لها أكبر المؤسسات، وانتفضت ضدها أعتى قوات الأمن..

صمد الشعب الفلسطيني البطل في قطاع غزة أمام أحقر جيش احتلال عرفه التاريخ الحديث، صمد الفلسطينيون في غزة أمام كل هذا القهر والعدوان، تحمَّلوا القصف ليلًا ونهارًا، صيفًا وشتاءً، افترشوا الأرض وتلحّفوا السماء، أكلوا من خشاش الأرض، شربوا مياه البحر المالحة، احترقوا من شدة حر الصيف، وفتت الصقيع أجسادهم، بل مات منهم البعض من شدة البرد.

ربما لم تُسطِّر أدبيات التاريخ صمودًا كصمود أهل غزة، ولم تعرف البشرية استبسالًا كالذي نشاهده في القطاع منذ عام و3 أشهر؛ ولذلك يجب على كل إنسان فلسطيني أن يفخر بهذا الصمود، وأن يرفع رأسه عاليًا؛ لأنه انتصر في نهاية المطاف على العدو المُجرم، الذي يبدأ اليوم الانسحاب من قطاع غزة، يجُر ذيول الهزيمة النكراء، مُتجرعًا علقم المقاومة، التي أذاقته الويلات، في عمليات التحام واشتباك مُباشرة، كانت الغلبة فيها لأبطال المقاومة أصحاب الأرض المُدافعين عنها والذين ارتوى ترابها بدمائهم ودماء من سبقوهم من المقاومين البواسل.

نعم انتصر الشعب الفلسطيني، انتصرت إرادة الحياة، انتصرت المقاومة على عدو يفوقهم قوةً وعددًا وعُدةً، انتصرت فلسطين الحُرة الأبية، انتصرت عزيمة النصر، انتصر الحق على الباطل، انتصرت غزة رغم الدمار والشهداء والمصابين. نعم الثمن كان غاليًا جدًا، وثمينًا للغاية، لكن هكذا هي قضايا الشرفاء والأحرار، وعلى قدر عِظم القضية تكون التضحيات، وقضية فلسطين عظيمة جدًا، ولذلك جاءت التضحيات أعظم وأجل.

نقولها بصوتٍ عالٍ، إنَّ أرض الرباط لا تعرف الاستسلام، وإن من استسلم هم الصهاينة المجرمون، الذين انقلبوا على أعقابهم، متقهقرين، يُعانون الجنون والصرع وسائر الأمراض النفسية، مبتوري الأيدي أو الأرجل، فارين من جحيم غزة، جحيم المقاومة، هذه الجحيم التي أجبرت زعيم العصابات الصهيونية ومجرم الحرب بنيامين نتنياهو على الخنوع والموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

لقد توهّم نتنياهو- ومن ورائه شريكه في الجُرم المشهود، الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن- أن بإمكانه القضاء على المقاومة وتهجير أهالي قطاع غزة قسريًا، لكن هيهات هيهات، فقد تجرّع الفشل مرات ومرات، وذاق مرارة الهزيمة يومًا تلو الآخر، وظلّت المقاومة تقصف من كل اتجاه، رغم الضربات العنيفة التي تلقتها، واستشهاد قادتها الأبرار في غزة ولبنان وإيران. ظنّ نتنياهو أنه قادر على إطالة أمد الحرب للفرار من محاكمته المحتومة بالفساد، ومحاكمته الكبرى أمام الجنائية الدولية والعدل الدولية، وهو الآن على رأس قائمة حمراء في العديد من مطارات العالم. هو "مطلوب للعدالة"، كما أعلناها في صحيفة "الرؤية"، بعد أيام قليلة من العدوان الغاشم على غزة، لأنه لا يصح سوى الصحيح، والصحيح أنَّ هذا المجرم عتيد الإجرام لا بُد وأن يلقى المحاكمة السريعة، كي تتحقق العدالة على هذه الأرض.

ومن المفارقات العجيبة التي تؤكد التواطؤ الأمريكي مع إسرائيل في حرب الإبادة، أن صيغة اتفاق "صفقة غزة"، هي ذاتها نفس الصيغة التي قدمها الوسطاء من أجل إنهاء العدوان وتبادل الأسرى، لكن حلف الشيطان بقيادة نتنياهو وبايدن، مارس الألاعيب، ورفض الموافقة على الصفقة، لكي يتمكن من تنفيذ مخططه الدموي لتصفية القضية الفلسطينية، وإبادة شعب غزة بالكامل. ظلت الولايات المتحدة تدعم دولة الاحتلال بالسلاح والمال والدعم السياسي في مجلس الأمن، عبر استخدام "الفيتو" ضد أي مشروع قانون يفرض وقف إطلاق النار، ما يُؤكد النية المُبيّتة لكل من أمريكا وإسرائيل لتنفيذ مخطط الإبادة والتهجير، ومن ثم القضاء على الدولة الفلسطينية وتصفية القضية بالكامل.

ويبقى القول.. إنَّ الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في قطاع غزة بكافة مكوناته، من مقاومة باسلة ومدنيين عُزل واجهوا الاحتلال بصدور عارية، هو الذي أحبط كل المُخططات التي كانت تستهدف الإبادة والتهجير وتصفية القضية، لكن الحق أبلج والباطل لجلج، وقد وعد الله الفئة الصابرة بالنصر المُبين مهما تأخر ومهما كانت الخسائر، ووعد الله حق، وما دونه باطل. ومع سريان وقف إطلاق النار وبدء تبادل الأسرى، نقول لكل إخوتنا في فلسطين الشامخة: أنتم الأبطال، أنتم الفائزون، أنتم المُنتصرون، أنتم المرابطون، أنتم أصحاب الأرض.. دُمتم للأمة فخرًا وعزًا، ولكل المناضلين والساعين للحرية نموذجًا وقدوة.

"وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

هآرتس الإسرائيلية:الفلسطينيون أفضل الشعوب في الدفاع عن وطنهم..ما حقيقة المقال؟

تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقالاً منسوباً لصحيفة "هآرتس الإسرائيلية" بعنوان " الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن وطنهم".

وتداول النشطاء المقال عقب ساعات من إعلان التوصل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، يوم أمس الأربعاء.

وجاء في ما تداوله النشطاء: "هل تصدق ان افتتاحية اكبر جريدة اسرائيلية اليوم بقولها الحقيقة عن الفلسطينيين بانهم شعب من افضل شعوب الارض الذين هبوا للدفاع عن حقوقهم بعد اكثر من سبعين عاماً وكانهم رجل واحد ... تابع المقالة حتى تعرف كم هم يعرفون الحقيقة : افتتاحية جريدة هاارتس الاسرائيلية مترجمة للعربية من أندر ما ينضح به الضمير الحي وأجمل ما تزهر به الحرية الفكرية وأجود ما يثمر به التمكن ...اقرأ :

" يقول - خسارتنا كل ثلاث أيام 912 مليون دولار من طلعات الطائرات وثمن صواريخ الباتريوت وتزويد الٱليات بالوقود واستهلاك ذخيرة .. ناهيك عن تعطل الحركة التجارية وهبوط البورصة وتوقف معظم المؤسسات وأعمال البناء وموت الدواجن في المزارع بعشرات ملايين الدولارات وتعطل بعض المطارات وبعض خطوط القطارات وثمن إطعام الهاربين إلى الملاجئ ناهيك عن التدمير في البيوت والمحال التجارية والسيارات والمصانع بفعل صواريخ المقاومة الفلسطينية؛
- إننا نتعرض لحرب لسنا من نديرها .. وبالتأكيد لسنا من ينهيها خاصة وأن المدن العربية في اسرائيل فاجأت الجميع بهذه الثورة العارمة ضدنا بعد أن كنا نظن أنهم فقدوا بوصلتهم الفلسطينية ...
- هذا نذير شؤم على الدولة التي تأكد سياسيوها أن حساباتهم كانت كلها مغلوطة وسياساتهم كانت تحتاج لأفق أبعد مما فكروا فيه...
- إنهم فعلا أصحاب الأرض ومن غير أصحاب الأرض يدافع عنها بنفسه وماله وأولاده بهذه الشراسة وهذا الكبرياء والتحدي...
وانا كيهودي أتحدى أن تأتي دولة إسرائيل كلها بهذا الانتماء وهذا التمسك والتجذر بالأرض بعد أن أذقناهم ويلاتنا من قتل وسجن وحصار وفصل واغرقناهم بالمخدرات وغزونا أفكارهم بخزعبلات تبعدهم عن دينهم كالتحرر والإلحاد والشك ... لكن الغريب في الأمر أن يكون أحدهم مدمن مخدرات ولكنه يهب دفاعا عن أرضه وأقصاه وكأنه شيخ بعمامة وصوته يصهل الله أكبر ..
- جيوش دول بكامل عتادها لم تجرؤ على ما فعلته المقاومة الفلسطينية في أيام معدودات، فقد سقط القناع عن الجندي الاسرائيلي الذي لا يقهر وأصبح يقتل ويخطف؛
وطالما أن تل أبيب ذاقت صواريخ المقاومة فمن الأفضل أن نتخلى عن حلمنا الزائف بإسرائيل الكبرى ويجب أن تكون للفلسطيني دولة جارة تسالمنا ونسالمها وهذا فقط يطيل عمر بقائنا على هذه الأرض بضع سنين وأعتقد بأنه ولو بعد ألف عام هذا إن استطعنا أن نستمر لعشر أعوام قادمة كدولة يهودية فلا بد أن يأتي يوم ندفع فيه كل الفاتورة، فالفلسطيني سيبعث من جديد ومن جديد ومن جديد وسيأتي مرة راكبا فرسه متجها نحو تل أبيب" .

وبتتبع ما نشرته الصحيفة خلال الساعات الماضية تبين عدم وجود مقال بهذا العنوان.

وظهر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم تداول هذا التقرير،إذ تحقق "مسبار"  من الادعاء ووجد أنه زائف، وبين أن الصحيفة لم تنشر بأي من نسختيها الإنجليزية أو العبرية مقالًا بالعنوان المتداول، أو تقريرًا ذُكر فيه ما ورد في الادعاء الذي جرى تداوله مرارًا خلال الحرب الأخيرة على غزة وقبلها في عام 2021 خلال معركة سيف القدس .


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

محرر البوابة

يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة

الأحدثترند هآرتس الإسرائيلية:"الفلسطينيون أفضل الشعوب في الدفاع عن وطنهم"..ما حقيقة المقال؟ أجمل ما يقال في صباح يوم الخميس تشكيلة ريال مدريد المتوقعة اليوم ضد سيلتا فيغو في كأس ملك إسبانيا أبراج لا تناسبها حياة العزوبية، هل أنتِ منهم؟ عشرات الشهداء في غزة منذ إعلان الاتفاق على وقف الحرب Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • أحمد موسى عن اتفاق غزة: مصر العظيمة انتصرت بقيادة الرئيس السيسي
  • لاءات نتنياهو التي حطمتها المقاومة في غزة
  • هل انتصرت المقاومة؟
  • مستقبل القضية الفلسطينية بعد اتفاق غزة
  • حشود غفيرة تهتف من إربد .. انتصرت غزة / فيديو وصور
  • مصطفى بكري: الرئيس السيسي وضع القضية الفلسطينية على عاتقه
  • خبير: القضية الفلسطينية في وجدان الشعب المصري وعقل القيادة السياسية دائما
  • هآرتس الإسرائيلية:الفلسطينيون أفضل الشعوب في الدفاع عن وطنهم..ما حقيقة المقال؟
  • الحرس الثوري الإيراني: المقاومة الفلسطينية انتصرت على كيان العدو وحلفاؤه