سيكم المصرية تتصدر المشهد الدولي كنموذج ملهم للتنمية الاقتصادية المستدامة
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حصلت سيكم على جائزة "أبطال الأرض" من برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) في فئة "الرؤية الريادية"، وهي أعلى تكريم بيئي من الأمم المتحدة، الذي يسلط الضوء على مساهمات سيكم الرائدة في مكافحة التصحر، وتدهور الأراضي والجفاف.
الجدير بالذكر أن "سيكم" هي المؤسسة الوحيدة المتلقية لهذه الجائزة من أفريقيا والشرق الأوسط في عام 2024.
وفي إطار تكريم القادة المتميزين على مستوى القارة، تم اختيار حلمي أبو العيش، الرئيس التنفيذي لمجموعة سيكم، ضمن قائمة "أكثر 100 أفريقي تأثيراً في عام 2024"، التي تصدرها مجلة "نيو أفريكان" في فئة "المجتمع المدني".
ويختص هذا الاعتراف بالقادة والمؤسسات التي تساهم بشكل فعال في تطوير المجتمع المدني على مستوى أفريقيا، مما يعزز من تأثير سيكم على الصعيدين المحلي والدولي.
منذ ما يقرب من 50 عامًا، قدمت سيكم نموذج "اقتصاد المحبة"، الذي يرتكز على التنمية المستدامة وتمكين المجتمع.
يعطي هذا النهج المبتكر الأولوية للممارسات الأخلاقية والمسئولية الاجتماعية والاستدامة البيئية عبر سلسلة القيم الخاصة بالمنتجات.
وقد أثبت هذا النموذج فعاليته في تعزيز قدرة المؤسسات على إنتاج منتجات صحية عالية الجودة، مع المساهمة بشكل إيجابي في المجتمعات المحلية.
وقد أدرجت الجمعية المصرية للزراعة الحيوية هذا النموذج ليصبح معيارًا معتمدًا، ويقدم هذا المعيار إطارًا شاملًا يساعد المزارعين في الانتقال إلى الممارسات الزراعية الحيوية والعضوية، مما يعزز سبل عيشهم عبر مبادرات تكافئ جهودهم البيئية، مثل المشاركة في برامج سندات الكربون.
إضافة إلى ذلك، يعالج هذا النموذج بفعالية التحديات العالمية الملحة، مثل الأمن الغذائي وندرة المياه وتغير المناخ.
ويستمر نجاح هذا النموذج في دعم 15,312 مزارع في انتقالهم إلى الزراعة الحيوية والعضوية، مع تحويل أكثر من 55,000 فدان إلى ممارسات زراعية مستدامة.
وهو ما يبرز جدوى النموذج في بناء مستقبل أكثر استدامة للمؤسسات والمجتمعات.
أكد حلمي أبو العيش، الرئيس التنفيذي لمجموعة سيكم، أن التقدير العالمي الذي حصلت عليه سيكم في 2024 يثبت أن التغيير المحوري يمكن حدوثه من خلال نماذج أعمال قابلة للتطوير ومدعومة بالممارسات المستدامة.
وبناءً على هذا النجاح، تسعى سيكم بالتعاون مع الجمعية المصرية للزراعة الحيوية نحو هدف طموح لدعم 40 ألف مزارع في انتقالهم إلى ممارسات الزراعة العضوية والحيوية بحلول نهاية عام 2025.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: سيكم التنمية المستدامة برنامج الأمم المتحدة للبيئة هذا النموذج
إقرأ أيضاً:
الكيمياء تفكك شفرة الذهب الأسود الذي حنط المومياوات المصرية
كشفت دراسة فرنسية للمومياوات الفرعونية عن واحدة من أغرب المفارقات في التاريخ القديم، والتي كان بطلها البحر الميت، ذلك المسطح المائي العجيب الذي له من اسمه نصيب، حيث لا حياة تدب في مياهه المالحة، وكان في المقابل مصدرا لواحدة من أهم المواد التي منحت الصمود للمومياوات الفرعونية، فظلت باقية لآلاف السنين، متحدثة عن أحد أهم معالم الحضارة المصرية القديمة "التحنيط".
ومنذ بدأ العلماء يفحصون المومياوات المصرية القديمة حيرتهم المادة السوداء التي تغلف الأجساد، لتثير لديهم تساؤلات عن توصيفها والمواد التي دخلت في تصنيعها وأسباب استخدامها، وجاءت الدراسة الفرنسية التي قادها البروفيسور ديدييه جورير من معهد أبحاث الكيمياء بباريس، والمنشورة في دورية "جورنال أوف أناليتكال أتوميك سبكتروميتري" لتجيب ليس فقط عن هذه الأسئلة، لكنها ذهبت لأبعد من ذلك، اكتشاف أن أحد أبرز مكونات تلك المادة ليس من أرض مصر.
وقبل هذه الدراسة كان المتوفر عن تلك المادة أنها خليط من الزيوت والشمع، لكن الجديد الذي تم إثباته بالوسائل العلمية أنها تحتوي أيضا على "الذهب الأسود" أو ما يعرف بـ"البيتومين". والمدهش أن التحاليل الدقيقة كشفت أن مصدره يأتي من البحر الميت الذي يبعد مئات الكيلومترات شرقا.
والبيتومين مادة سوداء لزجة تشبه القطران، تتكون طبيعيا من تحلل المواد العضوية على مدى ملايين السنين، وتستخرج غالبا من رواسب النفط أو توجد في الطبيعة على شكل كتل أو طبقات، كما هو الحال في البحر الميت.
ويتميز النوع المستخرج من البحر الميت بغناه بعنصر "الفاناديوم" الذي تبلغ نسبته إلى النيكل ما بين 0.5 و0.2. أما الزيوت والبيتومينات من مناطق أخرى بالشرق الأوسط فتظهر تباينا كبيرا في محتوى النيكل والفاناديوم، وتختلف نسبتهما عن تلك الخاصة بالبحر الميت. لذلك استطاع الباحثون الإثبات بما لا يدع مجالا للشك أن البيتومين المستخدم في المومياوات المصرية مصدره البحر الميت، كما يؤكد البروفيسور جورير من معهد أبحاث الكيمياء بباريس، في تصريحات خاصة للجزيرة نت.
ويقول جورير "كل المومياوات التي قمنا بدراستها تقريبا كانت تحمل بصمة بيتومين البحر الميت، وما يعزز دقة تحليلنا أن فريقنا يدرس حاليا مومياء بشرية تحتوي على بيتومين لا يتطابق مع تركيب البحر الميت، من حيث نسبة الفانديوم والنيكل".
إعلانويشير إلى أن الصراعات الإقليمية ربما تسببت أحيانا في تعطيل الإمدادات، مما اضطر المصريين للجوء إلى مصادر بديلة "كما تثبت المومياء التي نقوم بدراستها حاليا" لكن كان البحر الميت بشكل عام هو المصدر الإستراتيجي للمصريين القدماء، وربما كان أحد أسباب ذلك هو سهولة جلب البيتومين من هناك، حيث كانت كتله تطفو على سطح الماء مما جعل استخراجها سهلا نسبيا.
ويضيف أن "تجارة بيتومين البحر الميت لم تكن مجرد تجارة، بل كانت قضية إستراتيجية دفعت المصريين إلى محاولة السيطرة على المنطقة وضمان استمرار وصولهم إليها".
تركيبة ثابتة للمادة السوداءولم يلاحظ الباحثون أي تغيرات في تركيبة البيتومين المستخدم ضمن المادة السوداء، سواء فيما يتعلق بالعمر الزمني، أو الموقع الجغرافي (صعيد مصر مقابل شمالها) أو نوع الطيور المحنطة، وكذلك المومياوات البشرية.
ويقول جورير إن "الاستخدام الموحد لبيتومين البحر الميت ربما يشير إلى ممارسات طقسية موحّدة أو معتقدات دينية مشتركة في مناطق مختلفة من مصر، فرغم أن المصريين القدماء لم يكشفوا عن وصفات أو تقنيات التحنيط التي استخدموها، فإن وجود كمية صغيرة من بيتومين من نفس المصدر في كل المومياوات يوحي بوجود وصفة موحدة نسبيا".
ويثق البروفيسور في دقة نتائجهم وما توصلوا له في الدراسة، مشيرا إلى أن التقنيات التي استخدموها، وهي "انبعاث الأشعة السينية المستحث بالبروتون" و"الرنين المغناطيسي الإلكتروني" تتميز بكونها غير مدمرة (العينة تظل سليمة) وسهلة التنفيذ (القياسات مباشرة) مما يضمن تكرار النتائج، والأهم من ذلك أنها تعطي نتائج كمية دقيقة.
ويقول أيضا "هذا يميزها عن التقنية الأكثر شيوعا سابقا في دراسة المادة السوداء في المومياوات، وهي الكروماتوغرافيا الغازية الموصولة بمطياف الكتلة، حيث تتطلب التقنية الأخيرة عدة خطوات لفصل المواد كيميائيا (وهي تقنية مدمرة) ويمكن أن تؤثر تلك الخطوات على النتائج إذا اختلفت بين العينات، وقد أدت هذه الصعوبة إلى جدل طويل في الماضي حول وجود أو عدم وجود البيتومين في المومياوات، كما أن هذه التقنية ليست كمية".
إعلانويضيف أن "ما توصلنا له في هذه الدراسة شجعنا على استخدام نفس التقنيات، لدراسة مومياء بشرية جميلة من العصر المتأخر في قصر اللوفر، وتتميز بأنها مغطاة بالكامل بطبقة نقية من البيتومين، وهو أمر فريد من نوعه حسب معرفتنا، لكن هذا البيتومين لم يكن من البحر الميت، ونحن الآن بصدد كتابة المقال العلمي المتعلق بهذه الدراسة".
ويشرح جورير آلية عمل الأدوات المستخدمة في الدراسة، موضحا أن أداة انبعاث الأشعة السينية المستحث بالبروتون تعتمد على تسليط حزمة دقيقة من البروتونات (وهي جسيمات مشحونة) على العينة. وعندما تصطدم هذه البروتونات بذرات العناصر داخل المادة، تحدث "اهتزازا" في الذرات مما يؤدي إلى إطلاق أشعة سينية ذات طاقات مميزة لكل عنصر، ومن خلال قياس هذه الأشعة السينية يمكن للعلماء معرفة أي العناصر موجودة في العينة وبنسب دقيقة.
أما "الرنين المغناطيسي الإلكتروني" فهو جهاز يشبه أذنا حساسة تلتقط الهمسات المغناطيسية الصادرة عن بعض الجزيئات داخل المواد، مما يساعد العلماء على تحديد نوعها ومصدرها دون الحاجة لتدمير العينة.
ويقول جورير إنه "من خلال فحص 14 مومياء لطائر (سباع الجوارح وأبو منجل) من فترات مختلفة (من حوالي 1077 ق.م إلى 476 م) وعينات من مومياوات بشرية، وكبش، وتمساح، استطعنا تحديد أن المادة المومياوات السوداء تتكون من راتنجات نباتية، وشمع النحل، ودهون حيوانية، وزيوت نباتية، والبيتومين".
ويضيف "استطعنا أيضا تحديد نسبة عنصري النيكل والفاناديوم، وهما عنصران مهمان يستخدمان بصمة لتحديد مصدر البيتومين، واكتشفنا أن نسبة النيكل إلى الفاناديوم تتطابق مع النسب الموجودة في بيتومين البحر الميت، مما يعني أن المصريين القدماء استوردوه من هناك".
إعلان حرارة بطقوس التحنيطومن المفاجآت أيضا التي كشفت عنها الدراسة أن بعض العينات حملت آثارا تشير إلى تعرضها للحرارة، مما يدل على أن عملية التحنيط ربما شملت تسخين المواد أو استخدامها بعد معالجتها بالنار، وهو أمر يفتح الباب لتفسير جديد لطقوس التحنيط.
وعندما يتعرض البيتومين للحرارة تتغير بنيته الداخلية، وبالتالي تتغير الإشارات المغناطيسية التي ترصدها أداة "الرنين المغناطيسي الإلكتروني" وقد لاحظ الباحثون في بعض العينات تراجعا في الإشارة المغناطيسية أو تغيرا بطبيعتها، مما يشير إلى أنها تعرضت لتسخين أو معالجة حرارية.
كما أن التعرض للحرارة قد يتسبب في تغير نسب العناصر أو يكون سببا لفقدان بعض المركبات الطيارة، وقد لاحظ الباحثون باستخدام أداة "انبعاث الأشعة السينية المستحث بالبروتون" أن بعض العينات اختلفت نسب المعادن فيها عن المعتاد، مما يدعم فكرة أنها تعرضت لحرارة.
وبهذا الكشف المهم، لم يكتف العلماء -بقيادة البروفيسور جورير- بفك شفرة مادة سوداء عمرها آلاف السنين، بل أعادوا رسم صورة مدهشة لمجتمع قديم لم يكن منغلقا بل كان منفتحا على العالم، وحريصا على اختيار أدق المواد للحفاظ على أجساد أحبائه في رحلتهم عبر الزمن.