لاءات نتنياهو التي حطمتها المقاومة في غزة
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عقب طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لطالما تبنى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مواقف صارمة تجاه حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، رافضًا التفاوض المباشر معها أو تقديم أي تنازلات قد تُفسر كضعف أمام المقاومة الفلسطينية.
هذه المواقف تُرجمت إلى لاءات واضحة أبرزها: لا لوقف الحرب، لا للخروج من غزة، لا لتبادل الأسرى، لا لعودة النازحين إلى شمال القطاع، ولا لرفع الحصار، لا للانسحاب من محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر.
لكن بعد أشهر من جولات المفاوضات التي تواصلت أحيانا وانتكست أحيانا أخرى، وبعد تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بضرورة وقف إطلاق النار قبل توليه منصبه في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، تم الإعلان في العاصمة القطرية الدوحة عن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
الإعلان الذي صدر في 15 يناير/كانون الثاني 2025، كشف عن هشاشة وضعف الموقف الإسرائيلي، ما يتنافى مع ما نطق به نتنياهو عندما أعلن عن لاءاته. وأثار هذا الاتفاق الذي جاء بعد مفاوضات شاقة، تخللتها اتهامات متبادلة بين الأطراف المعنية، تساؤلات حول مدى صلابة المواقف الإسرائيلية السابقة.
إعلانوفي المقابل، فإن حركة حماس تمسكت بمطالبها الأساسية المتمثلة في وقف العدوان وانسحاب كامل لإسرائيل من القطاع، كشروط أساسية للقبول بأي اتفاق، وهو ما حققته في النهاية.
تحطيم اللاءاتالاتفاق الذي وافقت عليه إسرائيل ويبدأ سريانه الساعة الثامنة والنصف من صباح غد الأحد بتوقيت غزة، نسف كل هذه اللاءات المزعومة، ففيه ستوقف إسرائيل القصف وحرب الإبادة التي بدأتها منذ (470) يوما، وراح ضحيتها ما يصل إلى 47 ألف شهيد وأكثر من 110 ألف مصاب، وستسحب قواتها بشكل تدريجي من غزة، بحيث ينتهي تواجدها بشكل كامل في القطاع بنهاية المرحلة الثانية من الاتفاق.
وفي حين تمسك نتنياهو بالتواجد العسكري في ممر فيلادلفيا، فإن الاتفاق نص على أن تخفض إسرائيل قواتها تدريجيا في منطقة الممر، كما نص على فتح معبر رفح والسماح بدخول كميات كافية من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة والوقود يوميا.
أما تبادل الأسرى، فقد نجحت حماس في فرض مطالبها على الاحتلال، فعلى سبيل المثال، وبحسب المرحلة الأولى للاتفاق، تُطلق إسرائيل سراح 30 طفلا وامرأة فلسطينية من سجونها مقابل كل محتجز إسرائيلي تطلقه، كما تُطلق إسرائيل سراح 50 أسيرا فلسطينيا مقابل كل مجندة إسرائيلية محتجزة لدى حماس.
ومقابل إطلاق سراح 30 أسيرا فلسطينيا من سجون الاحتلال من كبار السن والمرضى، تطلق حماس سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء من كبار السن والمرضى والجرحى المدنيين.
صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أشارت إلى أن هذا التحول يعكس تغيرًا في الاستراتيجية الإسرائيلية، حيث باتت الحكومة تُولي أهمية أكبر لتجنب التصعيد طويل الأمد.
وفي تعليقه على الاتفاق يقول رئيس معهد أبحاث اﻷمن القومي في جامعة تل أبيب، تامير هايمان، في نقاش على قناة 12 الإسرائيلية، إن حماس ستبقى صاحبة السيادة في قطاع غزة، وهذا يتناقض مع أحد أهداف الحرب، وهذا قد يسمح لها في نهاية اﻷمر بتعزيز قوتها.
إعلانبدوره، يؤكد يوسي يهوشوع محلل الشؤون العسكرية في قناة "i24" أن "نتيجة هذه الصفقة تشير إلى إخفاق نتنياهو سياسيا، وإلى إخفاق الجيش ورئيس اﻷركان هرتسي هاليفي في تنفيذ المهمة وفي تحقيق اﻻنتصار على حماس الذي كثيرا ما وعدوا به.
صمود وضغوطويبدو أنه مع صمود المقاومة رغم كل ما تعرضت له من قصف واستهداف لقادتها، فضلا عن تزايد الضغوط الداخلية والخارجية، وجد نتنياهو نفسه مضطرًا للتخلي عن لاءاته، وربما لم يكن في وضع يسمح له بالتمسك بمواقفه السابقة، خاصة في ظل تزايد الغضب الشعبي داخل إسرائيل لاسيما من أهالي الأسرى المحتجزين لدى حماس، وضغوط المجتمع الدولي، خاصة بعد فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
كما أن استمرار العدوان على غزة كلف إسرائيل سياسيًا واقتصاديًا، خصوصًا مع الانتقادات الدولية المتزايدة لانتهاكات حقوق الإنسان.
لذلك، فإن الاتفاق الأخير يأتي بتكلفة سياسية كبيرة لنتنياهو، فقد تراجعت لاءاته التقليدية الرافضة لوقف إطلاق النار دون شروط مسبقة أو لتقديم أي تنازلات، هذا التراجع قد يضعف شعبيته، خاصة بين قاعدته اليمينية التي ترى في الاتفاق خضوعًا لشروط المقاومة الفلسطينية.
وبالنسبة لحماس، يمثل الاتفاق انتصارًا سياسيًا ومعنويًا، فالحركة استطاعت فرض شروطها، بما في ذلك وقف إطلاق النار المتبادل وتخفيف الحصار وتبادل الأسرى، وهي مكاسب ستُعزز من شعبيتها داخل غزة وخارجها، حيث ترى الحركة أنها نجحت في انتزاع تنازلات من إسرائيل بفضل صمودها.
كما أن الاتفاق يتيح لحماس إعادة ترتيب أوراقها داخليًا، من خلال تحسين الظروف المعيشية في غزة، وتعزيز قدراتها العسكرية، والتحضير لجولات مستقبلية من المفاوضات أو المواجهات.
وأخيرا، فإن التوصل للاتفاق بعد كل الجولات السابقة، هو رسالة للمجتمع الدولي بأن القضية الفلسطينية ما زالت حية، وأن أي تجاهل لها سيؤدي إلى تصعيد مستمر يؤثر على استقرار المنطقة بأسرها.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
جولة جديدة من تبادل الأسرى السبت المقبل.. والاحتلال يطالب بإخلاء غزة من السلاح
عواصم "وكالات": أكد رئيس الوفد المفاوض في حركة حماس خليل الحية أن حركته ستفرج السبت المقبل عن ست محتجزين إسرائيليين "أحياء" وعن أربع جثث لمحتجزين غدا الخميس، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال الحية إن "قررت الحركة و(فصائل) المقاومة الإفراج يوم السبت المقبل عمّن تبقّى من أسرى الاحتلال الأحياء المتفق على إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، وعددهم 6 أسرى"، مشيرا أن إسرائيل ستفرج عن دفعة جديدة من الأسرى الفلسطينيين مقابلهم وفق المعايير المتفق عليه.
وأضاف الحية وهو رئيس حماس في قطاع غزة، في كلمة متلفزة "قررنا تسليم 4 جثامين يوم الخميس على أن يفرج العدو يوم السبت عمن يقابلهم من أسرى حسب الاتفاق"، مضيفا أن حماس تعمل مع الوسطاء في قطر ومصر "لإلزام الاحتلال بما تم الاتفاق عليه في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار"، مؤكدا أن الحركة جاهزة للانخراط فورا في مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
وشدد على أن حماس "أثبتت جديتها بتنفيذ الاتفاق بكل مسؤولية، فيما يقابل الاحتلال وحكومة (بنيامين) نتانياهو هذه الجدية بالتلكؤ ومحاولات التهرب من تنفيذ الاتفاق، خاصة في الشق الإنساني".
وأكد أن حماس تعمل مع الوسطاء "في ما يتعلق بإدخال مواد الإغاثة والإيواء، والمعدات الثقيلة والوقود، والسفر عبر معبر (رفح الحدودي بين غزة ومصر) ذهابا وإيابا، و(السماح) بالصيد في البحر للتخفيف من معاناة شعبنا وتثبيته في أرضه".
من جهته، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر اليوم إن إسرائيل ستبدأ هذا الأسبوع المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإنها تطالب بإخلاء القطاع من السلاح تماما.
وكان من المفترض أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق في الثاني من فبراير لكن قطر، التي تتوسط مع مصر والولايات المتحدة بين الجانبين، قالت إن المحادثات لم تبدأ رسميا بعد.
وقال ساعر في مؤتمر صحفي في القدس إن المفاوضات "ستبدأ هذا الأسبوع".
في المقابل، أكدت دولة قطر، الوسيط الرئيس في مفاوضات إنهاء الحرب في غزة، أن مستقبل القطاع هو شأن فلسطيني.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري خلال مؤتمر صحفي اليوم إن "التساؤلات بشأن من سيمثل الفلسطينيين بشكل رسمي... هي شأن فلسطيني". وقال الأنصاري ردا على سؤال بشأن الهدف المعلن لإسرائيل بالقضاء على حماس "من وجهة نظرنا، هذه قضية فلسطينية تتعلق بما يحدث بعد هذا النزاع".
وأضاف "إنه شأن فلسطيني يتعلق بمن يمثل الفلسطينيين بصفة رسمية وكذلك الجماعات والأحزاب السياسية".
من جهة أخرى، أعلنت الخارجية المصرية اليوم إرجاء القمة العربية الطارئة بشأن غزة التي كانت مقررة الأسبوع المقبل، الى الرابع من مارس، وذلك لاستكمال "التحضير الموضوعي" لها.
وأفادت الخارجية في بيان "تستضيف جمهورية مصر العربية القمة العربية الطارئة حول تطورات القضية الفلسطينية يوم 4 مارس 2025 بالقاهرة، وذلك في إطار استكمال التحضير الموضوعي واللوجستي للقمة".
وأشارت الى أن الموعد الجديد تمّ تحديده "بعد التنسيق مع مملكة البحرين رئيس الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة وبالتشاور مع الدول العربية".
وأتت الدعوة الى القمة عقب طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السيطرة على قطاع غزة المدمّر جراء الحرب الإسرائيلية، وتهجير سكانه الى دول مجاورة خصوصا مصر والأردن.
وواجه الاقتراح ردود فعل إقليمية ودولية رافضة واسعة النطاق، وأثار تحركا عربيا موحدا.
ومن المقرر أن تستضيف الرياض في 21 فبراير، قمة طارئة مصغّرة تشارك فيها دول مجلس التعاون الخليجي الست، إضافة الى مصر والأردن، لمناقشة الرد على خطة ترامب.