الجزيرة:
2025-05-01@07:19:26 GMT

العلاقات المصرية التركية في مسارها الجديد

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

العلاقات المصرية التركية في مسارها الجديد

يمثل التقارب المصري التركي الأخير تأكيدا جديدا على أن كثيرا من دول العالم أصبحت تقتنع أكثر فأكثر بأن الأزمات السياسية والاقتصادية العميقة التي تعانيها -خصوصا تلك التي أعقبت الحرب في أوكرانيا- من الصعب جدا الوصول إلى تسوية مريحة لها، ما لم يسبق ذلك اتخاذ قرارات سياسية واقتصادية إستراتيجية كانت إلى وقت قريب تبدو غير ممكنة ومن الصعب القبول بها.

في هذا السياق، يمكن فهم التطورات الأخيرة في العلاقات المصرية التركية، فبعد قرابة 12 سنة من التوتر والقطيعة والتنافر في المواقف والتوجهات حيال الملفات الإقليمية والدولية، يبدو أن الدولتين في طريقهما نحو تجاوز ذلك والدخول في مرحلة جديدة من العلاقات تستجيب للضرورات الاقتصادية والسياسية وحتى الأمنية، التي تفرضها متطلبات البيئة الدولية الحالية بكل ما فيها من براغماتية تتجاوز كل ألوان الخطوط، بما فيها اللون الأحمر المعبر عن اللاممكن والمستحيل، وبطريقة يتم فيها تحقيق أكبر قدر من التفاهمات الممكنة وإعادة ترتيب أولويات الملفات الخلافية وتهميش أو تجاهل ملفات كانت إلى وقت قريب حجر عثرة في طريق تطبيع العلاقات فيما بينهما.

هنا يبرز الملف الليبي بوصفه أحد أهم الملفات التي يتوقع أن تتحول من ملف صراع إلى ملف فيه كثير من الفرص والمصالح السياسية والاقتصادية، وقد يؤدي التفاهم والتنسيق حوله إلى نقلة كبرى في شكل وطبيعة العلاقات البينية للبلدين، وستمتد تأثيرات ذلك لتشمل الإقليم كله، بل والمحيط الدولي.

فحجم التدخل الإقليمي والدولي في الملف الليبي يجعل من التقارب المصري التركي حوله مثارا لقلق قوى أخرى قد تسعى -في إطار حماية مصالحها- إلى إعاقة أي خطوات مشتركة تقوم بها البلدان هناك. ويتوقع كثيرون أن تشهد الزيارة المرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا الإعلان رسميا عن هذه السياسة المشتركة في الملف الليبي التي تطوي صفحة كل خلاف سابق.

هناك زوايا فهم كثيرة قد تفسر بها أي تطورات محتملة في التعاون المصري التركي، فبالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية المتفاقمة التي يمر بها البلدان، خاصة مصر التي هبطت عملتها النقدية إلى مستويات قياسية وتسيطر على اقتصادها معدلات متزايدة وغير مسبوقة من التضخم، فإن التطورات الأخيرة على الساحة السودانية وما ترتب عليها من دخول البلاد في صراع مسلح دامٍ منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي ولا تبدو في الأفق المنظور فرصة لانتهائه سلميا أو عسكريا؛ هذا الصراع خلق حالة مشابهة للحالة الليبية في الخاصرة الجنوبية للدولة المصرية، الفاعل الرئيس فيها قوى إقليمية نافذة.

يبدو أن ما تمر به مصر من ظروف اقتصادية خانقة والإرهاق الذي تعانيه دبلوماسيتها في إدارة الملفين الليبي والفلسطيني قد جعلاها مضطرة إلى إعادة صياغة خارطة تحالفاتها الإقليمية والدولية وفق رؤى جديدة تفسح الطريق أمام بناء علاقات مع تركيا تتجاوز الأزمات القائمة وتراجع شبكة التحالفات مع قوى إقليمية أخرى، لا سيما أن تقارير ذات مصداقية قد أظهرت أن تلك القوى الإقليمية تنتهج سياسات ظاهرها التعاون والتنسيق مع مصر، لكنها لا تتحرج -سرا- أن تأخذ مواقف تتعارض بشكل واضح مع المصالح العليا للأمن القومي المصري في ليبيا وإثيوبيا والسودان وفي منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

ربما لا تسمح كثافة الغيوم وغابة الخطوط الاستخباراتية المتشابكة في ليبيا بقراءة رصينة وواقعية لحقائق الوضع في ليبيا، وما قد تسمح به من فرص مشتركة للتعاون المصري التركي، ولكنها على الأقل أمدت صانع القرار -المصري تحديدا- بخبرة كافية تتيح بلورة سياسة أكثر نجاعة مع الأزمة السودانية التي تشبه إلى حد كبير نظيرتها في ليبيا من حيث سياقها العام وحجم التدخل الإقليمي والدولي.

معطى آخر يجب أن ننتبه إليه عند الحديث عن العلاقات المصرية التركية هو أن البلدين أصبحا يدركان أن الوضع الإقليمي والدولي أصبح أكثر براغماتية. فمع مرور العالم بأزمة اقتصادية وتداعيات ما بعد جائحة كورونا وتعقيدات الحرب الروسية الأوكرانية، يصبح من الضروري تجاوز العقبات السابقة والسعي نحو تفاهمات مشتركة اقتصادية وسياسية وأمنية.

والتطورات الحالية في العلاقات السعودية الإيرانية المبنية على أساس قراءة جديدة للواقع المعقد تساعدنا في توقع أن تكون العلاقات المصرية التركية تتجه نحو مرحلة جديدة عنوانها تصفير المشكلات التي شابت علاقاتها مع دول الجوار الإقليمي المهمة.

وأسهم الفوز الأخير للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالانتخابات الرئاسية، وما أعقبه من مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ليكون أول مهنئيه، في مزيد من تهيئة الأجواء لدخول المرحلة الجديدة، وسيكون التتويج العملي لهذه المرحلة في الزيارة المرتقبة للرئيس المصري إلى تركيا، والتي كانت مقررة في الأصل يوم 27 يوليو/تموز الماضي ثم تأجلت لموعد لم يحدد بعد في أغسطس/آب أو سبتمبر/أيلول 2023.

ستثبت الأسابيع القادمة إذا ما كانت "البراغماتية" ستحدد المسار المستقبلي للعلاقات المصرية التركية أو أن القوى الإقليمية النافذة التي تخشى تداعيات هذا التقارب ستنجح في إفشاله أو إعاقته.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المصری الترکی فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس فلسطين يشكر القيادة المصرية والشعب المصري على موقفهم الداعم للشعب الفلسطيني

توجه نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ونائب رئيس دولة فلسطين، حسين الشيخ بالشكر والتقدير للقيادة المصرية والشعب المصري على موقفهم التاريخي الداعم للشعب الفلسطيني في محنته منذ بدء العدوان وللجهود التي بذلتها مصر للتخفيف عن معاناة الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة في إنهاء الاحتلال.

جاء ذلك خلال اللقاء الذى عقده السفير إيهاب سليمان، سفير مصر في رام الله، مع حسين الشيخ، حيث قدم له السفير التهنئة على قرار تعيينه بمنصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ونائب رئيس دولة فلسطين، متمنياً له التوفيق والسداد في منصبه الجديد في ظل المرحلة التاريخية التي تمر بها القضية الفلسطينية.

وأكد السفير المصري، دقة المرحلة الحالية التي يتولى فيها مسؤولية المنصب، مشيداً بجهود السلطة الوطنية الفلسطينية في الإصلاحات المختلفة خلال الفترة الأخيرة والتي سبق وأن أعلن عنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن» خلال القمة العربية غير العادية الأخيرة في القاهرة.

كما أكد سليمان، استمرار دعم مصر الكامل للسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني خلال المرحلة الحرجة الراهنة، ومواصلة جهودها الحثيثة لاستئناف وقف اطلاق النار في قطاع غزة ونفاذ المساعدات الإنسانية للبدء في عملية التعافي المبكر وإعادة الإعمار وفقاً للخطة العربية - الإسلامية، مشدداً على رفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية من خلال تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.

اقرأ أيضاًأبو الغيط يرحب بتعيين حسين الشيخ نائبا لرئيس فلسطين

مصر ترحب باختيار حسين الشيخ نائبا لرئيس دولة فلسطين

«نائب رئيس حزب المؤتمر»: الرؤية الفلسطينية خطوة مهمة لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني

مقالات مشابهة

  • ما تداعيات حزمة المراسيم التي اتخذها الرئاسي الليبي.. وما مصير البرلمان والأعلى؟
  • وزير الخارجية يشيد بالعلاقات المصرية - القبرصية المتميزة
  • مدبولي: الحكومة تضع 3 سيناريوهات للاقتصاد المصري وتستهدف زيادة الاستثمارات الكويتية
  • رئيس الوزراء: اجتماع للجنة ضبط الأسعار وتوقعات إيجابية للاقتصاد المصري
  • مدبولي: انخفاض البطالة إلى 6.5% وتوقعات إيجابية للاقتصاد المصري وسط نشاط دبلوماسي مكثف
  • 3 ملفات مهمة على طاولة القمة المصرية الأنجولية بالقاهرة
  • نائب رئيس فلسطين يشكر القيادة المصرية والشعب المصري على موقفهم الداعم للشعب الفلسطيني
  • السفير عماد عدوي : العلاقات السودانية المصرية تعيش أفضل فتراتها
  • قيادي بحزب المؤتمر: العلاقات المصرية السودانية ركيزة لاستقرار المنطقة
  • بالتعاون مع بنك الدم بالزقازيق.. الاتحاد المصري لطلاب صيدلة الجامعة المصرية الروسية ينظم حملة للتبرع بالدم