الجزيرة:
2025-03-12@14:36:40 GMT

العلاقات المصرية التركية في مسارها الجديد

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

العلاقات المصرية التركية في مسارها الجديد

يمثل التقارب المصري التركي الأخير تأكيدا جديدا على أن كثيرا من دول العالم أصبحت تقتنع أكثر فأكثر بأن الأزمات السياسية والاقتصادية العميقة التي تعانيها -خصوصا تلك التي أعقبت الحرب في أوكرانيا- من الصعب جدا الوصول إلى تسوية مريحة لها، ما لم يسبق ذلك اتخاذ قرارات سياسية واقتصادية إستراتيجية كانت إلى وقت قريب تبدو غير ممكنة ومن الصعب القبول بها.

في هذا السياق، يمكن فهم التطورات الأخيرة في العلاقات المصرية التركية، فبعد قرابة 12 سنة من التوتر والقطيعة والتنافر في المواقف والتوجهات حيال الملفات الإقليمية والدولية، يبدو أن الدولتين في طريقهما نحو تجاوز ذلك والدخول في مرحلة جديدة من العلاقات تستجيب للضرورات الاقتصادية والسياسية وحتى الأمنية، التي تفرضها متطلبات البيئة الدولية الحالية بكل ما فيها من براغماتية تتجاوز كل ألوان الخطوط، بما فيها اللون الأحمر المعبر عن اللاممكن والمستحيل، وبطريقة يتم فيها تحقيق أكبر قدر من التفاهمات الممكنة وإعادة ترتيب أولويات الملفات الخلافية وتهميش أو تجاهل ملفات كانت إلى وقت قريب حجر عثرة في طريق تطبيع العلاقات فيما بينهما.

هنا يبرز الملف الليبي بوصفه أحد أهم الملفات التي يتوقع أن تتحول من ملف صراع إلى ملف فيه كثير من الفرص والمصالح السياسية والاقتصادية، وقد يؤدي التفاهم والتنسيق حوله إلى نقلة كبرى في شكل وطبيعة العلاقات البينية للبلدين، وستمتد تأثيرات ذلك لتشمل الإقليم كله، بل والمحيط الدولي.

فحجم التدخل الإقليمي والدولي في الملف الليبي يجعل من التقارب المصري التركي حوله مثارا لقلق قوى أخرى قد تسعى -في إطار حماية مصالحها- إلى إعاقة أي خطوات مشتركة تقوم بها البلدان هناك. ويتوقع كثيرون أن تشهد الزيارة المرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا الإعلان رسميا عن هذه السياسة المشتركة في الملف الليبي التي تطوي صفحة كل خلاف سابق.

هناك زوايا فهم كثيرة قد تفسر بها أي تطورات محتملة في التعاون المصري التركي، فبالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية المتفاقمة التي يمر بها البلدان، خاصة مصر التي هبطت عملتها النقدية إلى مستويات قياسية وتسيطر على اقتصادها معدلات متزايدة وغير مسبوقة من التضخم، فإن التطورات الأخيرة على الساحة السودانية وما ترتب عليها من دخول البلاد في صراع مسلح دامٍ منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي ولا تبدو في الأفق المنظور فرصة لانتهائه سلميا أو عسكريا؛ هذا الصراع خلق حالة مشابهة للحالة الليبية في الخاصرة الجنوبية للدولة المصرية، الفاعل الرئيس فيها قوى إقليمية نافذة.

يبدو أن ما تمر به مصر من ظروف اقتصادية خانقة والإرهاق الذي تعانيه دبلوماسيتها في إدارة الملفين الليبي والفلسطيني قد جعلاها مضطرة إلى إعادة صياغة خارطة تحالفاتها الإقليمية والدولية وفق رؤى جديدة تفسح الطريق أمام بناء علاقات مع تركيا تتجاوز الأزمات القائمة وتراجع شبكة التحالفات مع قوى إقليمية أخرى، لا سيما أن تقارير ذات مصداقية قد أظهرت أن تلك القوى الإقليمية تنتهج سياسات ظاهرها التعاون والتنسيق مع مصر، لكنها لا تتحرج -سرا- أن تأخذ مواقف تتعارض بشكل واضح مع المصالح العليا للأمن القومي المصري في ليبيا وإثيوبيا والسودان وفي منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

ربما لا تسمح كثافة الغيوم وغابة الخطوط الاستخباراتية المتشابكة في ليبيا بقراءة رصينة وواقعية لحقائق الوضع في ليبيا، وما قد تسمح به من فرص مشتركة للتعاون المصري التركي، ولكنها على الأقل أمدت صانع القرار -المصري تحديدا- بخبرة كافية تتيح بلورة سياسة أكثر نجاعة مع الأزمة السودانية التي تشبه إلى حد كبير نظيرتها في ليبيا من حيث سياقها العام وحجم التدخل الإقليمي والدولي.

معطى آخر يجب أن ننتبه إليه عند الحديث عن العلاقات المصرية التركية هو أن البلدين أصبحا يدركان أن الوضع الإقليمي والدولي أصبح أكثر براغماتية. فمع مرور العالم بأزمة اقتصادية وتداعيات ما بعد جائحة كورونا وتعقيدات الحرب الروسية الأوكرانية، يصبح من الضروري تجاوز العقبات السابقة والسعي نحو تفاهمات مشتركة اقتصادية وسياسية وأمنية.

والتطورات الحالية في العلاقات السعودية الإيرانية المبنية على أساس قراءة جديدة للواقع المعقد تساعدنا في توقع أن تكون العلاقات المصرية التركية تتجه نحو مرحلة جديدة عنوانها تصفير المشكلات التي شابت علاقاتها مع دول الجوار الإقليمي المهمة.

وأسهم الفوز الأخير للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالانتخابات الرئاسية، وما أعقبه من مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ليكون أول مهنئيه، في مزيد من تهيئة الأجواء لدخول المرحلة الجديدة، وسيكون التتويج العملي لهذه المرحلة في الزيارة المرتقبة للرئيس المصري إلى تركيا، والتي كانت مقررة في الأصل يوم 27 يوليو/تموز الماضي ثم تأجلت لموعد لم يحدد بعد في أغسطس/آب أو سبتمبر/أيلول 2023.

ستثبت الأسابيع القادمة إذا ما كانت "البراغماتية" ستحدد المسار المستقبلي للعلاقات المصرية التركية أو أن القوى الإقليمية النافذة التي تخشى تداعيات هذا التقارب ستنجح في إفشاله أو إعاقته.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المصری الترکی فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

الانتخابات في مسارها.. لا رياح العقوبات تعرقلها ولا حسابات السياسة تؤجلها

بغداد اليوم - بغداد

أكد المحلل السياسي نبيل العزاوي، اليوم الأحد (9 آذار 2025)، أن العقوبات الأمريكية المحتملة على العراق لن تؤثر على موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وأوضح العزاوي، في حديث لـ”بغداد اليوم”، أن "هناك إجماعا سياسيا وشعبيا على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري دون تأجيل"، مشيرا إلى أن "الحكومة، إلى جانب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، تدعم هذا التوجه".

وأضاف، أن "العقوبات الأمريكية، سواء فُرضت على العراق أو على شخصيات سياسية، لن تكون سببا مباشرا لتأجيل الانتخابات". لكنه لم يستبعد أن تحاول بعض الأطراف السياسية استغلال الموقف للضغط باتجاه التأجيل، خشية فقدان نفوذها بعد الانتخابات.

ويشهد العراق حراكا سياسيا مكثفا استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة، في ظل تحديات داخلية وخارجية.

وتأتي العقوبات الأمريكية المحتملة ضمن سياق التوترات بين بغداد وواشنطن التي فرضت سابقا إجراءات تقييدية على شخصيات ومؤسسات عراقية بسبب قضايا تتعلق بالفساد أو النفوذ الإقليمي.

ورغم هذه التحديات، فإن هناك توافقا سياسيا على ضرورة الالتزام بموعد الانتخابات، خاصة مع الدعم الحكومي والدولي لهذا المسار.

في المقابل، تبرز مخاوف من أن بعض القوى السياسية قد تسعى لاستغلال أي تصعيد خارجي كمبرر لتأجيل الانتخابات، حفاظا على نفوذها الحالي.

مقالات مشابهة

  • مجلس النواب المصري: دعوات الإضراب تهديد للأمن القومي.. ماذا يحتوي قانون العمل الجديد؟
  • وزير الخارجية المصري لـ«تيته»: سنواصل جهودنا في تعزيز مسار الحل «الليبي/الليبي»
  • تنمية الريف المصري الجديد تطلق مبادرة مزرعتك في مصر.. لتعزيز استثمار ومشاركة المصريين بالخارج.. ونواب: نأمل أن تعطينا مردودا سريعا على قطاع الزراعة
  • بالصورة.. في حوار مع إحدى الصحف المصرية.. الممثلة السودانية المتألقة إسلام مبارك تكشف عن النجمة المصرية التي حببتها في التمثيل
  • مجلس النواب المصري يقر اتفاقية لحماية الاستثمارات السعودية
  • السفير الأمريكي الجديد يطلع ترامب حول رؤيته لمستقبل العلاقات بين الرباط وواشنطن
  • "النواب" يوافق على الباب الثالث بقانون العمل الجديد لتنظيم العلاقات الجماعية وللحوار
  • مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام لـ سانا: ننفي الشائعات التي تنشرها وسائل إعلام إيرانية حول هروب أبناء الطائفة العلوية في دمشق إلى السويداء، ونؤكد أن الخبر ضمن سياق الحرب الإعلامية التي تستهدف سوريا الجديدة ووحدتها
  • رئيس اقتصادية النواب: العلاقات المصرية السعودية تنطلق من أسس أخوية راسخة
  • الانتخابات في مسارها.. لا رياح العقوبات تعرقلها ولا حسابات السياسة تؤجلها