الجزيرة:
2024-07-06@18:04:38 GMT

العلاقات المصرية التركية في مسارها الجديد

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

العلاقات المصرية التركية في مسارها الجديد

يمثل التقارب المصري التركي الأخير تأكيدا جديدا على أن كثيرا من دول العالم أصبحت تقتنع أكثر فأكثر بأن الأزمات السياسية والاقتصادية العميقة التي تعانيها -خصوصا تلك التي أعقبت الحرب في أوكرانيا- من الصعب جدا الوصول إلى تسوية مريحة لها، ما لم يسبق ذلك اتخاذ قرارات سياسية واقتصادية إستراتيجية كانت إلى وقت قريب تبدو غير ممكنة ومن الصعب القبول بها.

في هذا السياق، يمكن فهم التطورات الأخيرة في العلاقات المصرية التركية، فبعد قرابة 12 سنة من التوتر والقطيعة والتنافر في المواقف والتوجهات حيال الملفات الإقليمية والدولية، يبدو أن الدولتين في طريقهما نحو تجاوز ذلك والدخول في مرحلة جديدة من العلاقات تستجيب للضرورات الاقتصادية والسياسية وحتى الأمنية، التي تفرضها متطلبات البيئة الدولية الحالية بكل ما فيها من براغماتية تتجاوز كل ألوان الخطوط، بما فيها اللون الأحمر المعبر عن اللاممكن والمستحيل، وبطريقة يتم فيها تحقيق أكبر قدر من التفاهمات الممكنة وإعادة ترتيب أولويات الملفات الخلافية وتهميش أو تجاهل ملفات كانت إلى وقت قريب حجر عثرة في طريق تطبيع العلاقات فيما بينهما.

هنا يبرز الملف الليبي بوصفه أحد أهم الملفات التي يتوقع أن تتحول من ملف صراع إلى ملف فيه كثير من الفرص والمصالح السياسية والاقتصادية، وقد يؤدي التفاهم والتنسيق حوله إلى نقلة كبرى في شكل وطبيعة العلاقات البينية للبلدين، وستمتد تأثيرات ذلك لتشمل الإقليم كله، بل والمحيط الدولي.

فحجم التدخل الإقليمي والدولي في الملف الليبي يجعل من التقارب المصري التركي حوله مثارا لقلق قوى أخرى قد تسعى -في إطار حماية مصالحها- إلى إعاقة أي خطوات مشتركة تقوم بها البلدان هناك. ويتوقع كثيرون أن تشهد الزيارة المرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا الإعلان رسميا عن هذه السياسة المشتركة في الملف الليبي التي تطوي صفحة كل خلاف سابق.

هناك زوايا فهم كثيرة قد تفسر بها أي تطورات محتملة في التعاون المصري التركي، فبالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية المتفاقمة التي يمر بها البلدان، خاصة مصر التي هبطت عملتها النقدية إلى مستويات قياسية وتسيطر على اقتصادها معدلات متزايدة وغير مسبوقة من التضخم، فإن التطورات الأخيرة على الساحة السودانية وما ترتب عليها من دخول البلاد في صراع مسلح دامٍ منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي ولا تبدو في الأفق المنظور فرصة لانتهائه سلميا أو عسكريا؛ هذا الصراع خلق حالة مشابهة للحالة الليبية في الخاصرة الجنوبية للدولة المصرية، الفاعل الرئيس فيها قوى إقليمية نافذة.

يبدو أن ما تمر به مصر من ظروف اقتصادية خانقة والإرهاق الذي تعانيه دبلوماسيتها في إدارة الملفين الليبي والفلسطيني قد جعلاها مضطرة إلى إعادة صياغة خارطة تحالفاتها الإقليمية والدولية وفق رؤى جديدة تفسح الطريق أمام بناء علاقات مع تركيا تتجاوز الأزمات القائمة وتراجع شبكة التحالفات مع قوى إقليمية أخرى، لا سيما أن تقارير ذات مصداقية قد أظهرت أن تلك القوى الإقليمية تنتهج سياسات ظاهرها التعاون والتنسيق مع مصر، لكنها لا تتحرج -سرا- أن تأخذ مواقف تتعارض بشكل واضح مع المصالح العليا للأمن القومي المصري في ليبيا وإثيوبيا والسودان وفي منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

ربما لا تسمح كثافة الغيوم وغابة الخطوط الاستخباراتية المتشابكة في ليبيا بقراءة رصينة وواقعية لحقائق الوضع في ليبيا، وما قد تسمح به من فرص مشتركة للتعاون المصري التركي، ولكنها على الأقل أمدت صانع القرار -المصري تحديدا- بخبرة كافية تتيح بلورة سياسة أكثر نجاعة مع الأزمة السودانية التي تشبه إلى حد كبير نظيرتها في ليبيا من حيث سياقها العام وحجم التدخل الإقليمي والدولي.

معطى آخر يجب أن ننتبه إليه عند الحديث عن العلاقات المصرية التركية هو أن البلدين أصبحا يدركان أن الوضع الإقليمي والدولي أصبح أكثر براغماتية. فمع مرور العالم بأزمة اقتصادية وتداعيات ما بعد جائحة كورونا وتعقيدات الحرب الروسية الأوكرانية، يصبح من الضروري تجاوز العقبات السابقة والسعي نحو تفاهمات مشتركة اقتصادية وسياسية وأمنية.

والتطورات الحالية في العلاقات السعودية الإيرانية المبنية على أساس قراءة جديدة للواقع المعقد تساعدنا في توقع أن تكون العلاقات المصرية التركية تتجه نحو مرحلة جديدة عنوانها تصفير المشكلات التي شابت علاقاتها مع دول الجوار الإقليمي المهمة.

وأسهم الفوز الأخير للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالانتخابات الرئاسية، وما أعقبه من مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ليكون أول مهنئيه، في مزيد من تهيئة الأجواء لدخول المرحلة الجديدة، وسيكون التتويج العملي لهذه المرحلة في الزيارة المرتقبة للرئيس المصري إلى تركيا، والتي كانت مقررة في الأصل يوم 27 يوليو/تموز الماضي ثم تأجلت لموعد لم يحدد بعد في أغسطس/آب أو سبتمبر/أيلول 2023.

ستثبت الأسابيع القادمة إذا ما كانت "البراغماتية" ستحدد المسار المستقبلي للعلاقات المصرية التركية أو أن القوى الإقليمية النافذة التي تخشى تداعيات هذا التقارب ستنجح في إفشاله أو إعاقته.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المصری الترکی فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

هل سيشهد العراق نزوحاً جديداً؟

السومرية نيوز – محليات
بعد اعلان وزارة الهجرة والمهجرين نيتها غلق ملف عودة النازحين وانهاء وجود المخيمات، فأن موجة نزوح جديدة سيشهدها العراق مع استمرار زحف القصف التركي في شمال البلاد. وأجبر قصف الجيش التركي لمواقع حزب العمال الكردستاني سكان منطقة سيدكان باقليم كردستان، وخاصة المزارعين ومربي الماشية، على الانتقال إلى مراعي أكثر أماناً، الا انهم يصرون على العودة لإنقاذ سبل عيشهم.   وتوجه العشرات من المزارعين ومربي الماشية إلى مكتب مدير ناحية سيدكان في أربيل، وأكدوا العزم على عدم التخلي عن وظائفهم على الرغم من الخطر المستمر من الضربات الجوية والطائرات بدون طيار والمدفعية، وطلبوا الإذن بمواصلة العمل.   وأعربوا عن قلقهم إزاء ارتفاع درجة الحرارة في الأراضي المنخفضة وطلبوا الإذن بالعودة إلى المرتفعات الأكثر برودة، وهي بيئة أكثر ملاءمة للزراعة والرعي.   وتم إصدار تصاريح لدخول مرتفعات المنطقة لـ 1403 أسر من مربي الماشية والمزارعين والنحالين.   ويمكن سماع القصف التركي لمواقع حزب العمال الكردستاني يومياً في المرتفعات.   ويتزايد التوتر في هذه المناطق مع استمرار الجيش التركي في توغله في إقليم كردستان.   وذكر رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية كريم عليوي المحمداوي لـ السومرية نيوز، ان "هناك تدخل تركي سافر في شمال العراق"، مبينا ان "هذا التدخل غير مرضي بالنسبة للشعب العراقي والحكومة العراقية".   وأضاف "صحيح ان هناك اتفاقات حددت مع الجانب التركي بتدخل قليل داخل الاراضي العراقية، وهناك معارضة كردية للحكومة التركية، وهذا ما تم الاتفاق عليه من خلال الحكومة العراقية والحكومة التركية، لكن ما نراه اليوم تدخل سافر في شمال العراق".   واكد ان "هناك احتلال اجزاء ليست قليلة من محافظة دهوك وهذا يشكل حالة خطيرة"، لافتا الى ان "لجنة الامن والدفاع ترفض هذا التدخل التركي".   وشدد "على وزارة الخارجية دعوة السفير التركي وتسليمه رسالة احتجاج الى الحكومة التركية تتضمن عدم رضا الشعب العراقي على هذه الإجراءات"، لافتا الى "اننا نشكل اعتراضنا الكبير على هذا التدخل، ونرى ان هناك سيطرات من الجانب التركي داخل الاراضي العراقية لتفتيش المواطنين وهذا مرفوض جملة وتفصيلا".   وبين ان "على الحكومة العراقية ان تضع حدا لهذه الخروقات التي تحدث في شمال العراق".
كما اكد السياسي الكردي احمد حمه جعفر في تصريح تابعته السومرية نيوز، ان "7 قرى وقصبات ضمن محاور محيط دهوك شهدت في الايام 4 الماضية نزوح عشرات الاسر بسبب؛ تصاعد وتيرة القصف الجوي والمدفعي والمسيرات التركية".   واضاف ان "سيناريو الاجتياح الشامل لمناطق واسعة من محيط دهوك تلوح بالأفق"، مؤكدا ان "سلطات اقليم كردستان تتكتم على الاعداد الحقيقية لعدد الاسر النازحة ".   واشار الى ان "القوات التركية الان تتجول بارتال عسكرية في عدة مناطق وقصبات من محافظة دهوك"، داعيا "الحكومة المركزية في بغداد الى ان يكون لها موقف واضح تجاه الخروقات التركية".   وتشتهر مرتفعات سيدكان بمراعيها الخصبة، ولكن بسبب القتال المستمر وعدم الاستقرار بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، لم يتمكن مربو الماشية والمزارعون ومربو النحل من الوصول إليها لمدة عامين.

مقالات مشابهة

  • شكشك وسفير تركيا يبحثان التعاون المشترك
  • “شكشك” يبحث مع السفير التركي عددًا من ملفات التعاون المشتركة
  • الرئيس التركي: زيارة بوتين المحتملة إلى أنقرة قد تفتح فصلًا جديدًا في العلاقات التركية-السورية
  • هل سيشهد العراق نزوحاً جديداً؟
  • داود أوغلو منتقدا أردوغان بشأن سوريا: ليست لقاء عائليا بل حربا قتلت مليون شخص
  • أردوغان يدعم لاعبا تركيا أمام اتحاد كرة القدم الأوروبي
  • أول اتصال بين وزير الخارجية السعودي ونظيره المصري الجديد.. وأبو الغيط ووزراء خارجية عرب يهنئون بدر عبدالعاطي
  • دلالات زيارة الدبيبة إلى مصر بعد قطيعة استمرت 3 سنوات.. هل يلتقي السيسي؟
  • دلالات زيارة الدبيبة إلى مصر بعد قطيعة دامت ٣ سنوات.. هل يلتقي السيسي؟
  • دبلوماسي أوروبي: علاقتنا مع الكويت عميقة وتشمل ملفات وموضوعات تمتد إلى الأمن الإقليمي