بطريرك الكلدان : الوحدة ليست ذوبان الكنائس في كنيسة واحدة
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الكاردينال لويس روفائيل ساكو - بطريرك الكلدان حول العالم انه كما في كل عام، يحل في مطلع السنة أسبوع الصلاة (18 إلى 25 يناير الثاني) من أجل الوحدة المسيحية المسكونية، باعتقاد أنها غير موجودة، لذا ينبغي الصلاة من أجل تحقيقها. هذه جملة أفكار نتعمّق بها في كل ما يوحّدنا مع المزيد من الحاجة الملحَّة إلى التعاون المشترك.
أفكار غير دقيقة عن الوحدة
الوحدة ليست ذوبان الكنائس في كنيسة واحدة، وإدارة واحدة كما يتوهّم البعض. من غير المعقول أن تصبح الكنائس المختلفة نَسَقًا واحدًا، منصهرة الواحدة في الأخرى، ذلك أن لكلّ كنيسة تاريخها وهويتها وقدّيسوها وشهداؤها، وتقاليدها وطقوسها وقوانينها ولغتها والكاريزما الخاص بها. كما أن لكلّ كنيسة رئيسها الذي يضمن وحدتها وحيويتها، وسينودسها لاتخاذ القرارات الكبرى.
أعتقد ينبغي إحترام هذا الواقع الكنسي التاريخي والمحافظة عليه. وبدل الحديث عن الاختلافات، تجدر الاشارة بالأحرى إلى التنوع، الذي ليس خلافاً، بل هو غنى مطلوب. إنّ التفكير بوحدة "انصهار" هو حلم، لا أتصور أنه سيحصل، فعقلية الاقتناص انتهت بفضل وعيّ الكنائس بهويَّتها وانفتاحها؛ إنما يجدر أن نحلم بأن يتَّحد فرعًا الكنيسة الواحدة بحوار شجاع ورؤية واضحة يُجمِع عليها الطرفان.
الوحدة موجودة في الجوهر
الوحدة في الإيمان: الكنيسة الكاثوليكيّة وكل الكنائس الأرثوذكسيّة تعلن في صلاتها نفس قانون الإيمان (نؤمن باله واحد )، قانون مجمع نيقية (سنة 325) وقسطنطينية الأول (381). وهذا العام نحتقل بـالذكرى 1700 لانعقاد مجمع نيقية.
الوحدة المؤسِّسِة موجودة أيضًا بكونها تقوم على التواتر الرسولي، أي مؤسّسها أحد الرسل: روما، القدس، انطاكيا، اسكندرية، القسطنطينية، كنيسة المشرق. هذه الوحدة تقوم على الاحتفال بالأسرار السبعة خصوصًا بين الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية. فبحسب وصف البابا القديس يوحنا بولس الثاني: "المسيحية تتنفس برئتين كاثوليكية وارثوذكسية".
أما خارج الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية، في المسيحية، ثمة كنائس انبثقت عن الحركة الإصلاحية قبل قرون، وتحمل في بعضها بذور تجزئتها إلى مئات من المسميات، ولها الفضل في إنبثاق أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين في مطلع القرن العشرين. وكان القسيس الانجيلي بول واتسون – أوّل من بدأ بثمانية أيام من أجل وحدة المسيحيين، احتفل بها لأوّل مرة من 18 إلى 25 يناير 1908. هذا المسار نحو الوحدة المسيحية يعدّ العبور إلى الضفة، كما وصفه البابا بندكتوس.
الاعتراف المتبادل حيث اعترفت الكنائس الرسوليّة الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة قد اعترفت رسميًّا ببعضها البعض. ومن المُلفت بارتياح أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة أقدمت على إدراج الشهداء المصريون الأقباط الواحد والعشرين، الذين ذبحوا في ليبيا عام 2015 في تقويمها الليتورجي، وكذلك أدرجت القديس اسحق النينوى (القرن السابع) أحد روحانيي كنيسة المشرق العِظام.
الوحدة المطلوبة هي في العمل المشترك
إنّ كنائسنا الرسوليّة مدعوة إلى استعادة الثقة والشجاعة، لاكتشاف كل يوم آفاق العمل المسكوني المشترك، لا سيما في ظروفنا الصعبة. إنّ هذا التعاون هو تعبير عمليّ للوحدة. إنّه يوطّد العلاقات ويخلق التقارب. الثقة تحتاج الى أفعال.
ومن أشكال التعاون: تشكيل لجان مشتركة للبحث العلمي في الكتاب المقدس واللاهوت والليتورجيا، وكتب التعليم المسيحي واصدارها بلغة معاصرة مفهومة الخ؛ تنظيم لقاءات صلاة مشتركة وندوات حول مواضيع تهم الجميع؛ تبادل الخبرات الروحية وتنشئة الاكليروس وإعداد جيل جديد مؤمن بالعمل الجماعي؛ توحيد الموقف والخطاب خصوصًا في عالم مشوَّش غير مبالٍ بالاخلاق.
على الكنائس المختلفة أن تسعى بقوة للدفاع عن: العدالة والمساواة، والمواطنة الشاملة، وتحقيق السلام والاستقرار، والتنديد بالظلم والفساد والفقر والجهل والمرض، وصناعة الأسلحة لخلق الحروب، وتفكيك خطاب التطرف والكراهية، المحافظة على نظافة البيئة لتجنُّب الكوارث المحدقة بكوكبنا. هذا التعاون ترسيخ للتماسك الاجتماعي والسلم الأهلي...
أليس هذا برنامج رسالة المسيح الذي اعلنه في مجمع الناصرة؟: "روح الرّبّ عليّ، لأنه مسحني لابشِّر المساكين، وأرسلني لأشفيّ المنكسريّ القلوب، وأنادي للمسبيين بالافراج، وللعميان بالبصر، وبتخلية المأسورين، وأعلن سنة رضا (يوبيل) عند الرّبّ" (لوقا 4/ 18). إنّه برنامج العهد الجديد الذي يتعيّن على الكنيسة والمسيحيين تطبيقه في واقعهم، ليخففوا عن الظلم والفقر والمرض والمطالبة باحترام حرية الناس وكرامتهم.
شاهدنا بفرح هذه الوحدة في الكنائس في سوريا، إثر مخاوف الناس وقلقهم بعد مجيء الإدارة الجديدة، فراحت تطالب بنظام مدني قائم على المواطنة الشاملة يضمن حقوق المواطنين ويحترام دياناتهم وحريتهم وكرامتهم.
هكذا تكون الكنائس شاهدة لهذه الوحدة وهذا الرجاء!
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أقباط الأقصر من أجل
إقرأ أيضاً:
دراسة: كمية المياه التي تفقدها الأنهار الجليدية تعادل ما يستهلكه سكان العالم في 3 عقود
كشفت دراسة علمية حديثة أن الأنهار الجليدية حول العالم تذوب بمعدل أسرع من أي وقت مضى بسبب تغير المناخ، ما يؤدي إلى تداعيات بيئية خطيرة تهدد حياة الملايين من الأشخاص.
منذ عام 2000، فقدت الأنهار الجليدية أكثر من 6,500 مليار طن من الجليد، ما يعادل حوالي 270 مليار طن سنويًا، وهو ما أدى إلى رفع مستوى سطح البحر بمقدار 2 سنتيمتر تقريبًا، وفقًا للدراسة المنشورة في مجلة "Nature".
ويقول المشرف على الدراسة مايكل زمب إن 270 طنا من الجليد يعادل كميات الماء الذي يستهلكه سكان الكرة الأرضية على مدى 30 عاما إذا افترضنا أن كل شخص يستهلك 3 لترات يوميا.
وأشارت الدراسة إلى أن الأنهار الجليدية تذوب بمعدل تسارع أكبر فيالعقد الأخير. ففي الفترة بين عامي 2000 و2011، كانت الأنهار الجليدية تذوب بمعدل 231 مليار طن من الجليد سنويًا.
أما بين عامي 2012 و2023، فقد زادت هذه المعدلات إلى 314 مليار طن سنويًا، مما يمثل زيادة بنسبة تزيد عن ثلث المعدلات السابقة.
في عام 2023، سجلت الأنهار الجليديةأعلى نسبة فقدان للكتلة الجليدية، حيث تم ذوبان حوالي 548 مليار طن. وتشير البيانات إلى أن فقدان الكتلة الجليدية في المناطق الجبلية الأوروبية مثل جبال الألب يعد من الأعلى، حيث فقدت نحو 40% من الجليد الذي يكسوها منذ عام 2000.
كما تعرضت مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط ونيوزيلندا وغرب أمريكا الشمالية لانخفاضات في كمية الجليد تتجاوز 20%.
يساهم الذوبان المستمر للأنهار الجليدية بشكل كبير في ارتفاع مستويات البحار، حيث يؤدي ذلك إلى تهديد المناطق الساحلية حول العالم بالفيضانات.
فقد رفعت المياه الذائبة من الأنهار الجليدية مستويات البحار بمقدار 2 سنتيمتر منذ عام 2000، ما يجعلها ثاني أكبر عامل في ارتفاع مستويات البحر بعد تمدد المياه بسبب حرارة المحيطات.
"كل سنتيمتر من ارتفاع مستوى البحر يعرض ملايين الأشخاص لمخاطر الفيضانات السنوية في مناطق مختلفة من العالم"، كما أشار البروفيسور آندي شيبرد، رئيس قسم الجغرافيا والبيئة في جامعة نورثومبريا بالمملكة المتحدة.
وخلصت الدراسة إلى أنالأنهار الجليدية ستستمر في الذوبان في المستقبل القريب، حتى إذا تم اتخاذ تدابير أكبر للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وذلك بسبب أن الأنهار الجليدية تستجيب ببطءللتغيرات المناخية. وفي ظل هذه الحالة، فإن المستقبل سيشهد استمرار تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المحلية والموارد الطبيعية.
وبينما تتزايد العواقب، تحذر الدراسة من أن مستقبل الأنهار الجليدية يعتمد بشكل كبير على استجابة البشر لتغير المناخ. حيث يُتوقع أن يساهم الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية في إنقاذ جزء كبير من الأنهار الجليدية.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية النرويج: حمامات الجليد الجماعية في بيرغن فوائد صحية جمة ووجهة عشاق السباحة وإحساس استثنائي بالانتعاش هاربين تُدهش العالم بمسابقة النحت على الجليد: لوحات بيضاء ساحرة تخطف الأنفاس كرواتيا: كيف تكسر الجليد في العام الجديد؟ العشرات يسبحون في المياه المتجمدة احتفالا برأس السنة فيضانات - سيولالغازذوبان الجليدنيوزيلندادراسةالمناخ