اللامركزية.. ركيزة للتنمية الشاملة وتحقيق التوازن الاقتصادي بعيدًا عن "تعقيدات البيروقراطية"
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
◄ الفهدي: سرعة اتخاذ القرار لتحقيق التنمية الشاملة لن تتحقق دون اللامركزية
◄ الحارثية: اللامركزية استراتيجية حيوية لتنمية المحافظات وفق "عُمان 2040"
◄ القصابية: اللامركزية تُعزز التنافسية بين المحافظات وتدعم المشاريع الشبابية
الرؤية- مدرين المكتومية
تُعد اللامركزية محورًا رئيسيًا لتعزيز التنمية الشاملة للبلد، وتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي لمُختلف المناطق، وهي ليست مجرد أداة إدارية إنما هي رؤية استراتيجية واضحة، تُسهم بشكل كبير في العمل على تسريع اتخاذ القرارات والعمل على تقليل البيروقراطية، كما تسهم بشكل كبير في الاستثمار والاستفادة من الموارد المحلية المختلفة.
وفي هذا السياق، يقول المكرم الدكتور صالح الفهدي إنَّ مفهوم اللامركزية يرمي إلى تحقيق غايتين هُما سرعة اتخاذ القرار، وفاعلية الحِراك التنموي، واللامركزية هي محورٌ مهمٌ من محاور اهتمام جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- منذ أن تولَّى الحُكم في البلاد في 11 يناير 2020م، وذلك بإصدار نظام المحافظات والشؤون البلدية الذي جاء به المرسوم السلطاني رقم 101/ 2020، وتبعه المرسوم السلطاني رقم 36/ 2022 الرامي إلى إصدار نظام المحافظات وتوسيع الصلاحيات المرتبطة بها وتحديد اختصاصات المحافظات ومواردها المالية وكذلك البلديات التابعة لها.
وأضاف أنه لا شكَّ أن هذا التوجُّه يهدف إلى تحرير الإجراءات المتعلقة باتخاذ القرار من المركزية التي عادةً ما يُصاحبها سلوكٌ بيروقراطي عويصٌ في إجراءاتهِ، يؤخِّرُ التنمية، ويضيِّعُ الفرص السوانح التي لا تنتظرُ وقتًا طويلًا، وهذا ينسجمُ مع طبيعة العصرِ المتَّسمِ بالمتغيرات السريعةِ التي تستوجبُ جذبًا للاستثمار، وفاعليةً في استقطابِ رؤوس الأموال من الخارج، وسرعةً في اتخاذ القرار. وتابع الفهدي أن الدولة على سعةِ مناحيها، وامتداد رقعتها بحاجة إلى استثمار المقومات التي تمتلكها من الناحية الاستثمارية، وبحاجة إلى تنمية المحافظات برتمٍ أسرع من أجلِ تحسينِ وتطوير مناحي الحياة فيها.
وشدد على أنَّ التوجُّه نحو نظام "اللامركزية" في المحافظات خاضعٌ للتقييم المستمر من لدُن جلالة السلطان -أيَّدهُ الله- وذلك عبر الرؤى المرسومة لهذا النظام، وكيفية تعاطي المحافظين والمجالس البلدية معها، بيد أنَّه لا تراجع عن هذا النهج الذي يخدم التنمية في مختلفِ مجالاتها، وقد أثبتت التجربة أنها ماضيةٌ في الطريق الصحيح، مع التطوير الدائم لآلياتها، ومنهجيتها، وطرقها الناجعة التي تحقق لها قدرةً أكبر، وسرعةً أعلى.
استراتيجية حيوية
من جهتها، قالت المهندسة سهام الحارثية الرئيس التنفيذي لشركة سهام للتطوير والاستثمار عضوة مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، إنَّ اللامركزية ليست مجرد أداة تنظيمية أو إدارية؛ بل إنها استراتيجية حيوية لتعزيز التنمية الاقتصادية، خاصة على مستوى المحافظات، بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040". وأضافت الحارثية: "من خلال منح المحافظات صلاحيات أوسع لإدارة شؤونها الاقتصادية والتجارية، يمكننا تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة توفر فرص عمل وتحفز الابتكار والاستثمار المحلي". وأوضحت أن تجارب الدول الأخرى تقدم لنا أمثلة ملهمة، وذكرت على سبيل المثال فرنسا، التي تُعد نموذجًا عالميًا في تطبيق اللامركزية؛ إذ جرى تقسيم الدولة إلى أقاليم تمتلك استقلالية إدارية ومالية واسعة؛ مما مكنها من استغلال مواردها المحلية بفعالية وعلى سبيل المثال، نجح إقليم "ألزاس" في شرق فرنسا في استثمار موقعه الحدودي لتطوير صناعات التكنولوجيا المتقدمة وتعزيز التجارة الدولية. هذا النهج ساعد في توزيع فرص العمل والتنمية بشكل متوازن بين جميع الأقاليم، وتقليل الضغط على العاصمة باريس.
ومضت تقول: "أما في المغرب، فإنَّ تجربة الجهويّة المتقدمة منذ اعتماد دستور 2011 تُظهر كيف يمكن لدولة نامية أن تستفيد من اللامركزية لتعزيز اقتصاد الأقاليم، حيث أصبحت جهة طنجة- تطوان- الحسيمة مركزًا اقتصاديًا بفضل مشروع ميناء طنجة المتوسط، الذي ساهم في جذب استثمارات عالمية وخلق آلاف الوظائف وفي جهة مراكش-آسفي، ركزت السلطات على تنمية السياحة المستدامة، مما زاد من دخل المنطقة وأوجد فرص عمل للشباب المحليين. وقالت: "إذا طبقنا هذا المفهوم في عُمان، فإن لكل محافظة إمكانيات فريدة يمكن استغلالها لتطوير اقتصادها المحلي، فعلى سبيل المثال، محافظة ظفار، يمكن أن تجمع بين السياحة والصناعات المرتبطة بالزراعة والثروة الحيوانية، مما يخلق فرص عمل مباشرة ويعزز الاقتصاد المحلي، ومحافظة شمال الباطنة تمتلك إمكانيات كبيرة في الصناعة والتجارة البحرية، ويمكن أن تصبح مركزًا لتطوير الصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية، ومحافظة الداخلية يمكنها التركيز على قطاعات الزراعة والصناعات الحرفية، مع تطوير مسارات سياحية لتعزيز الاقتصاد المحلي".
وأكدت أن اللامركزية لا تقتصر فقط على تحسين كفاءة إدارة الموارد، بل تُسهم في جذب الاستثمارات وتنشيط ريادة الأعمال وعندما تُمنح المحافظات صلاحيات تقديم حوافز استثمارية خاصة بها، فإن ذلك يُشجع المستثمرين المحليين والدوليين على استكشاف الفرص في كل محافظة بناءً على ميزاتها، مشيرة إلى أن هذا النهج يساعد أيضًا على تقليص الفجوات الاقتصادية بين المحافظات ويُعزز العدالة التنموية، منوهة إلى ضرورة أن نكون واعين بالتحديات المرتبطة بتطبيق اللامركزية، مثل الحاجة إلى بناء قدرات إدارية محلية قوية، وضمان التنسيق بين السلطات المحلية والمركزية، وتوفير تمويل مستدام للمحافظات.
نهوض بالمشاريع
من جانبها، قالت الدكتورة عزة القصابية إن اللامركزية وسيلة من وسائل التقليل من البيروقراطية من خلال تنفيذ الأعمال بسرعة كبيرة وبالتالي تساهم اللامركزية في الكثير من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في أي محافظة من محافظات السلطنة، كما أنها وسيلة بالنهوض بالمشاريع الصغيرة والتي تتبناها فئة الشباب والتي لها دور بارز في تنمية الاقتصاد، وأن دور اللامركزية في تسريع التنمية وإنجاز المعاملات دون الرجوع إلى الجهة المرتبطة بالعاصمة يوسع دائرة المشاريع المنجزة، كما إن دور اللامركزية في إتاحة تنافسية المحافظات ينعكس على الوضع التنموي في البلد.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محمد بن زايد يؤكد دعم الدولة للاختراعات والابتكارات التي تخدم التنمية
استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، بمجلس قصر البحر في أبوظبي - وفد "جمعية المخترعين الإماراتية".
واستمع خلال اللقاء إلى شرح قدمه المهندس أحمد عبد الله مجان رئيس مجلس إدارة الجمعية لعدد من اختراعات أعضاء الجمعية في مجالات متنوعة، بجانب اختراعات مجموعة من الأطفال ومنهم أصحاب الهمم تعود بالنفع على هذه الفئة من المجتمع.
وأكد دعم الدولة للاختراعات والابتكارات النوعية التي تخدم التنمية وتمدها بالأفكار والرؤى الجديدة، فيما عبر وفد جمعية المخترعين عن سعادتهم بلقاء رئيس الدولة، وشكرهم له على تشجيع أبناء الوطن واهتمامه باختراعاتهم وأفكارهم ما يحفزهم على بذل مزيد من الجهد لخدمة الوطن.