لا زالت قصة اصحاب الجنة حاضرة لدى المسلمين الذين يتلونها في القران الكريم حيث سطرها لهم عبر العصور.

وذكر الله تعالى في القرءان الكريم في سورة القلم شيئا من قصة أصحاب الجنة أي البستان الذين لم يؤدوا حق الله تعالى فيه، فحرمهم منه عقابا على نيتهم الخبيثة، فما تفاصيل هذه القصة؟

وقد كانت اليمن مشهورة بكثرة بساتينها وأراضيها الخصبة، وبالقرب من أهم مدنها صنعاء في ناحية اسمها ضوران عاش رجل صالح مع أولاده عيشة طيبة، حيث كان له أرض عظيمة الاتساع، منوعة الزروع، كثيرة الأشجار، وافرة الأثمار، فهنا نخيل، وهناك أعناب، وهنالك بقول، فغدت متعة للناظرين، ونزهة للقاصدين، يأتونها للراحة والتمتع بمنظرها الجميل.

وكان الرجل الصالح مسلما من أتباع سيدنا عيسى المسيح عليه السلام يشكر الله تعالى على ما أنعم عليه وأعطاه، وكان كلما حان وقت حصاد الزروع يدعو البستاني وأعوانه، فيقطعون بالمناجل ما يقطعونه، ويقطفون الثمار، ثم يبعث بطلب جماعات الفقراء على ما عودهم عليه كل عام، فلا يمنعهم من الدخول بل يعطيهم نصيبا وافرا، هذا يملأ أوعيته التي أتي بها، وذالك يحمل في ثيابه.

ثم بعد ذلك ما أخطأه المنجل فلم يقطعه فكان لهم، وكذلك ما سقط من القمح بعد أن يجمع فوق البساط، وما تركه الحاصد، وما تناثر بين أشجار النخيل بعد فرط ثمارها، رزقا حلالا طيبا، وجرى على هذا كل عام.

لم يتحمل بعض أبناء الرجل الصالح رؤية جزء من مال أبيهم موزعا بين الفقراء، وبستانه مفتوحا للمساكين والمحتاجين، وأنهم مثلهم سواء، فقال واحد منهم لوالده:

“إنك بعطائك للفقراء، تمنعنا حقنا، وتضيق علينا في رزقنا”، وقال الابن الآخر: “قد نعود بعدك فقراء نمد الأيدي للناس، نشحذ منهم”، وهم الثالث بالكلام، فأسكته الوالد وأدار عينيه على الجميع وقال: “ما أراكم إلا خاطئين في الوهم والتقدير، هذا المال مال الله مكنني فيه، وأمرني أن أخرج منه حقوقا زكاة للفقراء والمساكين، والمال بهذا الأمر يزيد ويبارك فيه، وعلى هذا تعودت منذ كنت شابا، وقد التزمت به رجلا كهلا، فكيف بي أن أتركه اليوم وأنا شيخ وموتي قريب؟” ولم يمكث الرجل الصالح طويلا، إذ أصيب بمرض وتوفي تاركا أولاده وبستانه الواسع.

ومضت الأيام سريعة، وحان وقت الحصاد، وترقب الفقراء والمساكين حلوله ليأتوا ويأخذوا نصيبهم كما عودهم الرجل الصالح كل عام.

واجتمع الأبناء البخلاء يعدون للحصاد، فقال أحدهم: “لن نعطي بعد اليوم من البستان شيئا لفقير أو محتاج، ولن يعود مأوى لقاصد أو ابن سبيل فإننا إذا فعلنا هذا، زاد مالنا وعلا شأننا”.

وقال أوسطهم وكان كأبيه طيبا يحب عمل الخير: “إنكم تقدمون على أمر تظنونه أوفر لكم، ولكنه يحوي الشر، وسيقضي على بستانكم من جذوره، إنكم لو حرمتم الفقراء ولم تعطوا المساكين والمستحقين زكاة الزرع أخاف عليكم عقاب الله تعالى”.

ولكنهم لم ينصاعوا واتفقوا فيما بينهم سرا أن يقوموا أول الصبح قبل أن يستيقظ الناس فيأتوا إلى بستانهم وبقطفوا ثماره ويحصدوا زرعه وبقتسموه فيما بينهم، فلا يبقى شئ للفقراء.

وكان الله تعالى عالما بما يكيدونه وما اتفقوا عليه، فأرسل سيدنا جبريل عليه السلام ليلا ببلاء شديد، فاقتُلعت نباتاتهم واحترقت شجراتهم، وجفت أوراقهم وأنهارهم، وأصبح بستانهم أسود كالليل.

وطلع عليهم النهار وهم على مشارف بستانهم يتساءلون: أهذا بستاننا، وقد تركناه بالأمس مورقا بأشجاره، وافرا بثماره؟ ما نظن هذا بستاننا وإننا ضالون عنه.

قال أوسطهم: “بل هي جنتكم، حرمتم منها قبل أن يحرم الفقير منها، وجوزيتم على بخلكم وشحكم” فأقبل بعضهم يلوم البعض الآخر، فالأول يقول: “أنت أشرت علينا بمنع المساكين”، ويقول الآخر: “بل أنت زينت لنا حرمانهم”، فيجيبه أحدهم: “أنت خوفتنا الفقر”، ويقول ءاخرهم: “بل أنت الذي رغبتنا بجمع المال” ثم قالوا: “يا ربنا إنا كنا طاغين” أي عصينا ربنا بمنع الزكاه. وأدركهم الله تعالى برحمته عندما أظهروا استعدادهم للتوبة وقالوا: “إن أبدلنا الله خيرا منها سنصنع كما صنع والدنا”، فدعوا الله وتضرعوا وتابوا إليه فأبدلهم من ليلتهم ما هو خير منها، وأمر جبريل عليه السلام أن يقتلع بستانهم المحروق ويجعله في مكان بعيد وأن يأخذ من أرض الشام بستانا عامرا ويجعله مكان الأول، فكانت البركة فيه ظاهرة إذ كان عنقود العنب فيه ضخما جدا، وعادوا إلى ما كان عليه والدهم لا يمنعون فقيرا ولا مسكينا، يطهرون أموالهم وأنفسهم بما يرضي الله عز وجل.

ضروان – صنعاء

(أصحاب الجنة المذكورين في سورة القلم)

إحدى قرى بني مكرم بهمدان في صنعاء

تقع على بعد 20كم شمال غرب صنعاء جوار جبل ضين

تنسب إلى ضروان بن الرحبه بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي يذكرها الهمداني في الأكليل :-

و كذلك يقول بعض العلماء في نار ضروان باليمن ، و يضيف و مخرج النار من آخر ضروان على ما يقول علماء اليمن، و الجنة أقتص الله خبرها

يذكرها الرازي في تاريخ صنعاء :-

قال عبدالرزاق : عن محمد عن معمر قال أخبرني نعيم بن عبدالرحمن أنه سمع سعيد بن جبير يقول قي قوله تعالى

[ فَأَصۡبَحَتۡ كَٱلصَّرِيمِ ﴿٢٠﴾ ] سورة القلم

قال : هي أرض في اليمن يقال لها ضروان.

— و يذكر المؤرخون و المفسرون انها على ستة أميال من صنعاء و كانت أجمل بقاع الله في الأرض و أكثرها نخيلآ و فاكهة وكانت ملجأ للجائعين و المساكين إلا ان اصحابها كفروا بنعمة ربهم و اقسموا أن يدخلوها الصباح و يحصدونها و لا يعطون المساكين شيء فأنزل الله عليها نارآ لاهبة ضربت الأرض فاحرقت الزرع و التراب و الحجر و قد ضلت تتأجج لهبتها قيل لعدة أيام و قيل لعدة اسابيع

و قد ضلت حتى اليوم ارض محترقة سوداء جرداء شوهاء المنظر و تضاريسها تحقي الأقدام و تدميها ظاهرآ عليها أية العذاب بوقوع النيران فيها.

المصدر: الميدان اليمني

كلمات دلالية: القران اليمن موقع الله تعالى

إقرأ أيضاً:

أعر الله جمجمتك

محمد الغفاري

هنالك ثمن يجب أن يدفع مقابل أي شيء ترغب أن تصل إليه، وهذا مبدأ الحياة المختزل في المقولة الشهيرة “كما تحب أن تأخذ يجب أن تعطي”، قال تعالى (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) الحديد11. وهنا الذي طلب السبق في الخير هو الله جل جلاله ولكل شيء ثمن فما ثمن من أعطى الله جمجمته خالصة في سبيله ونصرة لدينه يجب أن يكن ثمنها بلا شك جنة عرضها السموات والأرض، هذا وعد الأخرة، أما ثماره في الدنيا هو تحقيق الرؤى الإيمانية التي سعى لتحقيقها الشهيد وبذل من أجلها روحه الطاهرة والتي يجب أن تكون وفق خطى إيمانية لا تتنافى مع القرآن الكريم والسنة الإلهية.

شهدائنا عظمائنا

كل شهيد بذل روحه الطاهرة، فهو لم يصل إلى مرتبة الشهادة في غمضة عين، بل هنالك مراحل مر بها إلى أن اصطفاه الله تعالى إلى الشهادة وتلك المراحل منها الصعب ومنها الأصعب، فمنهم الذي أصيب ومنهم الذي فقد ساقه أو ذراعه ومنهم من ذاق الويل في سجون المرتزقة والطغاة، ومن تحاصر ومنهم من فقد أحبائه وحاله وماله، وكل شهيد له دوره ورسالته التي من أجلها هيئه الله له في هذه الأرض وعند بلوغ الحب ذروته يصطفيه الله تعالى إلى العليين ليعيش حياة أبدية ويأتيهم رزقهم قال تعالى (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) آل عمران 169.
فهم عظمائنا الذين نستمد منهم القوة والعزيمة خاصة وأننا نجني ثمار صبرهم وعزيمتهم وتضحياتهم ودمائهم وتتجلى لنا كل الحقائق ونلتمس العزة والكرامة التي ارادوها لنا، ويتضح لنا ذلك اليوم من ما يحدث من معجزات في باب المندب والتقدم في الصناعات العسكرية، وأصبح لليمن مكانة عالية في العالم، سياسياً وعسكرياً، واصبح الشعب اليمني رمزاً للصمود والعزة والشرف.

لماذا الشهادة “مدرسة إلهية”
ليس كل من يقتل “شهيد” فهناك من يقاتل من أجل جاه أو سلطه أو منصب أو بندق أو مال، وهنا لا نستطيع الغوص إلى أعماق نواياهم بل تتجسد لنا أفعالهم من أراد الدنيا ومالها هاجر إليها، ومن أراد الحياة قُرب ربه وجواره صغرة الدنيا ومالها أمام عينيه كما قال الشهيد الرئيس صالح الصماد -سلام الله عليه “مسح التراب من على نعال المجاهدين أشرف وأعز من مناصب الدنيا”، وهو في كرسي السلطة يأكل ما يريد ويلبس ما يريد ولكن صغر في عينه كل شيء ومدرسة الشهيد حسن الملصي (أبو حرب) والذي كان يغوص في بلاط السلطة وعندما فتح عينيه وسعى سعي إلهي وجد أن كل شيء يصغر أمام عينه مقابل أن ينتصر الحق؛ تحرك عندما رأى دماء الابرياء تزهق بلا ذنب حركته نخوته كرامته دينه و”أعار الله جمجمته” فأصبح مدرسة في الصمود ودحر العدو، فقال قولته الشهيرة “الآن اقتلعنا عين السعودية ونمضي نقتلع العين الثانية”، وكل شهيد له حكاية ومعاناته أصبحت مدرسة ولو تطرقنا إلى جميع الشهداء لا نستطيع حصرهم أو ذكر نهجهم فهم عطاء “قابله الله بعطاء”.

من نحن بعدهم
نحن مرحله تأتي مكملة لهم أن عشنا وفق نهجم قدم الله لنا عون وغلبه ومحبة في قلوب المؤمنين وإذا نصرنا الحق والمستضعفين أعاننا الله على إزهاق الباطل، خاصة وأننا نعيش في زمن كما قال الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه “إننا نعيش في زمن كشف الحقائق”، وإن ملنا أو تخاذلنا وخونا العهد فنعلم أننا سنجني سخط وغضب إلهي يفقدنا كل تمكين مكاننا الله إياه في الأرض ويعود علينا بعواقب لا يستهان بها، ويجب أن لا ننقض عهد الله من بعد ميثاق ونمض وفق مسيرتهم الجهادية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وفي ذكرى الشهيد وبعيداً عن استلهام قصص الشهداء وتضحياتهم، فإننا نعيش أيام يسقط فيها عدد كبير من الشهداء في غزة ولبنان أمام صمت مخزي دوليا وعربيا، ومع كل شهيد يسقط فإننا نتجرد من ديننا بدون أن نشعر، ولن نستطيع نصرة غزة ولبنان وغيره، إلا إذا رجعنا إلى الله وصلح حالنا مع الله عز وجل وتركنا كل شيء جسده لنا الغرب والصهيونية العالمية، فكل شيء نستقبله ونقلده يأتي منهم يعد بحد ذاته سم قاتل يبعدنا عن الإسلام وقيمه ومبادئه.

فنصرة المستضعفين من الدين، وقول الحق من الدين، والجهاد والانفاق وترك المعاصي والذود عن المحارم ووغيرها من الدين، الذي جسده الله في الاسلام ونحن المسلمين نعتبر كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى، وغزة ولبنان هم جزء من هذا الجسد، ويجب علينا كمسلمين وكشعوب مناصرتهم بعيداً عن البلاط السياسية فالحكومات مات دينها واعتنقت صهيونية العصر.

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للاسلام

مقالات مشابهة

  • أعر الله جمجمتك
  • دمار غير مسبوق بمستوطنات شمال فلسطين.. تشكيك بعودة المستوطنين (شاهد)
  • بورتسودان لا توجد بها منطقة وسطي مابين الجنة والنار (٣) !!
  • اكتشاف فوهة ارتطام نيزك على حافة جبلية شمال الصين
  • شاهد بالفيديو.. الناشط الذي اشتهر بتقليد أفراد الدعم السريع يعود بمقطع ساخر ويكشف ردة فعل “الدعامة” عندما تأتيهم تعليمات بدخول الفاشر ومتابعون: (الله يجازي محنك قطعت مصارينا بالضحك)
  • السفير البغاري في اليمن يحكي عن تعرضه للهجوم في صنعاء ومحاولة اختطافه؟ (ترجمة خاصة)
  • بالصور: شاهد أجواء مدينة غزة الشتوية قبل حرب 7 أكتوبر
  • بالصور.. محافظ الجيزة يعاين موقع سوق اليوم الواحد بشارع الصوامع في إمبابة
  • الإمارات تغيث أطفالاً من «أصحاب الهمم» في شمال غزة
  • اليمن: الصخرة التي كسرَت قرون الشيطان وتستعد لتحطيم طغاة العصر