ماريان جرجس تكتب: أيقونة الإنسانية .. سير مجدي يعقوب
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
تغنى الفلاسفة والنشطاء والحقوقيين بالإنسانية وعن معناها ومرادفتها ، حتي أكدت عليها كل أدياننا السماوية والتي وضعتها في أطر محددة لتضمن التراحم بين الناس ، وتصدق الغني على الفقير، في طقوس محددة وضوابط بعينها طبقا لكل دين ومعتقد .
ولكن الإنسانية في حقيقة الأمر درجات ، فإذا اكتفيت بكونك إنسان لا يضر أحد ولا يرتكب أي شر ، فربما هذه هي أولى درجات أن تكون شخصا جيدا يحترم طبيعته الإنسانية ، أما إذا كنت شخصا يحاول أن يكون فردًا ايجابيًا ينفع من حوله بعلمه وعمله ، فهي ثاني درجة من درجات الإنسانية ، أمّا إذا اخترت أن تكون صاحب قضية وترسي أصول العدل وترفع الظلم عن الناس فهي درجة أرفع وأرفع ، أما إذا أردت أن تصل لقمة الإنسانية وقمة الانتماء للجنس البشري فستنفع البشر جميعًا كما فعل كثير من العلماء ومشاهير الأطباء كالدكتور مجدي يعقوب أو السير مجدي يعقوب ، ذلك الإنسان الذي لم يستسلم لهجاء من حوله في بداية الرحلة واستطاع أن يحفر اسمه بحروف من نور ، عندما ذهب لانجلترا وكان أول من يقوم بعملية زراعة قلب ورئتين والتي أعطت ذلك المريض خمسة وعشرين عامًا حياة من بعد تلك الجراحة المعقدة حينذاك .
تكرمه مصر اليوم بإطلاق اسمه على أحد المنشآت الدولية بعد أخر انجازاته في تخليق صمامات طبيعية للقلب عوضًا عن الصمامات الصناعية ومشاكلها الكثيرة ، ولكن لا يوجد تكريم يكفي لكل مجهودات هذا الطبيب الإنسان الذي عاد مرة أخرى لبلده لينفعها بعلمه ، في الوقت الذي يجلس فيه السير مجدي يعقوب داخل معمله ليهدى البشرية كلها باختلاف أجناسهم وألوانهم ودياناتهم هدية ثمينة ، ويمرر علمه لكل الأجيال من الأطباء ، يجلس الآخرون - من ضعاف النفوس- يفكرون كيف يتربحون من مهنة الطب أكثر وأكثر أو كيف يتباهون بعلمهم بكل عجرفة دون تمرير هذا العلم أو حتي يحاولون هدم من حولهم من الأطباء وعرقلتهم في بداية مشوارهم الطبي وممارسة التعسف والإذلال.
أن أسطورة مجدي يعقوب تبرهن يوم بعد يوم ، إن الطبيب المصري هو من أمهر أطباء العالم ، الذي يستطيع أن يعمل بأقل الإمكانات واقل الأدوات والآلات جودة وأن توفر لهم حسن العيش والتمويل اللازم والكافي للبحث العلمي والبيئة الهادئة الخالية من أي صراعات علمية أو عملية سيصبح لدينا مائة مجدي يعقوب يستطيعون تغيير حياة البشرية للأفضل في عالم ملئ بويلات بشرية من أوبئة وحروب تفقدهم أطرافهم وصراعات ومجاعات وتهجير قسري وحرائق وحوادث إرهابية تودي بحياة البشر
بين من يخترع سلاح بيولوجي وينشر وباء ليقتل البشر وبين شخص قارب التسعين عامًا يحاول إنقاذ البشرية وكما قالت أدياننا السماوية :-
"ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " المائدة:32
" أعط للطبيب كرامته ، لأجل فوائده فان الرب خلقه ." سي 38:1
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مجدي يعقوب الإنسانية السير مجدي يعقوب المزيد مجدی یعقوب
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 31 من سورة الأعراف: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”.
في تفسير هذه الآية أجمع السف الصالح على أنها نزلت في قريش التي كانت تطوف حول الكعبة عريا، وأن الزينة تعني الثياب، لكن المتأمل في هذا التفسير لا يقتنع به، فهنالك ثلاثة أمور هامة في النص أغفلوها:
1 – لماذا كان الخطاب لبني آدم، مع أنه في المتطلبات العبادية يكون الخطاب للمؤمنين؟.
2 – الأمر الإلهي ليس محددا بالبيت الحرام كما اعتقدوا، وفي كل الآيات التي حددها الله تعالى بالمسجد الحرام كانت الصياغة بغاية الوضوح ، لكنه تعالى هنا قال الله (كل مسجد)، وهذا نص قاطع الدلالة بشمول لكل المساجد، وليس هنالك طواف في أي مسجد، سواء بملابس او بدونها بخلاف المسجد الحرام.
3 – لماذا كان إيراد الله لتناول الطعام بلا إسراف، مع أن المساجد ليست أماكن لتناوله؟.
هذه العناصر الثلاثة التي ارتكزت عليها الآية، تنقض تماما ذلك التفسير، وتوجب علينا التفكر في مراد الله في هذه الآية.
بداية من كون الخطاب لعموم البشر (وليس للمؤمنين فقط)، يجب أن نستنتج أن الأمر الإلهي هنا ليس محددا بعبادة الصلاة المفروضة على المؤمنين، ولا هو بالطواف في المسجد الحرام، إنما هو بما يشترك فيه جميع البشر مؤمنهم وكافرهم، المصلون وغير المصلين، وهذا يعني الفطرة التي خلق عليها البشر.
وهنا يجب العودة الى دور المسجد، والبحث فيما يمثله من توافق مع تلك الفطرة.
لو استعرضنا ما جاء في كتاب الله في هذا الصدد، لوجدنا أن لفظة المسجد بالمفرد وبالجمع ذكرت 28 مرة، منها ما كانت بالتعميم مثل قوله تعالى: “وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا”[الجن:18]، ومنها بالتعريف الصريح كذكر المسجد الحرام والمسجد الأقصى في بداية سورة الإسراء، أو بالإشارة غير الصريحة الى مسجد قباء في المدينة: “لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ” [التوبة:108].
يتبين لنا ان الله تعالى اعتبرها بيوتا له، والبيت هو المكان الذي يأوي الإنسان، وتسكن نفسه إليه، ولا يتكلف فيه ما يتكلفه خارجه، فيحق له أن يضع عنه ثيابه التي تستره، لذلك وضع الله لها آدابا وقيد دخولها بقيود، مثل الاستئذان لغير أصحابها، والاستئناس بالسلام قبول دخولها حتى لمالكيها.
إن كان ذلك لبيوت البشر فكيف لبيوت الله؟.
فيجب أن تنال حقها من التوقير والتعظيم، فلا يذكر فيها ما لا يرضاه صاحبها (الله تعالى)، من شرك به أو لغو كلام أو شجار أو جدال، فكل حديث فيه يكون وفق ما أمر به الله وشرعه وأحله، من قراءة لكتابه أو تدارسه او تدارس السنة والفقه والعلم النافع، وينصت له بلا مقاطعة او رفع الصوت.
هذه من آداب المساجد التي تعتبر من شعائر الله: “وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ” [الحج:32]، التي امتدح اله من يراعيها حق رعايتها، على أنها من علامات التقوى.
هنا نفهم أن الزينة التي يأخذها الناس عند المساجد شاملة لكل مظاهر التوقير والعناية من نظافة وترتيب وهندام حسن وتطيب لمن يدخلها، كما أنها تشمل تجميل المكان هندسة وعمارة وفرشا.
كل ذلك محدد بالمؤمنين: “إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ” [التوبة:18]، لأنهم فقط من يعمرون بيوت الله بناء وتأثيثا وحضورا.
أما باقي البشر من غير المؤمنين فواجبهم احترام بيوت الله فلا يقيموا حولها ما يشوه منظرها او يضايق مرتاديها، ومن أكثر المضايقات هي كاميرات المراقبة التي تضعها السلطات الأمنية.
ويثبت أن أنظمة سايكس بيكو هي من فئة غير المؤمنين أنها جميعها تخلت عن تلك المهمة، فهي تنفذ كل المشاريع الخدمية ما عدا بناء المساجد، فتتركها للمتبرعين.
تبقى المسألة الأخيرة: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا”، فلا بد أن المقصود ليس تناول الطعام في المساجد، إنما هو إشارة الى أوقات الصلاة التي تعلنها المساجد، وهي الأوقات الأمثل للفطرة البشرية لتناول الطعام، وقد ثبت طبيا أن توزيع الوجبات وتقليل كميتها “وَلَا تُسْرِفُوا” أفضل لصحة الإنسان، وتناولها بعد صلاة العشاء ضار.