لا تتورع ميليشيا الحوثي في اليمن، في إيجاد التبريرات، للتنصّل والتهرب من الإيفاء بالتزاماتها تجاه اليمنيين القاطنين في مناطق نفوذها.

 

ويعيش اليمنيون، حالة هي الأسوأ في تاريخ البلاد الحديث، إذ يقبع نحو ثلثي سكانه تحت خط الفقر، وفق التقارير الصادرة عن المنظمات والهيئات الدولية والأممية والمحلية.

 

 ودفعت حالة الحرب التي فرضها الحوثيون على البلاد، إلى ارتفاع هذه الأرقام، إلى مستويات مضاعفة ومهولة.

 

واستغلت ميليشيا الحوثي، طيلة الـ15 شهرا الماضية، ذريعة مناصرتها لقطاع غزة، كتبرير جديد للتنصّل من واجباتها.

 

*البحث عن أعذار*

 

ويرى سياسيون واقتصاديون يمنيون، أن "اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل المُزمع دخوله حيز التنفيذ الأحد المقبل، سيفرض واقعًا مغايرًا، ستتوقف هجمات الحوثيين على إسرائيل وقرصنة الملاحة الدولية، وستنتهي حجتهم التي لطالما استخدموها".

 

وفي هذا الصدد، قال الباحث والمحلل السياسي فؤاد مسعد، إن "الحوثيين دائما يقفزون فوق الملفات المحلية التي يجب عليهم حلها وذلك بالهروب نحو قضايا إقليمية ودولية".

 

وأضاف مسعد : "جاءت حرب غزة، ليمارسوا باسمها القفز فوق التحديات الداخلية وتصوير أنفسهم كقوة عظمى تحارب القوى الدولية نيابة عن الدول العربية والإسلامية".

 

وتوقع أنه "بعد توقف الحرب على غزة، سيبحث الحوثيون عن أعذار ومبررات جديدة، من قبيل أنهم يحاربون الولايات المتحدة في البحر الأحمر وبالتالي فإنهم مشغولون عن حل مشكلات وقضايا الداخل، وسوف يستمر حديثهم عن الحرب مع إسرائيل".

 

*حرب أخرى*

 

من جانبه، يقول الصحفي المتخصص في المجال الاقتصادي ماجد الداعري، إن "الميليشيات لا تعترف بوجود أي حقوق أو التزامات لديها تجاه المجتمع، لا رواتب ولا خدمات ولا تحسين أوضاع، ولا أي شيء من التزامات الدولة".

 

وأوضح الداعري ، أن "الحوثيين يعتقدون أن الدولة في عدن، وهم فقط سلطة أمر واقع يخص الحرب والملفات المتعلقة بمزاعم السيادة والمساندة لغزة وغيرها من الدعايات الإعلامية التي يستخدمونها".

 

ورأى أن "الحوثيين بعد توقف الحرب في غزة، سيستغلّون امكانياتهم لشنّ الحرب على كل ما تبقى من المناطق المحررة، فهم يعتقدون أنهم في أوج قوتهم ولن يفكروا بشيء اسمه التزامات مجتمعية أو حقوق أو خدمات أو صرف رواتب" وفق قوله.

 

وتشير تقارير، إلى أن "ميليشيا الحوثي تمتلك عدة موارد تعتمد عليها في جمع إيرادات مالية ضخمة، كالأسواق السوداء والمضاربة بالعملة والتجارة الممنوعة وتهريب وغسل الأموال وتجارة المخدرات، علاوةً على الجبايات المختلفة التي تفرضها على المواطنين والتجار، والجمارك والضرائب المضاعفة واحتكار استيراد وتجارة المشتقات النفطية والغاز".

 

واستطاع الحوثيون خلال عام واحد فقط استغلال قرصنتهم لخطوط الملاحة الدولية، وتجييرها نحو تحقيق مغانم مالية كبيرة.

 

*سيناريوهات*

 

وقال المحلل الاقتصادي محمد الجماعي، إن "المشروع الحوثي في اليمن سيواجه إشكاليات كبيرة بلا شك، كونه اتخذ من مسرحية مناصرته لغزة حجة للهروب من الاستحقاقات الخدمية التي واجهه بها المحتجون إبان فترات الهدنة مطلع العام 2022".

 

وأضاف الجماعي ، أن "الحوثي الآن أمام مأزق كبير جدًا، وصدمة لا يبدو أنه استعد لها، بسبب الأحداث المتسارعة في المنطقة والتي من بينها ومن أهمها سقوط مشاريع مماثلة لمشروعه".

 

وذكر أن "هناك عددًا من السيناريوهات المتاحة أمام الحوثي، التي سيعتمد عليها والاختباء خلفها إزاء المطالب المحلية الملحة".

 

ويعتقد الجماعي، أن "من بين تلك السيناريوهات البحث عن أسباب لإبقاء الجاهزية العسكرية مرتفعة، كتدشين جبهات مواجهة مع الجيران" وفق تعبيره.

  

وأضاف أن من السيناريوهات، "استحداث جبهة حرب داخلية، تحت أي مسمى يمنحه إمكانية مواصلة برنامجه السابق وأجنداته المحلية التي لأجلها خطط للحرب".

 

ولفت إلى أنه "في كل تلك السيناريوهات المتوقعة، سيعمل الحوثي على حجب الفائدة منها عن مواطني مناطق سيطرته، وعرقلة كل الحلول المؤدية لحلحلتها، لأن استقرار مواطني تلك المناطق يعني انتهاء مشروع الحوثي".

  

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

أسباب توقف العمل بالسفارة السعودية في بورتسودان: بين التحديات والحلول

رغم إصدار السفارة السعودية في بورتسودان لأول تأشيرة بعد الحرب، توقفت العمليات بشكل مفاجئ ورغم ان الموعد المحدد لضربة البداية في استخراج التأشيرات كان بداية يناير الجاري، هذا التوقف أثار تساؤلات واسعة حول الأسباب الحقيقية وراء ذلك، خصوصاً مع استمرار تأشير الجوازات السودانية في السفارات السعودية حول العالم دون عقبات تُذكر. هل السبب تقني أم إداري؟ أم أن هناك عوامل خفية تلعب دوراً في تعطيل العمل؟

“تسهيل”و “تأشير” والسلاسة في الإجراءات خارج السودان

جوازات السفر السودانية، سواء التي صدرت قبل الحرب أو بعدها، تم تأشيرها عبر السفارات السعودية عالميًا من خلال الحجز عبر “تسهيل” و “تأشير” او مباشرة عبر السفارة . العملية واضحة: حجز موعد إلكتروني، الذهاب إلى مركز “تأشير” لإجراء البصمة والتصوير، ثم انتظار استلام الجواز في غضون يومين. هذه الخطوات تُعتبر معيارية وتُطبق دون تعقيدات في جميع الدول. فلماذا اختلف الوضع في بورتسودان؟

جهود إدارة الجوازات السودانية: إنجازات تستحق الإشادة

إدارة الجوازات السودانية بذلت جهودًا جبارة لاستعادة جميع بيانات الجوازات المفقودة، بما في ذلك بيانات البصمة، بعد الدمار الذي سببته الحرب. وكذلك إدارة السجل المدني، أُعيد إصدار الأرقام الوطنية، ما يُثبت قدرة المؤسسات السودانية على التكيف مع الظروف الاستثنائية.

جدلية البصمة والشريحة في جوازات السفر

هناك اعتقاد خاطئ بأن جواز السفر يجب أن يحتوي على بصمة أو شريحة إلكترونية ليكون صالحًا. مثال على ذلك جواز السفر المصري، الذي يُصنع من خامة خفيفة ولا يحتوي على بصمة أو شريحة، ومع ذلك يُعتبر مقبولاً دوليًا. هذه النقطة تُبرز أن التحديات المتعلقة بجواز السفر السوداني ليست تقنية بحتة.

أول تأشيرة بعد الحرب: نجاح رمزي أم بداية متعثرة؟

عندما أُصدرت أول تأشيرة في بورتسودان بعد الحرب، بحضور وزير الخارجية السوداني ونائب وزير الخارجية السعودي، كان ذلك بمثابة رسالة أمل. ومع ذلك، توقف العمل لاحقًا أثار مخاوف بشأن استمرارية هذا النجاح، وأعاد فتح النقاش حول العقبات المحتملة، سواء كانت سياسية أو إدارية.

الحظر الأمريكي: هل هو جزء من المشكلة؟

شائعات ربطت بين تأخير تأشيرات الجواز السوداني والحظر الأمريكي. لكن هذه المزاعم تفتقر إلى أدلة ملموسة. العلاقات بين السودان والمجتمع الدولي شهدت تطورات ملحوظة، والحظر لا يُفسر تعقيدات العمل بالسفارة في بورتسودان.

وكالات السفر السودانية: أرقام مبالغ فيها وشبهات استغلال

قدرت وكالات السفر السودانية أن لديها 25 ألف موظف. رقم يبدو مبالغًا فيه للغاية، خصوصاً أن التقديرات الواقعية تُشير إلى أن العدد الحقيقي لا يتجاوز 500 موظف داخل وخارج السودان. هذا التضخيم يثير تساؤلات حول دوافع هذه التصريحات ومدى ارتباطها بمصالح خفية.

اتهامات مكتب “تأشير”: الحقيقة خلف الكواليس

مكتب “تأشير” وُجهت إليه اتهامات بأنه يعمل ك “لوبي” وتم الزج بلجنة ازالة التمكين والحرب والمليشيا وغيرها من الاتهامات بغرض التخويف والترويع وبأنه يسعى للسيطرة على العملية. هذا الاتهام يفتح الباب للتساؤل عن طبيعة تأسيسة ومن هو الطرف الآخر الذي ينافسه. هل هي منافسة مشروعة أم صراع على المكاسب؟

تجاوز الوسطاء: الحل الذي يطبقه العالم

في معظم دول العالم، تُدار عمليات الحجز والبصمة عبر أنظمة إلكترونية مثل “تسهيل وتكتمل بتأشير”، دون الحاجة لوسيط أو سمسار. هذا النظام يضمن الشفافية والسرعة، فلماذا يُصر بعض وكلاء السفر السودانيين على التدخل؟

استغلال المواطنين: معاناة تتكرر

قصص التأخير والاستغلال من وكالات السفر باتت شائعة بين المواطنين. عبارات مثل “جوازك بدخل السفارة الأسبوع الجاي”، و”لو دفعت زيادة نخلص ليك الجواز في يومين”، تعكس استغلالًا واضحًا. هذه الممارسات تُظهر الحاجة إلى إصلاحات شاملة لضمان حقوق المواطنين.

خاتمة

توقف العمل بالسفارة السعودية في بورتسودان قضية معقدة تتطلب تعاونًا بين جميع الأطراف لحلها. بين التحديات الإدارية والشائعات السياسية، يبقى الهدف الأساسي هو تسهيل حياة المواطنين وضمان حصولهم على الخدمات دون عناء. الحل يبدأ من الشفافية وتعزيز التعاون بين الجهات المعنية.

 

كوش نيوز (بورتسودان )

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • عشية هدنة غزة.. نتنياهو يلوح باستئناف الحرب بـطرق جديدة وقوية
  • جامعة المنصورة الأهلية تمنح حوافز النشر لـ21 بحثا بالمجلات الدولية Q1
  • ميليشيا الحوثي تهاجم إسرائيل بصاروخ باليستي
  • لماذا السودان؟.. كتاب يناقش سيناريوهات مصير الحرب ومستقبل الصراع مع مليشيا الدعم السريع
  • واشنطن تحذر الحوثيين من أسوأ السيناريوهات ...حان الوقت للرد عليهم
  • قرار أممي جديد بشأن الحوثيين والولايات المتحدة تتوعد بأسوأ السيناريوهات
  • واشنطن تحذر الحوثي من أسوأ السيناريوهات حال استمر بالتصعيد في البحر الأحمر
  • أسباب توقف العمل بالسفارة السعودية في بورتسودان: بين التحديات والحلول
  • الحكومة اليمنية في مجلس الأمن: غياب الإرادة الدولية للتعامل مع الحوثيين ساهم في الهروب من استحقاقات السلام