يمانيون/ كتابات/ ماجد حميد الكحلاني

في ظل تحولات إقليمية ودولية عميقة، فرض اليمن حضوره كقوة مؤثرة في البحر الأحمر، ليفاجئ العالم بقدرته على تغيير قواعد الأشتباك والمعركة.

مع انطلاق معركة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، بدأ اليمن بتنفيذ عمليات عسكرية نوعية أربكت الاحتلال الإسرائيلي وحلفاءه وأثّرت بشكل مباشر على الملاحة البحرية في المنطقة.

هذه العمليات لم تكن مجرد ردود أفعال عشوائية، بل كانت استراتيجيات مدروسة أظهرت أن اليمن، رغم العدوان والحصار، قادر على إعادة تشكيل المشهد السياسي والعسكري في المنطقة، داعماً غزة ومحور المقاومة، وموجهاً رسائل قوية للخصوم.

حين أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى، المشير مهدي المشاط، أن اليمن نجح في فرض حظر كامل على السفن المرتبطة بالكيان الإسرائيلي، لم يكن ذلك مجرد خطاب بروتوكولي. فالشركات العالمية، مثل “ميرسك” و”هاباج لويد”، سارعت إلى تصديق هذا الإعلان بعد أن أصبحت الملاحة في البحر الأحمر خطراً كبيراً.

وأكدت التحذيرات الأمنية والتقارير الدولية أن السفن تواجه تهديدات حقيقية في هذا الممر الحيوي. وقال متحدث باسم “ميرسك”: “الوضع في البحر الأحمر لم يعد آمناً. اضطررنا إلى تحويل مساراتنا إلى طرق أطول وأكثر تكلفة”.

تأثير هذه العمليات تجاوز حدود البحر الأحمر، حيث عانت إسرائيل من عزلة اقتصادية غير مسبوقة. صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية وصفت الوضع بقولها: “ميناء أم الرشراش (إيلات) أصبح شبه معزول، والسياحة تراجعت بشكل كبير، فيما يخيم القلق والخوف على المدينة”.. فيما أكد البنك المركزي المصري انخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة 61.2% بين يوليو وسبتمبر 2024، بسبب توقف السفن الإسرائيلية وحلفائها عن استخدام هذا الممر البحري.

ما يزيد الصورة وضوحاً هو تصريحات شركات الملاحة العالمية، حيث أكدت “هاباج لويد” الألمانية أن المخاطر المرتبطة بالهجمات اليمنية جعلت البحر الأحمر منطقة يصعب على السفن التحرك فيها بأمان. هذه المخاوف دفعت خطوط الشحن العالمية إلى انتظار “ضوء أخضر” من اليمن لإعادة الحركة إلى طبيعتها، مما يعكس مدى التأثير المباشر للعمليات اليمنية على الاقتصاد العالمي.

المواجهة لم تقتصر على السفن التجارية فقط، بل امتدت لتشمل حاملات الطائرات الأمريكية التي طالما اعتبرت رمزاً للهيمنة العسكرية. القوات المسلحة اليمنية، وفقاً لما ذكره السيد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير حول مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية مساء الخميس١٦ يناير ، نجحت في إخراج حاملات الطائرات الأمريكية “روزفلت” و”لينكولن” من المعادلة، بينما أصبحت “ترومان” مجرد سفينة هاربة في عرض البحر، تتجنب الاقتراب من السواحل اليمنية بأكثر من ألف كيلومتر. وأكد الحوثي أن “الأمريكيين الذين اعتادوا تهديد العالم، وجدوا أنفسهم يهربون من المواجهة، ويطوّرون تكتيكات للهروب بدلاً من الهجوم”.

حالة الخوف والارتباك لم تقتصر على الأمريكيين، بل امتدت إلى الأوروبيين. فرقاطة “هيدرا” اليونانية، التي شاركت في المهمة البحرية الأوروبية، وصفت مهمتها بأنها أشبه بـ”العودة من الجحيم”، حيث أطلق طاقمها النار على النجوم ظناً أنها طائرات مسيرة يمنية، في مشهد يعكس حالة الرعب التي أحدثتها العمليات اليمنية.

ورغم كل المحاولات الدولية لاحتواء الوضع، إلا أن الأثر السياسي للعمليات اليمنية كان واضحاً. حيث لم يقتصر دعم اليمن للقضية الفلسطينية على الشعارات لحسب، بل امتد إلى عمليات عسكرية غيّرت قواعد المواجهة.

وأوضح السيد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير أن “الملاحة الإسرائيلية لن تكون آمنة طالما استمر الاحتلال، وأن الشعب اليمني، رغم العدوان، لن يتخلى عن دوره في معركة الأمة”.

تداعيات هذه العمليات دفعت إسرائيل إلى الاعتراف بفشلها في حماية ممراتها البحرية. صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية قالت بوضوح: “الحوثيون هم من يقررون متى وأين تبدأ الهجمات. إسرائيل لم تعد تمتلك حرية الحركة، سواء في البحر أو الجو”.

حتى الرئيس الأمريكي المنتهيه ولايته جو بايدن، في محاولة يائسة لتهدئة الوضع، أقرّ بصعوبة حماية السفن في البحر الأحمر، قائلاً: “رغم حشدنا لأكثر من 20 دولة، إلا أننا نواجه تحدياً حقيقياً بسبب الهجمات اليمنية المستمرة”.

في نهاية المطاف، بات واضحاً أن البحر الأحمر لم يعد كما كان. اليمن، الذي اعتقد كثيرون أنه منشغل بعدوان داخلي وحصار خارجي، أثبت أنه لاعب محوري في المنطقة، قادر على إرباك أكبر القوى العالمية.

هذه العمليات حملت رسالة واضحة: لا أمان لإسرائيل في البر أو البحر، والمقاومة قادرة على قلب الموازين، مهما بلغت التحديات.

اليمن العزيز، الذي تحول إلى حجر عثرة في وجه الهيمنة الإسرائيلية والغربية، أعاد تعريف مفاهيم الصراع في البحر الأحمر. هذا البحر، الذي كان يوماً منطقة نفوذ مفتوحة للقوى الكبرى، أصبح اليوم رمزاً لصمود شعب يؤمن بعدالة قضيته. ومع استمرار العمليات، يبدو أن الهيمنة الغربية في هذا الممر الحيوي باتت على المحك، فيما يواصل اليمن كتابة فصول جديدة في معركة التحرر والنضال من أجل الأمة.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی البحر الأحمر هذه العملیات

إقرأ أيضاً:

معهد واشنطن يدعو لدعم عملية برية ضد مليشيا الحوثي في اليمن والتنسيق مع الرياض وأبوظبي ..ودعم مجلس القيادة الرئاسي

 

حذّر تقرير صدر عن معهد واشنطن من أن حملات ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران لتعطيل حركة الشحن البحري في البحر الأحمر ومضيق باب المندب تمثل تهديداً مباشراً لقدرة الولايات المتحدة على نشر قواتها بسرعة وتأمين إمداداتها في منطقة الشرق الأوسط وخارجها.

ويطرح التقرير، الذي أعدّه العقيد جيمس إي. شيبرد، زميل معهد واشنطن للعام 2024-2025، حزمة من الحلول المتكاملة اللوجستية والعسكرية والدبلوماسية لمعالجة هذا الخطر.

وقال الكاتب، إنه "يجب جعل الحوثيين غير قادرين أو غير راغبين في تهديد الملاحة. ويستلزم ذلك تصعيد الحملة الحالية بما يتجاوز الضربات الجوية الأمريكية"، مشددا على أنه من الضروري وجود تهديد موثوق من قبل القوات البرية اليمنية، بالتنسيق مع شركاء موثوقين مثل السعوديين أو الإماراتيين.

كما شدد على أنه وينبغي دعم مجلس القيادة الرئاسي، وهو كيان حكومي معترف به دولياً من قبل الأمم المتحدة، لاستغلال الفرصة التي أوجدتها الضربات الجوية الأمريكية.

خلفية

منذ مارس 2023 تصاعدت هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية والعسكرية، مستفيدين من دعم إيران وتدريباتها، عبر إطلاق صواريخ كروز وطائرات مسيّرة باتجاه الممر البحري الحيوي، والذي يمر عبره سنوياً نحو تريليون دولار من البضائع و30% من الحاويات العالمية.

ومن ابرز التوصيات السياسية التي دعا لها معهد واشنطن من أجل الحفاظ على الوصول اللوجستي إلى المنطقة، يجب على واشنطن وشركائها العسكريين اتباع نهج مزدوج يركز على أولاً، تلبية الاحتياجات الفورية من خلال الحلول العاجلة والضغط على الحوثيين، وثانياً، البحث عن حلول طويلة الأمد عبر استراتيجية قابلة للتطبيق لتحييد التهديد. وفيما يلي التوصيات التي تلبي كلا الاحتياجين:

مواصلة الضغط : يجب جعل الحوثيين غير قادرين أو غير راغبين في تهديد الملاحة. ويستلزم ذلك تصعيد الحملة الحالية بما يتجاوز الضربات الجوية الأمريكية. ومن الضروري وجود تهديد موثوق من قبل القوات البرية اليمنية، بالتنسيق مع شركاء موثوقين مثل السعوديين أو الإماراتيين. وينبغي دعم مجلس القيادة الرئاسي، وهو كيان حكومي معترف به دولياً من قبل الأمم المتحدة، لاستغلال الفرصة التي أوجدتها الضربات الجوية الأمريكية.

تحويل التركيز نحو المنبع: يجب على إدارة ترامب السعي لردع إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، من خلال عرض تعزيز قدرات القيادة المركزية الأمريكية في المنطقة مؤخراً. ويمثل النشر الأمامي لقاذفات "بي- 2" ودخول حاملة طائرات أخرى تهديداً كبيراً لكلا الخصمين - وهو تهديد يجب تسليط الضوء عليه في المفاوضات النووية الحالية مع طهران. فعلى سبيل المثال، يمكن للمسؤولين الأمريكيين مطالبة إيران بوقف جميع أشكال الدعم العسكري للحوثيين كأحد الشروط المسبقة للحصول على تخفيف العقوبات.

توسيع التعاون الأمني: يجب على واشنطن تسريع الجهود الدبلوماسية لحشد تحالف من الدول المستعدة للاستفادة من تأمين البحر الأحمر، بما في ذلك الشركاء الإقليميين مثل مصر، وإسرائيل، والأردن، والسعودية. وتُعد قوة "أسبيدس" البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي -على الرغم من نقص الموارد - نقطة انطلاق جيدة لتمكين تقاسم الأعباء الدفاعية مع القوات الأمريكية.

استكشاف طرق بديلة: في حين أن تأمين البحر الأحمر وباب المندب يجب أن يبقى الهدف الرئيسي للولايات المتحدة، يجب على الإدارة الأمريكية أيضاً تسريع الجهود الرامية إلى تعزيز المرونة في الخدمات اللوجستية في ساحة العمليات وتطوير بدائل برية سريعة وفعالة من حيث التكلفة مثل "خط إمداد إقليمي" و/أو الممر البري بين الإمارات وإسرائيل.

ومن خلال هذه التدابير وغيرها، يمكن للولايات المتحدة وضع استراتيجية شاملة ضرورية للمهمة طويلة الأمد المتمثلة في التصدي للتهديدات الحوثية والإيرانية للخدمات اللوجستية العسكرية والتجارة العالمية بشكل نهائي.

   

وفي الخامس عشر من آذار/مارس، أطلق الرئيس ترامب حملة عسكرية متواصلة ضد ميليشيا الحوثي في اليمن، مستهدفاً كبار المسؤولين ومراكز القيادة ومستودعات الأسلحة والبنية التحتية في جميع أنحاء البلاد.

"يتمثل هدف الإدارة الأمريكية في استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث نفذ الحوثيون المدعومون من قبل إيران هجمات متفرقة على مدار سنوات قبل أن يصعدوا من استهدافهم للسفن التجارية والعسكرية مع بدء الحرب على غزة في عام 2023".

إن الدور الحاسم لهذا الممر المائي في التجارة العالمية معروف جيداً - فهو يسهل نقل بضائع بقيمة تريليون دولارسنوياً، إلى جانب 30% من حركة الحاويات في العالم.

ومع ذلك، يعمل هذا الممر أيضا بوصفه طريق عبور رئيسي للخدمات اللوجستية العسكرية المشحونة تجارياً، مما يتيح النشر السريع والفعال للقوات والموارد الأمريكية عبر مسارح عمليات متعددة.

ومن خلال تعطيل كل من هذين الدورين، تمثل هجمات الحوثيين تحدياً مباشراً لما وصفته الولايات المتحدة بأنه "مصلحة وطنية أساسية".

تحدي استراتيجي

ينبع بروز هذا التهديد من الاستراتيجية الأوسع نطاقاً التي تنتهجها إيران، والمتمثلة في تمكين وكلائها من حرمان خصومها من حرية المناورة في المنطقة. فقد تضمنت التعزيزات الضخمة التي قامت بها الولايات المتحدة وقوات التحالف في حملتي 1991 و2003 في العراق استخدام الموانئ في جميع أنحاء الخليج العربي.

 ورداً على ذلك، طورت إيران استراتيجية متعددة الطبقات (A2AD)، اعتمدت فيها على الميليشيات الوكيلة، وأنظمة الضربات بعيدة المدى، والصواريخ أرض - جو، والقوات غير التقليدية، بهدف تقييد حرية الوصول إلى الخليج.

وفي اليمن، أتاح دعم طهران وتوجيهها للحوثيين إمكانية تهديد حركة المرور في البحر الأحمر والموانئ السعودية الرئيسية مثل جدة ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية، مما يعزز الهدف الإيراني المتمثل في عرقلة الطرق اللوجستية البديلة ويخدم مصالح الحوثيين أيضاً.

وتُعزى تكتيكات الجماعة - التي تشمل الضربات الدقيقة بالمسيرات وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية - إلى التدريب الإيراني والمعدات وغيرها من أشكال الدعم.

ورداً على هذا التهديد، واصلت السفن العسكرية المتحالفة عبور مضيق باب المندب، غير أن العديد من شركات الشحن التجارية اضطرت إلى سلوك مسار أكثر تكلفة من الناحية المالية والبيئية حول رأس الرجاء الصالح.

وبذلك، فإن قدرات الحوثيين تبطئ وتيرة الدعم اللوجيستي العسكري، مما يثير التساؤل حول ما إذا كانت الجماعة قد نجحت فعليًّا في "تحييد" واشنطن وشركائها في البحر الأحمر بشكل فعال.

ومن أجل الحفاظ على العمليات القتالية المشتركة في زمن الحرب، تعتمد الولايات المتحدة على الشحن التجاري لنقل ما يصل إلى 80% من العتاد الدفاعي.

وإضافة إلى قدرات النقل البحري الخاصة بالجيش، يمكن لوزارة الدفاع الوصول إلى السفن المملوكة للقطاع الخاص أثناء الأزمات من خلال اتفاقية النقل البحري الطوعي متعدد الوسائط، مما يعزز مرونتها ويخفض التكاليف ويضمن الانتشار السريع في مسارح العمليات البعيدة.

ويتطلب هذا الاعتماد الكبير على النقل البحري التجاري خطوط إمداد آمنة لنقل الخدمات اللوجستية العسكرية دون عوائق خلال عمليات الطوارئ. غير أنه نظراً للموارد المحدودة للبحرية الأمريكية والتزاماتها الواسعة النطاق، لا يمكن حماية كل شحنة غير مسلحة بمرافقة عسكرية.

فضلاً عن ذلك، حتى السفن المرافقة تعرضت للهجوم من حين لآخر في البحر الأحمر، وإن كان ذلك دون جدوى. لذا، فإن التهديد البحري المستمر للحوثيين سيكون له تداعيات خطيرة على أي عمليات طوارئ تكون فيها الخدمات اللوجستية ذات أهمية قصوى.

وللإيضاح: إذا سلكت شحنة نفط من بحر العرب إلى روتردام، الطريق البديل حول رأس الرجاء الصالح، فستحتاج إلى ما يقدر بخمسة عشر يوماً إضافياً وما يصل إلى مليون دولار من الوقود الإضافي، وبالتالي، من المرجح أن تواجهه الشحنات اللوجستية في الاتجاه المعاكس تأخيرات مماثلة (انظر الرسم البياني).

وحتى إذا كانت شركات النقل التجاري مستعدة للمخاطرة لتفادي هذا التأخير بعبور البحر الأحمر، فإن التأمين ضد مخاطر الحرب قد يرفع التكاليف بنسبة تقارب 1 % من قيمة تأمين السفينة.

بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، فإن زيادة وقت العبور حول أفريقيا ستجعل هذا الخيار غير عملي بالنسبة للسيناريوهات التي تتطلب حركة سريعة وآمنة للموارد العسكرية عبر مسارح عمليات واسعة.

أذ تتطلب الطبيعة العالمية للمنافسة بين القوى العظمى من البنتاغون نقل الأصول بين المناطق الأوروبية، والوسطى، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ. وحتى في الظروف الاعتيادية، سيكون استخدام باب المندب إلزامياً كلما أصبحت هذه التحولات ملحة.

ومن الجدير بالذكر أن النقل البحري هو وسيلة النقل الأكثر فعالية من حيث التكلفة المتاحة للخدمات اللوجستية العسكرية. أما النقل الجوي فهو أكثر تكلفة وأكثر طلباً، لكن البنتاغون سيستمر في استخدامه لإعادة التموضع الاستراتيجي الفوري للقدرات ذات القيمة العالية.

 ويستعرض القسم التالي كيف يمكن للجيش الاستفادة بشكل أكبر من النقل البري كخيار ثالث.

خيار النقل البري؟

بالنظر إلى قدراتهم في مجال الطائرات المسيرة والصواريخ، يمكن للحوثيين استهداف سفن الشحن في مختلف أنحاء البحر الأحمر وجزء كبير من بحر العرب وشمال المحيط الهندي، وذلك على الرغم من أن إصابة السفن المتحركةمن مسافة بعيدة تُعد مهمة صعبة.

وتكون السفن أكثر عرضةً للخطر أثناء تفريغ حمولتها في الموانئ، إلا أنه بمجرد نقل الشحنة إلى الشاحنات أو الطائرات أو غيرها من وسائل النقل داخل الميناء، تنخفض احتمالات اعتراضها.

وبناءً على ذلك، فإن استخدام مجموعة متنوعة من طرق النقل بالإضافة إلى باب المندب يمكن أن يساعد في التخفيف من التهديد الحوثي.

وتقترح شبكة النقل عبر البحر العربي (TAN)، التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية إنشاء 300 مركز لوجستي يشمل المطارات، الموانئ البحرية، والمحاور البرية - في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية بهدف تنويع خيارات الشحن.

فعلى سبيل المثال، يمكن لبعض السفن أن تتجاوز المضيق وترسو في جدة، ثم تنقل حمولتها بعد ذلك جواً أو براً.

وكما ذُكر سابقاً، تقع جدة ضمن نطاق استهداف الحوثيين، غير أن إدخال هذا المسار وغيره من المسارات البديلة من شأنه أن يربك حسابات الجماعة ويوفر قدراً أكبر من المرونة في اتخاذ القرارات الأمريكية الرامية إلى تعزيز السلامة والجاهزية بشكل عام.

وقد تم اختبار نظام (TAN) ، إلا أنه لم يتم تفعيله بشكل كامل بعد. وتشير تجارب القيادة المركزية الأمريكية، التي بدأت عام 2015، إلى التوصل لنتائج واعدة، إلا أن التأخيرات الجمركية لا تزال قائمة بسبب عدم توحيد اللوائح، كما أن الاشتراطات المسبقة للتخليص الجمركي تُعيق الكفاءة.

من الناحية النظرية، يمكن أن يتعامل الممر الجمركي مع آلاف الأطنان يومياً إذا تم تفعيله بالكامل وتطبيق الاتفاقيات الجمركية كافة، مما قد يجعله منافساً لحجم التجارة اليومية عبر مضيق هرمز في الخليج العربي.

غير أن هذا الممر ما يزال مقيداً بمشكلات تتعلق بالمقاولين، وحدود الشحنات العسكرية، وضعف التكامل بين وسائل النقل، فضلاً عن أن جهود تحسين العمليات لم تكتمل.

ومن بين الخيارات المطروحة أيضاً الممر البري بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، وهو طريق تجاري يمتد من ميناء حيفا الإسرائيلي، مروراً بالأردن والمملكة العربية السعودية والبحرين، وصولاً إلى الإمارات، ليربط الخليج العربي مع تجاوز البحر الأحمر بالكامل.

وتنشط شركتا نقل - شركة "تراك نت" الإسرائيلية وشركة "بيور ترانس" الإماراتية - بالفعل على طول هذا الطريق، وقد تكونان من أبرز المرشحين للتعاقد مع الجيش الأمريكي.

وقد جرى تجهيز هذا الممر حالياً لاستقبال ما يصل إلى 350 شاحنة يومياً، وهو ما ينافس أو حتى يتجاوز الممر الذي يعمل بكامل طاقته.

أياً كانت الخيارات التي تعتمدها واشنطن، فإن إيجاد بدائل متعددة ومرنة سيكون ضرورياً طالما ظل الشحن البحري تحت التهديد.

ومع المزيد من الاستثمار في الاستكشاف واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة، كتعزيز الدفاعات الجوية في موانئ التفريغ، يمكن لكل من ممر النقل البحري والممر الإماراتي الإسرائيلي تلبية هذه المتطلبات، ودعم عمليات النقل العسكري في مسرح الشرق الأوسط، وربما أيضاً تقليص أوقات التسليم إلى وجهات مثل الأردن، والكويت، والسعودية، والإمارات.

 

المصدر : معهد واشنطن

 

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخا أطلق من اليمن
  • مصرع امرأة وإصابة شخص في غارات أمريكية على اليمن
  • ما السر وراء تكثيف الولايات المتحدة ضرباتها على جزيرة كمران اليمنية؟
  • أمريكا تعترف بفشل حملتها على اليمن: صنعاء تفرض معادلة الردع البحري وتربك الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية
  • ترومان تفر من البحر الأحمر.. الهزيمة الأمريكية تتكرّس تحت وقع الضربات اليمنية
  • معهد واشنطن يدعو لدعم عملية برية ضد مليشيا الحوثي في اليمن والتنسيق مع الرياض وأبوظبي ..ودعم مجلس القيادة الرئاسي
  • إقــــرار أمــريــكي بـالـفـشل
  • اقرأ غدًا في «البوابة».. أكدا أهمية تأمين الملاحة في البحر الأحمر.. مصر وجيبوتي ترفضان تشكيل حكومة موازية في السودان
  • صفقة البحر الأحمر.. السفير الأمريكي يفجّر مفاجأة بشأن التسوية الشاملة في اليمن
  • الكشف عن تفاصيل جديدة في حرب اليمن ..بعد تعهّد ترمب بإسقاط الذراع الإيرانية في اليمن وموقف الشرعية من التدخل البري