الأورومتوسطي .. المجتمع الدولي فشل في وقف الإبادة الجماعية في غزة ويجب ألا يفشل بالمحاسبة عليها
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
#سواليف
طالب المرصد #الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بإجراءات عاجلة وفعالة لضمان المساءلة والعدالة على #جريمة_الإبادة_الجماعية في قطاع #غزة، بعد الإعلان عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار بين #إسرائيل وحركة #حماس يسري مفعوله غدًا الأحد الموافق 19 يناير/ كانون ثان 2025.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم السبت على ضرورة اضطلاع جميع الدول، منفردة ومجتمعة، بمسؤولياتها في وضع آليات واضحة وملزمة لمحاسبة المسؤولين عن #الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي تم ارتكابها في قطاع غزة، وضمان عدم إفلاتهم من #العقاب، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها والقانون الدولي العرفي، وضمان حق الضحايا وعائلاتهم في الانتصاف وجبر الضرر.
ونبّه إلى أنّه على الرغم من الأهمية البالغة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، لكنه جاء متأخرة جدًا بعد أكثر من 15 شهرًا من الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وسط تعاجز مروّع للمجتمع الدولي بكافة آلياته عن اتخاذ أي إجراء فعّال لوقف هذه الجرائم أو حماية السكان.
مقالات ذات صلة سريع .. الصاروخ “ذو الفقار” وصل إلى وجهته بدقة عالية / فيديو 2025/01/18وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ هذا الفشل التاريخي يُلزم المجتمع الدولي الآن، أكثر من أي وقت مضى، بالعمل دون أعذار أو تأخير لضمان تحقيق العدالة والمساءلة والمحاسبة، وإعادة إعمار القطاع بشكل عاجل، لتمكين 2.3 مليون فلسطيني من العيش دون خوف القصف أو الجوع، واستعادة الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ هذا الاتفاق لا يمكن أن يكون نهاية المطاف، بل يجب أن يكون بداية لمسار دولي صارم لضمان عدم تكرار هذه الجرائم، خاصة في ظل الآثار الكارثية للإبادة الجماعية، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 158 ألف فلسطيني، وتشريد آلاف العائلات التي تعيش في خيام لا تصلح للحياة البشرية، وتدمير أكثر من 75% من مباني القطاع، والانهيار الكامل للبنية التحتية ونظم الصحة والتعليم والعدالة.
وأكد أنّ الوقت قد حان للمجتمع الدولي للعمل على نحو حازم وفعال لضمان المحاسبة على هذه الجرائم الجسيمة وفق القانون الدولي، وإعادة بناء الثقة في منظومة العدالة الدولية التي تعاني اليوم من أزمة مصداقية حادة، مشددًا على أنّ فشل المجتمع الدولي في وقف الإبادة طوال الأشهر الماضية، لا ينبغي أن يتبعه فشل في تأمين الاحتياجات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين للتعافي مما واجهوه.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ المجتمع الدولي يتحمل مسؤوليات متعددة الأبعاد تجاه قطاع غزة، يمكن بلورتها في ثلاث مسارات أساسية:
المسار الأول: وقف قتل من بقي على قيد الحياة في قطاع غزة:
يشمل ذلك تفعيل استجابة عاجلة لتلبية الاحتياجات الفورية والملائمة لسكان القطاع، بما في ذلك توفير سكن مؤقت ولائق، وضمان دخول ووصول المساعدات الإنسانية وإزالة أي قيود أو حصار يعوق تقديم الإغاثة للسكان المدنيين وخدمات المستشفيات والمياه والتعليم، مع مراعاة احتياجات النساء والأطفال والفئات الأكثر ضعفًا، توفير الدعم النفسي والاجتماعي، لمعالجة الآثار النفسية الكارثية للنزاع، خاصة على الأطفال والناجين من الهجمات.
كما يتطلب تسهيل إجراءات السفر للمرضى والجرحى دون قيود تعسفية، ووضع خطة شاملة لإعادة الإعمار تتناسب مع حجم الدمار غير المسبوق، مع التركيز على إعادة بناء الإسكان، والبنى التحتية، وتفعيل برامج التعافي الاقتصادي، من خلال خلق فرص عمل ودعم العائلات المتضررة، وضمان إعادة بناء مصادر الرزق المدمرة وضمان كرامة السكان.
المسار الثاني: انتشال الضحايا والمقابر الجماعية وكشف مصير المختفين قسرًا
إدخال المعدات والفرق الفنية والخبراء للمساعدة في انتشال الجثامين من تحت الأنقاض وأماكن التوغل، والتعرف على هوياتهم، وإتاحة المجال للعائلات لدفن جثامين أقربائهم بطريقة كريمة وبما يتناسب مع معتقداتهم الدينية. إلى جانب ذلك، ينبغي العمل على توثيق كل جزء من العملية بشكل دقيق لضمان تقديم الأدلة اللازمة في المستقبل في محاكمات أو تحقيقات قانونية، مما يسهم في تحقيق العدالة والمساءلة.
فضلاً عن ذلك، يجب التحقيق بشكل منهجي في المواقع التي يُشتبه بأنها تحتوي على مقابر جماعية، واتخاذ التدابير اللازمة لحماية هذه المواقع ومنع العبث بها، مع إشراف خبراء دوليين على استخراج الجثامين والتعرف على هويات الضحايا. كما يتعين توثيق هذه الجرائم كأدلة تدعم ملاحقة المسؤولين عنها قانونياً.
إضافة إلى ذلك، ينبغي العمل على تحديد مصير المفقودين والكشف عن مصير المختفين قسرًا، وضمان إعادة الاتصال بين أفراد العائلات ولم شملهم دون تأخير.
المسار الثالث: تفعيل التحقيقات الدولية لضمان المساءلة والعدالة
دعم وتفعيل الدعاوى والتحقيقات الدولية أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ولجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية وإسرائيل، وهذا يتطلب مجموعة من الإجراءات القانونية واللوجستية الدقيقة لضمان الوصول إلى قطاع غزة والبدء الفوري في جمع الأدلة وحمايتها من التلف أو التدمير. يشمل ذلك التنسيق مع السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية والدولية لتأمين ممرات آمنة للفرق المكلفة بالتحقيقات، وضمان حقوق وسلامة الشهود والضحايا أثناء تقديم شهاداتهم. بالإضافة إلى إنشاء سجل للأضرار الفردية والجماعية لجميع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين، وضمان تعويض جميع الضحايا الفلسطينيين وعائلاتهم وإنصافهم، وجبر الضرر الناجم عن الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ضدهم، وذلك وفقا لقواعد القانون الدولي.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ أي محاولة لتعطيل المساءلة عن الجرائم المرتكبة في غزة تمثل تهديدًا خطيرًا للاستقرار الإقليمي والدولي، وتعد انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي الملزمة للجميع دون استثناء.
وأكد أنّ هذه المحاولات تعزز ثقافة الإفلات من العقاب التي شجعت إسرائيل على تنفيذ 9 جولات من العدوان على قطاع غزة خلال السنوات الماضية، مما يُفاقم الانتهاكات المستمرة لحقوق المدنيين الفلسطينيين، ويُكرس واقع الاحتلال غير المشروع للأرض الفلسطينية الذي دام لأكثر من 7 عقود. وأضاف أن تعطيل المساءلة يفرغ النظام الدولي من مضمونه ويعطي الضوء الأخضر للمعتدين للاستمرار في ارتكاب الجرائم دون خشية من الملاحقة القانونية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان جميع الأطراف الدولية إلى اتخاذ خطوات فورية وملموسة لضمان تحقيق العدالة للضحايا، ومنع تكرار هذه الانتهاكات الجسيمة، وضمان أن يعيش سكان قطاع غزة في سلام وأمان بعيدًا عن العنف والدمار.
وطالب المرصد باتخاذ التدابير الآتية:
1- فرض حظر كامل على بيع وتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وشرائها منها، والتوقف والامتناع عن تقديم أية مساعدات في المجالات العسكرية والاستخباراتية، وإيقاف جميع التراخيص واتفاقيات الأسلحة والاستيراد والتصدير، بما يشمل المواد والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن أن تستخدمها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وانتهاك حقوقه.
2- ضمان عودة النازحين قسرًا في قطاع غزة إلى مناطق سكناهم بشكل آمن وفوري ودون إبطاء، بما يشمل سكان شمال قطاع غزة ومدينة غزة، وضمان حرية الحركة والتنقل والوصول لجميع سكانه.
3- تسريع المحكمة الجنائية الدولية إجراءاتها وتوسيع نطاق تحقيقاتها لتشمل جريمة الإبادة الجماعية، وغيرها من الجرائم الدولية المرتكبة في قطاع غزة. كما يتعين عليها إرسال فرق تحقيق إلى القطاع، وفتح مكتب دائم في المنطقة لجمع الأدلة وحمايتها، والاستماع مباشرة إلى الشهادات من الضحايا والشهود. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المحكمة إصدار مذكرات إلقاء قبض بحق جميع المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم لضمان المساءلة وتقديمهم إلى العدالة.
4- تسريع الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف عقد اجتماع عاجل لوضع خارطة طريق واضحة للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي تم ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة، والتأكيد على جميع التزامات الدول باحترام وضمان احترام إسرائيل للقانون الدولي الإنساني، وتنفيذ الدول لالتزاماتها الدولية بملاحقة ومحاسبة الجناة أمام محاكمها الوطنية، بدءًا بمواطنيها الذين حرضوا أو شاركوا في ارتكاب الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، ينبغي عليها تفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية لملاحقة الجناة الإسرائيليين من غير مواطنيها أمام محاكمها الوطنية.
5- إجراء المفوض السامي لحقوق الإنسان زيارة عاجلة لقطاع غزة وتقييم الوضع على الأرض بشكل مباشر، بما يتيح للمفوضية السامية جمع معلومات دقيقة حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المنطقة، فضلا عن ضرورة فتح مكتب دائم للمفوضية في غزة، باعتباره أمرا أساسيا لضمان وجود آلية مستمرة لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، وفقًا لمهام المفوضية في مراقبة وحماية حقوق المدنيين في مناطق النزاع.
6- تيسير دخول فرق تحقيق دولية بشكل عاجل ودون عوائق إلى قطاع غزة، لضمان توثيق شهادات الضحايا والشهود وحماية الأدلة.
7- تمكين وفود من البرلمانات الدولية والأوروبية من دخول قطاع غزة لمعاينة الأوضاع على الأرض، ودعم الجهود الرامية لتحقيق العدالة.
8- العمل فورًا على إنهاء الأسباب الجذرية لمعاناة الشعب الفلسطيني واضطهادهم على مدار 76 عاما، والدفع على نحو جاد وحازم إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني والاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي المفروض على الأرض الفلسطينية، بما في ذلك قطاع غزة، ورفع الحصار غير القانوني عنها، والتدخل الحاسم لدعم مسار تحرر الشعب الفلسطيني وممارسته لحقه في تقرير المصير، وجبر الضرر الذي لحق بهم جراء جرائم إسرائيل.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الأورومتوسطي جريمة الإبادة الجماعية غزة إسرائيل حماس الجرائم العقاب المرصد الأورومتوسطی الانتهاکات الجسیمة الإبادة الجماعیة الشعب الفلسطینی المجتمع الدولی تحقیق العدالة لحقوق الإنسان هذه الجرائم فی قطاع غزة أکثر من
إقرأ أيضاً:
دماء داخل البيوت.. الجرائم الأسرية عرض مستمر.. خبراء: من أخطر الظواهر التي تهدد المجتمعات الحديثة وغياب الأدوار الثقافية والتربوية سبب رئيسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعد الجرائم الأسرية من الظواهر المؤلمة التى باتت تشغل الرأى العام والمجتمع فى العديد من الدول، خاصة فى الآونة الأخيرة، حيث شهدنا زيادة ملحوظة فى معدلاتها بشكل مقلق تتضمن هذه الجرائم أشكالاً متعددة مثل العنف الزوجي، الاعتداءات على الأطفال، جرائم الطلاق، وغيرها من الحوادث التى قد تنتهى بوفاة أحد الأطراف أو إصابته بأضرار جسدية أو نفسية خطيرة لم تعد هذه الجرائم مقتصرة على الفئات الاجتماعية أو الاقتصادية دون غيرها، بل أصبحت ظاهرة تهدد جميع طبقات المجتمع، مما يثير تساؤلات عميقة عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الارتفاع الملحوظ.
تتداخل الأسباب الاجتماعية والنفسية لتساهم فى هذه الظاهرة بشكل معقد، مما يجعل من الضرورى تحليلها من زوايا متعددة فى مقدمة هذه الأسباب نجد الأزمات الأسرية المستمرة مثل الطلاق والخلافات العائلية، التى قد تؤدى إلى تصاعد التوترات والمشاكل بين الأطراف ويعد عدم وجود آلية فعّالة للتعامل مع هذه الأزمات فى المجتمع أحد أبرز الأسباب المؤدية إلى هذه الجرائم، حيث إن التأثير النفسى العميق الناتج عن هذه الصراعات قد يدفع بعض الأفراد إلى اتخاذ قرارات مؤلمة مثل العنف أو الانتقام.
من الجوانب النفسية المهمة التى تتعلق بهذه الجرائم هى اضطرابات الصحة النفسية، التى قد تكون ناتجة عن مشاكل نفسية غير معالجة مثل الاكتئاب، القلق، أو اضطرابات الشخصية، مما يؤدى إلى تأثيرات سلبية على السلوك كما أن تعاطى المخدرات يلعب دورًا رئيسيًا فى هذه الجرائم، حيث يؤثر بشكل مباشر على قدرة الفرد على التحكم فى مشاعره وتصرفاته، ويزيد من احتمالية ارتكاب الأفعال العنيفة.
ومن جانب آخر، تساهم الدوافع الانتقامية التى تبرز فى كثير من هذه الجرائم فى تفاقم المشكلة، مما يبرز الحاجة إلى بناء ثقافة اجتماعية قائمة على الحوار والتفاهم بدلاً من العنف، وتكمن أهمية التعامل مع هذه الظاهرة فى أنها تؤثر بشكل مباشر على النسيج الاجتماعي، حيث لا تقتصر تداعياتها على الأفراد المتورطين فيها، بل تمتد لتؤثر على الأسر والمجتمع ككل، مما يزيد من الحاجة إلى استراتيجيات فعّالة للتوعية والوقاية تشير الدراسات إلى أن التدخل المبكر يمكن أن يكون له تأثير كبير فى منع تصاعد الأزمات إلى مستويات تهدد السلامة العامة. لذا فإن تفعيل دور المؤسسات الاجتماعية والمجتمع المدنى فى تقديم الدعم النفسى وتوفير المساعدة للأسر أصبح ضرورة ملحة.
من جانب آخر، يلعب التعليم وتثقيف الأفراد فى أهمية الصحة النفسية دورًا أساسيًا فى الوقاية من الجرائم الأسرية. يجب تعزيز الوعى حول ضرورة التعامل مع الأزمات النفسية بطرق سليمة بعيدًا عن العنف، مع التأكيد على أهمية الوصول إلى العلاج والدعم المناسبين فى حال ظهور علامات أى اضطراب نفسي. ولا يمكن تجاهل دور السياسات الحكومية فى مكافحة تعاطى المخدرات وتوفير برامج إعادة التأهيل التى من شأنها تقليل هذه الظاهرة، مواجهة هذه الظاهرة تتطلب جهدًا مشتركًا من جميع أفراد المجتمع، بما فى ذلك الأسرة، المدرسة، وسائل الإعلام، والمؤسسات الحكومية والمدنية. من خلال تضافر هذه الجهود، يمكننا بناء مجتمع أكثر استقرارًا وأمانًا خالياً من العنف الأسري، مما يضمن بيئة صحية ومزدهرة للأجيال القادمة.
جرائم
شهدت منطقة عزبة الصفيح التابعة لقرية كفر منصور فى طوخ بمحافظة القليوبية جريمة قتل مروعة خلال الفترة الماضية، حيث أقدم أب على قتل زوجته وطفليه بدم بارد، ثم قام بحرق والدته وأصاب شقيقه بجروح خطيرة.
وقعت الجريمة فى الساعات الأولى من الصباح، عندما استيقظ الطفل الضحية وشقيقته بملامح بريئة وتوجها إلى والدهما طلبًا للإفطار. وبعد تناول وجبتيهما، جلس الأب فى حالة شرود تام تحت تأثير المخدرات. وفجأة، قام بالاعتداء على زوجته وطفليه مستخدمًا سلاحًا أبيض، ليذبحهم جميعًا دون أدنى رحمة داخل غرفة نومهم.
لم تتوقف فصول هذه المأساة عند ذلك الحد، حيث توجه الجانى إلى منزل والدته وشقيقه فى وقت لاحق. استغل نومهما ووضع مواد قابلة للاشتعال داخل المنزل، ثم أشعل النيران قبل أن يلوذ بالفرار. أسفرت الحادثة عن مصرع والدته حرقًا، بينما نُقل شقيقه إلى المستشفى فى حالة حرجة.
وتلقت الأجهزة الأمنية بالقليوبية بلاغًا من الأهالى حول الواقعة، وسرعان ما ألقت القبض على المتهم بعد الكشف عن هويته. وباشرت النيابة العامة التحقيق، وأمرت بانتداب الطب الشرعى لفحص جثث الضحايا، والاستعلام عن حالة المصاب، وطلبت تحريات المباحث لاستكمال ملابسات الحادث.
كما شهدت قرية دكران التابعة لمركز أبوتيج بمحافظة أسيوط فى أواخر شهر نوفمبر الماضى واقعة مأساوية هزّت المنطقة بأكملها، حيث أقدم أب على ارتكاب جريمة بشعة باستخدام ساطور، أسفرت عن مقتل ثلاثة من أبنائه وإصابة الابن الرابع بجروح خطيرة. تم الإبلاغ عن الحادث من قبل الأهالى الذين سمعوا أصوات استغاثة صادرة من المنزل، ما دفعهم للتدخل وإبلاغ السلطات على الفور.
ووفقاً لشهادات شهود العيان، كان الأب المتهم، المدعو "فتح الله. أ. ن"، يعانى من اضطرابات نفسية حادة فى الفترة الأخيرة، الأمر الذى دفعه إلى الاعتداء الوحشى على أبنائه داخل المنزل. الجيران الذين هرعوا إلى مكان الحادث أكدوا أنهم سمعوا صراخ الابن الرابع، الذى نجا بأعجوبة من الموت بعد أن أصيب بإصابات بالغة وتم نقله إلى العناية المركزة بمستشفى أبوتيج النموذجي. أما الأبناء الثلاثة الآخرون، فقد فارقوا الحياة جراء الإصابات الجسيمة التى لحقت بهم.
وفى حادثة مروعة هزت قرية حلابة بدائرة مركز قليوب بمحافظة القليوبية خلال الفترة الماضية، أقدم أب على ارتكاب جريمة قتل بشعة بحق أبنائه الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات وواحد وعشرين عامًا هذه الجريمة المؤلمة أثارت صدمة واسعة فى المجتمع المصري، خاصة مع الكشف عن الدوافع النفسية والاجتماعية التى قادت إلى ارتكابها.
أيمن محفوظ المحامى والخبير القانونيأسباب تفشى الجريمة الأسرية
أيمن محفوظ: من أخطر الظواهر التى تهدد المجتمعات الحديثة
يقول أيمن محفوظ المحامى والخبير القانوني، الجريمة الأسرية أصبحت واحدة من أخطر الظواهر التى تهدد المجتمعات الحديثة، حيث تجاوزت حدود الأخلاق والقيم الإنسانية، وبدأت تضرب النسيج الأسري، الذى يعتبر الركيزة الأساسية لأى مجتمع موضحًا أن تفاقم هذه الجرائم وتحولها إلى ممارسات بشعة تتراوح بين التحرش والاعتداء وزنا المحارم وصولاً إلى القتل، يعكس وجود اختلالات عميقة فى القيم الاجتماعية والإنسانية، مؤكدًا أن الجريمة الأسرية ليست مجرد انتهاك لحقوق أفراد الأسرة، بل هى انعكاس لتدهور القيم الإنسانية فى المجتمع موضحًا أن مسئولية التصدى لهذه الظاهرة تقع على عاتق الجميع، سواء من خلال تعزيز القيم الدينية والأخلاقية، أو بتطبيق القانون بصرامة، أو عبر توفير الدعم النفسى والاجتماعى بهذه الخطوات يمكن تقليل معدلات الجريمة الأسرية وبناء مجتمع أكثر أمانًا واستقرارًا.
وأضاف محفوظ فى تصريحات خاصة لـ "البوابة"، أن غياب الوازع الدينى والأخلاقى يعد أحد أبرز أسباب انتشار الجريمة الأسرية، حيث يؤدى ذلك إلى تراجع الفطرة السليمة التى تحث على حماية أفراد الأسرة بالإضافة إلى ذلك، تسهم الاضطرابات النفسية غير المعالجة فى دفع الأفراد لارتكاب جرائم مروعة ضد أقرب الناس إليهم كما أن العنف المتوارث داخل الأسر يعزز من قبول العنف كوسيلة لحل الخلافات.
وتابع محفوظ، أن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية تلعب أيضًا دورًا رئيسيًا فى تفاقم هذه الظاهرة، حيث تؤدى إلى اضطراب العلاقات الأسرية وزيادة التوتر بين أفراد الأسرة علاوة على ذلك، فإن الإدمان على المخدرات والكحول يزيد من احتمالية وقوع الجرائم خاصة وأن انعدام الرقابة القانونية أو ضعف تطبيق القوانين يجعل الشعور بالإفلات من العقاب محفزًا إضافيًا لارتكاب الجرائم.
الحلول الممكنة
وأشار محفوظ، إلى أن الحل الأمثل لمواجهة هذه الظاهرة، يجب تعزيز التربية الأخلاقية والدينية داخل الأسر والمجتمع، حيث تساهم فى بناء علاقات أسرية قائمة على الاحترام والمحبة كما أن توفير الدعم النفسى من خلال مراكز متخصصة يمكن أن يساعد فى علاج الاضطرابات النفسية التى تدفع إلى ارتكاب الجرائم، إلى جانب التشديد على تطبيق القوانين ومعاقبة مرتكبى الجرائم الأسرية بصرامة لأن ذلك يعد خطوة ضرورية لردع مثل هذه الجرائم ومنع تكرارها بالإضافة إلى ذلك، يجب إطلاق حملات توعوية شاملة تسلط الضوء على خطورة الجريمة الأسرية وتأثيرها المدمر على الأفراد والمجتمع، ومن الضرورى أيضًا مكافحة الإدمان عبر إنشاء برامج خاصة لعلاج المدمنين وتوفير الدعم الاقتصادى للأسر الفقيرة لتخفيف الضغوط التى تؤدى إلى تفكك العلاقات الأسرية.
أبعاد اجتماعية ونفسية
سامية خضر: الحوادث تكشف عن خلل كبير فى التعامل مع الأزمات النفسية داخل الأسر المصرية
وفى نفس السياق تقول الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع، ينبغى تفعيل دور المؤسسات الاجتماعية والمجتمع المدنى فى تقديم الدعم النفسى للأسر، خاصة فى حالات الطلاق والخلافات العائلية، حيث إن تأثير هذه الأزمات يمكن أن يمتد ليشمل الأبناء ويؤدى إلى عواقب وخيمة.
وأضافت خضر فى تصريحات خاصة لـ"البوابة"، أن تلك الحوادث تكشف عن خلل كبير فى التعامل مع الأزمات النفسية داخل الأسر المصرية، ويبرز الحاجة الملحة إلى الاهتمام بالصحة النفسية خاصة وأن اضطراب المتهم وعدم حصوله على الدعم النفسى المناسب يؤدى إلى تلك الجرائم إلى جانب تأثير المخدرات، حيث إن المخدرات تساهم بشكل مباشر فى وقوع هذه الكارثة كما أن الدوافع الانتقامية التى ذكرها المتهمون فى تلك الحوادث تبرز أهمية بناء ثقافة الحوار وحل الخلافات بطريقة بناءة بعيدًا عن العنف.
وتابعت خضر، ما حدث من تكرار تلك الجرائم يمثل نداءً للمجتمع بأسره للعمل على الوقاية من مثل هذه الجرائم مستقبلاً مؤكدًا أن هناك حاجة ملحة لتعزيز التوعية بأهمية الصحة النفسية، وضرورة التدخل المبكر لعلاج الأشخاص الذين تظهر عليهم علامات اضطراب نفسى كما يجب تكثيف الجهود لمكافحة تعاطى المخدرات، التى تؤثر بشكل مدمر على الأفراد وأسرهم.
أسباب اجتماعية وأسرية
اللواء علاء الدين عبدالمجيد: غياب الأدوار الثقافية والتربوية سبب رئيسي
بينما يقول اللواء علاء الدين عبدالمجيد مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني، إن انتشار الجرائم داخل المجتمع المصرى لم يعد أمرًا مستغربًا، بل أصبح نتيجة حتمية لمجموعة من الظواهر والأسباب المتجذرة على مدار سنوات طويلة هذه الجرائم، خاصة الأسرية منها، تعكس أزمات اجتماعية واقتصادية وثقافية تفاقمت بمرور الزمن دون حلول جذرية، موضحًا، من أبرز العوامل التى ساهمت فى انتشار الجرائم الأسرية هو الزواج المبكر، الذى يؤدى إلى نشوء أسر غير قادرة على تحمل مسؤوليات التربية، مما ينتج أجيالًا تعانى من غياب الوعى والقيم بالإضافة إلى ذلك، يُعَدّ التفكك الأسرى من الأسباب الرئيسة، حيث يعيش العديد من الأسر فى حالة من الانفصال العاطفى والاجتماعى نتيجة الضغوط المتراكمة.
التحديات الاقتصادية
وأضاف عبد المجيد فى تصريحات خاصة لـ"البوابة"، تعانى معظم الأسر المصرية من ظروف اقتصادية صعبة، تزايدت مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وغلاء الأسعار مؤكدًا أن هذه الأوضاع أدت إلى تركيز الأسر على مواجهة الأزمات المالية على حساب التربية السليمة، مما أفقد الكثير من العائلات قدرتها على بناء وعى دينى وأخلاقى متين لدى أفرادها.
وتابع عبد المجيد، ساهم الإعلام، سواء عبر الأعمال الفنية أو وسائل التواصل الاجتماعي، فى تعزيز ظواهر سلبية مثل العنف والبلطجة خاصة وأن الأعمال الدرامية التى تروج للعنف، مثل بعض المسلسلات والأفلام، كان لها تأثير كبير فى تشكيل سلوكيات عدوانية لدى الشباب.
كما أصبحت وسائل التواصل الاجتماعى مصدرًا للشائعات والمعلومات المضللة، مما أضعف الثقافة المجتمعية وزاد من الفوضى، إلى جانب غياب الأدوار الثقافية والتربوية، حيث كان للمؤسسات الثقافية والتعليمية فى الماضى دور بارز فى نشر الوعى وتعزيز القيم المجتمعية، إلا أن تراجع هذا الدور أدى إلى فراغ ثقافى كبير.
غياب هذه المؤسسات جعل الأجيال تعتمد على مصادر غير موثوقة، مما أدى إلى تدهور القيم والثقافة العامة، بالإضافة إلى أزمة القيم والقدوة حيث افتقد المجتمع لنماذج إيجابية يحتذى بها مما ساهم فى تفاقم الأزمات ولم يعد هناك تركيز على خلق قدوة حسنة تشجع على السلوك الإيجابي، بل أصبح البعض يمجد شخصيات تعكس سلوكيات غير أخلاقية. كما أن تراجع احترام خصوصيات الآخرين يعكس غياب الوعى المجتمعي، بالإضافة إلى بعض الفتاوى الدينية غير المدروسة وتراجع الدور الدينى الصحيح ساهم فى خلق بيئة دينية غير مستقرة إلى جانب التقصير الواضح فى تقديم خطاب دينى يدعم القيم الأخلاقية ويواجه الظواهر السلبية.
وأشار عبد المجيد، إلى أن الحلول للتغلب على الأزمات الاجتماعية والأخلاقية التى تواجه المجتمعات عديدة من بينها اتخاذ خطوات عملية وشاملة تبدأ بتعزيز الدور الثقافى والتربوى فالمدارس ومراكز الثقافة يجب أن تلعب دورًا محوريًا فى غرس القيم الإيجابية ونشر الوعى المجتمعي، من خلال تنظيم أنشطة تربوية وثقافية تُساهم فى بناء أجيال واعية ومثقفة قادرة على مواجهة التحديات المختلفة، كما أن للمحتوى الإعلامى تأثيرًا كبيرًا على تشكيل العقول والاتجاهات، مما يتطلب مراقبة دقيقة للأعمال الفنية والبرامج الإعلامية لضمان خلوها من الرسائل التى تروج للعنف أو الفساد بدلاً من ذلك.
وتابع: يجب تشجيع إنتاج أعمال تُعزز الأخلاق وتنشر القيم النبيلة، مما يُسهم فى بناء مجتمع مستنير ومتماسك، وفى الوقت ذاته، لا يمكن إغفال أهمية تحسين الأوضاع الاقتصادية كعامل أساسى فى استقرار المجتمعات. إطلاق مبادرات اجتماعية واقتصادية تهدف إلى دعم الأسر الفقيرة وتخفيف الأعباء المالية عنهم سيكون له دور كبير فى تقليل الضغوط الاجتماعية التى تؤدى أحيانًا إلى سلوكيات سلبية، وإعادة بناء القيم الدينية والاجتماعية تُعد أيضًا خطوة محورية، من خلال التركيز على خطاب دينى معتدل يشجع على التسامح والأخلاق والقيم الإيجابية. إلى جانب ذلك، يجب تعزيز القيم الاجتماعية التى تدعم التماسك والتعاون بين أفراد المجتمع.
وطالب عبد المجيد، بتقديم نماذج ناجحة ومؤثرة من الشخصيات التى تعكس الالتزام الأخلاقى والإنجاز موضحًا أن هذه النماذج ستكون بمثابة قدوة تحتذى بها الأجيال الجديدة، وتساعد فى توجيههم نحو مسارات إيجابية، وأخيرًا، يبقى تطبيق القانون بحزم وبشكل عادل على الجميع دون استثناء خطوة أساسية لمواجهة الجرائم والحد من الفوضى. تطبيق العدالة يعزز الشعور بالأمان والثقة فى النظام القانوني، مما يُسهم فى استقرار المجتمع وتحقيق التقدم المنشود.
الدكتور جمال فرويز الخبير النفسيالعوامل الاجتماعية
جمال فرويز: تفكك الروابط العائلية وضعف التواصل بين أفراد الأسرة تساهم فى زيادة الجرائم
ويقول الدكتور جمال فرويز الخبير النفسي، تشهد المجتمعات زيادة مقلقة فى معدل الجرائم الأسرية، وهو ما يرتبط بعدة عوامل نفسية تؤثر على الأفراد داخل الأسرة من أبرز هذه العوامل الضغوط النفسية والاقتصادية التى تنشأ من الأزمات المالية والبطالة، مما يؤدى إلى تصاعد التوتر داخل المنزل بالإضافة إلى ذلك، يعانى البعض من اضطرابات نفسية غير معالجة، مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية، مما يجعلهم أكثر عرضة للسلوك العدواني، موضحًا تعاطى المخدرات والكحول أيضًا يعد سببًا رئيسيًا لتدهور السيطرة على السلوك وارتفاع معدلات العنف داخل الأسرة. ومن ناحية أخرى، قد يكون التنشئة الأسرية الخاطئة والتعرض للعنف فى الطفولة عوامل مؤثرة تكرس هذه الأنماط السلبية عبر الأجيال.
وأضاف فرويز لـ"البوابة"، إلى جانب الأسباب النفسية، تلعب العوامل الاجتماعية دورًا كبيرًا فى زيادة الجرائم الأسرية مثل تفكك الروابط الأسرية وضعف التواصل بين أفراد الأسرة يؤديان إلى انعدام الشعور بالأمان داخل المنزل كما أن التغيرات الثقافية والقيمية، مثل تراجع القيم الأسرية التقليدية وتأثير وسائل الإعلام التى قد تروج للعنف كحل للمشكلات، تساهم فى تفاقم هذه الظاهرة مؤكدًا أن ضعف الوعى القانونى يعد مشكلة أساسية، حيث يجهل البعض حقوقهم أو يخشون الإبلاغ عن العنف بسبب وصمة اجتماعية أو خوف من الانتقام.
وتابع فرويز، أن هناك عدة حلول ممكنة لمعالجة تلك الظاهرة ومواجهتها مثل التركيز على تقديم حلول فعالة ومستدامة والتثقيف الأسرى حيث يأتى فى مقدمة الحلول، من خلال تقديم دورات لتعليم مهارات التواصل وإدارة الغضب وتشجيع الأزواج على طلب المساعدة عند الحاجة، الى جانب تعزيز الدعم النفسى عبر توفير مراكز استشارية نفسية متاحة للجميع، مع نشر الوعى بأهمية العلاج النفسى وتأثيره الإيجابى على استقرار الأسرة، كما أن تطبيق القوانين الرادعة ضد الجرائم الأسرية وتوفير الحماية للضحايا يمثل خطوة هامة لتقليل معدلات العنف وزيادة البرامج المجتمعية التى تركز على بناء الروابط الأسرية، وتقديم الدعم الاقتصادى والاجتماعى للأسر المحتاجة يمكن أن تسهم بشكل كبير فى معالجة جذور المشكلة،
وأوضح فرويز، يلعب الإعلام دورًا محوريًا فى نشر رسائل إيجابية عن أهمية الحوار والتفاهم الأسري، مع تجنب عرض محتوى يروج للعنف أو يعزز السلوكيات السلبية، حيث تحتاج معالجة ظاهرة الجرائم الأسرية إلى تعاون جماعى من جميع أطراف المجتمع، بما فى ذلك الأسر، الجهات الحكومية، والمجتمع المدني. فقط من خلال هذا التعاون يمكننا ضمان بيئة أسرية آمنة ومستقرة، تساهم فى بناء مجتمعات أكثر صحة وسلامة.