الصفقة بدون السنوار!
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
محمد رامس الرواس
جاءت الصفقة بين حماس وفصائل المُقاومة الفلسطينية، ودولة الكيان الإسرائيلي، كمؤشر انتصار حاسم للمقاومة في ظل غياب الشهيد القائد يحيى السنوار رحمه الله الذي وضع لها كافة التقديرات والاحتمالات حتى تخضع دولة الكيان الإسرائيلي وتأتي بها إلى طاولة المفاوضات ذليلة منكسرة.
كان يُمكن أن تتم هذه الصفقة قبل هذا الوقت بأشهر لولا مراوغة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان يظن أنَّ ذلك النصر الذي يبحث عنه في حرب الإبادة التي يُمارسها ضد الفلسطينيين في غزة، لكن كل تلك الجرائم انعكست عليه سلبًا ووقع في براثن جرائمه الإرهابية مما دفع المجتمع الدولي لنبذه ومحكمة العدل الدولية لتجريمه وتخلى عنه كثيرٌ من حلفائه، هذا بالإضافة إلى ما آلت إليه دولة الكيان الصهيوني من عُزلة دولية وتدهور اقتصادها وضعف جيشها.
لقد كان الشهيد القائد يحيى السنوار من جيل أولئك القادة الأفذاذ الذين يخططون ويتابعون خططهم وينفذونها بأنفسهم، وكانت تتم كافة عمليات القسام من خلال فرق عمل قام بتجهيزها هو ومجموعته العسكرية التي خططت لطوفان الأقصى الذي فضح دولة الكيان وجرائمها أمام العالم وعراها وألبسها ثوب الخزي والعار وهي توقع الصفقة مع رجال المقاومة.
وفي مشهد توقيع الصفقة هذا المشهد الذي يحمل الكثير من معاني العزة والقوة للمقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها نستذكر الشهيد يحيى السنوار (أبو إبراهيم)- رحمه الله- الذي كان من فئة نادرة من القادة فقد كان قائدًا ذا نظرة واعية وثاقبة في اختيار الرجال، ولقد تميَّز رحمه الله كذلك بكونه قارئاً جيداً في الجوانب التاريخية والشرعية وذا قراءة ثاقبة ومتأنية في أحوال العدو وفهم نقاط ضعفه وكيف يفكر مما جعله يستشرف كيف يتعامل معه وفي المقابل، ولم يكن يوما إلا ذلك القائد المُحنك الذي يعمل ضمن مجموعة عمل متألفة ومتفقة بحيث يكملوا الطريق والمسيرة إلى الأمام إن غاب أحدهم عن المشهد العسكري والسياسي.
لقد غادرنا أبو إبراهيم ولم تسعفه أقدار الله أن يشهد هذه اللحظات التي رفع فيها الفلسطيني رأسه عاليا شامخا أمام دولة الكيان الإسرائيلي وهو يوقع صفقة بطعم النصر ويخرج الإسرائيلي ذليلًا مهزومًا مقهورًا.
إن مشيئة الله غالبة في كل وقت وحين فلم تتم الصفقة إلا في غياب يحيى السنوار الذي كانت لديه رؤية واضحة للأحداث ويعرف ما يريد بالضبط؛ فأهدافه محددة واستراتيجيته واضحة منذ البداية وحتى قبل معركة طوفان الأقصى بزمن طويل كان لديه مشروع توحيد المقاومة الفلسطينية وهو مشروع أساسي نجح فيه من خلال وجود غرفة عمليات موحدة ومنسقة تنسيقا تاماً بين كافة الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها كتائب عز الدين القسام بعد تخلصه من العملاء. ولقد كان- رحمه الله- رجلًا صاحب حجة له تأثير إيجابي على كل من يُقابله ويتعاطى معه في العمل ولقد كان يتعامل مع الناس ويعيش بين فصائل المقاومة قريباً منهم وليس أدل من ذلك حادثة استشهاده؛ حيث كان في الميدان مع بعض رفاقه وجهاً لوجه مع العدو.
لقد كان القائد السنوار رجلا ديناميكيا قارئا مثقفا وأديباً لديه من المهارات القيادية القدرة على امتصاص صدمات الأحداث، من خلال ما كان يقوم به الكيان الإسرائيلي ورئيس وزرائه من التلاعب والمراوغة اللذين كان يمتازون بهما، وكان من أسباب تأخر الصفقة إلى هذا الوقت الخذلان العربي والإسلامي والدولي لغزة برغم أن نتنياهو كان يُعاني الشيء الكثير في الأشهر الأخيرة من خسائر داخلية وخارجية ونفسية لكنه في النهاية استسلم ورضح وانصاع وإن كان الوقت متأخرًا عمّا خطط له السنوار رحمه الله.
ختامًا.. لقد أثبتت حركة المقاومة حماس للعالم كيف أن نصر الله يكون قريبًا برغم قلة العتاد لديها وبرغم أن العدو يملك واحداً من أكبر جيوش العالم المدججة بالسلاح ويتمتع بدعم لوجستي بلا حدود وخلفه دول عظمى تسانده وتمده بالذخيرة متى ما يُريد، لكن مشيئة الله غالبة وإرادته عز وجل نافذة ومعونته متواجدة لمن نصر دينه ولو بعد حين.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الکیان الإسرائیلی یحیى السنوار دولة الکیان رحمه الله لقد کان
إقرأ أيضاً:
ما حكم الشرع في أداء الحج بدون تصريح؟.. الإفتاء تجيب
حذّر الشيخ أحمد بسيوني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، من خطورة أداء فريضة الحج دون الالتزام بالحصول على التصاريح الرسمية، مؤكدًا أن ذلك يخالف مقاصد الشريعة ويعرّض النفس والغير للضرر، وهو ما يتنافى مع القواعد الأساسية في الإسلام.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأحد، أن من لا يمتلك تصريحًا رسميًا لأداء الحج لا يُعد مستطيعًا شرعًا، لأن الاستطاعة لا تقتصر على الجانب المالي أو البدني فقط، بل تشمل أيضًا الاستطاعة القانونية والنظامية، مشيرًا إلى قول الله تعالى: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها"، وأن "من استطاع إليه سبيلًا" تشمل التزام الإنسان بالتعليمات والتنظيمات الرسمية المعمول بها.
أمين الفتوى: الاستطاعة في الحج لا تقتصر على المال فقط
حكم الشرع في شخص أدى فريضة الحج من مال حرام.. الإفتاء تكشف
وأضاف أن مخالفة التعليمات والدخول إلى الحج دون تصريح يعد مخالفة صريحة لقاعدة شرعية عظيمة وهي: "لا ضرر ولا ضرار"، مبينًا أن ما حدث في موسم الحج الماضي من تدافع وازدحام أودى بحياة المئات، كان نتيجة مباشرة لدخول أعداد كبيرة من الحجاج دون تصريح، مما أربك التنظيم وأدى إلى فوضى خطيرة.
وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية قائمة على النظام والدقة والانضباط، وليس على العشوائية، قائلًا: "الشرع الشريف كله نور وبر ووفاء، ولا يعرف الفوضى، ومن تَصَفّى قلبه بأنوار الشرع، صار أهلًا للنور والبر والإحسان".
كما نبه على أن احترام الأنظمة المعتمدة للدخول إلى الأراضي المقدسة جزء من الوفاء بالعهد، وهو خلق من صفات المؤمنين الصادقين، مصداقًا لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود".
وأكد أن الإضرار بالنفس أو بالغير، سواء كان بدنيًا أو معنويًا أو نفسيًا، هو منهيّ عنه شرعًا، ويدخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، مشددًا على أن مخالفة الأنظمة لا تؤدي فقط إلى الأذى الشخصي، بل تتسبب في ضرر جماعي، وهو أمر مرفوض في ميزان الشريعة.
وتابع: "لا تضحِّ بنفسك ولا تضرّ غيرك، وأدِّ الفريضة كما أرادها الله، لا كما تمليها العشوائية أو العاطفة.. التزم بالتنظيم، فهو من تمام الدين".