ذوو الأسرى الفلسطينيين: الإبعاد أحلى الأمرّين وحريتهم أغلى
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
بمجرّد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والتوجه لعقد صفقة تبادل للأسرى، أخرجت الفلسطينية تغريد حجة رزمة كبيرة من صور عائلتها، وأخذت تنتقي أكثرها قربا، فيما يبدو استعدادا لمرافقته في إبعاده عن وطنه حال الإفراج عنه من سجون الاحتلال.
وسليم حجة (52 عاما) المنحدر من قرية برقة قرب مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، واحد من نحو 600 أسير فلسطيني محكومين بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، ويحضّر الاحتلال لإبعاد عدد كبير منهم إلى خارج وطنهم ضمن شروط الإفراج عنهم في الصفقة الجديدة.
وتعيش تغريد حجة (أم عمر) حالة ترقّب عصيبة، ولا تريد أن تصدق أي خبر حول الإفراج عنه حتى تراه حرا؛ فقد اكتوت بنار الأمل بتحرره الذي لم يتحقق في صفقة وفاء الأحرار (صفقة شاليط) عام 2011، لكنها لم تفقد هذا الأمل حتى وإن كان الثمن إبعاده خارج فلسطين.
والإبعاد بالنسبة لأم عمر وعائلتها وعائلات الأسرى له ثمن قاسٍ، فهو يعني اضطرار عائلاتهم للحاق بهم والانسلاخ عن منازلهم ووطنهم أيضا. لكنه أخف الأمرّين، كما تقول، كي لا يبقى زوجها أسيرا يتجرع مر العذاب والعقاب بالتجويع والعزل والضرب والحرمان من رؤية ذويه وزياراتهم.
إعلانوتضيف للجزيرة نت "ليس محبة في الغربة وترك الأهل والدار، لكنه الدواء المر الذي نضطر لأخذه لنخفف ألم الفقد والحرمان والشوق والانتظار سنين طويلة، وخاصة أن الألم كان مضاعفا طوال فترة الحرب".
بيت العمر وذكرياته
ومثل غيرها من زوجات وأمهات الأسرى، شيَّدت أم عمر بيت الزوجية، وأعدت غرفه مقسمة للإناث والذكور الذين لم تنجب منهم سوى ابنها عمر بعد أيام من اعتقال والده في أبريل/نيسان 2002.
وفي البيت أيضا بنت أحلامها ببناء أسرتها وبرؤية زوجها حرا فيه، وزرعته بالأشجار المثمرة والورود لا سيما "وردة الياسمين"، التي يحبها سليم وتحمل اسمه "ياسمينة سليم".
كل ذلك ستتركه أم عمر خلفها، ومعه كم كبير من الذكريات والأحلام إذا قرر الاحتلال إبعاد زوجها مقابل الإفراج عنه. وهي التي تمنت -كما تقول- أن يسمح له وهو في طريقه للإبعاد "لثوانٍ فقط، ليرى فيها المنزل وأهله"، لكن الأمل في الله لا ينقطع بأن يفرج عنه ويعود إلى داره وبلدته.
وقضى سليم حجة نحو 30 عاما في سجون الاحتلال، ويواجه حكما بالسجن المؤبد 16 مرة و30 عاما إضافيا، وهو بذلك عاش أكثر من نصف عمره في السجون، وفقد والده وأحباء كثرا خلال ذلك "وآن الأوان" -حسب زوجته- أن يبصر النور ويعيش ما تبقى من حياته حرا.
ورغم ذلك، يحاصر الخوف عائلة الأسير حجة وخاصة زوجته ونجله عمر الذي يرفض مجرد الحديث عن أمل الإفراج عن أبيه أو أن يعيش الشعور بذلك. "فليس سهلا أن نتفاءل بشيء رغم تداول مواقع إعلامية اسم سليم، وكل ما قمت به أنا حتى الآن هو جمع الصور التي سنأخذها معنا والأوراق الرسمية في حال إبعاده"، تقول الزوجة.
والدة الأسير وائل الجاغوب (يمين) تترقّب الإفراج عنه في صفقة التبادل مقابل وقف إطلاق النار في غزة (الجزيرة) الحرية أثمنشعور بالخوف، رغم الأمل الكبير، يجثم على الفلسطينية صباح الجاغوب والدة الأسير وائل الجاغوب (48 عاما) الذي يقضي حكما بالسجن مدى الحياة أيضا، فالإبعاد أمر صعب عليها وعلى نجلها الذي أمل بأن يعود لوطنه وأرضه وأهله، لكن "الحرية لا تقدر بثمن" كما تقول، وتضيف أن الأسرى أنفسهم لا خيار لهم.
إعلانوفي ميادين الاعتصام والتضامن ومؤازرة الأسرى في مدينة نابلس وغيرها، عرفنا أم وائل (65 عاما) وهي تتصدر الاحتجاجات والمسيرات للمطالبة بالإفراج عن نجلها المعتقل منذ 24 عاما، ولم تحتضنه مرة واحدة حتى الآن، ولم يشهد فرحة واحدة معهم من زواج ونجاح وغيرهما.
وتقول أم وائل للجزيرة نت "التسفير خارج الوطن قرار جائر من الاحتلال، لا يملك الأسير وأهله منه شيئا، لكن حرية وائل أغلى وأثمن، ولأجلها أضحي بأشياء كثيرة، فكلنا يدرك أن أسرى المؤبدات تحديدا لا فرص أمامهم، ونحن والأسرى نعيش على الأمل".
وعام 2001 اعتقل وائل الجاغوب للمرة الثانية، وحكم بالسجن مدى الحياة، بينما حكم بالسجن لست سنوات عام 1996، ليصبح مجموع ما قضاه بسجون الاحتلال 30 عاما.
وبدموع الفرح تنتظر أم وائل الإفراج عن نجلها الأسير الذي لم تزره منذ نحو عامين، أي قبل اندلاع الحرب بشهور. وتقول إنها تعيش فرحة لا يضاهيها أي أمر آخر، على الرغم من أنها ستكون منقوصة لعدم وجوده بينهم.
وتقول "آن لوائل أن يعيش حياته ويتزوج ويكوّن أسرة مثل غيره، لكن حياتنا نحن الفلسطينيين تبقى تحت احتلال وسيظل بيننا الشهداء والجرحى والأسرى، ولذا لن أغادر ميادين التضامن معهم حتى وإن تحرر ابني وائل".
ويقضي اتفاق وقف الحرب على قطاع غزة وصفقة تبادل الأسرى ضمن المرحلة الأولى بإفراج المقاومة عن 33 أسيرا إسرائيليا مقابل 1735 أسيرا فلسطينيا، بينهم عدد كبير من "أسرى المؤبدات"، الذين من المقرر أن يطال الإبعاد معظمهم، وسيطال أيضا أسرى بأحكام عالية.
ملصق للأسير عبد الناصر عيسى خلال فعالية تضامنية مع الأسرى بمدينة نابلس (الجزيرة) الخيار الأفضلولدى عائلة الأسير عبد الناصر عيسى (56 عاما) من مخيم بلاطة بمدينة نابلس، تغيّر مخطط استقبال كبير كانت تعدّ له بعد توقع صدور اسمه في قائمة المبعدين.
إعلانهذا الإبعاد ترى فيه عائلته "الخيار الأفضل" رغم صعوبته، كما تقول شقيقته تمام عيسى، وتضيف "أوضاع الضفة الغربية غير مستقرة بفعل الاحتلال الذي سيظل وجوده يهدد حياة هؤلاء الأسرى، خاصة وأن عبد الناصر قضى 34 عاما بسجون الاحتلال منها 30 متواصلة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإفراج عنه الإفراج عن کما تقول أم عمر
إقرأ أيضاً:
تفاصيل جديدة بشأن أعداد الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية تفاصيل جديدة بشأن الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ونقلت مراسلة الجزيرة في فلسطين نجوان سمري عن صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن المرحلة الأولى من الاتفاق -التي تمتد 42 يوما- ستشهد الإفراج عن 290 أسيرا فلسطينيا محكوما بالسجن المؤبد من أصل 563 أسيرا.
ولفتت سمري إلى أن الأرقام لدى نادي الأسير الفلسطيني بشأن الأسرى ذوي المحكوميات العالية أعلى، إذ دأبت السلطات الإسرائيلية على استثناء أسرى فلسطينيي الـ48 من هذه الأعداد.
ووفق الصحيفة، فإنه سيتم الإفراج عن أكثر من 600 أسير محكوم بالسجن لأكثر من 15 عاما، إضافة إلى ألف أسير من غزة اعتقلوا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
بدورها، ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن مصلحة السجون الإسرائيلية بدأت الاستعداد للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين ضمن صفقة التبادل، وسط توقعات بأن يطلق سراحهم من سجن عوفر العسكري غربي مدينة رام الله.
وكشفت القناة ذاتها أن إسرائيل ستحصل غدا السبت على قائمة الأسرى المحتجزين الذين سيفرج عنهم بعد غد الأحد من قطاع غزة.
ووفق القناة الـ14 الإسرائيلية، فإن بعض الأسرى الفلسطينيين المحكوم عليهم بالمؤبد سيفرج عنهم إلى القدس والضفة الغربية.
إعلانوتخشى عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة -حسب سمري- عرقلة مفاوضات المرحلة الثانية من قبل أعضاء في المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت)، وتريد صفقة شاملة تضم كل الأسرى بمواعيد محددة.
ومن المتوقع أن تنعقد الحكومة الإسرائيلية خلال الساعات القليلة المقبلة للبت في صفقة تبادل الأسرى، في حين ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن المحكمة العليا مستعدة للبت في أي استئناف ضد صفقة التبادل حتى خلال نهاية الأسبوع.
ونقل موقع والا الإسرائيلي عن مصدر مطلع قوله إن "إسرائيل ستحصل على قائمة بأسماء المخطوفين (الأسرى) المزمع الإفراج عنهم قبل يوم واحد من كل مرحلة".
وفي هذا الإطار، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن مواطنين فرنسيين اثنين من بين قائمة الأسرى الـ33 الذين سيطلق سراحهم في المرحلة الأولى من الصفقة.
في المقابل، ذكرت حركة حماس أن قوائم الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم في المرحلة الأولى من الصفقة ستنشر عبر مكتب الأسرى وفق مراحل وإجراءات التبادل.
وأكدت حماس أنها سعت جاهدة إلى "صفقة تبادل وطنية من كافة فصائل وأبناء شعبنا"، مشيرة إلى حل العقبات -فجر اليوم الجمعة- التي نشأت بسبب عدم التزام الاحتلال ببنود اتفاق وقف إطلاق النار.
ومساء أول أمس الأربعاء الماضي، أعلن الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري توصل الوسطاء إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لافتا إلى أن تنفيذ المرحلة الأولى منه سيبدأ بعد غد الأحد.
وحسب الاتفاق، "ستطلق حماس في المرحلة الأولى سراح 33 محتجزا إسرائيليا -بما يشمل النساء المدنيات والمجندات والأطفال وكبار السن والمرضى والجرحى المدنيين- مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ومراكز الاعتقال".
ويعيد هذا الاتفاق إلى الأذهان صفقة إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بين حماس وإسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2011، وذلك مقابل الإفراج عن 1027 أسيرا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.
إعلانوأجريت الصفقة على مرحلتين، الأولى كانت في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2011، وتم خلالها الإفراج عن 477 أسيرا، في حين تم تنفيذ المرحلة الثانية في 18 ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته، وتم الإفراج خلالها عن 550 أسيرا.