بعيدا عن إنجاز مونديال أستراليا.. كرة القدم النسوية المغربية تتخبط في واقع مرير لا يبعث على الأمل
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة
لا شك أن ما حققته لبؤات الأطلس في مونديال السيدات باستراليا، ببلوغهن دور الثمن، شكل منعطفا هاما في تاريخ كرة القدم النسوية المغربية، يمكن استثماره من أجل المضي قدما نحو تحقيق إنجازات أفضل، إن على المستوى القاري أو حتى الدولي.
غير أن عددا من المتابعين للبطولة الوطنية، والعارفين بخباياها، يجمعون أن إنجاز مونديال السيدات بأستراليا، يبقى فلتة واستثناء يصعب تكراره مستقبلا، سيما في ظل الواقع المرير الذي تتخبط فيه كرة القدم النسوية بالمغرب، بين هزالة الأجور والمنح التي لا تشجع بتاتا على توسيع قاعدة الممارسات، دون الحديث عن ضعف البنيات التحتية التي تعد أكبر عائق يواجه الفرق النسوية.
في ذات السياق، كان لموقع أخبارنا حديث مستفيض مع لاعبة تمارس بالقسم الوطني الأول، رفضت الكشف عن هويتها، أكدت من خلاله أن الكثير من المواهب الكروية، اضطرت إلى اعتزال اللعب في سن مبكرة، لأسباب مادية صرفة.
وشددت المتحدثة ذاتها على أن الأجور الشهرية التي تتقاضاها لاعبات جل الفرق المنتمية للقسم الأول، لا تعادل حتى ما يتقاضاه لاعبون في الأقسام الشرفية، مشيرة إلى أن أنها لا تتعدى 3500 درهم، تتكفل الجامعة الوصية بسدادها، أما المنح، فذلك موضوع آخر يحتاج فعلا إلى نقاش طويل، موضحة أنها (منح المقابلات) لا تتراوح بين 300 و 1000 درهم في أحسن الأحوال.
كما أكدت أن فرقا قليلة جدا، على غرار الجيش الملكي والفتح الرباطي، من توفر للاعباتها ظروفا يمكن وصفها بـ"المقبولة"، عدا ذلك، فجل الفرق الاخرى تعاني مشاكل مادية كثيرة.
وأمام هذا المشهد السوداوي، إن صح الوصف، يطرح عدد من المهتمين أكثر من علامة استفهام عريضة، حول الإجراءات والتدبير التي ينبغي اتخاذها لتطوير اللعبة، بهدف ضمان ظروف ممارسة احترافية، يمكن جني ثمارها مستقبلا، عوض المراهنة على فلتات واستثناءات لا يمكن أن تتكرر في كل مرة.
فالمكانة والسمعة التي باتت تحتلها كرة القدم المغربية بعد انجاز مونديال قطر الأخير مونديال السيدات بأستراليا، تفرض وضع قطيعة نهائية مع الماضي البئيس بكل تجلياته السلبية، والعمل خلق مناخ صحي يضمن ظروف مماسرة تحفظ كرامة اللاعبات وتشجعهن على الإقبال بكثافة على ممارسة هذه اللعبة الأكثر شعبية في العالم.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: کرة القدم
إقرأ أيضاً:
إفطارهم فى الجنة.. أحمد جمال من رائحة الأمل إلى أفق الشهادة
في قلب الأرض الطيبة، وفي ربوع مصر التي لا تعرف الانكسار، تُروى قصة الشهيد أحمد جمال الفقي، الذي قرر أن يواجه الموت في اللحظة التي قرر فيها أن يكون بطلًا، وحارسًا للأمن في وطنه.
الشهيد أحمد جمال
لم يكن أحمد مجرد ضابط شرطة، بل كان عريسًا حديث العهد بحياة جديدة، حلم أن يبني بها عائلة ويبني وطنًا. لكنه، في لحظةٍ من لحظات البطولة التي لا تُنسى، قرر أن يضحي بكل ما في قلبه، ليبقى الوطن آمنًا.
بدأت القصة مع أحمد جمال، الذي التحق بكلية الشرطة عام 2004، وتخرج في 2008، ليبدأ مسيرته في خدمة وطنه، عمل أحمد في العديد من الأماكن، من قسم أول إمبابة إلى الانتشار السريع بمرور الجيزة، ثم مباحث المنطقة الأثرية في الهرم، وأخيرًا في قطاع أمن الجيزة، حيث خدم بجدٍ وإخلاص. لكن أكثر ما كان يميز أحمد، هو إصراره على أن يكون في أماكن الخطر، في مكانٍ لا تنحني فيه الرؤوس، بل تقف لتواجه التحديات بشجاعة. وبعد انتقاله للعمل في قسم شرطة ثالث العريش في شمال سيناء، كان يردد دائمًا: "لما كلنا نرجع القاهرة مين يحمى البلد؟". كانت تلك كلمات تؤكد حبه للوطن، ورغبته في الدفاع عنه بكل ما أوتي من قوة.
في يوم 12 أبريل 2015، انفجرت عبوة ناسفة في سيارة مفخخة أمام قسم شرطة ثالث العريش، ليكتب أحمد جمال اسمه في قائمة الشهداء. لم يكن ينقصه شيء؛ كان عريسًا لم يمضِ على زواجه سوى 6 أشهر فقط، وكان ينتظره المستقبل الذي طالما حلم به، ولكن، في لحظةٍ حاسمة، وقف أمام الموت بشجاعة، مدافعًا عن وطنه حتى آخر لحظة، كان أحمد يعرف أن العمل في العريش يعني أن يعيش على حافة الخطر، لكنه اختار هذا الطريق من أجل مصر.
"أنا فخورة أنني زوجة شهيد"، تقول مروة علي، زوجة الشهيد أحمد جمال، وهي تروي قصتها مع زوجها الذي أصبح رمزًا للتضحية والشجاعة، كانت مروة حاملًا في طفلها الأول حين استشهد زوجها، وبكل فخر قررت أن تطلق عليه اسم "أحمد"، ليكون خلفًا لوالده، ويكمل المشوار الذي بدأه.
تقول مروة، "كل عام وأنت بخير يا أحمد.. عارفة انك مبسوط في الجنة.. فخورة بك.. وفرحانة إني زوجة شهيد". كلماتها مليئة بالحب والفخر، على الرغم من الحزن الذي يعصف بقلبها، لكنها تعرف أن زوجها، الذي ضحى بنفسه من أجل الوطن، سيظل في قلبها وفي قلب كل من يعرفونه.
وفي رسالةٍ للإرهابيين الذين حاولوا أن يزرعوا الفزع والخوف في نفوس المصريين، تقول مروة: "أعمالكم الجبانة والخسيسة لن تنال منا، وإنما تزيدنا إصرارًا وقوة". تلك الكلمات هي أصدق رد على كل من يحاول المساس بوطننا، فهي شهادة أن أبناء هذا الوطن لن يتراجعوا، بل سيواصلون العطاء، بل ويزيدون العزيمة. لم يتوقف رجال الشرطة عن تقديم التضحيات، ولكنهم في الوقت نفسه، انتصروا في المعركة ضد الإرهاب، وجعلوا من الشهادة طاقةً للمزيد من الصمود.
مروة، التي لم تكن وحيدة في مواجهة الحزن، تلقت دعمًا كبيرًا من الدولة وأجهزتها المختلفة، من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يذكر الشهداء في كل مناسبة، إلى وزير الداخلية اللواء محمود توفيق، الذي وجه بتقديم الرعاية الكاملة لأسر الشهداء.
قالت مروة إن هذا الدعم لا يخفف فقط من الألم، بل يبعث في قلبها طاقةً جديدة لتربية ابنها على حب الوطن والولاء له، تمامًا كما فعل والده.
أحمد جمال الفقي ليس مجرد شهيد سقط في معركة، بل هو بطل حي في قلوب كل المصريين. هو قصة شجاعة، وعزة، وحب للوطن لا يتوقف. ورغم أن جسده غادر، إلا أن روحه ستظل ترفرف في كل زاوية من وطننا، رمزًا لكل من يسعى لحمايته، وكل من يضحي من أجل أن يعيش في سلام.
في قلب هذا الوطن الذي لا ينسى أبنائه، يظل شهداء الشرطة رمزًا للتضحية والفداء، ويختصرون في أرواحهم أسمى معاني البذل والإيثار، رغم غيابهم عن أحضان أسرهم في شهر رمضان، يبقى عطاؤهم حاضرًا في قلوب المصريين، فالوطن لا ينسى من بذل روحه في سبيل أمنه واستقراره.
هم الذين أفنوا حياتهم في حماية الشعب، وسطروا بدمائهم صفحات من الشجاعة والإصرار على مواجهة الإرهاب، هم الذين لم يترددوا لحظة في الوقوف أمام كل من يهدد وطنهم، وواجهوا الموت بابتسامة، مع العلم أن حياتهم ليست سوى جزء صغير من معركة أكبر ضد الظلام.
في رمضان، حين يلتف الجميع حول موائد الإفطار في دفء الأسرة، كان شهداء الشرطة يجلسون في مكان أسمى، مكان لا تدركه أعيننا، ولكنه مكان لا يعادل في قيمته كل الدنيا؛ فإفطارهم اليوم سيكون مع النبين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.
مع غيابهم عن المائدة الرمضانية في بيوتهم، يظل الشعب المصري يذكرهم في صلواته ودعواته، تظل أسماؤهم محفورة في ذاكرة الوطن، وتظل أرواحهم تسكن بيننا، تعطينا الأمل والقوة لنستمر في مواجهة التحديات.
إن الشهداء هم الذين حفظوا لنا الأمان في عز الشدائد، وهم الذين سيظلون نجومًا مضيئة في سماء وطننا، فلهم منا الدعاء في كل لحظة، وأن يظل الوطن في حفظ الله وأمانه.
مشاركة