لوموند: حرائق لوس أنجلوس ليست كارثة طبيعية
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استهجنت صحيفة "لوموند" الفرنسية في مقال لها وصف الحرائق التي شهدتها ولاية لوس أنجلوس الأمريكية بأنها تندرج تحت "الكوارث الطبيعية"، معتبرة أن هذا الوصف ما هو إلا خدعة يستخدمها الإنسان لإعفائه من المسؤولية عن الضرر الذي يلحقه بالكوكب والذي سنكون عاجزين عن مواجهته.
واستطردت الصحيفة الفرنسية قائلة إنه من المؤكد أن الأخطار الطبيعية موجودة، ولكن خيارات التوسع الحضري والتخطيط العمراني للأراضي والسياسات العامة، والسياق الاجتماعي والاقتصادي هي التي تحولها إلى كارثة، حيث ينشأ التعرض والضعف من القرارات البشرية، فقد قامت سلطات لوس أنجلوس على سبيل المثال مدفوعة بالضغط الديموغرافي، بالبناء على نطاق واسع في المناطق المعرضة للحرائق، مع بناء المنازل على حافة الغابات، وغالبًا ما تكون بإطارات خشبية.
ويضاف إلى ذلك حقيقة مفادها بأن الغالبية العظمى من الكوارث، باستثناء الزلازل، تتغذى الآن على ظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن أنشطة الإنسان أو تنجم عنها، وأصبحت موجات الحر والفيضانات والجفاف والحرائق والأعاصير أكثر شدة وأكثر تواترا بسبب ارتفاع درجات الحرارة العالمية، إن هذا الارتفاع المحموم في درجات الحرارة ناجم عن التركيز المتزايد باستمرار للغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي بسبب حرق الوقود الأحفوري.
لقد ظل العلماء يؤكدون هذه الحقائق لمدة ثلاثين عامًا، ومع ذلك، فإن الكوارث الأخيرة تثبت، مرة أخرى، أن الحكومات فشلت في الاستجابة لحالة الطوارئ المناخية وحماية السكان.
حتى في كاليفورنيا، الولاية الغنية المعتادة على الحرائق والتي تعد رائدة في النضال من أجل الدفاع عن الكوكب، ساهم ضعف ضغط المياه في بعض صنابير مكافحة الحرائق في انتشار الحرائق.
وحثت الصحيفة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة السبب الجذري لهذه الكوارث إلا وهو انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وشهدت الانبعاثات في الولايات المتحدة تراجعا في عام 2024، مع ركود شبه كامل (-0.2%)، بيد أن أهداف ثاني أكبر مصدر للانبعاثات في العالم معرضة للانحراف بعد تنصيب دونالد ترامب، الذي يريد سحب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ مرة أخرى وإلغاء القيود على المعايير البيئية، حيث عين قطب العقارات بالفعل متشككين في التغير المناخي على صلة بصناعة الوقود الأحفوري في إدارته الجديدة.
واستباقا لهذه التطورات، انسحبت جميع البنوك الأمريكية من تحالف البنوك من أجل الحياد الكربوني، الذي تدعمه الأمم المتحدة. وقد أوقف برنامج مماثل لمديري الأصول أنشطته في أعقاب رحيل شركة بلاك روك العملاقة. وعلى الصعيد العالمي، قد ينتعش الاستثمار في النفط والغاز مرة أخرى هذا العام، في حين من المتوقع ظهور مشاريع ضخمة للتنقيب عن النفط والغاز في البر أو البحر.
ومن أجل حماية هذه الطاقات، التي قام منتجوها بتمويل حملة دونالد ترامب، الرئيس المنتخب، يفضل إيلون ماسك وتيّار "ماجا" المؤيد لترامب تأجيج النيران ونشر المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة والتشكك في المناخ - كما حدث أثناء إعصاري هيلين وميلتون. حيث هاجما رئيسة بلدية لوس أنجلوس وحاكم كاليفورنيا، وكلاهما من الديمقراطيين، وألقوا باللوم، على سياسة التنوع داخل خدمة الإطفاء، والتبرع بمعدات مكافحة الحرائق لأوكرانيا، والحماية المزعومة للأسماك والضفادع على حساب الناس أو التحويل المزعوم للأموال الفيدرالية لإغاثة المنكوبين لصالح المهاجرين.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية ان هذه الأكاذيب لا تسبب ضررا سياسيا وديمقراطيا فحسب، بل تؤدي أيضًا إلى مزيد من الاستقطاب في المجتمع. وأكدت ان التقاعس عن مكافحة أزمة المناخ قاتل. ويؤدي أيضًا إلى خسارة في الناتج المحلي الإجمالي، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي، والأمراض، والصراعات، والهجرة.
ورغم مشاهد الفوضى التي تم رصدها في لوس أنجلوس، فإن إدراك جميع القادة وسكان العالم أن أزمة المناخ التي تسبب فيها الإنسان تهدد ظروف الحياة على الأرض لا يبدو أمرا مطروحا على جدول أعمالنا. ومع ذلك، فإن هذا الأمر ضروري وعاجل، وإلا فإن التكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري سوف يصبح مستحيلا جزئيا. الجميع سوف يخسرون، ولكن الخاسرين الرئيسيين سيكونون الأكثر ضعفًا، من هم اقل تحملا للمسؤولية عن الوضع. وهو ما يعني انه لن تكون هناك نهاية سعيدة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: لوس أنجلوس الحرائق الكوارث الطبيعية لوس أنجلوس
إقرأ أيضاً:
لغز جديد في حرائق لوس أنجلوس يفسر سببها.. وبارقة أمل تحد من دوامات النار
أيام من الرعب والخوف من المجهول أصبحت تسيطر على المواطنين في الولايات المتحدة الأمريكية، عقب اندلاع حرائق الغابات في لوس أنجلوس، التي التهمت الأخضر واليابس حولها، وباتت تهدد منازل المشاهير، وبينما تُصارع فرق الإطفاء النيران المستعرة، تتكشف ألغاز وراء سبب هذه الكارثة البيئية؛ إذ يخرج المسؤولون بين حين وآخر بتفسير أسباب وكواليس الحريق.
وخلال الأيام القليلة السابقة، ظلت الاتهامات حول أسباب الحريق تشير إلى عددٍ من الألغاز، فالبعض ذهب إلى أنّ الصقور الجارحة كان لها دورٌ في نقل الأخشاب المحترقة، بينما قال البعض الآخر إن الرياح وسوء الأحوال الجوية كانا لهما الدور الأكبر، لكن مؤخرًا زادت التكهنات حول ما خلّفته الألعاب النارية المستخدمة في احتفالات رأس السنة، بأنها سبب رئيسي في حرائق لوس أنجلوس.
كشف سبب حرائق لوس أنجلوسألعاب نارية تكاد لا ترى السماء من شرارتها، حولت ليل حي باسيفيك باليساديس إلى نهار، في وداع عام 2024 واستقبال 2025، وعلى الرغم من حالة السعادة الغامرة التي تركتها في نفوس المواطنين بسبب الاحتفالات العارمة، فإنها ظلت سببًا حتى الآن وراء الحرائق المدمرة.
«الحريق قد أخمد واختفى».. الرد الأول من مساعد رئيس إدارة الإطفاء في لوس أنجلوس، جو إيفريت، الذي رد على تكهنات تأثير الألعاب النارية على الحرائق، مؤكدًا أنّه عقب الانتهاء من الاحتفالات نجح رجال الإطفاء في إخماد حريق ليلة رأس السنة الجديد وإخفائه، في حي باسيفيك باليساديس، مشيرا إلى أنّه حال التأكد من أنّها السبب ستكون بالفعل ظاهرة.
ووفقًا لصحيفتا سان فرانسيسكو كرونيكل وواشنطن بوست، فإن الاحتمال الأرجح أنّ الرياح أعادت إشعال الحطام المشتعل الذي خلفته الألعاب النارية ليلة رأس السنة الجديدة لإشعال حريق باليساديس، وهي ظاهرة بالفعل في ظل مواصلة رجال الإطفاء استخدام تكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء للبحث عن النقاط الساخنة حول محيط الحريق والتأكد من إطفاء جميع مصادر الحرارة.
أمل جديد يحد من دوامات النار المشتعلةوفي اللحظة التي وقفت فيها الرياح سببًا لاشتعال الحرائق المدمرة، فإن توقعات الطقس المقبلة، في ظل انخفاض سرعة الرياح وتراجع درجات الحرارة، أصبح بارقة أمل جديدة تحد من دوامات النار المشتعلة في لوس أنجلوس، وإن الوضع الطارئ ربما يكون انتهى.