الدكتور محمد بكر يكتب: فوسفات ثنائي الكالسيوم.. سر الأداء الإنتاجي المستدام لمزارع الماشية «1»
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
مع الزيادة الكبيرة والمستمرة فى أعداد السكان دولياً ومحلياً، ولتحقيق وتوفير الأمن الغذائى من البروتين الحيوانى، فإنه يجب العمل على تعظيم الاستفادة من المركبات الغذائية فى علائق الماشية للوصول إلى أقصى إنتاجية ممكنة من الكائن الحى بأقل تكلفة ممكنة مع المحافظة على صحة الحيوان وجودة المنتج الحيوانى الناتج واستدامته (مفهوم التغذية الاقتصادية)، وأحد طرق تحقيق هذا الهدف هو استخدام بعض الإضافات العلفية التى تحقق تحسيناً فى الأداء الإنتاجى والتناسلى للماشية، ومنها فوسفات ثنائى الكالسيوم (DCP)
Di Calcium Phosphate.
وهناك العديد من مصادر الفوسفور الرئيسية، ومنها «الحبوب» التى تتراوح نسبة الفوسفور الكلى بها من 2.9 إلى 11.5 جرام لكل كجم، لكن محتوى حمض الفايتك يتراوح من 40 إلى 80% من الفوسفور الكلى مما يعيق إتاحة الفوسفور للماشية بسهولة من الحبوب. أما المصدر الثانى فيكون من «أصل حيوانى» حيث يتراوح الفوسفور الكلى من 20 إلى 40 جرام لكل 1 كجم ويكون معامل هضم الفوسفور (أو إتاحته) من 50 إلى 90%، لكن يحظر استخدام العديد من المواد من أصل حيوانى فى تغذية الماشية فى العديد من الدول، ومنها مصر. والمصدر الثالث هو «الفوسفور المعدنى أو غير العضوى» والذى تتراوح نسبة الفوسفور الكلى به من 180 إلى 227 جراماً لكل كيلوجرام، ويكون معامل هضم الفوسفور (أو إتاحته) من 50 إلى 90%، ما يجعل إضافة الفوسفور المعدنى (DCP) واحداً من أهم الإضافات فى علائق الماشية لتلبية احتياجات الحيوان من عنصر الفوسفور المهم.
وترجع أهمية فوسفات ثنائى الكالسيوم فى علائق الماشية إلى أنه يحسن الكفاءة الإنتاجية والتناسلية لاحتوائه على أكثر من 18% من عنصر الفوسفور المتاح للماشية، كما أنه يحسن كفاءة التحويل الغذائى ( FCR) Feed Conversion Ratio والتى تعنى عدد كيلوجرامات المادة الجافة المأكولة لإنتاج واحد كجم لحم أو لبن، وذلك من خلال تعظيم للاستفادة من المركبات الغذائية الأخرى بالعليقة كما يمتاز الـDCP بأن الفوسفور به من أكثر العناصر المتاحة للماشية ومستساغ منفرداً أو مخلوطاً مع مخلوط العناصر المعدنية ولا يتكتل عند تعرضه للرطوبة ولا يتطاير، كما أن الكالسيوم والفوسفور يُعتبران من أهم العناصر الكبرى Major/ Macro Element والأساسية فى علائق الماشية والدواجن والأسماك المهمة للحفاظ على الحياة والنمو والتناسل ولا يمكن الاستغناء عنها، بالإضافة إلى أنهما العنصران الأكثر وفرة فى العظم، حيث يحتوى رماد العظم على 360 جم كالسيوم و170جم فسفور/ كجم وتحتوى بلازما الثدييات عادة على 80 إلى 120 ملجم كالسيوم/لتر.
ويقوم عنصر الفوسفور فى علائق الماشية بالعديد من الأدوار، حيث إن معظم الأعلاف الخشنة (خاصة ذات المحتوى البروتينى المنخفض) المستخدمة فى تغذية الماشية فقيرة فى محتواها من الفوسفور ولا تغطى احتياجاتها الغذائية، لذلك يجب إضافته من مصدر خارجى، بالإضافة إلى أن فوسفات ثنائى الكالسيوم هو المصدر الآمن للفوسفور للماشية والدواجن والأسماك مقارنة بفوسفور مسحوق العظم. كما أن الفوسفور يُحسن الأداء الإنتاجى والتناسلى بشكل عام ويحسن كفاءة التحويل الغذائى ويؤدى لتخفيض تكاليف التغذية الإنتاجية 1 كجم لحم أو لبن (زيادة الإنتاجية بنفس كمية العلف المأكول) كما أنه يدخل فى تكوين البروتينات الفوسفورية والأحماض النووية والدهون الفوسفورية والأدينوسيين ثنائى وثلاثى الفوسفات ATP) ADP Energy Metabolism)، وأيضاً يدخل فى تركيب وتكوين الهيكل العظمى Bone Formation and Structure وله دور على مستوى الخلية Cellular Function، حيث يدخل فى عمليات انقسام الخلايا ونموها وصيانتها، كما أنه قد يكون له دور فى تحسين المناعة. ولتحقيق أقصى استفادة ممكنة من عنصرى الكالسيوم والفوسفور يجب محاولة ضبط النسبة بينهما فى علائق الماشية لتكون 1: 2 على التوالى.
أما أعراض نقص الفوسفور فتكون جلية فى أن نقصه يسبب الكساح ولين العظام، وعدم قبول الغذاء بالشكل المعتاد Pica (انحراف الشهية)، وهى واحدة من الظواهر التى قد تكون محيرة للعديد من المتخصصين، ولنقص الفوسفور دور خفى فى حدوثها، فى حالة النقص المزمن للفوسفور يظهر على الحيوان تيبس المفاصل وضعف عضلى وانخفاض الخصوبة، وعدم انتظام الشياع ونقص النمو ونقص إنتاج اللبن.
وبما أن المركب يحتوى أيضاً على عنصر الكالسيوم فيجب سرد فوائد الكالسيوم على الماشية، حيث إنه مهم لتكوين العظام والأسنان ومكون أساسى للخلايا الحية وسوائل الجسم، يعمل على نقل النبضات العصبية وانكماش الأنسجة العضلية وأساسى لنشاط عدد من أنظمة الإنزيمات، كما أن هناك علاقة قوية بين الكالسيوم والفوسفور وفيتامين D وحركتها فى الدورة الدموية.
لذا يجب توفير الكالسيوم فى المراحل الإنتاجية والعمرية المختلفة، فهو مهم جداً خلال فترة العشار (لنمو عظام الجنين)، وفترة الحليب (لمنع تكسير الكالسيوم المفرط من العظام إلى اللبن والذى قد يسبب حمى اللبن خلال مرحلة الرضاعة)، والنمو (للمساعدة فى استكمال نمو الهيكل العظمى).
كما أن نقص الكالسيوم فى الحيوانات الصغيرة والنامية Growing Animal يسبب تشوه الهيكل العظمى (الكساح) وفى الحيوانات الكبيرة Older Animal يسبب هشاشة العظام أو لين العظام (انسحاب الكالسيوم من العظم بدون تعويضه)، العشار Pregnancy عدم النمو السليم لعظام الجنين، الحلاب Lactation: (حمى اللبن Milk Fever أو هيبوكالسيميا Hypocalcemia ويعالج بزيادة نسبة الكالسيوم بعد الولادة فى علائق الأبقار الحلابة.
فوسفات ثنائى الكالسيوم هو مركب مهم جداً يغفل الكثير عن أهميته وضرورة إضافته لعلائق الماشية والذى يلعب دوراً مهماً فى المحافظة على تحسين الأداء الإنتاجى والتناسلى واستدامة مزارع الماشية الحلابة وعجول التسمين والمجترات الصغيرة، مما يؤدى لزيادة الإنتاج بنفس التكلفة تقريباً، وبالتالى تخفيض تكاليف تغذية إنتاج واحد كجم لحم أو لبن أو مولود جديد.. وللموضوع بقية.
* أستاذ مساعد تغذية الحيوان وتكنولوجيا تصنيع الأعلاف بكلية الزراعة جامعة القاهرة
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: تغذية الحيوان تصنيع الأعلاف العدید من کما أن
إقرأ أيضاً:
د. اسامة محمد عبدالرحيم يكتب: ملحمة النصر على عتبات القصر، دلالات وابعاد
د. اسامة محمد عبدالرحيم يكتب:
ملحمة النصر على عتبات القصر، دلالات و ابعاد
لم يكن غالب اهل السودان متفاجئاً، و قوات الدعم السريع المتمردة تهاجم مواقع الجيش المختلفة و مقراته في العاصمة الخرطوم و عدد كبير من الولايات صبيحة يوم السبت 15 ابريل من العام 2023م، حينها كان هذا اليوم يطابق يوم 24 رمضان من العام 1444 الهجري.حينها كان معظم السودانيين قد بدأوا في برامج روحية يقابلون بها العشرة الأواخر من رمضان ذلك العام.
يومها شهدت الخرطوم، من ضمن ما شهدت من عمليات قتال، احتلال قوات المليشيا المتمردة للقصر الجمهوري بليلٍ مشؤومٍ غدراً برفقاء السلاح من الجيش و القوات الامنية المنوط بها حماية هذا الموقع الرمزي العريق و بسطاً للأمن و السلام في بقاع البلاد المختلفة.
و لعله من غرائب اقدار الله و حكمته، ان يتمكن الجيش السوداني و ملحوقاته المختلفة من قوات و مستنفرين من استعادة هذا الموقع العظيم (القصر الجمهوري) بعد حوالي حولين كاملين في ذات ابرك الايام و أنفحها بالمغفرة و الرحمة و البركات و في صباح يوم الجمعة المبارك من افضل اشهر الله و ايامه رمضان الكريم الحادي و العشرين من رمضان 1446 هجريةالموافق 21 مارس 2025م.
إن (القصر الجمهوري )، و الذي كان يستهدفه الهالك بجيشه الجرار و جنده الكُثُر و رتله الممتد من المتحركات و السلاح المتكاثف عساه يعتلي سدته حاكماً في انقلابه المشؤوم و المتحور و المتنامي حرباً عضوداً اورثت البلاد خراب العيش و الحياة، هاهو الجيش السوداني العظيم يضم جميع أبنائه من المقاتلين بالاصالة و بالاضافة من قوات المستنفرين و مشتركة العهود و الاتفاق بين جناحيه و جنبيه ، فيدخلون جميعا ذات (القصر) أعزةً طاردين و مقتِّلين و منكِلين بالمعتدي الغشيم الذي ضاقت به الارض بما رحبت و سدت عليه المنافذ و الافاق، فارتحل اوباشه اما رأسياً الى السماء او افقياً ينشدون السلامة و الافلات في كل شارعٍ و ركنٍ بعيدٍ كمن يتخبطه المس من الجن.
ان العمليات القتالية المعقدة التي قام بها الجيش في محيط القصر و وسط الخرطوم، لم تكن عمليات سهلة و لم تكن نزهة، و انما كانت نتاج فكرٍ و تخطيطٍ عسكريٍ سليمٍ، وقف خلفه رجال و قادة و مهر دربه بالأنفس و الدماء و العرق جنود لن يتخطاهم التأريخ ، بذل كل منهم جهده و جهاده حتى اصبح النصر واقعاً ملموساً اضاف لجيش السودان و جنديه سفراً جديداً من اسفار الانجاز تحت باب التضحية و الفداء.
و لعلي اختلف مع من يقول ان (القصر) كموقع ليس له اي اهمية عسكرية، فقط، لان العلم الحديث يؤكد تداخل العوامل العسكرية و السياسية و صعوبة فصلها في المعركة الحديثة و بالتالي تمتد العوامل متقاطعة متشابكة نفسياً و معنوياً، اجتماعياً و اقتصادياً تحت مظلة اهداف سياسيةٍ و عسكريةٍ تمضي اليها اي معركة. و لذلك و كأي ملحمة تأريخية كان هناك دلالات و ابعاد لهذا النصر العظيم.
الدلالات السياسية:
و ابرز ما يمكن رصده في هذه الدلالات السياسية
* ان الجيش قد نفذ فعلياً و قهراً و غصباً، جزءاً من بنود اعلان جدة و الذي يقضي بضرورة و التزام خروج قوات المليشيا المتمردة من الاعيان المدنية، و يبقى من نافلة القول الحديث عن ان القصر الجمهوري و الذي كان محتلاً من قبل العدو هو عين من الاعيان المدنية ذات القيمة النسبية العالية.
* هزيمة كل الداعمين المحليين و الاقلييمين و الدوليين و الذين خاب فرس رهانهم على بغلٍ معطوبٍ اعرج، كسيح الاطراف منزوع الاخلاق معدوم الضمير، لم يبلغ بهم و لهم نهايات السباق فاختلطت عليه الغايات و أختلفت عنده الأجندة بسبب ضعف البصر و اضطراب البصيرة.
* انهيار مشروع الرهان علي دولة 56 باستعادة القصر و الذي كانت اكبر رمزية تاريخية سياسية له اعلان الاستقلال و رفع علم البلاد في صبيحة يناير 1956م.
* تحرير و استعادة منصة و رمزية الحكم و السلطان و الدولة لحكومة السودان.
* إخراس ألسن من كان يزايد سياسياً على أن اي تفاوض داخل السودان يجب ان يُحتضن بالقصر الجمهوري في تلميحاتٍ خبيثةٍ تؤشر من طرفٍ خفيٍ لإستحالة استعادة القصر الرئاسي و تحريره.
* ومن أكبر الدلالات السياسية، هذا الاحتشاد الشعبي الكثيف وراء الجيش و قيادته و ارسال رسالة قوية معبرة ان اكبر حاضنة اجتماعية في السودان هو هذا الجيش رمز العز و السيادة و تاج المجد و الفخار.
* العودة التأريخية الثالثة للقصر لاحضان الدولة من بعد احتلال او اختطاف ، حيث كانت العودة الاولى في العام 1885م بعد انتصار الثورة المهدية و تحرير الخرطوم و مقتل الحاكم العام انذاك، و كانت العودة الثانية في يناير من العام 1956م و اعلان الاستقلال و خروج المستعمر و رفع العلم السودان، لتكون عملية استعادة القصر الجمهوري في 21 مارس 2024م من بين ايادي القوات المتمردة و اقدامه على يد كواسر الجيش السوداني وملحوقيه حدثا تأريخياً عظيماً، و علامة فارقة في مسيرة البلاد.
الدلالات العسكرية:
ان ابرز الدلالات العسكرية لملحمة استعادة القصر الجمهوري، تتمثل في الاتي:
* تاكيد الجيش على قدرته في الاستمرار في استعادة كثير من المواقع الحيوية و المناطق الجغرافية وفق تخطيطٍ محكمٍ و رداً عملياً على من كانوا يشككون في ذلك و يتهمون الجيش بالعجز عن استعادة اي موقع.
* تمكن الجيش من تخفيف الضغط على المواقع الحيوية و مقرات القيادة مما يجعل ما تبقي من معركة الخرطوم هو ملاحقات و تمشيط و ازالة جيوب و بؤر تجمعات و تواجد المتمردين مما يجعل من عمليات الخرطوم عمليات امنية اكثر من كونها عمليات عسكرية، كذلك فانه يجعل الانتقال و التركيز على جبهة و محاور القتال في غرب البلاد و التفرغ لها أقل صعوبة و بالتالي اكثر سهولة خاصة النجاح في فك حصار الفاشر و الذي يمكن القول انه استراتيجياً يبدا من استعادة السيطرة على كامل الخرطوم و تحريرها من دنس العدوان و المعتدين.
* ان عمليات ملحمة القصر، اكسبت الجيش السودان مهارات قتالية و خبرات ميدانية حقيقية و فعلية لم تتوفر لكثير من القوات و الجيوش في فنون تكتيكات و استراتيجات ما يعرف ب (الحروب الخاصة)، و تحديداً القتال وسط الابنية و الشوارع و في المناطق الضيقة (حرب المدن) ، و لعل هذا الامر سوف يورث السودان جيشاً اكثر قوة و افضل منعة. و من مظاهر هذا الجانب يستحسن القول بالاتي:
_لقد قام الجيش بوصل ما يجب وصله من قواته (التحام قواته) و قطع ما يجب قطعه من قوات العدو، و ابدع كذلك في عمليات انهاك قوات العدو و استنزافه ثم محاصرته و عزله و تطويقه، ثم عمد الى قطع خطوط مواصلات واتصلات العدو متعمداً تجفيف منابع امداده بالقوات او السلاح او المؤن و الغذاء في مناورات و حركة قتالية فريدة و بديعة اتت اكلها بالنصر المبين و هزيمة العدو و انكساره. ما قام به الجيش لا يختلف عن اي عملية جراحية معقدة انتهت بتسليم المريض امره للجراح يفعل به ما يشاء، دروسا غالية و ثمينة تظل ارثا للباحثين في العلوم العسكرية و مقتفي اثرها.
_كذلك ان دخول القصر من قبل قوات الجيش كسرا لشوكة العدو و جبرا يعتبر بمثابة اعلان رسمي لانتهاء فرية و اسطورة ما يعرف بقوات النخبة للدعم السريع التي لا تقهر و لا تكسر، الجيش يعلن نفسه سيد المعركة و سلطانها و يجعل ما تبقى من قوات المليشيا هي تحشيد و تجميع لمقاتلين من المتفلتين و اصحاب السوابق في الاجرام و فاقدي التدريب و التاهيل .
دلالات اخرى:
و من دلالات دخول الجيش بشكل عام، يجدر بنا ان نثبت الاتي:
* لقد استعادت الخرطوم حيويتها و غدا تستعيد كامل عافيتها باستعادة مسارات حركتها الرئيسية و هي تربط عبر اعصابها اعضاء الجيش الحيوية المدرعات، القيادة العامة بالخرطوم و بالتالي وسط الخرطوم بجنوبها مرورا الي بحري سلاح الاشارة، قاعدة حطاب،المهندسين العيلفون، الكدرو، المظلات شمبات، ثم وصلا الي امدرمان السلاح الطبي و المهندسين، منطقتي كرري و وادي سيدنا العسكريتين و هو ما يعني ضمناً صحة الأعضاء الحيوية لجسم الجيش لتؤدي بسلاسة و سلامة وظائفها الطبيعية الحيوية و عبر اعصاب متصلة و سليمة و اوردة و شرايين تدب من خلالها الحياة.
* انسانياً، تلاحظ ان جنود الجيش و مقاتليه و ملحوقيه من سائر القوات، كانوا اكثر وعياً بقواعد الاشتباك و قوانين الحرب الدولية في جوانبها الانسانية و هم يحسنون التعامل مع الاسرى و الجرحى و المستسلمين و هذا ما اكدته كثير من الشواهد و دعمته الشهادات الموثقة التي تثبت صحيح عقيدة القتال عندهم و المرتكزة على حسن الاعراف الاجتماعية وسماحة الاخلاق و قويم الاعتقاد الديني .
* و من الشواهد كذلك، نجاح الجيش في تنفيذ خطته و احكامها بضرب حصار بدوائر محسوبة، ظلت تضيق يوماً بعد يوم و ساعةً بعد ساعة حتى تم الاطباق على العدو و اقتحام القصر في المرحلة الاخيرة و هو امر وثقته تصريحات و شهادات عدد من الاسرى تفيد بانهم كانوا يعانون من عدم وصول الماء و الطعام لعدة ايام و كذلك الذخائر، و تلاحظ كذلك نجاح الجيش في خنق و حصار العدو و منع كل محاولات الفزع و فك الخناق على القوات المتمردة في سط الخرطوم و محيط القصر.
ختاما، تظل الحقيقة ان القصر الجمهوري الذي تمكن الجيش من تحريره و استعادته بالامس، هو ذات القصر الذي انتهت عنده اوهام و احلام غردون و غيره من المحتلين المعتدين، و هاهو تنتهي عنده اوهام الطغاة الجدد و من سلك مسلكهم و من سار على دربهم في دروب القهر و الطغيان الي يوم الدين. و تظل المفارقة الحقة تثبت ان من يدخله محررا و فاتحا مستعيدا للحقوق مدافعا عن الاوطان، ليس كمن يدخله غادرا طامعا في كرسي سلطته و مجالس حكمه، هذا يسجل في صفحات التاريخ مزينا باوسمة المجد و الخلود و ذاك يركله الشعب الى مذبلته مشيعا باللعنات و سيئ الدعوات.
د. اسامة محمد عبدالرحيم
إنضم لقناة النيلين على واتساب