إزاحة الستار عن بندقية قنص عالية الدقة من طراز "أستارتا" على هامش منتدى "الجيش-2023"
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
عرضت شركة "مجمعات عالية الدقة" التابعة لـ"روستيخ" بندقية MTs-572 "أستارتا" الجديدة من العيار الكبير على هامش منتدى "الجيش-2023".
ووفقا لفيتالي بولغاكوف، نائب المدير العام لمكتب تصميم وصناعة الأجهزة باسم الأكاديمي أركادي شيبونوف، الذي طور هذه البندقية فإن "أستارتا"عيار 12.7 × 108 تميزها الهيكلية الجديدة للبرميل الثابت، مما يسمح لها بضرب أهداف على مسافة كيلومترين وما بعدها بدقة عالية.
وهذه البندقية قادرة على إطلاق النار باستخدام خراطيش للأغراض الخاصة وكذلك خراطيش بحجم 12.7 ملم وأي نوع آخر.
وأضاف بولغاكوف أن "أستارتا" تتفوق على نظيراتها الأجنبية من حيث الموثوقية.
المصدر: رابتلي
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أسلحة ومعدات عسكرية منتدى الجيش
إقرأ أيضاً:
كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (34)
تحقيق: ناصر أبوعون
يقول الشَّيخُ القاضِي الأجَلّ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ بِنْ عَامِرٍ الطَّائِيُّ: [(ذِكْرُ مَسِيْرِنَا إِلَى (جرزيز)، وَهُوَ اِسْمُ مَاءٍ يَخْرُجُ مِن شِعْبِ وادٍ أَسْفَلَ جَبَلِ ظَفَارِ، وَكَانَ سَابِقًا هَذَا الْمَاءُ (فَلَجًا) تُسْقَى بِهِ ظَفَارِ الْقَدِيْمَةِ، وَأَرْضُهُ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ بِهَا آثَارُ الُعُمْرَانِ، وَكَذَلِكَ (سَاقِيَةُ) هَذَا الْفَلَجِ بَاقٍ أَثَرُهَا. وَيُقَالُ إِنَّ (السَّيِّدَ مُحَمَد بِنْ عَقِيل) حَاكِمُ ظَفَارِ السَّابِقُ: كَانَ هَذَا الْفَلَجُ فِي أَيَّامِهِ عَامِرًا، وَلَمَّا كَانَتْ رَغْبَةُ السُّلْطَانِ تَيْمُورَ شَدِيْدَةً فِي تَعْمِيرِ هَذَا الْفَلَجِ قَصَدْنَا نَاظِرِينَ حَقِيْقَتَه، فَلَمَّا وَصَلْنَا مَوْضِعَ الْمَاءِ؛ وَجَدْنَاهُ مَاءً يَخْرُجُ مِنَ (غَارٍ)، وَفِي أَعْلَاهُ (عُيُوْنٌ)، كَانَتْ تَنْبُّعُ مَاءٍ فَنَضَبَتْ، و(الصَّارُوجُ) أَثَرُهُ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ، فَرَأَيْنَا مِنَ الصَّعْبِ عَوْدُ ذَلِكَ الْمَاءِ إِلَى مَجْرَاهُ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ السَّيْلَ قَدْ غَيَّرَ مَسْلَكَهُ الْأَصْلِيَّ؛ فَصَارَ الْمَاءُ نَازِلًا، وَالْأَرْضُ مُرْتَفِعَةٌ، قَدْ نَبَتَ الشَّجَرُ فِي مَجْرَاهُ، وَلَمْ تَبْقَ إِلَّا الْأّثَارُ وَالرُّسُوْمُ؛ فَرَأَى السُّلْطَانُ تَرْكَ خِدْمَتِهِ، وَصَرْفَ الْهِمَّةِ عَنْهُ. وَلَمَّا أَلْقَيْنَا عَصَا التَّرْحَالِ بِـ(ظَفَارِ) رَغَّبَ السُّلْطَانُ أَصْحَابَهُ فِي الزَّوَاجِ، فَرِغَبَ فِي ذَلِكَ أَبْنَاءُ عَمِّهِ (السَّيِّدِ مُحَمَّد بِنْ تُرْكي)، وَمَالَتْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى ذَلِكَ نَظَرًا إِلَى طُوْلِ الْمُكْثِ، وَمَشَقَّةِ الْعُزُوْبَةِ؛ فَتَزَوَّجُوا مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ ظَفَارِ أَوْسَطِهِمْ نَسَبًا، وَتَزَوَّجَ السَّيِّدُ مَلكٌ أَخُ السُّلْطَانِ بِابْنَةِ (الشَّيْخِ حَمَد بنِ قطميم المَرْهُوْنِيّ الْكثَيْرِيَ)؛ وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ مَشَايِخِ ظَفَارِ وَأَعْيَانِهِمْ)].
جبال ظفار خزّانات للمياه العذبة
يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(ذِكْرُ مَسِيْرِنَا إِلَى (جرزيز)، وَهُوَ اِسْمُ مَاءٍ يَخْرُجُ مِن شِعْبِ وادٍ أَسْفَلَ جِبَالِ ظَفَارِ، وَكَانَ سَابِقًا هَذَا الْمَاءُ (فَلَجًا) تُسْقَى بِهِ ظَفَارِ الْقَدِيْمَةِ، وَأَرْضُهُ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ بِهَا آثَارُ الُعُمْرَانِ، وَكَذَلِكَ (سَاقِيَةُ) هَذَا الْفَلَجِ بَاقٍ أَثَرُهَا)].
قوله: [(مَسِيْرِنَا)]، مصدرٌ مِيميّ، أي: مَشْيُنَا وذِهَابُنا في رحلة تَفَقُّديّة. ودَلَّ على معناه بيت شعر منسوب إلى كُليب بن ربيعة التغلبيّ: {فَمَا يَجْرِي (مَسٍيْرُكُمُ) وَأَنْتُمُ/ كِلابُكُمُ عَلَيَّ يُعَسْعِسُونا (01) [(إِلَى (جرزيز)] مقصود الشيخ عيسى الطائيّ موضع عين جرزيز، والتي تبعد عن مركز ولاية صلالة مسافة 7 كيلومترات، وقد وصفها الطائيّ دقيقًا بقوله: (اِسْمُ مَاءٍ يَخْرُجُ مِن شِعْبِ وادٍ أَسْفَلَ جِبَالِ ظَفَارِ)، ومعنى(شِعْبِ) مَسِيْلُ الْمَاءِ، وجمعه (شِعَاب) و(شُعُوب). ودَلّ على معناه قول تأبّطَ شَرًّا الفَهْمِيّ: {وَ(شِعْبٍ) كَشَلِّ الثَّوْبِ، شَكْسٍ طَرِيْقُهُ/ مَجَامِعُ صُوْحَيْهِ نِطَافٌ مَحَاضِرُ(02)} [(أَسْفَلَ جِبَالِ ظَفَارِ)]، وهي سلسلة جبلية تمتد على شكل قوس واسع ولمسافة 290 كيلو مترا ابتداءً من (هضبة حضرموت) في اليمن غربا إلى التلال الساحلية في (الجازر) شرقًا، وهي هضبة انكسارية عريضة من الحجر الجيريّ، أحادية الميل حيث تنحدر الحافة الجنوبية التي تُمثِّل حافة الانكسار انحدارًا شديدًا باتجاه بحر العرب. أمّا الأجزاء الشماليّة من هذه الهضبة فإنها تميل ميلا طفيفًا باتجاه صحراء الرَّبْع الخالي. وتشكّل تكوينات (الدمام) و(الرّس) و(أم الضومة) الخزانات الجوفية الرئيسة لها، وتحتوي على احتياطيات كبيرة من المياه العذبة. وهي من أهم الخزانات الجوفية الإقليمية وأكثرها امتدادًا. وتعتبر جبال ظَفار منطقة تغذية رئيسية للمناطق التي تقع على جانبيها وذلك؛ لأنها تستقبل كميات كبيرة نسبيا من الأمطار ورذاذ السحب المنخفضة في فصل الصيف حيث تنشط الرياح الموسمية الجنوبية الغربية (03)
فلج جرزيز ساقي ظَفار القديمة
[(وَكَانَ سَابِقًا هَذَا الْمَاءُ (فَلَجًا) تُسْقَى بِهِ ظَفَارِ الْقَدِيْمَةِ)]، ويقصد الطائي بكلمة (فَلَجًا) (عين جرزيز)، ومعنى (الفلج) في اللغة (النهر الصغير)، وجمعه (أفلاج)، ودَلّ عليه قول امريء القيس بن حُجْر الكِنديّ: {بِعَيْنَيَّ ظُعْنُ لَمَّا تَحَمَّلُوا/ لَدَى جَانِبِ (الْأَفْلَاجِ) مِنْ جَنْبِ تَيْمَرَا(04)}. [(تُسْقَى بِهِ ظَفَارِ الْقَدِيْمَةِ)] أي، التي كانت تُسمّى (أوبار) قديمًا، وقد وصفها شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحَمَوي (574 - 626 هـ) في كتابه (معجم البلدان) بأنها (أرض واسعة يبلغ عرضها نحو 300 فرسخ أي ما تساوي 40 ميلًا، وهي أرض خصبة للغاية، وغنية بثروتها المائية، وبأشجارها الكثيفة؛ بما في ذلك أشجار الفاكهة، وقد تَعَاظَمَ ثراء الناس فيها بسبب الخصوبة العالية للأرض). [(وَأَرْضُهُ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ بِهَا آثَارُ الُعُمْرَانِ)] [(وَأَرْضُهُ بَاقِيَةٌ)] الهاء في كلمة (أَرْضُهُ) عائدة على (فلج جرزيز)، وبها (آثَارُ الُعُمْرَانِ)؛ أي الموضع العامر من الأرض، ودلّ على معناه ما جاء في حديث النبيّ (صلى الله عليه وسلم): {وَمَا (العُمْرَانُ) فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَخَرْدَلَةٍ فِي كَفِّ أَحَدِكُمْ)}(05)،[(وَكَذَلِكَ (سَاقِيَةُ) هَذَا الْفَلَجِ بَاقٍ أَثَرُهَا)]، و(السَّاقية) في هذا الموضِع من المخطوط لها معنيان؛ أمّا المعنى الأول هو (قناة صغيرة يجري فيها الماء لريّ الزرع وشرب الماشية، وهي فوق الجدول ودُون النهر. ودَلَّ على هذا المعنى الشاعر قول سلامة بن جندل التميميّ: {فَتَرَى مَذَانِبَ كُلِّ مَدْفَعِ تَلْعَةٍ/ عَجِلَتْ (سَوَاقِيْهَا) مِنَ الْإِتْآقِ(06). وأمّا المعنى الثاني لكلمة (السَّاقية)، فالمقصود منه آلة نزف الماء من الفلج، وهي (الدواليب الدائرية المصنوعة من الخشب ونحوه، تحركها الدواب، وتعلو محيطه دِلاْءٌ لرفع الماء من نهرٍ أو قناة يُتَّخذ لسقي الحقول والبساتين. ودَلَّ على هذا المعنى قول أبي حيان التوحيديّ: (ضَحِكٌ مِثْلَ صَرِيْرِ السَّاقِيَةِ)(07) وقوله: [(بَاقٍ أَثَرُهَا)]، أيْ: بقية ما يُرَى منه، وما لا يُرى، بعد أن تبقى فيه عُلْقَةٌ. و(الأثر) مفردٌ، وجمعه (آثَار/ أُثُور)، و(أَثَرُ الشيء): ودلّ على معناه قولٌ منسوبٌ إلى جَذيمة بن مالك بن فهم الأزديّ: (وَأَدْخَلَتْهُ عَلَيْهَا مِنْ لَيْلَتِهَا فَوَاقَعَهَا، وَاشْتَمَلَتْ عَلَى حَمْلٍ، وَأَصْبَحَ جَذِيْمَةُ فَرَأَى بِهِ (آثَارَ) الْخَلُوْقِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ (الْآثَارُ) يَا عَدِيُّ؟)(08)
مغالطات المؤرخين حول حاكم ظفار
يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(وَيُقَالُ إِنَّ (السَّيِّدَ مُحَمَد بِنْ عَقِيل) حَاكِمُ ظَفَارِ السَّابِقُ: كَانَ هَذَا الْفَلَجُ فِي أَيَّامِهِ عَامِرًا، وَلَمَّا كَانَتْ رَغْبَةُ السُّلْطَانِ تَيْمُورَ شَدِيْدَةً فِي تَعْمِيرِ هَذَا الْفَلَجِ قَصَدْنَا نَاظِرِينَ حَقِيْقَتَه)].
[(السَّيِّدَ مُحَمَد بِنْ عَقِيل) حَاكِمُ ظَفَارِ السَّابِقُ)] هو (محمد بن عقيل بن عبد الله بن عقيل بن عبد الله بن أبي بكر بن علي بن عقيل بن عبد الله بن أبي بكر بن علوي بن أحمد ابن الشيخ أبي بكر السكران بن عبد الرحمن السقاف. ولد بظفار، وبها مات مقتولا سنة (1238هـ)، قيل عنه في كتاب «الشجرة في الأنساب وسيرة آل بيت النبوّة»: (كان ذا ثروة عظيمة، وهمة عليَّة، تولّى جهة مرباط وظفار، وأقام فيها سنتين، يعزل ويولي، ثم قُتل ظلما، سنة 1238هـ)(09) (وكان للسيد محمد تجارة كبيرة، وكانت له مراكب تسير إلى سواحل إفريقيا الشرقية وجاوة والهند، وقد أَسَرَ مرةً مركبا هولنديا من مرسى بتاوي في قصة غريبة. والأغرب أنّ المؤرخ اليمنيّ صلاح البكري زعم أن السيد محمد بن عقيل حكم ظَفار لمدة عشرين سنة، ولم يذكر هذا غيره من المؤرخين) (10). ويقول(العُمري): في بداية القرن الثالث عشر الهجريّ استطاع أبوهيف محمد بن عقيل بن عبد الله السقاف أن يحكم ظَفار، ويُعرَف كذلك بـ(ابن البيض)، وكانت له علاقات واسعة مع العُثْمانيين، ومحمد علي باشا حاكم مصر، واستطاع أن يوطِّد صداقة قوية بينه وبين (السيد سعيد بن سلطان)؛ لكنّه على عداء مع الإنجليز والفرنسيين الذين لقّبوه بـ(القرصان). ويظهر أنه استطاع أن يحصل على (فرمان/ مرسوم) سلطانيّ من السلطان العثماني بتوليته أميرًا على ظَفار. ولقد مدّ السقاف نفوذه إلى مرباط، وفي سنة 1806م/ 1221 هـ قام ببناء قلعة في (مرباط)، وقد شاهد (مايلز) أنقاضها في زيارته لمرباط سنة 1884م، وعمل السقّاف على تحسين أوضاع الميناء والجمرك والأوقاف، وكان يتردد مع عسكره بين (مرباط) و(ظَفار) إلى أن اغْتيل سنة 1245هـ/ 1829م في (وادي نحيز). ومن المغالطات التاريخية ما ذكره (لوريمر) من أن سالم بن شوري اغتال السقّاف في (مرباط) سنة 1829م، وما يزال قبره إلى جوار مرباط! بل إن (مايلز) يذكر أنه شاهد قبره موجودًا داخل أنقاض القلعة التي بناها في (مرباط)! والثابت في الرواية المعلومة عند أهل ظفار أن السقاف قُتِل في (نحيز)، وقُبِرَ في مقبرة بن عفيف في صلالة. وربّما يكون الذي قُتِل في مرباط أحد رجال السقاف. ومن المغالطات التاريخية أيضًا الخاصة بهذه الفترة، ما أورده الشيخ سلطان بن محمد القاسمي في روايته الأدبية التي أسماها: (الشيخ الأبيض- الأمريكي عبد الله بن محمد بن عقيل بـ(التبنّي)! الذي قام بمهاجمة مرباط واستعان بـ(المهرة) انتقامًا لمقتل محمد بن عقيل على يد (أحمد مكيعات) شيخ القرا في مرباط في (وادي نحيز) (11)
رغبة السلطان في إعمار فلج جرزيز
[(كَانَ هَذَا الْفَلَجُ فِي أَيَّامِهِ عَامِرًا)] (فِي أَيَّامِهِ) أي: في أيام حُكم السَّيِّدَ مُحَمَد بِنْ عَقِيل لإقليم ظفار فيما بين (1806م -1829م)، (كَانَ فَلَجُ جرزيز عَامِرًا)، أي: (مجراه جارٍ سالِك طريقُه)، ودلّ على هذا المعنى الحديث النبويّ الشريف: (مَنْ سَلَّ سَخيمتَهُ عَلَى طَريقٍ[عَامِرٍ]مِنْ طَرِيْقِ الْمُسلمينَ فَعَليهِ لَعْنَةُ اللَّهِ) (12). [(وَلَمَّا كَانَتْ رَغْبَةُ السُّلْطَانِ تَيْمُورَ شَدِيْدَةً)]، الرغبة في الشيء: إرادته والإقبال عليه. ودَلَّ على معناها، قول الفِنْدِ الزَّمَانيّ الْبَكْرِيّ يفخر على خصومه في المسجد الحرام: {لَيْسَ بَيْتٌ (رَغْبَةُ) النَّاسِ مَعًا/ أَنْ يَزُورُوهُ كَبَيْتٍ لَا يُزَارُ (13)
لطيفة لغوية في كلمة (شديدة)
أما تعبير الشيخ عيسى الطائيّ واصفًا رغبة السلطان في إعمار فلج جرزيز بكلمة (شَدِيْدَةً)، وهي صفة مُشبّهة، على وزن (فعيل) وهي بمعنى (مفعول)، ومِمَّا يستوي فيه (المذكر والمؤنث). واختلف أهل اللغة إلى فريقين حول إلحاق تاء التأنيث بها؛ فقال أنصار الفصيح: إذا جاءت بعد موصوف استوجب حذف تاء التأنيث، فنقول: (رغبة شديد) بدون تاء التأنيث، ولكن أجاز أنصار الصحيح إلحاق التاء، وانتصر لهذا الرأي مجمعُ اللغة العربية المصريّ فاتخذ قرارًا يُجيز إلحاق تاء التأنيث بصيغة (فعيل) سواءً ذُكِر الموصوف أو لم يُذكر. فنقول: (رغبة شديدة) (14) ولهذا الرأي مال الشيخ عيسى الطائي فاستعملها على هذا النحو. وتُجمَع (شديدة) على ثلاثة وجوه هي: (شِدَاد) و(أشداء) و(شِدائد) مع اختلاف المعنى باختلاف السياق. وكلمة (شديدة) في هذا الموضع من مخطوطة الطائيّ جاءت بمعنى (القويّة الصُّلْبة)، ونجد التأكيد على هذا المعنى في قول عمرو بن قَمِيئة البكريّ: {هَدَاهُنَّ مُشْتَمِرًا لَاحِقًا/ (شَدِيْدَ) الْمَطَا، أَرْحَبِيًّا جُلَالَا (15)}.
وقوله: [(فِي تَعْمِيرِ هَذَا الْفَلَجِ)]، أي: جعله آهلا عامرًا بأسباب البقاء، ودَلَّ على معناه قول ابن الروميّ يمدح أحدهم: {لَا زِلْتَ أَفْضَلَ مَنْ يُطِيْعُ إِلَهَهُ/ وَيُطِيْعُهُ (التَّعْمِيْرُ) وَالتَّمْكِيْنُ(16)} [(قَصَدْنَا نَاظِرِينَ حَقِيْقَتَه)]، وفي قوله: (قَصَدْنَا)، توجّهنا إلى الفلج عمدًا، ودّلَّ على معناه قول مُعاذ بن صِرْم الخُزاعيّ: {قَصَدْتُ لِعَمْرٍو، بَعْدَ بَدْرٍ بِضَرْبَةٍ/ فَخَرَّ صَرِيْعًا مِثْلَ عَاتِرَةِ النُّسْكِ (17) وقوله: (نَاظِرِينَ)، أي مُبصرين ومُعَاينين حالة فلج جرزيز، وهي اسم فاعل، والجمع منها على أربعة وجوه: (نُظَّار)، و(نَوَاظِر)، و(نُظَّر)، و(نَظَر). ودَلَّ على معناها قول ثعلبة بن صُعَير المازنيّ: {وَلَرُبَّ وَاضِحَةِ الْجَبِيْنِ/ مِثْلَ الْمَهَاةِ تَرُوْقُ عَيْنَ (النَّاظِرِ) (18)}. وقوله: (حَقِيْقَتَه)، أي: حالته وماهيته. وحقيقة الشيء: لُبّه المَحض الخالص، ودَلَّ على معناها الحديث النبويّ: (لكُلِّ شيءٍ (حقيقةٌ) وما بلغَ عبدٌ حقيقةَ الإيمانِ حتَّى يَعلمَ أنَّ ما أصابَهُ لَم يكُن ليُخطِئَهُ وما أخطأهُ لَم يكُن ليُصيبَهُ) (19).
الوصف التفصيلي لفلج جرزيز
يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(فَلَمَّا وَصَلْنَا مَوْضِعَ الْمَاءِ؛ وَجَدْنَاهُ مَاءً يَخْرُجُ مِنَ (غَارٍ)، وَفِي أَعْلَاهُ (عُيُوْنٌ)، كَانَتْ تَنْبُّعُ مَاءٍ فَنَضَبَتْ، و(الصَّارُوجُ) أَثَرُهُ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ، فَرَأَيْنَا مِنَ الصَّعْبِ عَوْدُ ذَلِكَ الْمَاءِ إِلَى مَجْرَاهُ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ السَّيْلَ قَدْ غَيَّرَ مَسْلَكَهُ الْأَصْلِيَّ؛ فَصَارَ الْمَاءُ نَازِلًا، وَالْأَرْضُ مُرْتَفِعَةٌ، قَدْ نَبَتَ الشَّجَرُ فِي مَجْرَاهُ، وَلَمْ تَبْقَ إِلَّا الْأّثَارُ وَالرُّسُوْمُ؛ فَرَأَى السُّلْطَانُ تَرْكَ خِدْمَتِهِ، وَصَرْفَ الْهِمَّةِ عَنْهُ)].
في قوله: [(وَجَدْنَاهُ مَاءً يَخْرُجُ مِنَ (غَارٍ)]، معنى الغار: التجويف في التُّراب، أو الجبل. وجمعُهُ يكون على وجهين: (غِيران) و(أَغْوَار). ودَلَّ على معناه قول مُرَّة بن خُليف الفهميّ يرثي تأبَّط شرًّا: {إِنَّ الْعَزِيْمَةَ وَالْعَزَّاءَ قَدْ ثَوِيَا/ أَكْفَانَ مَيْتٍ، غَدَا فِي (غَارِ) رُخْمَانِ (20)}. وقوله: [(وَفِي أَعْلَاهُ (عُيُوْنٌ)]، ومعنى (العيون) في هذا السياق من المخطوطة (ينابيع الماء)، ومفردها: (عَين) وتُجمَع على ثلاثة وجوه: (عُيُون، أَعْيَان، أَعْيُن)، ودلَّ على معناها هنا قول امريء القيس بن حُجْر الكنديّ: {تَيَمَّمَتِ (الْعَيْنَ) الَّتِي عِنْدَ ضَارِجِ/ يَفِيءُ عَلَيْهَا الظِّلُّ، عَرْمَضُهَا طَامِي (21)}. وقوله: [(كَانَتْ تَنْبُّعُ مَاءً فَنَضَبَتْ)]. فكلمة (تَنْبُّعُ) مصدر. ودَلَّ على معناه قول الخليل ابن أحمد الفراهيديّ: (التَّعَيُّطُ: (تَنْبُّعُ) الشيءِ من حَجَرٍ أو عُوْدٍ يخرج منه شِبْه ماء يَسيلُ) (22) (فَنَضَبَتْ)، فعل لازم، ونَضَبَ الماءُ ونحوُه: غار وانحسر. ودَلَّ على معناه قول علي بن أبي طالب: (أُرَوِّضَنَّ نَفْسِي رِيَاضَةً تَهَشُّ مَعَهَا إِلَى الْقُرْصِ إِذَا قَدَرَتْ عَلَيْهِ مَطْعُومًا، وَتَقْنَعُ بِالْمِلْحِ مَأْدُوْمًا، وَلَأَدَعَنَّ مُقْلَتِي كَعَيْنِ مَاءً (نَضَبَ) مَعِيْنُهَا، مُسْتَفْرِغَةً دُمُوْعُهَا) (23) و[(الصَّارُوجُ) أَثَرُهُ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ)]، (الصَّارُوجُ) اسم فارسيٌّ مُعرّب (ساروج- čārūg)، وهو الحجر الجيريّ وأخلاطه مِمّا يُطْلَى وتُسَوَّى وتُمَلّس به الجُدُرُ ونحوها. ودَلَّ على معناه قول الخليل بن أحمد الفراهيدي: (الصَّارُوجُ: النُّوْرَةُ وَأَخْلَاطُهَا، تُصَهْرَجُ بِهَا الحِيَاضُ، وَالْحَمَّامَاتُ) (24) [(فَرَأَيْنَا مِنَ الصَّعْبِ عَوْدُ ذَلِكَ الْمَاءِ إِلَى مَجْرَاهُ الْأَصْلِيِّ)]. وقوله: (عَوْدُ الْمَاءِ)، (العَوْدُ) مصدر معناه: (الرُّجُوع)، ومن الخطأ قولنا (العودة) بإلحاق التاء. ودَلَّ عليه قول طرفة بن العبد البكريّ: {حُسَامٌ، إِذَا مَا قُمْتُ مُنْتَصِرًا بِهِ/ كَفَى(الْعَوْدَ) مِنْهُ الْبَدْءَ، لَيْسَ بِمُعْضَدِ (25). وقوله: [(مَجْرَاهُ)]، مصدرٌ ميميّ، بمعنى (جَرَيَانُهِ)، ودَلَّ على معناه قول قُسّ بنِ ساعدة الإياديّ: {جَرَى الْمَوْتُ مَجْرَى الَّلحْمِ وَالْعَظْمُ مِنْكُمَا/ كَأَنَّ الَّذِي يَسْقِي العُقارَ سَقَاكُمَا (26). [(فَصَارَ الْمَاءُ نَازِلًا، وَالْأَرْضُ مُرْتَفِعَةٌ)]. وقوله: (نَازِلًا) (هابطًا) من أعلى إلى أسفل. ودَلّ عل معناه قول النبيّ (صلى الله عليه وسلم): (وأنا أوْلى النَّاسِ بعيسى ابنِ مَريمَ، لِأنَّه لم يَكُنْ بَيني وبَينَه نَبيٌّ، وإنَّه(نازِلٌ)، فإذا رأَيتُموه فاعْرِفوه، فإنَّه رَجُلٌ مَربوعٌ إلى الحُمرةِ والبَياضِ) (27) [(قَدْ نَبَتَ الشَّجَرُ فِي مَجْرَاهُ، وَلَمْ تَبْقَ إِلَّا الْأَثَارُ وَالرُّسُوْمُ)]. (الْآثَارُ) جمعٌ ومفرده: (أَثَر) و(أَثَرُ الشيء) بقيته الدالة عليه. ونجد هذا المعنى في شعر مهلهل بن ربيعة التغلبيّ: {وَإِلَّا أَنْ تَبِيْدَ سَرَاةُ بَكْرٍ/ فَلَا يَبْقَى لَهَا أَبَدًا (أَثَارُ)(28)}. وَ(الرُّسُوْمُ)، و(الأَرْسَامُ)، و(الْأَرْسُم) كلّها جموعٌ مفردها: (رَسْم) ومعناه: (الأثر الملتصق بالأرض)، ودَلّ على معناه قول المهلهل بن ربيعة التغلبيّ: {يَسْتَبِيْنُ الْحَلِيمُ فِيْهَا (رُسُوْمًا)/ دَارِسَاتٍ كَصَنْعَةِ الْعُمَّالِ (29)}.
السلطان يصرف رأيه فلج جرزيز
[(فَرَأَى السُّلْطَانُ تَرْكَ خِدْمَتِهِ، وَصَرْفَ الْهِمَّةِ عَنْهُ)]. (رَأَى الرأي) أيْ: ما تَبَيَّنَه واعتقده بعد أنِ اطّلعَ على تقريرِ الشيخ عيسى الطائيّ، عن حالة فلج جرزيز، (فَرَأَى تَرْكَ خِدْمَتِهِ) أي: صرف النظر عن القيام بإصلاحه. ودَلَّ على معنى كلمة (خِدْمَتِهِ) الحديث النبويّ الشريف من رواية أم سلمة: {زَعَمَتْ أَنَّ فَاطِمَةَ جَاءَتْ إِلَى نَبِيّ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) تَشْتَكِي إِلَيْهِ (الْخِدْمَةَ)، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، واللهِ لَقَدْ مَجِلَتْ يَدَايَ مِنَ الرَّحَى، أَطْحَنُ مَرَّةً، وَأَعْجِنُ مَرَّةً...) (30) [(وَصَرْفَ الْهِمَّةِ عَنْهُ)] وقوله: (صَرْف) مصدر بمعنى (رَدَّ ودَفَعَ) هِمَّة تعمير فلج جرزيز وانصرف عنها. ودَلَّ على هذا المعنى قول الله تعالى في سورة الفرقان: {فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} (الآية: 19 برواية حفص عن عاصم). و(الْهِمَّة) اسمٌ وجمعه (هِمَم) والمعنى: ما همَّ به السلطان تيمور من أمرِ تعمير فلج جرزيز ليُصلحه. ودَلَّ على هذا المعنى قول عنترة: {فَعَالِجْ جَسِيْمَاتِ الْأُمُوْرِ، وَلَا تَكُنْ/ هَبِيْتَ الْفُؤَادِ، (هِمّةً) لِلسَّوَائِدِ. (31)
السلطان يُرغِّب أصحابه في الزواج
يقول الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(وَلَمَّا أَلْقَيْنَا عَصَا التَّرْحَالِ بِـ(ظَفَارِ) رَغَّبَ السُّلْطَانُ أَصْحَابَهُ فِي الزَّوَاجِ، فَرِغَبَ فِي ذَلِكَ أَبْنَاءُ عَمِّهِ (السَّيِّدِ مُحَمَّد بِنْ تُرْكي)، وَمَالَتْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى ذَلِكَ نَظَرًا إِلَى طُوْلِ الْمُكْثِ، وَمَشَقَّةِ الْعُزُوْبَةِ؛ فَتَزَوَّجُوا مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ ظَفَارِ أَوْسَطِهِمْ نَسَبًا، وَتَزَوَّجَ السَّيِّدُ مَلكٌ أَخُ السُّلْطَانِ بِابْنَةِ (الشَّيْخِ حَمَد بنِ قطميم المَرْهُوْنِيّ الْكثَيْرِيَ)؛ وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ مَشَايِخِ ظَفَارِ وَأَعْيَانِهِمْ)].
[(أَلْقَيْنَا عَصَا التَّرْحَالِ بِـ(ظَفَارِ)]، كناية عن ترك التنّقل والسفر والاستقرار. ونجد معناها في حديث (أخبَرَتْ فاطِمةُ بنتُ قيسٍ النَّبيَّ عنِ اثنَينِ تَقدَّما لِخِطْبَتِها، فقال لَها عنْ أَحدِهِما: إنَّه صُعْلوكٌ لا مالَ لَه، وَقال عَنِ الآخَرِ: إنَّه لا يَضَعُ عَصاه عَن عاتِقِه) ([[1]]). قال الماوردي، في (الحاوي الكبير) أَرَادَ الرسول (صلى الله عليه وسلم) بقوله: (لا يَضَعُ عَصاه عَن عاتِقِه) الإشارة إلى كَثْرَةَ أَسْفَارِهِ، لذا يُقَالُ لِمَنْ سَافَرَ: (قَدْ أَخَذَ عَصَاهُ)، ولمن أقام (قد ألقى عصاه). وفي هذا المعنى أنشد مُعَقِّر بن أوس البارِقِيّ؛ فقال: {(وَأَلقَتْ عَصَاها) وَاسْتقرَّت بِهَا النَّوى/ كَما قَرَّ عَيناً بالإِيابِ المُسافِرُ (33)}، وقوله: [(رَغَّبَ السُّلْطَانُ أَصْحَابَهُ فِي الزَّوَاجِ، فَرِغَبَ فِي ذَلِكَ أَبْنَاءُ عَمِّهِ (السَّيِّدِ مُحَمَّد بِنْ تُرْكي)، وَمَالَتْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى ذَلِكَ نَظَرًا إِلَى طُوْلِ الْمُكْثِ، وَمَشَقَّةِ الْعُزُوْبَةِ)](رَغَّبَ أَصْحَابَهُ فِي الزَّوَاجِ). أي: جعل رِفاق رحلته يرغبون في الزواج. ودَلَّ على معنى (رَغَّبَ) قول سلمان الفارسيّ – رضي الله عنه وأرضاه- يصف أُسقفَ الشام: (ثُمَّ قَدِمْتُ الشَّامَ. قُلْتُ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ عِلْماً؟ قَالُوا: الْأَسْقُف فِي الْكَنِيَسةِ، فَجِئْتُه. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَي قَدْ (رَغِبْتُ فِي هَذَا الدِّين)، فَدَخَلْتُ مَعَه، فَكَانَ رَجُلَ سُوْءٍ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَ(يُرَغِّبهم فِيْها)، فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ شَيْئاً مِنْهَا اِكْتَنَزَهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْمَسَاكِينَ، حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلَالٍ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِق)(34)،[(فَرِغَبَ فِي ذَلِكَ أَبْنَاءُ عَمِّهِ السَّيِّدِ مُحَمَّد بِنْ تُرْكي)] (أبناء السيد محمد بن تركي) يقصد السيد تركي بن سعيد الذي كان والياً على صحار منذ عام 1851م وحتى عام 1861م، ثم أصبح سلطاناً على عُمان في عام 1871م، وهو الابن الخامس للسلطان سعيد بن سلطان، ثم توفي في (22 رمضان 1305هـ - 3 يونيو 1888م)، مُعَقِّبًا ثلاثة رجال، هم: محمد وفيصل وفهد. وابنه الأكبر هو السيد محمد. [(وَمَالَتْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى ذَلِكَ)]. و(مَالَتْ أَنْفُسُهُمْ) أي: أُوْلِعَتْ وأُغْرِيَتْ وحرصت على الزواج من بيوتات أهل ظفار. ومعناه نجده عند لسان الدين الخطيب في قوله: {إذا ما النّفسُ (مَالَتْ) نحْوَ حُسْنٍ/ فقَدْ خطَرْتَ علَى خطَرِ الوَلوعِ}. [(نَظَرًا إِلَى طُوْلِ الْمُكْثِ، وَمَشَقَّةِ الْعُزُوْبَةِ)]. وقوله: (نَظَرًا إِلَى) تعبير لُغويّ يفيد التعليل يلازمه حرف الجر (إلى)، ومن الخطأ إلحاقها بلام كقول أحدهم: نظرا لتطور الأوضاع. و(طُوْلِ الْمُكْثِ)، أي: طول الإقامة والاستقرار في ظفار مَدَّة لا يُعْرفُ متى انقضاؤها. ودلّ على هذا المعنى قول النُّعمان بن ثواب العَبديّ ينصح ابنه: (فَإِذَا شَهِدْتَ حَرْبًا، فَرَأَيْتَ نَارَهَا تَسْتَعِرُ، وَبَطَلَهَا يَخْطِرُ.. فَأَقْلِلِ (الْمُكْثَ) وَالْانْتِظَارَ، فَإِنَّ الْفِرَارَ غَيْرُ عَارٍ) (35)، و(مَشَقَّةِ الْعُزُوْبَةِ) العُزُوْبَة مصدر، ومعناه: تَرْكُ النِّكاح. ودلَّ على معناه قول عثمان بن مظعون الجُمحيّ القرشيّ يستأذن النبيّ (صلى الله عليه وسلم): (إِنِّي رَجُلٌ تَشْتَدُّ عَلَىَّ (الْعُزُوْبَةُ) فِي هَذِهِ الْمَغَازِي، فتأذنُ لي فأختصي. فقال: لا. ولكن عليك بالصوم) (36) [(فَتَزَوَّجُوا مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ ظَفَارِ أَوْسَطِهِمْ نَسَبًا)]، وقوله: (أَوْسَطِهِمْ نَسَبًا) اسم تفضيل أي: أشرفُهم نسبًا، وأكرمهم مَحَلًّا. ودَلَّ على معناه قول هاشم بن عبد مناف القرشيّ: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَنْتُمْ سَادَةُ الْعَرَبِ: أَحْسَنُهَا وُجُوْهًا، وَأَعْظَمُهَا أَحْلَامًا، وَ(أَوْسَطُهَا أَنْسَابًا)(37) [(وَتَزَوَّجَ السَّيِّدُ مَلكٌ أَخُ السُّلْطَانِ)] ملك بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان آل سعيد (1888م- 1913م)، ولد بقصر بيت العلم، وفي مطلع شبابه تولى سكرتارية رئاسة الوزراء، ومسؤولية البرق والهاتف في القصر السلطانيّ، وإدارة الجوازات، وكان المبعوث الخاص للسلطان تيمور في العديد من المهام الإقليمية والدولية، وتوفي سنة 1971م، عن عمر ناهز الثمانين عاما. بِابْنَةِ (الشَّيْخِ حَمَد بنِ قطميم المَرْهُوْنِيّ الْكثَيْرِيَ)؛ وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ مَشَايِخِ ظَفَارِ وَأَعْيَانِهِمْ)]. وكلمة: (الشَّيْخِ) مفردٌ، وجمعُه يأتي على ثمانية وجوه: (مَشَايِخ)، و(شيوخ)، و(أشياخ)، و(مشيخة)، و(شيخان)، و(أشايخ)، و(مشائخ)، و(أشيخة)، ومعناه: الرجل ذو المكانة من رئاسةٍ أو علمٍ أو غير ذلك. ودلَّ على هذا المعنى قول دويلة بن سعيد الهمدانيّ ذاكرًا ثأره لأبيه الذي كان ملكا: {إذَا أَنَا لَمْ أَثْأَرْ بـ(شَيخِي) منهم/ فَمَنْ ذَا الَّذِي تَرْجُو شِبَامُ لَهُ بَعْدِي (38)}. وقوله: (أَعْيَانهِمْ) أي: أشرافهم وسادتهم. ودلّ على معناه قول مارية بنت الدَّيان الحارثية: {قُلْ لِلْفَوَارِسِ لَا تَئِلْ (أَعْيَانُهُمْ)/ مِنْ شَرِّ مَا حَذَرُوا وَمَا لَمْ يُحْذَرِ (39)}.
المراجع والمصادر:
([01]) شعراء تغلب في الجاهلية وأخبارهم وأشعارهم، صِنْعَة: علي أبو زيد، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ط1، 2000م، 2/ 133
([02]) ديوان تأبّط شرًّا وأخباره، جمع وتحقيق وشرح: علي ذو الفقار شاكر، دار الغرب الإسلاميّ، بيروت، ط1، 1984م، ص: 94
([03]) الجغرافيا الطبيعية لسلطنة عمان، د. سالم بن مبارك الحتروشيّ، ط1، 2014م، جامعة السلطان قابوس، مجلس النشر العلمي، ص: 123-124
([04]) ديوان امريء القيس، تحقيق: محمد أبوالفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط5، 1990م، ص: 56
([05]) أخبار الزمان ومن أباده الحدثان وعجائب البلدان، والغامر بالماء والعمران، علي بن الحسين المسعوديّ (ت، 346هـ)، دار الأندلس، بيروت، 1996م، ص: 41
([06]) ديوان سلامة بن جندل، صِنْعة: محمد بن الحسن الأحول، تحقيق: فخر الدين قباوة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1987م، ص: 136
([07]) الرسالة البغدادية، أبو حيان التوحيديّ(ت، 414هـ)، تحقيق: عبود الشالجي، منشورات الجمل، كولونيا، 1997م، ص: 349
([08]) أمثال العرب، المُفَضَّل الضَّبيّ (ت، 178هـ)، قدَّم له وعلّق عليه: إحسان عباس، دار الرائد العربيّ، بيروت، ط2، 1983م، ص: 148
([09]) إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت، مج1، ص: 239
([10]) التاريخ السياسي، صلاح البكري، ٢ / ٢٠٧
([11]) المكانة التاريخية لولاية مرباط، سعيد بن خالد بن أحمد العمري، ندوة مرباط عبر التاريخ، مطبوعات المنتدى الأدبي، 2012م، ص: 129
([12]) الراوي: أبو هريرة، المحدث: ابن حجر العسقلاني، المصدر : إتحاف المهرة، الصفحة أو الرقم: 15/ 519
([13]) شعر الفند الزمانيّ، تحقيق: حاتم الضامن، مجلة المجمع العلمي العراقيّ، مج37، ج4، 1986م، ص: 16
([14]) معجم الصواب اللغوي، أحمد مختار عمر، 2003م، رقم: 7448
([15]) ديوان عمرو بن قميئة، تحقيق وشرح: حسن كامل الصيرفيّ، معهد المخطوطات العربية، مطابع دار الكاتب العربيّ، القاهرة 1965م، ص: 160-167
([16]) ديوان ابن الروميّ أبي الحسين بن العباس بن جريج، تحقيق: حسين نصّار، مطبعة دار الكتب والوثائق القوميّة، القاهرة، ط3، 2003م، 6/ 2520
([17]) الفاخر، المفضّل بن سلمة بن عاصم، تحقيق: عبد العليم الطحاويّ، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبيّ، 1380هـ، ص: 151
([18]) شعر بني تميم في العصر الجاهلي، جمع وتحقيق: عبد الحميد المعيني، منشورات نادي القصيم الأدبيّ، بريدة، 1982م
([19]) الراوي: أبو الدرداء، المحدِّث: الوادعي، المصدر: الصحيح المسندالصفحة أو الرقم : 1046، خلاصة حكم المحدِّث: حسن
([20]) كتاب الأغاني، أبو الفرج الأصفهاني (ت، 356هـ)، تحقيق: إحسان عباس وآخرين، دار صادر، بيروت، ط3، 2008م، 21/ 122
([21]) ديوان امريء القيس، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط5، 1990م، ص: 476
([22]) كتاب العين، الخليل بن أحمد الفراهيديّ، (ت، 175هـ)، تحقيق: مهدي المخزوميّ، وإبراهيم السامرائيّ، دار ومكتبة الهلال، القاهرة، د. ت 2/ 211
([23]) نهج البلاغة للإمام علي، جمعه: الشريف الرضي، وشرحه: الإمام محمد عبده، مؤسسة دار المعارف، بيروت، 1990م، 3/ 74
([24]) كتاب العين، د. ت 6/ 46
([25]) ديوان طرفة بن العبد، شرح: الأعلم الشنتمريّ، تحقيق: درية الخطيب ولطفي الصقال، إدارة الثقافة والفنون، البحرين، المؤسسة العربية، بيروت، ط2
([26]) كتاب الأغاني 15/ 166
([27]) الراوي: أبو هريرة، المحدث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج المسند لشعيب، الصفحة أو الرقم: 9632، خلاصة حكم المحدث: صحيح
([28]) ديوان المهلهل بن ربيعة التغلبي، مرجع سابق، ص: 32
([29]) المرجع نفسه، ص: 70
([30]) مسند الإمام أحمد بن حنبل(ت، 241هـ)، حققه وخرّج أحاديثه: شعيب الأرنؤوط وآخرون، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 2001م، 44/ 175، رقم الحديث: 26551
([31]) شرح ديوان عنترة، الخطيب التبريزي(ت،502هـ)، قدَّمَ له ووضع فهارسه وهوامشه: مجيد طراد، دار الكاتب العربيّ، بيروت، ط1، 1992م، ص: 57
([32]) الراوي: فاطمة بنت قيس، المحدث: الألباني، المصدر: غاية المرام، الصفحة أو الرقم: 430، خلاصة حكم المحدث: صحيح
([33]) منتهى الطلب من أشعار العرب، جمع: ميمون البغداديّ،(ت، 597هـ)، تحقيق وشرح: محمد نبيل طريفي، دار صادر، بيروت، ط1، 1999م، 8/ 261
([34]) مسند الإمام أحمد بن حنبل (ت، 241هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 2001م، 39/ 142
([35]) مجمع الأمثال، أبو الفضل الميداني(ت، 518هـ)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السُّنة المحمديّة، القاهرة، 1955م، 10/ 72
([36]) المجمع (4/ 253 - 254): رواه الطبراني وفيه عبدالملك بن قدامة الجمحي وثقه ابن معين وغيره، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات. وضعفه الألباني في الضعيفة (3893).
([37]) شرح نهج البلاغة، ابن الحديد(ت، 656هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، منشورات مكتبة المرعشي النجفي، مؤسسة إسماعيليان، قُم، ط2، 1967م، 15/ 211
([38]) شعر همدان في الجاهلية والإسلام، جمع وتحقيق: حسن عيسى أبوياسين، دار العلوم، الرياض، ط1، 1983م، ص: 253
([39]) شعراء مذحج في الجاهلية، صنعة: مقبل التام عامر الأحمديّ، مجمع اللغة العربية السعيدة، صنعاء، ط2، 2014م، ص: 588
([[1]]) الراوي: فاطمة بنت قيس، المحدث: الألباني، المصدر: غاية المرام، الصفحة أو الرقم: 430، خلاصة حكم المحدث: صحيح
رابط مختصر