سودانايل:
2025-02-20@19:31:13 GMT

ساقية الدم السودانية

تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT

بقلم عمر العمر

هاهي الحرب . كلما طال أمدها توغل المقاتلون في التوحش ،فتُزهق الأرواح وتغرق الجثث في الدماء . هاهو الصراع عندما يتفلّت من الأعراف والأخلاق متجردا من العقلانية مصابا بالعمى يسقط أطرافه في جب الذاتية و مصالحها الخاصة غير مكترثة بمن حولها متجاهلة ظرفيها الزماني والمكاني. كذلك الأحداث تفقد تسلسلها المنطقي .

هكذا هي الحرب كلما تصبح قوى الفوضى هي السائدة تفرض منطق العشوائية على الجميع .في مثل هذا الجحيم يصاب الدماغ بالسكتة فيعجز عن الفهم والاستيعاب ،عن الشرح والتبرير لأحداث العنف ونتائجه الكارثية. وحدهم المهرجون ،سماسرة الدم ،اللصوص والانتهازيون يرفعون اصواتهم يحاولون عبثاً نسج خيوط منطقية -أوهى من بيت العنكبوت- لتبرير الحرب القذرة.إذا كان ثمة خيط واحد عابر داخل هذه الفوضى المسقية بالدم فهو استماتة الإسلاميين على الاحتفاظ بامتيازات السلطة والثروة. لكن إلقاء كل المسؤولية على الإسلاميين وحدهم هو نصف الحقيقة ف (قوى الثورة) لها نصيها من الحقيقة بتفريطها في الإمساك بزمام اللحظة الثورية.
*****
أ لهذا الدرك المجفف من الحياء والنخوة سقطنا حيث نمارس التقتيل المشرّب بالتشفي فلا نكتفي بإطلاق الرصاص بل نفرغ خزانة السلاح في الجثث ! أ لهذا الدرك الأسفل من التوحش هبطنا فلا نكتفي بالوخذ والطعن حتى الموت بل لنذبّح المجردين من السلاح ذبح الشياه!أ لهذا الدرك الغارق في ظلمة الجهل بالدين ،العرف والفحولة نرفع أصواتنا بالتكبير بينما ننكل بضحايا لانعرفهم، لمجرد تصنيفهم قسرا أعداءاً بغية إشباع نهم الثأر المؤجج فينا! لابأس فنحن لا نعيد فقط انتاج التاريخ ،بل نعيد قطع الرؤوس وبقر البطون وإطعام دواب النهر الجثثث . هذا فصل أشد قتامة من كل فصول التقتيل ،الإبادة والتطهير العرقي السوداء في تاريخنا البعيد والمعاصر.ربما هو اقتباس عشوائي لفصل الدفتردار التركي . إذ يتشابه المشهدان في التوحش فقط يتباين النص والممثلون.
*****
الجزيرة ليست أرض المحنة كما تقول قصيدة مغناة ، بل هي مزرعة السودان والحصاد ومنصة التصدير .هي بوتقة الشعب ومصهر أعراقه وثقافته .كذلك مدني ليست فقط حاضرة الجزيرة، بل هي خاصرة الوطن.فكل مايصيبهما تتداعى له كل جنبات البلد و جسم الشعب .فمن الصعب تطويق شرور انفلات هذا العنف البربري داخل هذه الرقعة الجغرافية أو على الكتلة البشرية داخلها.إنه السودان أيها القتلة الجهلة المتوحشون . الكنابي ؛معسكرات العمال الزراعيين مقر سكن ماكينات الإنتاج البشرية في أكبر مشروع سوداني . طوال سنين عددا، ظلت على عائدات جهودهم ترسم وزارة المالية موازنة الدولة . هذا الانفلات الشرس يحول الفرح إلى كرح والنصر إلى هزيمة لأنه يحرق تجربة حياتية تنبض بالبذل ،العطاء والتعايش العائلي الحميم . دائرة العنف ستنداح كما تتفجر بؤر التوتر الساكنة بعدما رفعت عنها أحداث الجزيرة غشاوة الصبر .فالعنف لا يولّد إلا العنف .من حق أجيال الكنابي الدفاع عن وجودهم وحقوقهم التاريخية.
*****
في المقابل كان الغرب العريض إحدى وجهتي الجذب للباحثين عن فرص الاستثمار من أبناء الشريط النيلي الضيق الشحيح .فأفلحت ثلة من أبنائه العصاميين في بناء قواعد تجارية هناك أمست إمبراطوريات بمعايير السوق .نحن لا نقرأ التاريخ بل نجهله كذلك .لذلك نعيد انتاج أخطائنا .الجنجويد صنم صنعناه بأيدينا. الساسة والجنرالات المشاركون في صناعته تغنوا به ثم روّجوا أفعاله ضد الشعب أمجادا حتى كادوا يعبدوه. فلمّا نازعهم السلطة كفروا به حتى عمدوا إلى تهشيمه وإن بكلفة عالية يسددها الشعب . هكذا يتساوى السفاحون القتلة في تحميل المواطنين الأبرياء فوق طاقاتهم ،بل خصما من حاضرهم ومستقبلهم .الآن خرج الجنجويد من مدني عاد الجند إلى المدينة لكنها لم تسترد السلم والأمان . تلك غاية لا أحد يدرك كيفية إنجازها وتوقيتها. فجنرالات الجيش استعانوا بميليشيات ضد ميليشيا.ذلك يفتح الافق حتما أمام إعادة إنتاج الأزمة في نسخة مغايرة.لا فرق ما إذا كانت معارك الميليشيا المستولدة تدار بنبرة قبلية أو لسان أيديولوجي.لكنها واقعة لا محالة.
*****
القناعة بألا سبيل لتحقيق إنجاز على درب التقدم الوطني عن طريق الجنجويد لن تبدلها نتائج المعارك في الجزيرة وغيرها.فطبيعة تنظيمات الميليشيا لا تتغير وفق سحناتها و ألسنتها.كلها موبؤة بفيروس العنف واللهف للدم و إقصاء الآخر. لافرق بين الخمير الحمر،طالبان، حزب الله ،الحرس الثوري ، الحوسيون ، بلاك ووتر ، فاغنر . حتى اذا استهدفت هدم دولة .فهي عصابات قوامها قتلة محترفون مقابل المال في مهنة من لا مهنة له. فالرهان على تدوير طاحونة الدم اقرب للعقل منه إلى تجفيف بؤر التوتر على خارطة الوطن .على النقيض ، ما يحدث حاليا يؤجج نار الكراهية و يغذي ساقية الفرز العنصري البغيض.تماما كما قال الكاتب الأميركي (في الحرب نستخدم أفضل ما لدينا لنمارس أكثر الأفعال بشاعة).
*****
الكلام عن محاكمة مرتكبي الجرائم بمافي ذلك القتل خارج القانون يثير السخرية والرثاء والحزن .فكل ما يحدث على أرضا لوطن يحدث خارج القانون، فالبلد كله خارج الدستور بما في ذلك السلطة القابضة على ما تبقى من هيكل الدولة وأدار الشعب!. ما يحدث على ارض الجزيرة يحدث خارج الإسلام الحنيف (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض كأنما قتل الناس جميعا )من غير الممكن رسم مسار التحولات الناجمة داخل الفوضى لأن سلوكيات الناس وردود أفعالهم أزمان الحرب لا تخضع لمعادلات فيزياء اجتماعية.لذلك يخوض في الوهم كل من يتصور بلوغ الانتصار الحاسم .هم ونحن كما قال الفقيه الحنفي الفارسي جلال الدين الرومي(يدقون طبول الحرب وندق طبول الحب)

نقلا عن العربي الجديد

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

حماس محذرة نتنياهو: أي محاولة لاستعادة الأسرى بالقوة لن تسفر إلا عن مزيد من الخسائر

أعلنت حركة حماس، أن أي محاولة لاستعادة الأسرى الإسرائيليين بالقوة العسكرية أو العودة إلى الحرب لن تسفر إلا عن مزيد من الخسائر في صفوفهم، وإن التبادل هو الطريق الوحيد لإعادة الأسرى الإسرائيليين أحياء إلى ذويهم.

وأضافت الحركة: «أن الأسرى كانوا جميعا على قيد الحياة قبل قصف أماكن احتجازهم من قبل طائرات الاحتلال الصهيوني بشكل متعمد، وأن مضاعفة أعداد الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم تمت استجابة لطلب من الوسطاء ولإثبات جديتنا في تنفيذ كافة بنود الاتفاق».

جهود الدولة المصرية

وبذلت الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، جهودا ضخمة لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023، حيث تحركت الدولة المصرية على عدة مستويات، سياسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع، وإنسانيا لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء القطاع بالكميات التي تسمح بالوفاء باحتياجات أهالي غزة الذين يواجهون مجاعة بسبب جرائم الاحتلال وحصارهم، فضلا عن اتباع المسارات القانونية من أجل معاقبة إسرائيل على ما تقوم به من جرائم ضد الإنسانية.

دعم حقوق الشعب الفلسطيني

ويعد الموقف المصري، الأكثر اتساقًا في التعامل مع القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة العربية، بدءًا من دعم حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية على مدار عقود وحتى اليوم، لتؤكد بذلك القيادة السياسية الثوابت التاريخية المصرية في أنها الحارس الأول لهذه القضية، كما أنها لن تسمح بتصفيتها بدون حل عادل يحفظ لهذا الشعب حقوقه التاريخية.

مصر في الصدارة

ولا تزال مصر في صدارة الجهود الإقليمية والدولية الدافعة نحو تنفيذ وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وصد كافة المحاولات الإسرائيلية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، فتمثل الجهود المصرية الراهنة المستمرة من 7 أكتوبر الماضي، امتدادًا لدورها التاريخي إزاء قضية العرب الأولى، حيث ظلت القضية على رأس أولويات اهتمام القيادة المصرية، وتقوم بتذكير العالم بأن دماء الفلسطينيين لا تزال تنزف مع دخول الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة عامها الأول، فمصر على مدار عام كامل من الحرب، لم تدخر جهداً أو طريقاً إلا وسلكته لوقف العدوان الإسرائيلي الذي أسفر عن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين المدنيين الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، في تحدٍ واضح للمجتمع الدولي وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والمواثيق والاتفاقيات الدولية.

اقرأ أيضاًهذا ما كتبته حماس على نعوش الأسرى الإسرائيليين: «قتلهم مجرم الحرب نتنياهو وجيشه النازي»

«حماس» تعلن تسليم محتجزين وجثامين إسرائيليين خلال الأيام المقبلة

حماس: استهدافات الاحتلال تكشف نوايا نتنياهو الرامية لتعطيل اتفاق وقف إطلاق النار

مقالات مشابهة

  • الدم يقطر من فم نتنياهو.. حماس ترسل جثامين الرهائن مع رسائل
  • حماس محذرة نتنياهو: أي محاولة لاستعادة الأسرى بالقوة لن تسفر إلا عن مزيد من الخسائر
  • غزة وسوريا محور التقرير السنوي لمركز الجزيرة للدراسات
  • ما يحدث في نيروبي هو عبارة عن شفشفة وتشيلع للدولة السودانية
  • ماذا يحدث في الجسم عند تناول مغلي الليمون والقرنفل؟ فوائد ستدهشك
  • الحكومة السودانية ينتقد كينيا لتوفير منصة لقوات الدعم السريع لإعلان حكومة منها  
  • ???? هل ما يحدث في نايروبي خطير؟
  • الخارجية السودانية: مصرع 433 شخصًا في هجمات لـ الدعم السريع بولاية النيل الأبيض
  • «الحكم المحلي» تهنّئ الشعب بمناسبة ذكرى «ثورة فبراير»
  • التومي: «فبراير» ذكرى حُلم شعب لن ينال منه اليأس