د. ليلى الضو أبو شمال
في كل دول العالم يُنظر للشباب على أنهم ثروة قومية لا تقدر بثمن ومورد من موارد الدولة المهمة ، والدولة التي تحظى بها تُسمى دولة يافعة ، وأوربا التي يُطلق عليها لقب القارة العجوز ويرجع سبب التسمية لعدة أسباب واحدة منها أنها تفتقد هذا المورد المهم ، حيث أن الغالبية العظمى من سكانها هم الفئة التي تجاوزت سن الشباب وتلك القارة التي بلغ سكانها أكثر من 740 مليون نسمة تمثل فيها نسبة شريحة الشباب أقل من 50% ، وبالتالي تُؤثر تلك النسبة على تنمية الدول في حاضرها وعلى مستقبلها ، لذلك لجأت إلى السماح للشباب من قارات أخرى بالوفود إليها تارة بالطرق القانونية المتاحة وتارة أخرى بالطرق غير القانونية ( ما يسمى بالهجرة غير الشرعية) إن كانت من الدولة الوافد منها المهاجر أو التي يود الهجرة إليها وهم غالبا أكثر بكثير من الذين يدخلون بالطرق الرسمية ، ومعظم دول تلك القارة لا تمانع حيث أنها تستفيد منهم في رحلة الإنتاج والعطاء ، ومن المزايا لذلك أنهم يعملون شتى أنواع العمل كالذي يُطلق عليه أعمال هامشية ، كثيرا ما نسمع عن طبيب أومهندس بدأ حياته بالعمل في المطاعم وغسيل الأطباق ، وأعمال النظافة أو صالونات الحلاقة أو غيرها ، والمدهش في ذلك أن الواحد منهم لا يستحي من هذا العمل وأنا أيضا لا أرى في ذلك مدعاة للحياء والموارة ، ولكن استعجب في أنه يستحي أن يفعل ذلك في بلده وسط أهله وأقرانه ، ويرى في ذلك ما يقلل من شأنه ويضعف من مكانته الإجتماعية ، ويستوقفني دوما مثل تلك العقليات التي تعيش بيننا والتي تندرج تحت مفهوم ( انفصام اجتماعي) بلاشك ، الزعزعة النفسية التي تنطوي في دواخلنا واحدة من أسباب انهزاميتنا وتعطيل تقدمنا في دولة كالسودان تمتلك أراضي زراعية بحجم هذه المساحات وتمتلك موارد مائية تفتقدها كثير من الدول الأخرى ، وشباب يفوق عددهم أكثر من نصف سكان الدولة ، وأرض ظلت على مر التاريخ تٌسمى سلة غذاء العالم ، لماذا نستحي أن نكون جميعنا مزارعين ورعاة ونحقق هذا الوعد الذي أُطلق قبل سنوات طوال وتستدعيه بشدة كل السنوات القادمات ، ولماذا نستورد البرتقال والفراولة وغيرها من محاصيل من الجارة ( مصر ) مثلا ولماذا شبابنا بهذا الإحباط كله والإحساس بعدم الأمان في دولتهم والعجز أن يكونوا ناجحين وقادرين على الإنجاز والإبداع ، في تقديري أن أسباب ذلك كثيرة أولها تقصير في التربية حيث لم تُوفق كثير من الأسر دون قصد أن تبني أجيال للمستقبل ، كثيرا ما يربى الوالد أو الوالدة ابنه أو ابنته على منهج ما تربى هو عليه إن كان هذا المنهج خطأ أو صواب ، كثيرا ما يسيطر عليه ذلك الاستبداد الذي مُورس عليه وتسبب في تعقيد حياته ، ويقول حينما أكون أبا أو تقول حينما أكون أما لن أفعل ذلك مع أبنائي ( وهنا أتحدث عن جوانب موروثات وليست جوانب أخرى ) ، ولكن لا يستطيع الإفلات من الطبع ، حيث لاشك الطبع يغلب التطبع ، لو سألت كثير من الأمهات أو الأَباء لماذا تريدون لأبناءكم أن يدرسوا طبا أو هندسة لن تجد لديهم إجابات مقنعة ، وهذا كمثال فقط ، لماذا فشل كثير من الأطباء والمهندسين في بلادي ؟؟؟ وحُرموا من ابداع كان يمكن أن يكون ، ولو سألنا أي أب وأم ما جرعات التدين التي غرستموها في أبناءكم وبناتكم ؟ ، ولو سألت أي أب وأي أم ما جرعات الإنتماء وحب الأوطان التي سقيتموها لهم ،، أشك أن نجد إجابة تشفي غليلنا .
لو سألنا الأباء والأمهات متى جلستم للحوار مع أبناءكم وبناتكم ومنحتموهم الثقة ليقولوا كل ما بدواخلهم ؟ حتى لا يذهبوا لأباء وأمهات افتراضيين / لن تصدقوا لو قلت لكم أعرف أبناء وبنات يجعلون من الأباء والأمهات التي تصنعها برامج الذكاء الاصطناعي مكانا للدردشة معهم والتفاعل معهم والاحساس بالأمان لن تصدقوني !!! فقد صُدمت قبلكم بذلك .
والله ما يشغل بالي غير ذلك الجيل الذي يحتاج منا لكثير من الإهتمام وجعله أولوية في التفكير الاستراتيجي لأنهم هم مفتاح الدولة القادمة وقد ولى عهد الشيوخ وان الأوان لنجعل الشباب يستعيد الثقة في نفسه وواجب علينا أن نعمل على ذلك تنظيرا وتطبيقا ، فقد أكد من قبل المؤتمر الأول لوزراء الشباب العرب بأن رعاية الشباب هي توفير كل ما يمكن الشباب من تنمية قدراتهم البدنية والفكرية والنفسية والاجتماعية ليصبحوا مواطنين قادرين على الإسهام بفاعلية في بناء مجتمعاتهم
ويقول سلامة محمد الغباري بأن شعور الشباب بالإغتراب وعدم الإنتماء يؤدي بهم إلى تضخم ما يسمى بأزمة الهوية وهي تنمي فيه الإحساس بالضياع في مجتمع لايساعدهم في فهم أنفسهم ولا في تحديد دورهم في الحياة ولا يوفر لهم فرص تعينهم على الإحساس بقيمتهم الاجتماعية.
*خلاصة القول*
هذه تصبح واحدة من توصياتنا للجادين جدا على بناء الدولة الجديدة أن انتبهوا للشباب
leila.eldoow@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: کثیر من
إقرأ أيضاً:
الفنان هلال السبهاني: تأثرت كثيرًا بأسلوب المدرستين الواقعية والسريالية
تأثرت أعماله الفنية بقربه من وادي فنجاء وما يتمتع به الوادي من المناظر الطبيعية الخلابة، حيث كان يقضي وقته في التأمل في تلك المناظر، مستلهمًا من قدرة الخالق على الإبداع. الفنان التشكيلي هلال بن يعقوب السبهاني ترعرع في كنف عائلة فنية، حيث كان والده وإخوانه يمارسون الفن التشكيلي والجمالي.
في حديثه معنا، أشار الفنان هلال السبهاني إلى أن البداية الحقيقية في ممارسته لمهارات الرسم والتصوير والتشكيل كانت منذ الصغر، وبالتحديد عندما كان في الثامنة من عمره، فكان متعلقًا برسم جميع الأشياء التي تقع أمام عينيه، وكان لديه تخيل واسع لهذه الأشياء، ويفكر في مخيلته متسائلًا: "كيف يمكنني رسم هذه الأشياء؟ وما التوقعات التي يمكن أن تحصل لهذه الأشياء في المستقبل بمنظور خيالي؟"، وبعد أن بلغ العاشرة من عمره، زاد شغفه واطلاعه لرسم أشياء أكثر واقعية، فتنامى حبه لهذه الموهبة الجميلة، فكان حريصًا على المشاركة في المسابقات الفنية (المحلية والدولية) التي كان معلم التربية الفنية في ذلك الوقت يحرص على مشاركته فيها، والتي كانت تصل إلى المدرسة، مما كان له الدور الكبير في صقل موهبته في مجالات الرسم والتصوير والتشكيل.
دائمًا ما يكون للأسرة الدور الحقيقي والأكبر في صقل مواهب الفرد، فعاش هو في بيئة فنية محبة للرسم والفن التشكيلي بشكل عام، فكان التشجيع والتعزيز الذي يتلقاه من أبيه وأمه وأخوته له الدور الأكبر في حماسه للبقاء في هذه الموهبة، وكان الوسط الفني في العائلة -والحمد لله- محبًا للفن التشكيلي، كل منهم كأخوة يشجع الآخر ويصحح له مساره الفني، وكان للمدرسة الدور في تنمية وصقل موهبته الفنية، عندما كان معلم التربية الفنية آنذاك يشجعه ويحرص على مشاركته في الكثير من المسابقات الفنية التي تصل إلى المدرسة، ثم الشغف الذي كان يلازمه بهذه الموهبة شجعه على تطوير مهاراته بشكل أكبر، مما أهله للحصول على تقدير جيد جدًا في الدبلوم العام، وأهله للوصول إلى جامعة السلطان قابوس، بكلية التربية، قسم التربية الفنية، ومن خلال هذه المرحلة، كانت للدراسة الأكاديمية في هذا المجال الدور الأكبر في تنمية قدراته وخبراته في جميع مجالات الفن التشكيلي، التي كان يتلقاها من أساتذته الجامعيين.
ويتابع السبهاني قائلًا: تخصصت في قسم التربية الفنية في دراستي الأكاديمية نتيجة حبي لهذه المادة وتعلقي بكل مجالاتها المتنوعة، ولأنها كانت تشكل لي الفرصة الحقيقية للتعبير عما يدور في مخيلتي وأحاسيسي المختلفة والتعبير عنها بمختلف المجالات الفنية المتنوعة.
وتحدث عن أعماله بقوله: الأعمال الفنية التي كنت وما زلت حريصًا على رسمها وتصويرها هي المناظر الطبيعية العمانية، التي تأسر مخيلتي الفنية، فيأسر عيناي منظر السماء الصافية والملبدة بالغيوم، وعناقها الدائم مع الجبال الشاهقة، ومع السهول الخضراء الوارفة بالنخيل والأشجار، إلى جانب الوديان والشواطئ الرملية الذهبية الجميلة، والقرى الريفية التي تتخلل بين جنباتها البيوت القديمة، ولكل فنان تشكيلي أسلوب يميزه عن غيره من الفنانين، وأنا أميل أكثر إلى الأسلوبين الواقعي والسريالي في رسم الأشياء التي تقع في نظري وفي مخيلتي، وأبدأ بتنفيذ أعمالي الفنية من خلال تحويل الوحدات الشكلية إلى مساحات هندسية، يتم من خلالها تلوين خلفياتها بألوان قاتمة، ومرت تجربتي الفنية في الرسم والتلوين في تنفيذ أعمالي الفنية إلى مرحلتين في استعمال الخامات اللونية، فبدأت باستخدام الألوان الزيتية، ثم انتقلت بعدها إلى مرحلة التلوين بألوان الأكريليك، ولكل فنان تشكيلي اهتمامه الخاص بمجالات الفن التشكيلي، فأنا دائمًا ما أحب تنفيذ أعمالي الفنية، سواء كانت مسطحة أو مجسمة، ولكن تستهويني أكثر الأعمال الفنية المسطحة، وأنا أعتبر أن الفن التشكيلي والحراك الفني والثقافي -وبحمد من الله وفضله- له الدور الأكبر في مسيرتي الفنية، فلقد شاركت في العديد من المعارض الفنية على المستويين المحلي والخارجي، فكنت وما زلت حريصًا على نقل خبراتي الفنية للجمهور، حيث نفذت العديد من الدورات التدريبية الفنية المتخصصة في مجالي الرسم والتصوير لرياض الأطفال وطلبة المدارس ولمعلمي بعض المحافظات التعليمية بسلطنة عمان، والفن التشكيلي بشكل عام رسالة، لا بد من كل فنان تشكيلي أن يحمل رسالة يصيغها بكل أمانة وبكل احترافية، ورسالتي التي أسعى إلى توصيلها للمتلقي ولكل متذوق للفن أن يصب اهتماماته بمواضيع تتعلق بالهوية العمانية، وأن يجسدها الفنان في كل أعماله بكل أساليب ومدارس الفن التشكيلية المختلفة.
وأوضح السبهاني قائلًا: شاركت في العديد من المعارض الفنية على المستوى المحلي، منها المشاركة في المعرض الفني المصاحب للمؤتمر الدولي السادس لكلية التربية بعنوان "التربية الفنية والتحديات المعاصرة" بجامعة السلطان قابوس عام 2019، فضلًا عن المشاركة في المعرض السنوي للفنون التشكيلية، الدورة السادسة عام 2018، والمشاركة في المعرض الأول لمعلمي مادة الفنون التشكيلية "تكوين" عام 2018، والمعرض السنوي الخامس والعشرين للفنون التشكيلية عام 2017، وفعالية المعرض الفني "طريق بلا ألم" ضمن فعاليات فريق السلامة المرورية بوزارة التعليم العالي (سابقًا) عام 2013، بالإضافة إلى المشاركة في المعرض السنوي السابع عشر للفنون التشكيلية للشباب بالجمعية العمانية للفنون التشكيلية عام 2013، ومعرض "نبض إبداع 2" لمعلمي الفنون التشكيلية بمحافظة مسقط 2012، والمشاركة في المعرض السنوي السادس عشر للفنون التشكيلية للشباب بالجمعية العمانية للفنون التشكيلية عام 2012، والعديد من المشاركات الأخرى.
وبيّن بقوله: تأثرت كثيرًا بأسلوب المدرستين الواقعية والسريالية في الكثير من أعمالي الفنية، وتأثرت بأسلوب رائد الفن التشكيلي العماني الفنان أنور سونيا الزدجالي في رسم المناظر الطبيعية العمانية، وبعدها كوّنت أسلوبي الخاص في رسم وتصوير المناظر الطبيعية العمانية.
واختتم السبهاني حديثه قائلًا: لكل فنان تشكيلي طموحات وآمال يسعى إلى تحقيقها، وأمنياتي وأحلامي كفنان أن أصل إلى العالمية، وأن أُجسد ثقافة بلادي في أعمالي الفنية، وتمثيل بلادي الحبيبة خير تمثيل في الكثير من المحافل والمعارض الدولية.