جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تستضيف مؤتمر اللغويات الحاسوبية الدولي غدا
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
تنطلق غدا، فعاليات مؤتمر اللغويات الحاسوبية الدولي بنسخته الحادية والثلاثين، الذي تنظمه جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض “أدنيك”، خلال الفترة من 19 إلى 24 يناير الجاري، وبرعاية اللجنة الدولية للّغويات الحاسوبية.
ويأتي عقد المؤتمر، تزامنا مع المدرسة الشتوية لحوسبة اللغة العربية، التي تنظمها جامعة نيويورك أبوظبي وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، على مدار يومي 18 و19 يناير الجاري.
ويحظى المؤتمر، الذي ينعقد لأول مرّة في منطقة الشرق الأوسط، بدعم مكتب أبوظبي للمؤتمرات والمعارض في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، ويتضمن 22 ورشة عمل و9 جلسات تعليمية، وكلمات رئيسية، بالإضافة إلى المدرسة الشتوية، المصممة لصقل معرفة المشاركين ومهاراتهم في مجاليّ البحث والتطوير في معالجة اللغة العربية.
وقال البروفيسور بريسلاف ناكوف، رئيس قسم معالجة اللغة الطبيعية في الجامعة والأستاذ المحاضر فيها ورئيس اللجنة المحلية للمؤتمر، إن هذا الحدث يجمع بين ألمع العقول في مجالي الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية، ليشرّع آفاقاً جديدة أمام تعزيز الحوار ودفع عجلة الابتكار.
وأضاف أن الحوسبة اللغوية تعيد تحديد طريقة تفاعل الإنسان مع الآلات، معربا عن تطلعه إلى استكشاف كيفية الاستفادة من هذه التطورات للوصول إلى حلول لأبرز التحديات الإقليمية والعالمية.
ويعقد المؤتمر، الذي تأسس عام 1965، كل عامين ويستقطب مشاركين من مراكز الأبحاث والمؤسسات الأكاديمية وأقسام البحوث الصناعية والشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا من حول العالم.
وتم في دورة هذا العام، قبول 853 ورقة بحثية كجزء رئيسي من المؤتمر، من بينها 22 ورقة أعدّها طلاب وأعضاء الهيئة التدريسية في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.
ويُعدّ مؤتمر اللغويات الحاسوبية الدولي لعام 2025، ثاني مؤتمر رفيع المستوى يتمحور حول معالجة اللغة الطبيعية والذكاء الاصطناعي يُعقد في أبوظبي، بعد انعقاد مؤتمر الأساليب التجريبية في معالجة اللغات الطبيعية في العام 2022، والذي استضافته جامعة نيويورك أبوظبي بالشراكة مع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.
كما استضافت أبوظبي دورة العام 2024 من المؤتمر الدولي لاستخراج البيانات الذي نظمته جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، والمؤتمر الدولي للروبوتات والأنظمة الذكية الذي نظمته جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا وجمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات.
ورسّخت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، مكانتها كواحدة من أفضل 10 جامعات في العالم في تخصّصات الذكاء الاصطناعي، والرؤية الحاسوبية، وتعلم الآلة، ومعالجة اللغة الطبيعية، وعلم الروبوتات، وعلم الأحياء الحاسوبي، وكواحدة من أفضل 85 جامعة في علوم الحاسوب، وفق تصنيف الجامعات في مجالات علوم الحاسوب (CSRankings).
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: جامعة محمد بن زاید للذکاء الاصطناعی معالجة اللغة الطبیعیة
إقرأ أيضاً:
لا تعهِدوا بقصص حياتكم للذكاء الاصطناعي
بينما كنت أقوم بتصحيح واجبات الطلبة الجامعيين في مادة الكتابة الإبداعية، مررت بأزمة إيمان عنيفة فيما يتعلق بالمستقبل، أعني مستقبل الدراسة الأكاديمية، ومستقبل الكتابة، ومستقبل التفكير. كنت قد كلفت الطلبة بأن يكتبوا عن هاجس مسيطر عليهم، أو أن يكتبوا قصة حياتهم من منظور أحد الهواجس المسيطرة على الثقافة الجماهيرية. والعادة مع هذا التكليف أنه يثمر كتابات مدهشة وعميقة ومفعمة بالحيوية من طلبة لم يجربوا من قبل تناول اهتماماتهم الشخصية بجدية، فإذا بي في هذه المرة أتلقى نصًا من ألفيّ كلمة يعرّف «الهاجس» مستندًا إلى الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض العقلية (DSM-5) وإلى مصادر إلكترونية عديدة، وكله مكتوب بأسلوب (تشات جي بي تي) النثري الضحل الخالي من الحياة.
كشفت شركة (أوبن آيه آي) [OpenAI] في وقت سابق من الشهر الحالي عن نسخة جديدة من إصدار تدريبي يعد -على حد قول رئيس الشركة التنفيذي سام آلتمان على الأقل- «بارعا في الكتابة الإبداعية». ومن غير الواضح بعد متى سوف يتم إطلاق هذه النسخة، لكن بوصفي مدرسًا قديمًا للتأليف لطلبة السنة الأولى فإنني أعرف تمام المعرفة خطورة الغش من خلال الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في فصول تدريس الكتابة بشتى أنواعها. ويمكنني أن أتعاطف معهم ـ بقدر ما. فالطلبة يجدون أنفسهم غارقين، ويدفعهم الذعر إلى اللجوء إلى آلات الانتحال الأدبي. هؤلاء الطلبة أنفسهم أغرقتهم دعايات الذكاء الاصطناعي، وصادفوا بلا شك تغطيات إخبارية شديدة السذاجة مليئة بالمزاعم المضللة عن مدى إعجازية أدوات الذكاء الاصطناعي.ولكن، هل لطالب يدرس الكتابة الإبداعية أن يستعمل الذكاء الاصطناعي؟ وفي فصل مخصص لدراسة كتابة السيرة الذاتية؟ ترى ما الذي يمكن أن تقوله عن حياتك وأنت لا تريد أن تكبد نفسك مجرد عناء التفكير فيها؟
أعرف شخصيا، وقد كتبت عملين سيريّين، التحديات والمسرات الكامنة في هذا العمل، وأود أن يمر طلبتي بتجربتهم مع هذه التحديات هم الآخرون، ففعل كتابة السيرة الذاتية لا يتعلق بمحض قولك «انظروا إليَّ»، إنما هو يتعلق بالأحرى بتقويتك لنفسك وتعريفك لماهيتك، فذلك يجري جزئيا بمعاودة الرجوع إلى التجارب المنهكة بصفة خاصة، وتحليلها من جميع الزوايا، ورؤيتها في صورتها المعقدة، وإعادة سردها. وهذه العملية -ولا أقول هذا بأي قدر من الاستخفاف- تجعل الكاتب يشعر أنه أكثر امتلاء بحياته.
وإيكال أمر هذه المهمة، دون كل مهام الدنيا، إلى آلة عمل محبط إلى أبعد الحدود. والأدهى من ذلك أن يعهد بها إلى آلة تجوب الإنترنت جمعًا لنسخ مزيفة من نفسك، فذلك ليس خيانة للأمانة الأكاديمية وحسب، وإنما هو امتهان لذكرياتنا وإنسانيتنا. ومما يحبط المرء أن يفكر في أولئك الشباب الموهوبين إذ يعهدون لا بعملهم المهني وحده وإنما بقصص حياتهم ذاتها إلى حاسوب.
وليس الطلبة أكثر ما يعنيني. فإغواء استعمال طريق الذكاء الاصطناعي المختصر يمثل عرضا من أعراض ثقافة امتهنت كثيرا قيمة الكتابة وقيمة القراءة على السواء، إلى حد أن يبدو للبعض من طلابي أن الخيار العقلاني حقا هو النأي بأنفسهم عن كليهما.
في أيامنا هذه يزداد كثيرا امتهان الخبرة وتقدير ما يسمَّى بالكفاءة على جميع ما عداها. لكن ماذا لو أن كمال تكوين المرء -وهذا ما أنا مقتنع به تمام الاقتناع- لا يتعلق بتعظيم إنتاجيته وإنما بفهم جوانب عدم الكفاءة والفوضى في الحياة، بل وباحتضانها؟ فكل التعلم في برامج الكتابة إنما يحدث في هذه اللحظات الكفاحية. وهذه المهارات التي يتعلمها الطالب في هذا البرنامج هي المهارات الحيوية، لأن معرفة الظرف الإنساني وفهمه سوف يظلان أمرا جوهريا بعد أن يذوي الذكاء الاصطناعي بزمن طويل.
قد تبدو هذه معركة عبثية، فالسؤال الذي يواجهني أكثر مما سواه في عملي ممن لا علاقة لهم به هو ما إذا كان الطلبة يكتبون أي شيء حقا، والحق أن أغلبهم في حدود ما أرى يكتبون: يكتبون مسوَّدات، وينقحونها، ويتعثرون، ويسهرون الليل ويصابون بالإحباط ويقدمون لي أفضل ما في وسعهم عمله، وهم يفهمون أن سحر السيرة الذاتية إنما يتحقق حينما يتفاعل قارئ مع الوعي الفريد الواقع في الجانب الآخر من الصفحة.
وقد تتعلم أداة الذكاء الاصطناعي كيف تحاكي بالاصطناع المنتج الكتابي النهائي، ولكنها لن تحاكي أبدا روح كاتب أو طريقة إنتاجه لكتابة ذات معنى، فالعملية التي يحل بها عقل فردي متفرد مشكلة ما هي التي تمنح القراء قدرة على التواصل مع ذات شخص آخر، شخص فعلي، وهذه العملية هي التي تشكل جوهر حياة الكتابة والحكي وهي شريان الحياة لكليهما.
أعرف أن مشكلة الذكاء الاصطناعي سوف تتفاقم على مدى السنوات القادمة، في ظل تبني مؤسساتنا للتكنولوجيا لم تثبت جدواها تمام الثبوت، فها هي إدارات الجامعات تعلن دوريا عن شراكات جديدة مع شركات مبتدئة في مجال الذكاء الاصطناعي، وها هم أساتذة يعمدون بنية حسنة -فلعلهم يتخيلون طالبا مثاليا في عالم مثالي، أو أن الأمر لا يعدو أنهم يشعرون أن عليهم أن يجاروا الحداثة- إلى دمج هذه الأدوات في فصولهم، حتى لو أن الطلاب يرون هذه الأدوات محض طرق مختصرة يسيرة.
وليس من شيء تحت سيطرتي حقا بوصفي معلمًا إلا ما أعمله في فصلي. فسوف أظل أدرّس للطلبة، سواء أكتبوا سيرة ذاتية تصبح من أكثر الكتب رواجًا ومبيعًا أم اقتصر أمرهم على الخربشة في دفاتر يومياتهم بين الحين والحين، سأظل أعلمهم أننا قادرون على أن ننجز العمل بأمانة وبجدية قدر استطاعتنا، واضعين أنفسنا وهواجسنا على الصفحة.
ففعل الكتابة نفسه قد يكون فعل حفاظ على الذات، بل وفعل عصيان، وما شرارة الثورة هذه إلا أعظم نقاط قوتنا، وما لهذه الشرارة من وجود إلا في أنفسنا.